الرجيم القاسي
غالباً ما يشار إلى الرجيم القاسي بمصطلح هوس الحمية الغذائية (بالإنجليزيّة: Fad diets)، والذي يعتمد على السعرات الحرارية المنخفضة، أو القليل من الأطعمة، أو المزيج والخلطات غير المعتادة من الأطعمة، ويروّج لهذه الحميات على أنَّها أفضل وأسرع طريقة لفقدان الوزن، ومع ذلك فإنَّ بعض هذه الحميات تتضمن التخلص من مجموعات غذائية تحتوي على العناصر الغذائية الضرورية التي يحتاجها الجسم للحفاظ على الصحة الجيّدة، وعلى الرغم من أنَّ بعض الأنظمة الغذائية قد يوصى بها في لحالات صحيّة خاصة، إلّا أنَّ العديد منها قد يفتقر إلى العناصر الغذائية الرئيسية، مثل: الألياف الغذائية، والكربوهيدرات، بالإضافة إلى بعض الفيتامينات، والمعادن، والمركبات النباتية الفعّالة، وقد يؤدي عدم استهلاك الكميات الصحيحة من هذه العناصر إلى الإصابة بمشاكل صحية خطيرة.
أمَّا بالنسبة للمجموعات الغذائية التي تسمح بها هذه الحميات، فإنَّ كمياتها إمَّا أعلى أو أقلّ بكثير من الكميات الموصى بها من قِبل المنظمات الصحية العالمية، كما تشترك هذه الحميات بأنَّها غير مستدامة طوال الحياة، وتعتمد على الحلّ المؤقت لمشكلة زيادة الوزن التي قد تستمر مدى الحياة بالنسبة لكثير من الأشخاص، فبمجرد التوقف عنها يُعاد اكتساب الوزن المفقود بسرعة، وذلك لأنَّها لا تركّز على تعديل نمط الحياة، الذي يُعدُّ أمراً ضرورياً للحفاظ على ثبات الوزن، إذ يمكن فقدان الوزن بسرعة كبيرة في البداية، ولكن سرعان ما يملّ الأشخاص من اتباع هذه الأنظمة، ويعودون إلى العادات الغذائية القديمة، وينتهي الأمر باكتساب الوزن الزائد مرة أخرى.
إقرأ أيضا:كثرة شرب الماء والرجيمأضرار الرجيم القاسي
عادةً ما يتمُّ تقييد السعرات الحرارية المستهلكة عند محاولة إنقاص الوزن، ومع ذلك فإنَّ تقييد السعرات الحرارية بشكلٍ قاسٍ يمكن أن يؤدي إلى مجموعة متنوعة من المشاكل الصحية، وفيما يأتي بعض الأضرار المرتبطة بالرجيم القاسي:
- انخفاض معدل الأيض: يمكن أن يؤدي تقييد السعرات الحرارية بشكلٍ قاسٍ إلى انخفاض معدّل التمثيل الغذائي، وفقدان الكتلة العضلية في الجسم، الأمر الذي يزيد صعوبة الحفاظ على الوزن المفقود على المدى الطويل، إذ إنّ الكتلة العضلية الكبيرة تزيد من معدل الحرق، وبالتالي تزيد من خسارة الوزن، كما أنَّ اعتماد النظام الغذائي على الانخفاض الحاد في السعرات الحرارية سيُدخل الجسم في وضع المجاعة (بالإنجليزية: Starvation mode) الذي يبطئ معدل التمثيل الغذائي، وهو أمر غير مرغوب به عند محاولة إنقاص الوزن، لأنَّ التمثيل الغذائي السريع هو ما يسهّل عملية فقدان الوزن، وقد يحدث انخفاض معدل الأيض نتيجة اتّباع الفرد حمية معتمدة على أنواعٍ محددة من الطعام أو المجموعات الغذائية، وهو أمر يتعارض مع نمط الجسم الطبيعي الذي يُشعِر الشخص بالوقت الصحيح لتناول الطعام والتوقّف عنه.
