تعسُّر الزواج
يُعتبر الزواج من المقاصد العظيمة والقرارات المصيريّة التي تنعكس آثارها الإيجابية على الفرد والمُجتمع، فيُثمر عن العلاقات الصحيّة البنّاءة أسر سعيدة ومُجتمع مُستقر ينمو ويزدهر مع مرور الوقت، لكن في بعض الحالات قد يرغب الفرد بالزواج ويُحاول، ويجتهد في سبيل الإقدام على هذه الخطوة الهامة لكنه لا ينجح نتيجة العديد من العوامل والأسباب التي تجعل الزواج مُتعسّراً وغير ممكنٍ، والتي يجب عليه مواجهتها بحكمةٍ ومحاولة تخطيّها وتجاوزها وعدم التعثر بسببها أو الشعور بالإحباط والفشل، وترك هذه المشاعر السلبيّة تُسيطر عليه، وإنما الإجتهاد والصبر والتفاؤل، ومحاولة حلّها وإدارتها بعقلانيّةٍ ووعي؛ للوصول إلى مقصده والانتهاء بزواجٍ سعيد وعلاقةٍ صحية مُستقرة ومُثمرة.
عوامل وأسباب تعسّر الزواج
هُنالك العديد من العوامل والأسباب التي تقف عائقاً أمام رغبة البعض في الزواج، وأبرزها ما يأتي:
العوامل النفسيّة والشخصيّة للفرد
قد تُسبب بعض المشاكل الشخصيّة والنفسيّة التي تتمركز حول الفرد نفسه بقائه عازباً لفترةٍ طويلة وتعسّر زواجه، وأبرزها ما يأتي:
- المشاكل النفسيّة: هُنالك سلسلة من المشاعر الداخليّة التي تُسبب تعثر زواج الشخص وتقف عائقاً أمام نجاحه في إيجاد الشريك المُناسب له، وأبرزها ما يأتي:
- الخوف والتردد وعدم القدرة على الدخول في علاقات أو التقرّب من الآخرين والتواصل بشكلٍ إيجابي معهم وبشكلٍ خاص الشريك الذي تم اختياره في البداية؛ بسبب الضعف أو الخوف الداخلي من الارتباط، والذي يُهيء لصاحبه وجود مشاكل وصعوبات كثيرة في العلاقة مما يجعله ينتقد الشريك او نفسه، ويخلق أسباب وهميّةً تمنعه من إتمام الارتباط والوصول لقرار الزواج والاستقرار معاً كشريكين في النهاية.
- وجود مشاعر داخليّة سلبيّة تُسيطر على المرء وتجعله أكثر انتقائيّةً في علاقاته تحت تأثير مواقف سابقة أو تفكير غير صحيح، أو عدم وعيه ونُضجه تماماً، مثل: أن الخيانة صفة مُطلقة يتحلى بها الجميع، وأنه لا يوجد شخص موثوق يُمكن الاعتماد عليه والإيمان به، أو أن الجميع استغلالي وغير مُناسب، أو أن التقدير الذي يتلقاه من شريكه ليس كافيّاً، وأن تصرفه معه غير مُناسب، وغيرها من الأفكار والمشاعر المُضللة والخاطئة.
- تدني احترام المرء لنفسه، حيث إنه يجد نفسه غير مُؤهل للانخراط في علاقات صحيّة، وأنه غير جدير بالاهتمام وغير قادر على تحمّل مسؤوليّة العلاقة، وقد يصل ذلك لاعتراضه على شكله أو على صفاته وسلوكاته تلقائيّاً دون إبداء الطرف الآخر أي اعتراض عليها، فيرى نفسه غير وسيم مثلاً، أو غير ناجح في إدارة خلافات العلاقة، وغير كفؤ وغير مؤهل لتحمّل مسؤوليّة الزواج والأسرة، وهنا يُصبح تدني احترامه لذاته عقبة تُعرقل زواجه وتُسبب فشل العلاقة في بدايتها أحياناً.
- التأثر بالعلاقات السابقة: يُمكن أن يتأثر المرء بشكلٍ كبير بسبب علاقة قديمة انتهت على خلاف ما تمناه، كالانفصال، أو وفاة الشريك، أو غيرها، فتظل آثارها النفسيّة عالقةً به بقوّة وعمق، ويظن أنه من غير المُمكن أن يجد شخصاً كشريكه، ويُقارن الجميع به بشكلٍ غير صحيح ويُرجح كفته ويراه مثاليّاً وكاملاً، فيتعسّر زواجه بسبب عدم وعيّه وإنصافه ومصداقيّته عند الاختيار، والناجمة بدروها عن تأثره بشخصيّة الشريك السابق بشكلٍ مُبالغ به.
