أنواع التلوث
يُعرّف التلوث أو ما يُعرَف بالتلوث البيئي (بالإنجليزيّة: Environmental Pollution) على أنّه إضافة أيّ مادة سواءً أكانت بالحالة الصلبة، أم السائلة، أم الغازية، أو إضافة أحد أشكال الطاقة مثل: الصوت، أو الحرارة، أو النشاط الإشعاعي إلى البيئة بصورة أسرع مما تستطيع البيئة أن تتخلص منها، أو تحليلها، أو تخزينها على شكل غير ضار بها، ويُعدّ كلّ من تلوث الهواء، والماء، والتربة الأنواع الأساسية لتلوث البيئة، وهناك العديد من أنواع التلوث التي ظهرت في ظل المجتمعات الحديثة كالتلوث الضوئي، والضوضائي، والبلاستيكي، وجميع الأنواع السابقة لها تأثير سلبي على البيئة وعلى صحة الإنسان ورفاهيته.
تلوث الهواء
يُعدّ تلوث الهواء (بالإنجليزيّة: Air Pollution) من المشاكل الرئيسية التي تُهدد البيئة وصحة الإنسان في جميع أنحاء العالم، ويُعرّف على أنّه تلوث يصيب الغلاف الجوي نتيجة وجود نفايات صلبة، أو سائلة، أو غازية، أو وجود مواد أو منتجات ثانوية في الجو لها تأثير سلبي على صحة الإنسان، والحيوانات، والنباتات ويُعرّضها للخطر، ويُسبب وجود هذه المواد تكوّن الضباب الذي يحد من الرؤية، وإنتاج روائح كريهة غير مرغوب فيها.
ينتج تلوث الهواء من الأنشطة التي يمارسها البشر، مثل: طرق التخلّص من النفايات، وتوليد الطاقة والحرارة، وعمليات الاحتراق الداخلي في المحركات، والانبعاثات الناتجة عن العمليات الصناعية، في حين يُشكّل احتراق الوقود الجزء الأكبر في تلوث الهواء؛ بسبب الانبعاثات الناتجة عن عملية الاحتراق، كما قد ينتج تلوث الهواء عن مصادر طبيعية، مثل: النشاط البركاني، والينابيع الحارة، والغابات الصنوبرية، لكن يُعدّ تأثير تلك المصادر ضئيلاً جداً بالمقارنة مع تأثير المصادر البشرية.
إقرأ أيضا:كيف نحافظ على البيئة عند إنشاء مصنع كبيريُمكن تصنيف تلوث الهواء بشكل عام إلى فئتين، هما:
- تلوث الهواء الخارجي: ويحدث هذا النوع في الأماكن المفتوحة، وكان سائداً قبل ثمانينيات القرن العشرين، ومن الملوثات الرئيسية لهذا النوع: أكاسيد النيتروجين، وغاز ثاني أكسيد الكبريت، وغاز الأوزون، وغاز أول أكسيد الكربون، وثاني أكسيد الكربون، والرصاص، والجسيمات العالقة، والملوثات السامة.
- تلوث الهواء الداخلي: يحدث هذا النوع داخل الأماكن المغلقة، وقد بدأ الاهتمام به خلال ثمانينيات القرن العشرين، ومن الملوثات الرئيسية لهذا النوع من التلوث: الفورمالديهايد (بالإنجليزية: Formaldehyde)، والملوثات البيولوجية، وغاز الرادون (بالإنجليزية: Radon)، والمركبات العضوية المتطايرة، والمنتجات الثانوية الناتجة عن عملية الاحتراق مثل: غاز ثاني أكسيد النيتروجين، وغاز أول أكسيد الكربون، وغاز ثاني أكسيد الكربون، وغاز ثاني أكسيد الكبريت، والهيدروكربونات.
ومن الآثار السلبية الناتجة عن تلوث الهواء سواءً على البيئة أم على صحة الانسان ما يأتي:
- تلوث التربة وتآكل المواد الموجودة فيها.
