أهمية المحافظة على البيئة
ازداد الاهتمام العالمي بشؤون البيئة خلال الخمسين عاماً الماضية، وبالتحديد خلال السنوات العشر الماضية، إذ ساهمت وسائل الإعلام بشكل دائم في التركيز على إبراز الأمور المتعلقة بالبيئة، وبالتحديد التغيّر المناخي، مما ساعد على نقل الاهتمام بالبيئة إلى مختلف المناطق المتأثرة بالمشاكل البيئية.
ونتيجة لذلك برزت على الساحة تساؤلات عديدة متعلقة بالبيئة، أهمّها على الإطلاق، التساؤل عن أهمية الاعتناء بالبيئة، وأثر ذلك على جميع مناحي الحياة، وجواب ذلك أنّ البيئة الصحية لا تعني حياة صحية لجميع الكائنات الحية فقط، بل هي ضرورة لبقاء جميع الكائنات الحية على قيد الحياة، ويُقصد بالبيئة الصحية، البيئة التي تمتاز بهواء نظيف، ومصادر غذائية آمنة، وماء نقي صالح للشرب، ومحيط نظيف.
مع الأسف لم تواكب جهود الإنسان تسارع معدلات انبعاث الملوِّثات للهواء يومياً للتقليل من تلوث الهواء، وخصوصاً في المدن الكبيرة، وحسب وكالة حماية البيئة (بالإنجليزية: Environmental Protection Agency) اختصاراً (EPA) فإنّ تلوث الهواء يزيد من معدل الإصابة بأمراض القلب والجهاز التنفسي، ويزيد من معدل الوفيات المبكرة، وهناك بعض الأدلة المُقلقة التي تُشير إلى أنّ الهواء الموجود داخل المباني والمنازل ملوَّث بنسبة 5 أضعاف الهواء الموجود في الخارج، وتشير مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (بالإنجليزية: Centers for Disease Control and Prevention) اختصاراً (CDC) إلى ضرورة الانتباه إلى الأنواع الأخرى من التلوث، كالتلوث المائي الذي قد يزيد من أخطار الإصابة بأمراض الجهاز الهضمي، والاضطرابات العصبية، ومن هنا فإنّ الحاجة إلى حلول للحفاظ على بيئة نظيفة خالية من الملوِّثات أصبحت حاجة ملحة.
إقرأ أيضا:بحث عن تلوث الماءأهمية الحفاظ على الهواء
يَنتج تلوث الهواء عادة عن الأنشطة المتعلقة بالقطاعات الاقتصادية، كالصناعة، والنقل، والزراعة، والطاقة، كما تُساهم بعض الأنشطة المنزلية في ذلك كالتدفئة، ويتسبب تلوث الهواء في تدمير صحة الإنسان والبيئة، لكن الهواء اليوم أنظف وصحي أكثر مما كان عليه قبل عقدين من الزمن، ويعود ذلك إلى الإجراءات السياسية المتخذة والتعاون الدولي، فعلى سبيل المثال، انخفضت نسبة انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكبريت إلى أكثر من 80%، والذي يُعدّ المسؤول المباشر عن المطر الحمضي، ولكن ما زال هناك بعض التقصير في هذا الجانب، خصوصاً فيما يتعلق بالجسيمات الدقيقة والأوزون الذي يُشكّل خطراً كبيراً جداً إذا ما وُجِد في الهواء الملامس لسطح الأرض، حيث تتسبب هذه الملوِّثات بمجموعة من الأمراض الخطيرة للبشر، وإلحاق الضرر بالبيئات الطبيعية.
ستنعكس الإجراءات السابقة في تحسين وتطوير العديد من المجالات، مثل:
- الاقتصاد: من خلال انخفاض تكاليف الرعاية الصحية، وتعزيز السياحة، والتقليل من تآكل الأبنية والأرصفة.
- المجتمع: من خلال انخفاض انتشار الأمراض المتعلقة بالدورة الدموية والرئتين، وتحسين نوعية وجودة حياة المواطنين.
- البيئة: من خلال تقليل الرواسب الحمضية وبالتالي تحسين جودة المياه، والحفاظ على النظم البيئية المائية والتنوع البيولوجي.
أهمية الحفاظ على الماء
يعود تحسين جودة المياه بالعديد من الفوائد على مجالات الحياة المختلفة، مثل:
إقرأ أيضا:حلول تلوث التربة- الاقتصاد: من خلال تعزيز السياحة، وزيادة عمليات صيد الأسماك والجمبري، والمحار، وأيضاً التقليل من تكاليف الرعاية الصحية، وتوفير البيئة الصحية لتشجيع السياحة البيئية.
- المجتمع: استخدام المياه السطحية للأنشطة الترفيهية، والتقليل من الأمراض المنقولة عبر المياه الملوَّثة، وزيادة جودة ونوعية الحياة، وتحسين جودة المياه التي تتسرب إلى المياه الجوفية.
