القصة
القصة هي مجموعةٌ من الأحداث التي يرويها الكاتب أو القاص، وتشتمل على حادثةٍ أو مجموعة من الحوادث المتعلقة بشخصيات إنسانية تختلف في طرق معيشتها وتفاعلها مع مواقف الحياة، ويمكن القول أن القصة تُعتبَر من أقوى عوامل جذب انتباه الإنسان، فتجذب القارئ وتُثير انفعالاته، كما تثير فضوله للمتابعة ومعرفة النهاية، وهي أُحدوثةٌ يرويها أحد الأشخاص، أو أُحدوثةٌ مكتوبةٌ غايتها المتعة والفائدة، كما عُرفت بأسماء عديدة في التاريخ العربي، ومن هذه الأسماء: الحكاية، والخرافة، والخبر؛ حيث تعتبر خبراً منقولاً شِفاهاً أو كتابةً، ويمكن القول اختصاراً أنّ القصة عبارة عن حكاية تدور حول أشخاصٍ وأحداثٍ متحركة، إمّا أن تكون حقيقيّةً وواقعيةً، وإما أن تكون من نسج الخيال.
أما معنى القِصَّة في اللغة، فهي كما وردت في المعجم الوسيط أنّها (الجملة من الكلام، وهي الحديث، والأمر، والشأن، وهي حكاية طويلة مستمدة من الخيال، أو الواقع، أو من الاثنين معاً، وتكون مبنية على قواعد محددة من الفن الأدبي، وجمعها قِصَصٌ)، وتُعدّ القصة فنّاً حديثاً من فنون الأدب، فهي تُعبّر عن واقع يُحتمل وجوده، أما اعتبارها فنّاً قائماً بذاته، فكان منذ أن بدأ القرن التاسع عشر؛ إلّا أنّ تطوّرها واهتمام النُّقاد بها ازداد مع بداية القرن العشرين، وتعددت الآراء حولها، فاعتبرها بعض النُّقاد عملاً فنياً حديثاً ليس له صلةٌ بالماضي، في حين كان الرأي الراجح والأكثر صحة أنّ لها جذوراً تمتدّ إلى الماضي العريق؛ حيث إنّها لم توجد من العدم، كما أنّ كل فنٍّ من أنواع الفنون لا بد أن يكون قائماً على فنونٍ سابقة من الماضي، ومن الأمثلة على ذلك مقامات بديع الزَّمان الهمذاني ومن سار على دربه، فقد مثّلت مقاماته أول بوادر فن القصة العريق.
إقرأ أيضا:قصص حب حقيقيةومن الجدير بالذكر أنّ القصص والحكايات عُرفت منذ القدم؛ بسبب حاجة الإنسان المُلحّة للتعبير لغوياً عن أحواله، ومشاعره، وتجاربه في الحياة؛ حيثُ انتشرت الحكايات الخرافية بدايةً، وتداولها الناس شفوياً، فكانت القصص هي المأوى الذي يلجأ إليه الناس للاستراحة من أعباء الحياة وتحقيق المتعة، وللاستماع إلى تجارب الآباء والأجداد، وللتطلُّع من خلالها إلى آمال المستقبل، وتعد القصة وسيلةً من الوسائل التوجيهية في حياة الإنسان؛ حيثُ تميل النفس الإنسانية إلى سماعها؛ لما لها من أثرٍ في النفس وانفعالاتها، وخاصةً حين يتخيل المرء نفسه داخل الحوادث الواقعة فيها، كما تثير في نفس المستمع مشاعر وأحاسيس تجعله يشعر بمشاركته الوجدانية لأشخاص القصة.
أنواع العمل القصصي
تُعبّر القصة عن حادثةٍ أو مجموعةٍ من الحوادث كما ذكرنا سابقاً، وتكون هذه الحوادث قد أثارت مشاعر معينة في نفس الكاتب؛ ممّا دفعه لكتابتها، وقد تكون هذه الحوادث طويلةً تشتمل على حياة فرد أو مجموعة بأكملها وتُسمّى رواية، وقد تكون متوسطة تُسجّل مرحلةً من مراحل الحياة وتُسمّى القصة، كما يمكن أن تكون قصيرة تستعرض جزءاً من مرحلةٍ ما وتُسمّى القصة القصيرة، وفي ما يلي توضيح لأنواع العمل القصصي تبعاً للطول أو القصر لكل منهم:
القصة القصيرة أو الأقصوصة
وتشتمل على عرض جزءٍ معينٍ أو مرحلةٍ ما من مراحل الحياة، وعادة ما تدور أحداث القصة حول هذا الجزء الصغير الذي تعرضه، ويكون هو محورها الرئيسي الذي يجب على الكاتب أن يحرص على بقاء الأقصوصة ضمنه؛ لكي لا يفشل عمله القصصي، ولكي لا تخرج القصة عن طابعها القصير، ويُشترَط لنجاح القصة القصيرة أن يستخدم الكاتب جميع قدراته الفنية والتعبيرية لصياغتها؛ عن طريق استخدام الكلمات التي تترك أثراً في نفس من يقرؤها، ولتكون القصة معبرةً وموحيةً، ولا يُشترَط أن يكون محور القصة القصيرة شخصاً أو حادثة معينة، بل يمكن أن يكون المحور عبارة عن حوار داخلي، أو وصف نفسي داخلي لانطباعات معينة عن حادثة ما، ولا يلتزم كاتبها ببداية ونهاية، وعادة ما يتراوح عدد صفحاتها بين 3 إلى 20 صفحة.
