مفهوم الرواية
الرواية فنٌّ من الفنون الأدبيّة النثريّة القائمة على الأسلوب السرديّ، وهي أطول أنواع القصص؛ فهي عبارة عن أحداث كثيرة مُتتابِعة، تحصلُ بين شخصيّات عديدة، في زمن طويل المدى، وقد يستغرقُ الزمن عمرَ البطل، أو أعمار أجيالٍ مُتتابِعة، وباختصار فإنّ الرواية هي قصّة طويلة.
نشأة الرواية العربيّة
كانت أوّل نشأة الرواية العربيّة في مصر خاصّة؛ بسبب ما مرَّ به العالم العربيّ من أوضاع سياسيّة، واجتماعيّة، وثقافيّة، فبعد انتهاء الحُكم التركيّ، وخروج الفرنسيّين من مصر، تعدَّدت البعثات، واختلطَ المصريّون بالغَرب، فألَّفوا القِصص وترجموها، فكان كتاب (تلخيص الإبريز في تلخيص باريز) لرفاعة الطهطاوي؛ حيث تحدَّث فيه رفاعة بأسلوب قصصيّ عن رحلة إلى باريس، وقد اعتبرَه الباحثون حجر الأساس الأوّل للرواية التعليميّة في الأدب الحديث.
وتُعَدُّ (وقائع تليماك) أوّل مُحاوَلة في ما يتعلّق بالرواية العربيّة في مصر في القرن التاسع عشر، ويتَّضح الهدف التعليميّ من مُقدِّمته التي كتبَها رفاعة في الرواية المُترجَمة، وسمَّاها ديباجة الكتاب، وقد ترجمَ رفاعة روايتَه؛ لهدَفين، الهدف الأوّل: تقديم نصائح للملوك، والحُكّام، والهدف الثاني: تقديم مواعظ للناس عامّة؛ لتحسين سلوكهم.
زَيْنب أوّل رواية عربيّة
تُعَدُّ رواية زَيْنَب أوّل رواية فی تاريخ الأدب العربيّ، للكاتب محمد حسين هيكل، الذی بدأ كتابتَها في باريس سنة 1910م، ونَشرَها سنة 1912م، وتَعرِضُ روايةُ زينب واقعَ الريف المصريّ، من حيث تقاليده القاسية، وطبيعة أفراده البسيطة؛ فهي تروي قصّة شابٍّ مُثقَّف من أبناء الطبقة المُتوسِّطة اسمه “حامد”، يحبُّ ابنة عمٍّ له اسمها “عزيزة”، إلّا أنّ التقاليد القاسية فی الريف تحولُ بينه وبين التعبيرعن هذا الحب؛ فقد زوّجَها أهلُها من رجل آخر؛ ممّا أدّى إلى حرمان “حامد” منها، ثم يتعرَّف “حامد” على فتاة ريفيّة أخرى من الطبقة الكادِحة اسمها “زينب”، فيحبُّها، إلّا أنّ زينب لا تكترث له، وتفضّل عليه إبراهيم رئيس العمّال الذي يُشرفُ على عملها، فيُحرَم حُبّ زينب. وخلاصة الفِكرة أنّ هذه الرواية تَعرضُ حالة القرية التي ترى الحبَّ بين الرجل والمرأة مُخالِفاً للعادات والتقاليد.
إقرأ أيضا:احلى ابيات شعرأبرز الروايات العربيّة
يضمُّ الأدب العربي عدداً هائلاً من الأعمال الروائيّة التي تعود إلى العديد من الأدباء والكُتّاب العَرب، وقد نالت أعمالهم حظّاً وافراً من العناية، والمكانة العالية، والتقدير الكبير، وفي ما يأتي ذِكرٌ لبعض أبرز الروايات العربيّة، مُرتَّبة وِفقَ تصنيف اتحِّاد الكُتّاب العَرب:
- الثلاثيّة: وهي الأولى عند اتِّحاد الكُتّاب العَرب، للكاتب المصريّ المعروف نجيب محفوظ، الحائز على جائزة نوبل، وتُعَدُّ الثلاثيّة أفضل رواية عربيّة في تاريخ الأدب العربيّ حسب اتِّحاد الكُتّاب، والشخصيّة الرئيسيّة في الثلاثيّة هي شخصيّة السيّد أحمد عبد الجواد، وقد تتبَّعت القِصص الثلاث بعضاً من مراحل حياة ابنه كمال، منذ الطفولة، فالمراهقة، فالشباب، وتتكوَّن الثلاثيّة من ثلاثة أجزاء، هي: بين القصرين (عام 1956)، وقصر الشوق (عام 1957)، والسكريّة (عام 1957)،[٥] وجميعها تَعرِضُ رحلةَ البطل السيّد أحمد عبد الجواد وعائلته، وقد استوحى نجيب محفوظ عناوين الروايات الثلاث من أسماء شوارع رئيسيّة شهيرة في مدينة القاهرة عاصمة مصر، وهي المناطق التي عاش فيها مرحلة طفولته.
- البحث عن وليد مسعود: البحث عن وليد مسعود هي رواية للكاتب الفلسطينيّ جبرا إبراهيم جبرا، وقد نُشِرَت عام 1978، وهي تحتلّ المرتبة الثانية في قائمة أفضل مئة رواية عربيّة، وتدور الرواية حول وليد مسعود، الفلسطينيّ المُتمرِّد الذي يتركُ تاريخَه المُشرِّف ذكرى مُؤثِّرة ضدَّ المُحتَلِّ الصهيونيّ في فلسطين، وهو ليس بعيداً عن عَرْضِ أسرار حياته العاطفيّة، وطفولتِه في فلسطين، بالإضافة إلى مواقفه الدينيّة، والسياسيّة.