- البيئة: الحفاظ على تنوع الحيوانات والنباتات التي تعتمد على المياه، والحفاظ على الخدمات الطبيعية للنظم البيئية المائية، كالتحكم بالفيضانات، وإعادة تغذية المخزون الجوفي.
أهمية المحافظة على التربة
تتعرض التربة للتهديد المستمر بسبب العديد من الأنشطة البشرية التي تتمّ عليها، وتقع على الإنسان مسؤولية الحفاظ على جودتها؛ لتزويده بالماء، والطعام، والهواء المناسبين من خلال اتخاذ العديد من الإجراءات التي من شأنها الحفاظ على استدامة التربة وتأمين الطعام له مستقبلاً، ويُقصد بجودة التربة (بالإنجليزية: Soil Quality) أو صحة التربة (بالإنجليزية: Soil Health)، قدرة التربة على العمل كنظام بيئي حيوي فعال لدعم النبات، والحيوان، والإنسان، من خلال تأمين الكائنات الحية الموجودة في التربة كالبكتيريا، والفطريات، والكائنات الحية الدقيقة بالمأوى المناسب، والطعام والهواء النظيفين للقيام بوظائفها على أكمل وجه.
وتكمُن أهمية الحفاظ على التربة في أنّها:
- توفّر المغذيات المناسبة كالكربون، والنيتروجين، والفسفور، وغيرها لنمو النباتات بشكل سليم وصحي.
- توفّر بنية جيدة لنمو جذور النباتات فيها.
- تمتص مياه الأمطار وتخزنها بداخلها لاستخدامها في الأوقات الجافة، وتُنظم مرور المياه الجارية الناتجة عن الأمطار، وذوبان الثلوج، وريّ النباتات.
- تصفي الكائنات الحية الدقيقة والمعادن الموجود في التربة الملوِّثات العضوية وغير العضوية -كالمنتجات الثانوية الصناعية، والمواد الناتجة عن الترسيب الجوي- التي تمر من خلالها، وتمنع انتشارها، وتزيل المواد السامة منها ما أمكن.
- تُمكِّن الإنسان من القيام بالأنشطة الزراعية، مما يعني زيادة المحاصيل الزراعية الجيدة وزيادة نمو الغابات.
- تُعدّ موئلاً للعديد من الكائنات الحية الدقيقة التي ترتبط بالتربة بعلاقة تكافلية، وتساهم في ازدهار الكائنات الحية، وتزيد من تنوعها.
أهمية الحفاظ على التنوع الحيوي
تعود أهمية الحفاظ على التنوع الحيوي بالعديد من الفوائد على مختلف مجالات الحياة، مثل:
إقرأ أيضا:إعادة تدوير النفايات- الاقتصاد: من خلال تعزيز السياحة القائمة على زيارة الأماكن الطبيعية، والحفاظ على السلاسل الغذائية، الأمر الذي يدعم الاقتصاد عن طريق زيادة فعالية قطاع صيد السمك.
- المجتمع: من خلال توفير الخدمات الطبيعية، وتحسين جودة الحياة.
- البيئة: الحفاظ على المياه والأنظمة البيئية البرية التي تقدم خدمات ومصادر طبيعية، والحفاظ على تدفق الطاقة في جميع أنحاء المحيط الحيوي.
الفوائد المترتبة من الحفاظ على البيئة
تشير التوقعات المحلية والعالمية إلى الفوائد الجمة التي قد تعود بالنفع على الجميع إذا ما تمّ تطبيق العديد من الإجراءات المتعلقة بالبيئة، والصحة العامة، ومن هذه الدراسات والتوقعات:
- حسب منظمة الصحة العالمية، إنّ إنفاق مؤسسة ما على برامج الوقاية الصحية في أماكن العمل، والتي تتراوح قيمتها بين 18-60 دولار/عامل، كفيل بتقليل الإجازات المرضية بنسبة 27%.
- حسب لجنة الأمم المتحدة المعنية بالموارد المائية (بالإنجليزية: UN Water)، إنّ كل دولار يُصرف من قِبَل الدول النامية على تحسين خدمات المياه ومياه الصرف الصحي يعود عليها بعائد استثمار يتراوح بين 5-29 دولار.
- منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (بالإنجليزية: Organisation for Economic Co-operation and Development) أجرت محاكاة لهواء افتراضي ملوَّث، يتمّ التحكم بالانبعاثات الصادرة عنه من خلال تقليل أكاسيد النيتروجين، وثاني أكسيد الكبريت، والكربون الأسود بنسبة 25%، وكانت النتيجة أنّ نسبة المنافع/التكاليف للإجراءات السياسية المتبناة في العالم تُقدر بحوالي 1.5 بحلول عام 2030م، وحوالي 4.1 بحلول عام 2050م، في حين أنّ هذه النسبة من المفترض أن تصل إلى 10 في نفس العام في دول البريكس (بالإنجليزية: BRIICS Countries)، وهي الدول ذات أعلى نمو اقتصادي في العالم.