إقرأ أيضا:رواية رجال في الشمسالقصة
تصف القصة مرحلة معينة من مراحل الحياة بالتفصيل، وفيها تنفتح الآفاق أمام الكاتب ليُعبّر أدبياً وفنياً عن الأحداث التي تدور حولها القصة، سواء أكانت تتعلق بشخصية واحدة أو عدة شخصيات، بشرط أن تبدأ بنقطة معينة وتنتهي بنقطة أخرى، وأن تكون الأحداث مُنسَّقة تنسيقاً منطقياً، وسواء كانت واقعية أو غير واقعيةٍ يجب أن تكون لها تاريخ بداية ونهاية، وأن يكون أسلوب عرض الأحداث مشوقاً للقارئ، وتستند القصة على الوصف والتصوير، مع مراعاة وجود عنصر التشويق والإثارة الذي يصل بالقارئ إلى العقدة؛ وهي المرحلة التي تتأزّم فيها الأحداث، والتي تنتهي إلى حل العقدة الذي يكمُن في نهاية القصة، أما العناصر التي يُشترَط أن تحتويها القصة؛ فهي التمهيد للأحداث في البداية، والعقدة التي تتأزم فيها الأحداث، وأخيراً الخاتمة التي يكون فيها حل العقدة، وتكون القصة وسطاً بين الأقصوصة والرواية، وتتراوح عدد صفحات القصة من 20 إلى 70 صفحة.
الرواية
تعد الرواية نوعاً من أنواع العمل القصصي الذي لا يُحدّد الكاتب بطول معين، ويزيد عدد صفحاتها عن 70 صفحةً؛ حيثُ تُعتبَر من أطول أنواع العمل القصصي وأكثرها اهتماماً بالتفاصيل، أما محورها فيمكن أن يكون أياً من عناصر القصة دون وجود قيودٍ؛ شريطة أن يستوعب الكاتب العنصر الذي سيكون محور الرواية استيعاباً كاملاً، وأن يصفه بالتفصيل، فمثلاً لو كان المحور فترة زمنية معينة، يجب على الكاتب وصفها وصفاً دقيقاً كي يأخذ القارئ فكرة شاملة ودقيقة عنها، أمّا إن كان محور الرواية شخصية معينة، فيجب على الكاتب أن يؤرّخ لهذه الشخصية، ويذكر جميع جوانب حياتها من البداية وحتى النهاية.
إقرأ أيضا:بائعة الوردوعلى كاتب الرواية أن يذكر جميع التفاصيل والجزئيات التي تخدم الرواية وتخدم الفكرة المراد طرحها فيها، فعلى الكاتب أن يستغلّ عدم محدودية الرواية في ذكر مختلف التفاصيل والإسهاب فيها، والجدير بالذكر أن هناك روايات عالمية أخذت مُتّسعاً كاملاً من ذكر التفاصيل والجزئيات حتى استوعبتها مجلدات عدة، مثل: رواية البؤساء، ورواية الجريمة والعقاب، وغيرها الكثير من الروايات التي تعد وثائق تاريخية مهمّةً في البلدان التي صدرت فيها.
المسرحية
المسرحية هي عبارة عن عمل قصصي حواري يشتمل عادة على مؤثّرات فنية ومناظر مختلفة، ويراعى فيه جانبان، هما: جانب النص المكتوب، وجانب التمثيل المعبِّر الذي ينقل النص بشكل حيّ للمشاهدين، ومن الجدير بالذكر أنّه توجد عناصر تشترك فيها القصة مع المسرحية، وهي: الحدث، والشخوص، والفكرة، والزمان والمكان؛ أمّا ما يميز المسرحية فهو وجود عنصر البناء، والحوار، والصراع، وتُقسَم المسرحية إلى قسمين، هما: المأساة والملهاة، أو التراجيديا والكوميديا، وفي المسرحيات الحديثة المعاصرة تختلط عادة المأساة بالملهاة.
مصادر القصة
تنقسم أنواع العمل القصصي من حيث المصادر إلى القصص الواقعية والقصص الخيالية، فالقصص الواقعية تستمدّ أحداثها من واقع المجتمع وأنماط حياة الناس وطرق عيشهم، في حين أنّ القصص الخيالية تستمد أحداثها من الخيال البعيد عن الواقع الذي يُحاكي الإنسان على الأرض، ويمكن من خلال القصص الخيالية معالجة العديد من المشاكل الاجتماعية والبيئيّة والعلمية.