أنطاكيا
أنطاكيا (بالإنجليزيّة: Antioch) هي مدينة تركية، وعاصمة مقاطعة هاتاي. قديماً كانت أنطاكيا جزءاً من المدن التي تتبع للأراضي العثمانيّة في سوريا، لكن بعد الحرب العالمية الأولى، وبعد الانتداب الفرنسيّ على سوريا، انضمّت هذه المدينة إلى الجمهوريّة التركيّة. تتميّز المدينة بالمعالم التاريخيّة التي تحتويها، والتي تتنوّع ما بين الآثار الرومانيّة والتجارة عبر طريق الحرير. كما تشتهر المدينة بالأكلات المَحليّة المُميّزة، وخاصّةً الحلويات، والمُنتجات المُصنعّة كذلك، مثل الحرير والصّابون المصنوع من زيت الزّيتون. بحسب إحصاءات عام 2014م، بلغ عدد سُكّان أنطاكيا 218,568 نسمةً.
الموقع
تقع مدينة أنطاكيا في محافظة هاتاي، في الطرف الشرقيّ من ساحل تركيا على البحر المُتوسّط، بالقرب من مَصبّ نهر العاصي، وتبعُد حوالي 19كم شمال غرب الحدود السوريّة. ويفصل النهر المدينة إلى قسمين. تمتدّ إحداثيات المدينة بين خط طول ′12°36 شمالاً، وخط عرض 9′36° شرقاً. وتقع المدينة على ارتفاع 104 متر فوق مستوى سطح البحر. وتتبع توقيت شرق أوروبا الصيفي (EEST).
يُعتبر مناخ أنطاكيا مناخاً معتدلاً مائلاً إلى حار؛ حيث يبلُغ مُتوسّط درجات الحرارة في فصل الصيف وفي شهر أغسطس تحديداً °27.8 درجةً سيليزيةً، بينما يبلُغ متوسط درجات الحرارة في فصل الشتاء °8.3 درجةً سيليزيةً وذلك في شهر يناير. أمّا الهطول المَطَريّ فيصل ذروته في فصل يناير، ويبلُغ 196ملم.
التاريخ
تمتلك مدينة أنطاكيا تاريخاً حافلاً يحتوي على العديد من الأحداث المُؤسفة تارةً والمُفرحة تارةً أُخرى. بدأ تاريخ المدينة في عام 300 قبل الميلاد عندما تأسّست على يد سلوقس الأول أحد الجنود السابقين للإسكندر العظيم، وسرعان ما برزت المدينة كمركز للتجارة لوقوعها على طُرق القوافل التي كانت تجلب البضائع من بلاد فارس ومناطق أخرى في آسيا إلى البحر الأبيض المُتوسّط. ساعد الموقع الإستراتيجيّ للمدينة على بروزها في العصر الهيلينستيّ، والرومانيّ، والبيزنطيّ.
إقرأ أيضا:أين تقع طروادةفي عام 64 قبل الميلاد كانت أنطاكيا عاصمة الإمبراطورية السلوقيّة، حتّى ضمّتها الدولة الرومانيّة إليها وجعلتها عاصمة الدولة لمُقاطعة سوريا. ولعِظم مكانتها كانت المدينة ثالث أكبر مدينة في الدولة الرومانيّة من حيث مساحتها وأهمّيتها، وخدمت المدينة كمركز الحامية العسكرية للرومان ضد هجمات الفُرس. من الناحية الدينيّة، عملت المدينة كمركز رئيسي للديانة المسيحيّة؛ حيث كانت أول مكان أُطلِقَ فيه اسم المسيحين على أتباع المسيح عليه السّلام، كما أسّس الأساقفة بيتر وبولس كنيسةً فيها.
في القرن الرابع الميلادي أصبحت المدينة مقّر مكتب الدولة الرومانيّة الذي يُدير جميع أقاليم الإمبراطوريّة، وشهدت المدينة ازدهاراً واسعاً في القرنين الرابع والخامس ميلادي، إلا أن القرن السادس الميلادي شهِد العديد من الأحداث المُؤسفة للمدينة؛ ففي عام 525م نشب حريق في المدينة، وفي عام 526م و528م ضرب المدينة زلازل، وفي عام 540م وقعت المدينة تحت الحكم الفارسيّ إلى عام 637م عندما سيطر العرب على المدينة، وعندها فقدت المدينة رونقها ومكانتها السابقة.