- التسبب بمشاكل صحية خطيرة، والتي قد تؤدي إلى الوفاة.
- قلة إنتاج المحاصيل الزراعية، بسبب الخلل في عملية التنفس الخلوي.
- التسبب بمشاكل تؤثر على صحة الحيوانات، وقد تودي بحياتها.
تلوث الماء
يُعرّف تلوث المياه (بالإنجليزيّة: Water Pollution) على أنّه تغيّر كيميائي، أو بيولوجي، أو فيزيائي يطرأ على نوعية المياه، وله أثر سلبي على أيّ كائن حي يعيش فيه، أو يشرب منه، أو يستخدِمه لأيّ غرض آخر، مثل: التنظيف، أو السباحة، أو الطهي، أو غيرها من الأنشطة، وتُعدّ المصادر البشرية من أهمّ مصادر تلوث المياه، وتشمل: المواد الكيميائية، أو الطفيليات، أو البكتيريا، أو النفايات، وهذا يعني أنّ إلقاء النفايات في أيّ مساحة خالية من الأرض سينتهي بها المطاف إلى تلوث موارد المياه المختلفة، كالأنهار، والبحيرات، والمحيطات، أو قد تتسرّب إلى المياه الجوفية الموجودة في طبقات الأرض السفلية، وقد يعود السبب في تلوث المياه إلى المصادر الطبيعية، مثل: تكاثر الطحالب بمعدلات تفوق النمو الطبيعي، والنشاط البركاني، وحدوث العواصف، والزلازل، فجميع هذه العوامل قد تؤدي إلى حدوث تغيّرات كبيرة في جودة المياه وكمياتها.
إقرأ أيضا:بحث حول البيئةوبشكل عام تتمّ الإشارة إلى المياه على أنّها مياه ملوثة في ثلاث حالات، وهي كالآتي:
- الحالة الأولى: في حال تعرُّض المياه للملوثات البشرية، والتي تسبب في ضعف قيمتها وتقليل جودتها.
- الحالة الثانية: عندما تصبح المياه غير قادرة على دعم الاستخدام البشري كاستخدامها للشرب.
- الحالة الثالثة: عندما تفقد المياه قدرتها على دعم المجتمعات الحيوية التي تعيش فيها كالأسماك، والطحالب.
تلوث التربة
يُعدّ تلوث التربة أو تلوث الأراضي (بالإنجليزيّة: Land Pollution) أحد أنواع التلوث الرئيسية في البيئة، وعموماً تستطيع ملوثات المياه نفسها أن تتسبب في تلويث التربة أيضاً، وللممارسات البشرية دور كبير في التسبب بهذا النوع من التلوث، منها:
- عمليات التعدين: يؤثر التعدين سلباً على التربة، بسبب المواد الكيميائية الخطيرة التي تبقى في التربة أثناء وبعد الانتهاء من عمليات التعدين.
- مكبات ومدافن النفايات: تتسبب مكبات النفايات التي لا يتمّ إغلاقها بإحكام في تلوث التربة، حيث تسرّب الملوثات إلى التربة المحيطة بالمكب، وفي حال وجود نباتات في تلك البيئة فإنّها سوف تتعرض للتلوث، وبالتالي سوف تنتقل الملوثات إلى الحيوانات العاشبة التي تتغذى على تلك النباتات، ثمّ ستنتقل إلى الحيوانات المفترسة التي تتغذى على الحيوانات العاشبة وتسبب الضرر لها، وتُسمّى تلك العملية بالتراكم الحيوي (بالإنجليزيّة: Bioaccumulation)، وهو مصطلح يشير إلى تراكم المواد الكيميائية في كل مستوى من المستويات المكوّنة للشبكة الغذائية.