- إحداث نقص في العناصر الغذائية والتسبب بالإجهاد والمرض: يمكن أن يؤدي تناول سعرات حرارية أقلّ من متطلبات الجسم بشكل مستمر إلى الإصابة بالإعياء، وعدم القدرة على تلبية الاحتياجات الغذائية اليومية، ونظراً إلى أنَّ هذه الأنظمة تمنع الأشخاص من تناول أنواع معينة من الأطعمة سيُحرَم الجسم من بعض العناصر الغذائية المهمة، فعلى سبيل المثال فإنَّ العديد من الحميات القاسية تمنع استهلاك الكربوهيدرات، أو الدهون، ولكنَّ هذه العناصر تُعدُّ مصدراً أساسياً للطاقة، ويمكن أن يؤثر عدم تناولها سلباً في وظائف الجسم، الأمر الذي قد يضرّ بالصحة، ونظراً إلى أنَّ هذه الأنظمة منخفضة جداً في السعرات الحرارية سيبحث الجسم عن طرق أخرى للحصول على الطاقة، ومن هذه الطرق تحطيم العضلات لتوفير الطاقة، ولذلك تحدث خسارة في الكتلة العضلية، ومن الجدير بالذكر أنّه يمكن للشخص إنقاص الوزن بشكل سليم دون استبعاد الأطعمة من النظام الغذائي.
- احتواء بعض الحميات القليلة بالكربوهيدرات على نسب عالية من الدهون: تعتمد بعض الحميات على تقليل استهلاك الكربوهيدرات بشكلٍ كبير، والتي تعدّ مصدراً أساسياً لطاقة الجسم، وعلى الرغم من أنَّ اتباع هذه الحميات قد يسبّب خسارة الوزن، إلّا أنَّها غالباً ما تحتوي على نسبة عالية من البروتينات، والدهون، الأمر الذي قد يسبّب مشاكل للجسم، إذ يمكن أن تسبب الأنظمة الغذائية منخفضة الكربوهيدرات تأثيرات جانبية مزعجة، مثل: رائحة الفم الكريهة، والصداع، والإمساك، كما أنَّها تسمح بتناول الأطعمة الغنية بالدهون المشبعة، مثل: الزبدة، والجبنة، واللحوم المرتفعة بالدهون، ويمكن أن يسبّب الاستهلاك العالي للدهون المشبعة زيادة خطر الإصابة بارتفاع الكوليسترول، وأمراض القلب، والسكتات الدماغية.
- زيادة خطر الإصابة باضطراب نهم الطعام: غالباً ما تكون الحميات القاسية غير صحية، فقد أشارت العديد من الدراسات إلى أنَّ الأنماط الغذائية المعتمدة على التقييد القاسي قد تؤدي إلى نوبات من الإفراط في الأكل، ففي دراسةٍ نُشرت في مجلّة International Journal of Eating Disorders عام 2005، أظهرت نتائجها أنَّ الحرمان يسبّب الرغبة الشديدة في الطعام، والإفراط في تناوله.
- التعرض لتأثير اليويو: تأثير اليويو (بالإنجليزية: Yo-yo dieting) أو ما يسمّى بإعادة تدوير الوزن، هو فقدان الوزن الزائد، واكتسابه، ثم فقدانه مرة أخرى، وتكرار هذا النمط لسنوات عديدة، ويعتقد بعض الخبراء أنَّ التعرض لتأثير اليويو غير صحي، فقد يزيد خطر الإصابة بأمراض معينة، بما في ذلك أمراض القلب والأوعية الدموية، والسكري من النوع الثاني، كما يمكن أن يؤدي إلى تعطيل وظائف الأعضاء الطبيعية، والتأثير بشكل سلبي في احتياجات الجسم من السعرات الحرارية.
- التأثير في الصحة الإنجابية: يمكن أن يؤثر تقييد السعرات الحرارية بشكل كبير في الخصوبة، وبشكل خاص عند النساء، إذ تؤثر كمية السعرات الحرارية المستهلكة في مستوى الهرمونات الأنثوية، والذي يؤثر بدوره في القدرة على الإباضة، لذا يجب تجنّب اتباع الحميات الغذائية القاسية التي يمكن أن تستنفِد العناصر الغذائية التي يحتاجها الجسم للعمل بشكل سليم، واستشارة اختصاصي التغذية لإيجاد خطة غذائية صحيّة ومناسبة للنساء الحوامل وغير الحوامل.