- الحد من كميات الرصاص الموجودة في البنزين سيعود بفائدة عالمية قدرها 2.45 ترليون دولار/عام، أي ما قيمته 4% من ناتج المحلي الإجمالي.
- النظام الغذائي الصحي المستدام يُمكن أن يقلل من انبعاثات الغازات الدفيئة بنسبة تتراوح بين 0.3-0.6 بيتاغرام من الكربون/عام، مقارنة بالمعدلات الحالية، ويُمكن أن يحمي التنوع البيولوجي من خلال تقليل المساحة اللازمة للتوسع في زراعة المحاصيل الزراعية لإطعام الأعداد المتزايدة من السكان، كما يؤدي النظام الصحي المتوازن إلى انخفاض إصابة الإنسان بالأمراض، وانخفاض نسب الوفيات المبكرة.
- الحد من ظاهرة تغيّر المناخ، وزيادة مرونته، والتي ستعود بفوائد صحية كبيرة على السكان، حيث إنّ تطبيق مجموعة من الإجراءات المثبتة فعاليتها من حيث التكلفة، للتقليل من انبعاثات ملوِّثات المناخ قصيرة العمر (بالإنجليزية: Short-lived Climate Pollutants)* كالكربون الأسود والميثان، سيقلل من تأثير ظاهرة الاحتباس الحراري بنسبة 0.5° درجة مئوية بحلول منتصف القرن، وسيحافظ على حياة 2.4 مليون نسمة/عام بحلول عام 2030م.
ويوضح الجدول الآتي كيف تنعكس بعض السياسات الخضراء إيجابياً على البيئة والصحة في العديد من المجالات:
القطاع | السياسات المُتبعة | المنافع البيئية | المنافع الصحية |
---|---|---|---|
النقل | معايير مشددة للتقليل من الكبريت في الوقود | التقليل من ظاهرة المطر الحمضي، وبالتالي التقليل من خسائر الغابات، وتلف المحاصيل الزراعية، وتحمض التربة | التقليل من الإصابة بأمراض القلب والجهاز التنفسي، وغيرها |
الزراعة | إدارة المناظر الطبيعية المتكامل | الحفاظ على التنوع البيئي، وخدمات النظم البيئية المهمة، وتوليد الطاقة الكهرومائية، وتحسين جودة وكمية المياه | التقليل من الإصابة بالأمراض المتعلقة بالمياه الملوَّثة كالإسهال بسبب الافتقار إلى النظافة الشخصية |
المدن | زيادة الغطاء النباتي والمساحات الخضراء | تحسين جودة الهواء، والتقليل من فيضان مياه الأمطار، والحد من الملوِّثات | تحسين مقاومة جسم الإنسان للظروف الجوية، وخفض مستويات الإجهاد، والتمتع بفوائد الصحة العقلية، وزيادة النشاطات البدنية والترفيهية في الهواء الطلق، وبالتالي خفض معدلات السمنة |
الطاقة | التزود بالطاقة النظيفة، والطاقة الفعالة | تحسين جودة الهواء | التقليل من الأمراض المتعلقة بجودة الهواء، كأمراض الجهاز التنفسي |
الصرف الصحي | توفير بنية تحتية جيدة | تحسين جودة الماء | تقليل نسبة انتشار الأمراض والوفيات بسبب الأمراض المختلفة، وبالتحديد الإسهال |
المساهمة في الحفاظ على البيئة
يُمكن لجميع أطياف المجتمع بما في ذلك الحكومات والأفراد من جميع الأعمار والقدرات، المساهمة في الحفاظ على البيئة كل من موقعه، ومسؤولياته، وسلطته، ومن هذه الأمور:
- تقليل الاستهلاك، وإعادة التدوير، لتقليل التكاليف المادية وإثقال البيئة بالنفايات.
- التقليل من استخدام المركبات، والاعتماد على الدراجات أو المشي ما أمكن، من أجل تحسين جودة الهواء، والحياة، والصحة، واللياقة البدنية.
- الترويج والحث على تنظيف الممرات المائية والشواطئ والنظم البيئية الأخرى، واستصلاحها وإعادة إحيائها؛ لمساعدة النباتات والحيوانات على النمو والبقاء.
- الاعتناء بالبيئة في المدرسة، والعمل، والمنزل، بما في ذلك المساحات الخضراء والحدائق، والحفاظ على الماء، والتخلص الصحيح من النفايات، وإعادة تدويرها إن أمكن ذلك.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
- ملوِّثات المناخ قصيرة العمر: هي الملوِّثات التي تبقى في الغلاف الجوي لفترة قصيرة، لكن قدرتها على تسخينه، وزيادة ظاهرة الاحتباس الحراري تعُادل أضعاف قدرة غاز ثاني أكسيد الكربون الذي يبقى في الغلاف الجوي لفترة أطول منها.