الأمّية
يختلف مفهوم الأُمّية من بلد إلى آخر؛ ففي البلدان الفقيرة، يُعتبَر الشخص القادر على قراءة وكتابة الحروف الأبجديّة شخصاً مُتعلِّماً، أمّا في البلدان النامية، والمُتطوِّرة، فإنّ الشخص غير القادر على فَهْم التعليمات المكتوبة، بجانبٍ مُعيَّن من التقنية، يُعتبَر شخصاً أُمّياً، ونظراً لهذا التفاوت في تعريف الأُمّية، والشخص الأُمّي، فقد وضعت مُنظَّمة الأُمَم المُتَّحدة للتربية، والثقافة، والعلوم (اليونسكو) عام 1978م تعريفاً مُحدَّداً للشخص الأُمّي، حيث ينصُّ هذا التعريف على أنّه: كلُّ شخص لا يستطيع قراءة، ولا كتابة عبارة قصيرة وبسيطة تتحدَّث عن واقع حياته اليوميّة، ويُعرَّف الشخص الأُمّي في العالَم العربيّ بأنّه: الشخص الذي تجاوز سِنّ الدراسة، ولا يتعدّى عُمره الخامسة والأربعين، حيث يكون غير قادر على القراءة والكتابة، كما أنّ مستوى قدراته التعليميّة لا يصل إلى مستوى الصفِّ الرابع الابتدائيّ.
وفي ما يتعلَّق بمُعدَّلات الأُمّية في العالَم، فإنّ التقرير العالَميّ الذي أنجزته مُنظَّمة اليونسكو؛ لرَصْد التعليم للجميع لسنة 2015م، يُبيّن أنّ عدد الأُمّيين الكبار في العالَم يبلغ نحو 781 مليون أُمّي، كما أنّ معهد اليونسكو أنجز تحليلاً إحصائيّاً في عام 2013م، يُبيّن فيه أنّ عدد الأُمّيين الكبار في العالَم قد بلغ نحو 757 مليون شخص، منهم ما يُقارب 115 مليون أُمّي من فئة الشباب، وبأعمار تتراوح بين 15-24 سنة، في حين تُشكِّل النساء، الغالبيّة العُظمى من نسبة الأُمّية في العالَم.
إقرأ أيضا:موضوع تعبير عن النظافةمحو الأُمّية
يُقصَد بمحو الأُمّية (بالإنجليزيّة: literacy): تطوير مهارات القراءة، أو الكتابة لدى الأفراد الأُمّيين، وتنمية أساليب الاتّصال، والتواصُل باللغة، من خلال الرموز بمختلف أنواعها، أو الكلمات. وقد تمكَّن المُختَصّون، والباحثون من وَضْع نظريّتَين رئيسيَّتَين بخصوص مَحو الأُمّية؛ أولى هذه النظريّات لها علاقة بالتقدُّم الحضاريّ، وهي تنصُّ على أنّ محو الأُمّية بحَدِّ ذاتها مهارة يُمكن أن تتطوَّر لتتناسب مع التغيير في المسار التطوُّري للحضارة، والمجتمع، أمّا النظريّة الثانية، فهي لا تُشبه أبداً النظريّة الأُولى؛ إذ تعتبرُ محو الأُمّية، ظاهرة أيدولوجيّة، تنشأ وِفْق الأوضاع الاجتماعيّة داخل المجتمع. وقد أظهرت الأدلّة من مختلف أنحاء العالَم، أنّ النموذج الأيدولوجيّ يسمح بوجود أنشطة، وأنماط مُتنوِّعة؛ لمحو الأُمّية.
مراحل تطوُّر مفهوم محو الأُمّية
مرَّ مصطلح محو الأُمّية خلال تطوُّره بعدّة مراحل، نذكرها فيما يلي:
- محو الأُمّية الأبجديّة أو الهجائيّة: وهو المفهوم التقليديّ لمحو الأُمّية، حيث يهدف إلى إكساب الأُمّيين المقدرة على الكتابة، والقراءة، وذلك عن طريق تعليمهم قراءة الحروف الأبجديّة، وكتابتها، والاستماع إلى المقاطع الصوتيّة، والكلمات، وقد تتمّ إضافة العمليّات الحسابيّة الأساسيّة، وتعليم الأعداد، إلّا أنّ التجارب أثبتَت فَشَل هذا المفهوم في الحَدِّ من ظاهرة الأُمّية؛ لأنّ معظم الأُمّيين في البُلدان النامية التي حاربت الأُمّية ضمن المفهوم التقليديّ، وحرَّرَت الأُمّيين من أُمّيتهم، فَقَدوا ما تعلَّموه من معلومات، ومعارف، ومهارات، وعادوا إلى الأُمّية من جديد.