- الإصابة بالاكتئاب: يُعرف الاكتئاب بأنَّه حالة صحية عقلية شديدة التعقيد، يمكن أن تكون لها مجموعة من الأسباب المترابطة، ومن غير الممكن تحديد سبب الاكتئاب، ومن الجدير بالذكر أنَّ هذه الحالة لا تعدُّ علامةً على سوء التغذية بالضرورة، ومع ذلك فقد أشارت الأدلّة العلمية حديثة إلى احتمال وجود صلة بين سوء التغذية والإصابة بالاكتئاب.
- أضرار أخرى للحميات القاسية: يمكن أن تؤدي الحميات القاسية إلى زيادة خطر الإصابة بالجفاف، والوهن، الإعياء، والغثيان، والصداع، والإمساك، وقلّة استهلاك الفيتامينات والمعادن، كما يمكن أن يؤدي تناول الطعام بكمية أقلّ من احتياجات الجسم إلى تساقط الشعر، فقد أشارت مراجعة نُشرت في مجلّة Dermatologic clinics عام 2013، إلى أنَّ حدوث نقص في السعرات الحارارية، والبروتينات، والمعادن، والأحماض الدهنية الأساسية، والفيتامينات يمكن أن يسبب تساقط الشعر، ومشاكل أخرى للشعر، مثل: تغيّر لونه أو بنيته.
كيفية معرفة أنّ الرجيم قاسي
تدّعي بعض الأنظمة الغذائية أنَّ هرمونات معيّنة في الجسم مسؤولة عن زيادة الوزن، ممّا يشير إلى أنَّ الطعام يمكن أن يغيّر في كيميائية الجسم، ولكنَّ هذه الأنظمة لا يتمّ دراستعا بشكل علميّ جيّد، أو يكون البحث فيها خاطئاً، وهي الحميات الغذائية التي غالباً ما تكون معتمدة من قِبل المشاهير، أو يُروّج لها من خلال وسائل الإعلام، وقد تشمل وجبات غنية بالدهون، أو منخفضة بالكربوهيدرات، أو عالية بالبروتين، وهذا لا يعني أنّ هذه الأنواع من الحميات خاطئ دوماً، وإنَّما يمكن أن يتمّ اتباعها بطريقة خاطئة، ويجدر الذكر أنَّ الرجيم القاسي يعتمد بشكل كبير على أطعمة معينة، مثل: الملفوف، والأطعمة النيّئة، والأطعمة المحتوية على البروبيوتيك (بالإنجليزية: Probiotic) أو يستبعد مصادر غذائية مهمة، كالحبوب.
إقرأ أيضا:رجيم لمرضى ارتفاع ضغط الدموقد تعتمد الحميات الغذائية الأخرى على إلغاء بعض الأطعمة في أوقات محددة من اليوم، ويسمح بعضها بتناول أطعمة معينة طالما أنَّها تؤكل مع أطعمة أخرى، لذا لا يوجد نهج محدد للتعرّف على الحمية الغذائية القاسية، وفيما يأتي توضيح لبعض التوصيات التي تميل الحميات القاسية إلى الترويج لها:
- التوصيات التي تَعِد بالنتائج السريعة والكبيرة، وذلك لأنَّ عملية نزول الوزن الصحيّة يجب أن تكون بشكل تدريجي.
- الادعاءات بنتائج تبدو جيّدة لدرجة يصعب تصديقها.
- التخلص من واحدة أو أكثر من المجموعات الغذائية الأساسية، مثل: الفواكه، والخضروات، والحبوب، ومصادر البروتينات، ومنتجات الألبان.
- الاعتماد على قوائم الأطعمة الجيدة والسيئة، أو قوائم للممنوعات والمسموحات.
- الاعتماد على الاستنتاجات المبسّطة المستمدة من دراسات معقّدة.
- توصيات تستند على دراسة واحدة فقط.
- توصيات قائمة على بيع كتاب أو منتج معيّن.
- توصيات من دراسات تتجاهل الفروق بين الأفراد أو المجموعات.
- الاعتماد على طلب شراء مكملات غذائية مصنّفة على أنّها تساعد على حرق الدهون، وإنقاص الوزن، وتعزيز التمثيل الغذائي.
- الترويج لضرورة الجمع بين الأطعمة بشكل صحيح حتى يتمَّ الهضم بشكلٍ السليم.
- الترويج لعدم الحاجة لممارسة الرياضة.
- تسليط الضوء على أطعمة معينة، مثل: الجريب فروت، وشراب القيقب، وعصير الليمون، أو التركيز على حساء خاص بالحمية.