- النفايات: تُعدّ القمامة بأشكالها المختلفة كالورق، والمنتجات البلاستيكية، والعلب، والأواني الزجاجية، وغيرها من أكثر المواد التي لها تأثير سلبي على النباتات بحيث تعيق قدرتها على تكوين المغذيات، كما أنّها قد تؤدي إلى موت الحيوانات عند تناولها للمواد البلاستيكية مثلاً عن طريق الخطأ، وتحتوي بعض النفايات على ملوثات خطيرة، مثل: بواقي المواد الكيميائية، والحبر، والزيوت، والتي قد تتسرّب إلى التربة، وبالتالي تؤثر على كلّ من النباتات، والحيوانات، والإنسان.
- استخدام المبيدات الحشرية: تُستخدَم المبيدات الحشرية والأسمدة الكيميائية لحماية النباتات من الحشرات الحاملة للأمراض، لكن هذه المواد قد تضر بالتربة وتلوثها، فقد تنتقل إلى النباتات عندما تمتصها من التربة، وتخزنها بداخلها، ثمّ تنتقل هذه إلى الإنسان والحيوان عن طريق تناول هذه النباتات، ما قد يؤثر على صحتهم، ومن الجدير بالذكر أنّ هذه المواد يزداد انتشارها مع هبوب الرياح في المنطقة التي تمّ تطبيقهم عليها.
إقرأ أيضا:أضرار دخان المصانع
التلوث الضوضائي
يُعرّف التلوث الضوضائي أو التلوث السمعي أو التلوث الصوتي (بالإنجليزيّة: Noise Pollution) على أنّه أيّ صوت مرتفع أو أيّ ضجيج يضر بالأذن عند سماعه، وفيما يأتي بعض مصادر التلوث الضوضائي:
- حركة المرور المستمرة.
- الدراجات النارية.
- المعدات ذات الطاقة العالية.
- الطائرات النفاثة.
- الموسيقى الصاخبة.
تنتقل الطاقة الصوتية عن طريق التخلخل والانضغاط، وفي حال كانت شدة الطاقة الصوتية كبيرة جداً -أي عندما يكون الصوت مرتفعاً جداً- فذلك يؤدي إلى تلف في بُنية الأذن وإصابتها بالضرر؛ لأنّ اهتزازات الصوت تعمل على اهتزاز مكونات الأذن الداخلية اتسقبالها للصوت، وفي حال كانت الاهتزازات شديدة ستتمزق طبلة الأذن، وبشكل عام يؤدي الاستمرار في الاستماع إلى الأصوات المرتفعة جداً إلى ضعف السمع تدريجياً.
قد يؤثر الصوت المرتفع أيضاً على الألياف العصبية الدقيقة داخل الأذن، فعند دخول الصوت إلى الأذن فإنّه ينتقل إلى الدماغ على شكل نبضات عصبية، وكل عصب يتكوّن من عدّة ألياف عصبية دقيقة يحيط بها سائل خاص داخل الأذن، وعند تعرض الأذن إلى صوت مرتفع، أي بتردد يتراوح بين 4,000-20,000 هيرتز، فإنّه يدخل عبر السائل بكثافة عالية على شكل موجات انضغاطية، وبسبب شدّته العالية يدمّر الألياف العصبية الدقيقة ممّا يؤدي إلى فقدان السمع، ونظراً إلى الأضرار الناتجة عن التلوث الضوضائي وأثره السلبي على كلّ من الإنسان والحيوان، فقد قامت العديد من الدول بإصدار عدد من القوانين التي تساعد على الحد منه.
التلوث الضوئي
يُعرّف التلوث الضوئي (بالإنجليزية: Light Pollution) على أنّه الاستخدام المفرط للضوء الاصطناعي، بصورة تؤدي إلى التغيُّر في كمية الضوء الطبيعية في الليل، والتي قد يستبب بها الإنسان بشكل مباشر أو غير مباشر، ومن المهم تجنّب مصادر الضوء الصناعي ذات الشدة العالية، أو ذات النطاق الطيفي غير المناسب وخصوصاً في الليل، ومن الأمثلة على التلوث الضوئي: الإفراط في الإضاءة، والوهج، وينتج عن السطوع المفرط أو غير المنضبط في الإضاءة.
وهناك بعض الآثار السلبية للتلوث الضوئي، ومنها ما يأتي:
- إهدار الطاقة.