- محو الأُمّية في إطار التربية الأساسيّة: وقد ظهر هذا المفهوم بعد الحرب العالَميّة الثانية، وهو يَهدفُ بشكل أساسيّ إلى القضاء على الأميّة، وتطوير الحياة الريفيّة، وذلك عن طريق التوعية الصحّية، وأساليب الإرشاد الزراعيّ، والاقتصاد المنزليّ؛ ويُساعد هذا المفهوم في مضمونه الأشخاص الذين فَقَدوا حقَّ التعليم، على اكتساب المعلومات، والمعارف، والمهارات الأساسيّة، ومُساعدتهم أيضاً على حلّ المشكلات التي يتعرَّضون لها في الحياة اليوميّة، ومَنْحهم الفرصة للمشاركة في تنمية مجتمعاتهم.
- المستوى الوظيفيّ في القراءة، والكتابة: ويعني تمكين الأُمّيين من المهارات اللازمة للكتابة، والقراءة، ويستهدفُ هذا المفهوم الأُمّيين الذين لم يلتحقوا بالمُؤسَّسات التعليميّة، أو أنّهم التحقوا بها، وتعلَّموا، ثمّ عادوا إلى الأُمّية، ويهدف أيضاً إلى تمكين الأفراد من الوصول إلى المستوى الوظيفيّ، والمشاركة الفعّالة في مختلف الأنشطة التي تحدث في مجتمعاتهم، وذلك من خلال تزويدهم بالمعارف، والمهارات، والخبرات.
- محو الأُمّية الوظيفيّ: ويعني اكتساب الفرد الأُمّي لمهارات الكتابة، والقراءة، إلى أن يصل إلى مستوى تمكين هذه المهارات، وعدم فقدانها، والنهوض بدوره في كافّة مجالات المجتمع، والمشاركة في التنميتين: الاجتماعيّة، والاقتصاديّة.
- محو الأُمّية في إطار التربية المُستمِرّة: ويعني أنّ التربية تستمرُّ بشكل دائم، ولا تنحصرُ في عُمر مُعيَّن، أو مرحلة مُحدَّدة من مراحل حياة الإنسان، وقد ظهر هذا المفهوم في خمسينيّات القرن العشرين، وهو يُعتبَر المُنطلَق الأساسيّ للدلالة على مفاهيم التعليم بشكل عامّ، ومفهوم تعليم الكبار بشكل خاصّ، وقد أحدثَ مفهوم التربية المُستمِرّة منذ ظهوره تغييراً ملحوظاً في برامج تعليم الكبار، وأصبحت هذه التربية جزءاً أساسيّاً في التعليم النظاميّ، بعد أن كانت نشاطاً تعليميّاً مُوازياً له.
- محو الأُمّية الحضاريّ: ويعني تحرير الأُمّي من أُمّيته، والوصول به إلى مستويات ثقافيّة، وتعليميّة تُكسِبُه مهارات القراءة، والكتابة، والتي تُمكِّنُه من متابعة التدريب، والدراسة، والمساهمة الفعّالة في تنمية المجتمع، وقد ظهر هذا المفهوم في عام 1973م، في المُنظَّمة العربيّة للتربية، والثقافة، والعلوم، ضمن الدراسة التي قدَّمَها محي الدين صابر، ويُشيرُ هذا المفهوم إلى نوعين من الأُمّية، وهما:
- الأُمّية الصُّغرى أو الفرديّة: وتعني عدم معرفة الأفراد بمهارات الكتابة، والقراءة، والحساب.
- الأُمّية الكُبرى أو الأُمّية الحضاريّة: وهي أُمّية المجتمع، وتعني: عدم مقدرة الفرد على اللحاق بمُتطلَّبات العَصْر، وهي الأخطر عليه.
أهمّية محو الأُمّية
يُعتبَر محو الأُمّية بكافّة مضامينه، حقّاً أساسيّاً من حقوق الإنسان، ووسيلة مُهمّة؛ لتنمية، وتعزيز المهارات، والقدرات الشخصيّة لدى الأفراد، بالإضافة إلى تحقيق كافّة أشكال التنمية البشريّة، والاجتماعيّة، كما أنّ محو الأُمّية، يُشكِّل نواة التعليم الأساسيّ للجميع، وهو أيضاً:
إقرأ أيضا:موضوع تعبير عن نظافة المدرسة- يُعتبَر عاملاً مُهمّاً، وضروريّاً؛ للقضاء على كافّة أشكال الفقر في المجتمع.
- يُساهم بشكل كبير في خَفْض مُعدَّل وفيات الأطفال.
- يُؤدّي إلى الحَدّ من مُعدَّلات النموّ السكّاني.
- يُحقِّق المساواة، وعدم التمييز بين الجنسين.
- يضمنُ وجود التنمية المُستدامة.