- شَرَف: للكاتب صُنع الله مسعود، وهي رواية تنتمي لأدب السجون، وقد عَرَض فيها الكاتب الأبعاد الإنسانيّة التي تُخلِّفها العقوبات على المساجين من ظُلمٍ، وافتراءٍ أحياناً، خاصّة على أصحاب العقوبات الطويلة، وقد صَدرَت عام 1997.
- الحرب في بَرِّ مصر: للأديب المصريّ يوسف القعيد، وهي رواية سياسيّة، تروي قصّة عُمدة قرية، يبحث عن حلٍّ؛ لعدم إرسال ابنه إلى الحرب، ويرفضُ إرسالَه إلى حرب 1973، فيرسل بدلاً منه شخصاً آخر، ثم يُستَشهَد الشخص الآخر في الحرب، وتختفي القضية التي اختلطَت فيها هاتان الشخصيّتان، وغيرها، وقد نُشِرَت الرواية سنة 1978.
- رجالٌ في الشمس: للكاتب الفلسطينيّ غسّان كنفاني، وهي الرواية الأولى له، وتَعرِضُ الرواية أحداث النكبة الفلسطينيّة سنة 1948، وتأثيرها على الشعب الفلسطينيّ، وقد صَدرَت سنة 1963 في بيروت، كما حُوِّلت الرواية إلى نصٍّ سينمائيٍّ سنة 1973، وعُرِض كفيلم، وعُدّ الفيلم واحداً من أهم مئة فيلم سياسيٍّ في تاريخ السينما العالميّة.
- الوقائع الغريبة في اختفاء سعيد أبي النَّحس المُتشائِل: للكاتب الفلسطينيّ إميل حبيبي، وهي رواية ساخرة يعَرِضُ فيها قصّة شخصيّة قاصرةٍ عن التمييز بين التفاؤل، والتشاؤم، وسبب تسمية المُتشائِل؛ أنَّ الكاتب جَمع بين الكلمتَين في كلمة “التشاؤُل”، وقد صَدرَت الرواية عام 1974.
- رامة والتنّين: للكاتب المصريّ إدوار الخرّاط، وتدورُ الرواية بين بطلَين: رجل، وامرأة، ويَدمجُ الحوار بينهما، بين عناصر من الخيال الأسطوريّ، وبعض العناصر الرمزيّة من الحضارات الفرعونيّة، واليونانيّة، والإسلاميّة، وقد صَدرَت الرواية سنة 1980.
- حدّث أبو هريرة قال: للكاتب التونسيّ محمود المسعديّ، وتقوم هذه الرواية على عَرْضِ الأفكار الداعية إلى فلسفة الوجود، من خلال تصوير رحلة لشخصيّة تقليديّة، ومُناقَشة الخروج من المألوف، وقد نُشِرَت سنة 1973.
- كوابيس بيروت: للكاتبة السوريّة غادة السمّان، تَصِفُ فيها ذكرياتها التي مرَّت بها، وألِفَت التعايُش معها، من خلال وقائع ومُجريات الحرب الأهليّة اللبنانيّة، وقد تُرجِِمَت الرواية إلى 6 لغات عالميّة، وصَدرَت عام 1976.
وقد كثُرَت أيضاً الروايات المُعاصِرة في أوائل القرن الحادي والعشرين، ومنها:
إقرأ أيضا:أشعار الشافعي- رواية ساق البامبو: للروائيّ الكويتيّ سعود السنعوسيّ، الذي جَعلَ من عيسى راشد الطاروف (أو هوزيه مندوزا بالفليبّينيّة) بطلاً لروايته، وهو ابنٌ لأب كويتيّ، وأم فليبّينيّة، فيمرُّ عيسى في حياته بصراعاتٍ ومصاعب؛ نتيجة اختلاف جنسيّة أمه عن جنسيّة والده في المُجتمع الكويتيّ؛ بسبب زواج والده من فليبّينيّة، وقد نالَت الرواية جائزة البوكر العربيّة، وتمَّ عَرضُها كمسلسلٍ تلفزيونيٍّ كويتيٍّ عام 2016.
- ثلاثيّة غرناطة: لرضوى عاشور، وهي عبارة عن ثلاث روايات: غرناطة، ومريمة، والرحيل، وتَكتبُ رضوى عاشور في هذه الرواية عن توقُّعات الباقين في غرناطة بعد سقوط الأندلس: آمالُهم، وأحلامُهم.
- في قلبي أنثى عِبريّة: للدكتورة خولة حمدي، تروي قصّة بنت مُسلمة تربَّت وَسط اليهود، وفي الجانب الآخر عَرْضٌ لفتاة مسيحيّة تقعُ في حبِّ رجلٍ مُسلم، إلّا أنّ اختلاف الدِّيانة في كلِّ مرّة شكّلَ عائقاً بينهما، وكلاهما يتساءلُ مَن على حق؟ أنا أم أنت؟ إلّا أنّ مُفاجأة ستحدث في مُنتصَف الرواية!
ومن الروايات العربيّة التي اشتُهِرَت أيضاً: رواية ذاكرة الجسد لأحلام مستغانمي، ورواية شرفة الهاوية لإبراهيم نصر الله، ورواية عُطارد لمحمد ربيع، ورواية الموت عمل شاقّ لخالد خليفة، ورواية موسم الهجرة إلى الشمال للطيِّب الصالح، ورواية الحُبّ في المنفى لبهاء طاهر، ورواية مُدُن الملح لعبد الرحمن مُنيف.
إقرأ أيضا:شعر ابن فطيس