- ومن الجدير بالذكر أنّ نمط الحياة الصحي والمتوازن أسهل بكثير من اعتقاد الكثير بصعوبته، إذ أنَّ تغيير العادات الغذائية والنشاط البدني قد يكون صعباً في البداية، ولكن بمجرد البدء بها يصبح من السهل الاستمرار عليها لتصبح جزءاً من نمط الحياة والروتين اليومي.
النظام الغذائي منخفض الوحدات الحرارية
يُعرف النظام الغذائي المنخفض جدّاً بالسعرات الحرارية بأنَّه برنامج سريع لفقدان الوزن، يتمّ فيه تقييد السعرات الحرارية بشكل قاسٍ وشديد، وغالباً ما يُستخدم لمساعدة المرضى الذين يعانون من السمنة المفرطة لتحقيق خسارة كبيرة في الوزن على المدى القصير كجزءٍ من برنامج شامل لإنقاص الوزن، لذا يجب اتّباع الأنظمة الغذائية منخفضة السعرات الحرارية في حالات معينة فقط تحت إشرافٍ طبّي، لأنَّها تعتمد على تناول الطعام بشكلٍ محدود جداً، واستهلاك السعرات الحرارية بشكلٍ مقيدّ يصل إلى ما يُقارب 800 سعرةٍ حراريةٍ يومياً.
إقرأ أيضا:تخفيف الوزن في أسبوعوقد تمَّ تطوير النظام الغذائي منخفض السعرات الحرارية في السبعينيات عند وصول مؤشر كتلة الجسم (بالإنجليزية: BMI) إلى 30 أو أكثر، وهي حالة تحتاج إنقاص الوزن بشكلٍ سريع تجنّباً للعواقب المرتبطة بالسمنة المفرطة، ولا تُستخدم هذه الأنظمة عادةً عندما يتراوح مؤشر كتلة الجسم بين 27 وَ 30، إلّا في حال وجود حالات صحيّة مرتبطة بالوزن، مثل ارتفاع ضغط الدم، والسكري.
لذا فإنَّ خسارة الوزن الزائد يُعدُّ أمراً مهماّ لتقليل خطر الإصابة بهذه الأمراض وتحسينها في حال الإصابة بها، ولكن لا تعدُّ الأنظمة الغذائية منخفضة السعرات الحرارية أكثر فاعلية على المدى الطويل من الأنظمة الغذائية المتوازنة، لذا يحتاج الشخص بمجرد التوقف عن الحمية منخفضة السعرات الحرارية إلى تغيير نمط الحياة، والالتزام بالغذاء الصحي، والنشاط البدني المنتظم، كما لا يُنصح بالأنظمة الغذائية منخفضة السعرات الحرارية للحوامل والمرضعات، ولا تعدُّ مناسبة للأطفال أو المراهقين باستثناء برامج العلاج المتخصصة، كما قد لا تكون مناسبة للأشخاص فوق عمر الخمسين، ويعتمد ذلك على الحاجة المحتملة للأدوية للحالات الصحيّة الموجودة عند كبير السن، واحتمال حدوث آثار جانبية.
ومن الجدير بالذكر أنَّ النظام منخفض السعرات الحرارية ليس الخيار الأول لإدارة السمنة، ولا ينبغي استخدامه بشكل روتيني، إذ يجب اتّباع الأنظمة الغذائية منخفضة السعرات الحرارية تحت إشراف طبي مدّة أقصاها 12 أسبوعاً فقط ، ويمكن أن تشمل الآثار الجانبية لهذا النظام ما يأتي:
- الشعور بالجوع.
- الشعور بانخفاض الطاقة.
- جفاف الفم.
- الإمساك
- الإسهال.
- الصداع.
- الدوار.
- التشنجات.
- ضعف الشعر.
وكما ذُكر سابقاً فإنَّ الأنظمة الغذائية منخفضة السعرات الحرارية يمكن أن تؤدي إلى فقدان الوزن على المدى القصير، ولكن من المحتمل أن يعود الوزن بعد انتهاء النظام الغذائي، لذا فإنَّها لا تعدُّ استراتيجية طويلة المدى لإدارة الوزن، ويجب استخدامها فقط كجزء من خطة واسعة ومستدامة لفقدان الوزن.