استمرّت سلسلة الاحتلالات للمدينة؛ ففي عام 969م وقعت المدينة تحت الحكم البيزنطيّ مرّةً أُخرى، ووقعت تحت حكم الدولة السلجوقيّة في عام 1084م، واستولت الحملات الصليبيّة على المدينة في عام 1098م وجعلوها عاصمة إماراتهم، وفي عام 1268م احتلّ المماليك المدينة وهدموها بالكامل. قضت هذه الحادثة على المدينة التي لم تستعد رونقها بعدها، ولكن نهضت كقرية صغيرة عندما سيطرت عليها الدولة العثمانيّة في 1517م، وبقيت تحت حُكمهم حتى ما بعد الحرب العالمية الأولى، حيث كانت جزءاً من دولة سوريا تحت الانتداب الفرنسيّ. في عام 1939م سمحت فرنسا للمدينة أن تصبح جزءاً من دولة تركيا.
إقرأ أيضا:أين تقع ليتوانياالاقتصاد
تُعتبر مدينة أنطاكيا المركز الاقتصاديّ لمقاطعة هاتاي مدعومة بميناء الإسكندرون. من أبرز القطاعات التي تتميّز بها المدينة وتلعب دوراً مُهمّاً في اقتصادها هي قطاع الفولاذ الصلب، وتصنيع الأحذية والأقمشة لماركات أوروبيّة معروفة. كما تشمل الصناعات الموجودة في مدينة أنطاكيا حلج القطن، والمصانع الصغيرة، والسكاكين، وإنتاج الحرير، والصابون، والسلع الجلديّة وخصوصاً الأحذية. كما يعتمد اقتصاد أنطاكيا بشكل أساسيّ على الزراعة في المنطقة، والتي تشمل زراعة وإنتاج القمح، والعنب، والأرز، والزيتون، والقطن، والخضروات والفواكه خاصّةً البطيخ.
المعالم
مدينة أنطاكيا غنيّة بالتاريخ والحضارة نظراً للحضارات العديدة التي مرّت بها. تحتوي المدينة على العديد من الآثار والتاريخيّة والشواهد الدينيّة التي تجعلها مدينةً مُميّزةً. من أهم المعالم التاريخيّة والدينيّة والطبيعيّة التي توجد في المدينة ما يأتي:
- جبل سيبليوس: يحتوي هذا الجبل قلاعاً رومانيّةً وبيزنطيّةً على قمّته، ويعود تأسيسها إلى أيام الإمبراطور ثيودوسيوس الأول (378-395 م). كما قام الملك نقفور الثاني فوكاس بإضافة العديد من القلاع والمباني إلى الجبل عام 969م.
- مَتحف أنطاكيا للآثار: تم افتتاحه في عام 1948م، ويحتوي على قطع فسيفاء بيزنطيّة ورومانيّة، تعود الفسيفساء إلى القرن الأول الميلادي حتى القرن الخامس الميلادي. يحتوي المَتحف على أكبر صالة عرض للفسيفساء في العالم، كما يحتوي على العديد من الآثار الرومانيّة والبيزنطيّة التي تم اكتشافها في المدينة.
- كنيسة القديس بطرس: وهي المكان الذي احتوى الديانة المسيحيّة في بداية ظهورها، حيث كان أتباعها يُمارسون عقيدتهم في الخفاء في هذه الكنيسة التي كانت مثل كهف. شهدت هذه الكنيسة إطلاق اسم المسيحيّين لأول مرّة على أتباع المسيح عليه السّلام.
- دافني: يستمدّ هذا المكان أهميّته من الميثولوجيا الإغريقيّة القديمة التي ترتبط بالحوريّة دافني التي حولّها زيوس إلى شجرة غار في المنطقة. حديثاً، تحتوي المنطقة على شلالات المياه، والأشجار الجميلة، ومنابع مياه عذبة.
- الإسكندرونة: والتي كانت تُعرف بإلاسكندرية نسبةً إلى الإسكندر العظيم الذي أسسها كميناء بحري، وما تزال اليوم تخدُم كميناء مُهمّ، وتقع على الشواطئ التركية التي تطل على البحر الأبيض المُتوسّط.
- قناة تيتوس: وهي أعجوبة هندسيّة رومانية قاموا ببنائها عن طريق شقّ قناة بين الصخور بطول 1.4كم، رغم أنّها جافّة في الوقت الحالي، لكن لا يزال هناك من يهتمّ بها من السُيّاح.