- وجود خلل في شخصيّة المرء نفسه: قد يكون عدم قدرة المرء على الانفتاح والتواصل مع الآخرين والاستقرار في علاقاته معهم بسبب شخصيّته وأساليبه غير الصحيحة في التواصل أو التعامل، ما يُصعّب عليه إيجاد شريك مُناسب ينسجم معه ويتفهّمه فينتهيان معاً بالاستقرار والوصول لقرار الشراكة الزوجيّة، والتأسيس لحياة وعلاقة صحيّة وناجحة معاً.
العوامل الاجتماعيّة
يُمكن أن يكون تدخل الأسرة ومُعارضتها للزواج أحد الأسباب التي تؤدي إلى تعسّره وعرقلته، وهو أمر يختلف من أسرةٍ لأخرى تبعاً للعادات والتقاليد، أو للمنظور الفرديّ للوالدين وبحسب الأسباب التي تجعلهم يُعارضون هذا الزواج، لكن هُنالك أمور يُمكن حلّها والتوصّل لتسويتها معهم في حال كان سبب مُعارضتهم للارتباط يتعلق بشخصيّة الشريك، حيث يُمكنهم التعرّف عليه أكثر وتغيير فكرتهم عنه، أو بنظرتهم لأبنائهم في حال ظنّهم بأن الابن غير جدير بتحمّل المسؤوليّة، أو إذا ما كان لا يزال طالباً جامعيّاً أو صغير السن على سبيل المثال، أو أنه لم ينل وظيفةً مُناسبة يُنفق منها على أسرته، وغيرها من الأمور التي تُحل بالتفاهم، والحوار، والهدوء، وإظهار الاحترام للوالدين، ومن خلال اجتهاد الشاب لإثبات حسن نيّته وقدرته على تحمّل مسؤوليّة قراره.
إقرأ أيضا:أفكار هدايا مواليد بناتالعوامل الصحيّة
لا تقتصر العوامل التي قد تُسبب تعسّر الزواج وتأخيره أو عرقلته للفرد الراغب به على السمات الشخصيّة والمشاكل النفسيّة له، وإنما قد تشمل بعض الأضرار والمشاكل الصحيّة، حيث إن هُنالك بعض الأمراض المُعديّة التي قد يكون مُصاباً بها والتي بدورها يُمكن أن تنتقل للشريك عند الزواج منه، وبالتالي تمنع هذا الارتباط وتُسبب تعسّره، إضافةً لاحتماليّة انتقال بعض الأمراض الوراثيّة إلى الأبناء أيضاً في حال الإنجاب، وهي أمور هامة لا بد من أخذها بعين الاعتبار والتحقق منها طبيّاً قبل الإقدام على خطوة الزواج؛ لمنع تفشي الأمراض المُعديّة أو الوراثيّة الضارّة بين أفراد المُجتمع.
العوامل الاقتصاديّة
يتطلّب الزواج الناجح توفير بئيةً صحيّة مُناسبة للأسرة، والالتزام وتحمّل مسؤولية الحياة الزوجيّة بمُختلف المراحل التي تمر بها، ومع تطوّر الظروف الاقتصاديّة وزيادة صعوباتها، وعدم تمتّع العديد من الأفراد المُقبلين على الزواج بوظائف مُستقرة وثابتة، ودخلٍ مُناسب يُمكّنهم من خلاله الانفاق على الأسر التي يرغبون بتكوينها، وتحمّل مسؤوليّتها، وتوفير مستوىً معيشي يضمن لها حياة كريمة، أصبح الزواج قراراً مُؤجلاً في قائمة أولوياتهم حسب ما يُشير له معهد بيو الحضري في دراساته على فئات الأفراد غير المُقبلين على خطوة الزواج والذين وصلوا للسن المُناسب له، وكان السبب في تعسّر زواجهم وتأخيره الظروف الصعبة التي يمرون بها من تدني الدخل وعدم الحصول على مستوى تعليمٍ مُناسب يضمن لهم الحصول على وظائف ثابته وذات دخلٍ جيد، في حين أن الفئة التي تمكّنوا من الزواج والمُقبلين عليه كانوا الأعلى دخلاً، والأفضل تعليماً.
إقرأ أيضا:مواصفات الزوج الصالح