- حجب رؤية النجوم.
- التسبب بآثار صحية ضارة على البشر.
- تعطيل النظم البيئية.
- تداخل الضوء في عملية الرصد في المراصد الفلكية.
التلوث البلاستيكي
أصبح الإنتاج المتزايد للمنتجات البلاستيكية وكيفية التخلّص منها من القضايا البيئية المهمة التي تُسبب قلقاً متزايداً لدى العالم بسبب دورها في التلوث البلاستيكي (بالإنجليزيّة: Plastic Pollution)، وتزداد هذه المشكلة بشكل كبير في الدول النامية، بسبب اتّباعها طرقاً غير فعّالة في جمع تلك المنتجات، وتزيد أيضاً في بعض الدول المتقدمة التي تتميز بمعدلات إعادة تدوير منخفضة بسبب عدم قدرتهم على جمع المواد البلاستيكية المهملة.
بدأت تتزايد عملية إنتاج المواد البلاستيكية بعد الحرب العالمية الثانية، واستمرت بالازدياد بصورة جعلت المجتمعات في العصر الحالي لا تستطيع الاستغناء عنها في حياتهم اليومية، إذ تمّ الاستفادة من البلاستيك في صناعة العديد من الأدوات في كافة المجالات، مثل: صناعة العديد من الأجهزة الطبية المهمة، وصناعة معدات مياه الشرب النظيفة، ودخولها في صناعة السيارات والطائرات، وغيرها من الصناعات المهمة.
وعلى الرغم من أهمية البلاستيك، إلّا أنّ طريقة التخلّص منه تشكّل مشكلة كبيرة، وخصوصاً بعض المواد البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد، والتي تُشكّل حوالي 40% من البلاستيك الذي يتمّ إنتاجه سنوياً، ومنها الأكياس البلاسيتيكة والأغلفة الغذائية، حيث تُستخدَم لمرة واحدة، لكنّها تحتاج إلى مئات السنين حتى تستطيع أن تتخلص منها البيئة، وفيما يأتي بعض الحقائق الرئيسية التي تتعلّق بالبلاستيك:
- تمّ صناعة نصف كمية المواد البلاستيكية خلال الخمسة عشر عاماً الماضية.
- زاد إنتاج المواد البلاستيكية بصورة مضاعفة، وتراوحت تلك الزيادة من 2.3 مليون طن عام 1950م إلى 448 مليون طن بحلول عام 2015م.
- يتسرّب حوالي 8 ملايين طن سنوياً من النفايات البلاستيكية إلى المحيطات من الدول الساحلية، ويُمكن تشبيه ذلك بوضع 16 كيساً مليئاً بالقمامة في كل متر واحد من الساحل حول العالم.
- عادةً يتمّ إضافة عدد من المواد إلى المواد البلاستيكية لجعلها أكثر قوة، ومرونة، وتزيد من ديمومتها، لكنها تزيد من المدّة التي يحتاجها البلاستيك للتحلل، وقد تصل إلى 400 عام.
ملوثات أخرى
فيما يأتي بعض الملوثات الخطيرة التي يمكن أن تهدد صحة الإنسان والبيئة في آن واحد، منها:
- التلوث الإشعاعي: (بالإنجليزية: Radioactive Pollution) وهو من أنواع الملوثات الخطيرة التي يمكن تؤثر على صحة الإنسان والبيئة، ويمكن الاطلاع على مزيد من المعلومات عن هذا الموضوع من حلال الاطلاع على مقال بحث عن التلوث الإشعاعي.
- التلوث الحراري: (بالإنجليزيّة: Thermal Pollution) إذ يُساهم في جعل البيئة البحرية بيئة غير ملائمة لعيش الكائنات الحية فيها، وذلك بسبب ارتفاع درجات الحرارة عن الحد الذي يمكن أن تتحمله تلك الكائنات، وللاطلاع أكثر على مزيد من المعلومات حول التلوث الحراري، يرجى قراءة مقال ما هو التلوث الحراري.