نُبذة تاريخيّة عن مدينة الفيّوم
كانت مدينة الفيّوم قديماً تابعة لمناطق مصر القديمة، حيث كانت منطقة صحراويّة قاحلة، وأصبحت فيما بعد أرضاً خصبة تستقطبُ البشر؛ وذلك بسبب تفرُّع أحد فروع نهر النيل، وتحوُّله نحو المدينة عام 7200ق.م، فقد كشفت البحوث الأثريّة عن مجتمع زراعيّ في الفيّوم يعود إلى تاريخ 4750ق.م، وفي عام 4000ق.م، فقد أخذَ السكّان يغادرون المنطقة مُتَّجِهين إلى نهر النيل؛ بسبب تعرُّضها للجفاف، علماً بأنّ أَصْل تسمية المدينة يعود إلى الكلمة المصريّة القديمة (بيوم) (بالإنجليزيّة: Pa-yuum)؛ وهي تعني البحيرة، أو البحر، كرمز للبُحيرة التي أنشأها أمنمحات الأوّل زمن الأسرة الثانية عشرة التي حكمت مصر القديمة، ووصلت المدينة أوجَ ازدهارها في زمن المملكة الوُسطى المُمتدّة من سنة 2040ق.م، إلى سنة 1782ق.م، ثمّ تراجعَت مكانتها بعد سقوط المملكة الحديثة المُمتَدّة من سنة 1570ق.م إلى سنة 1069ق.م، إلّا أنّ فترة الحُكم الرومانيّ، والبطليميّ، وحُكم أغسطس قيصر، شهدَت تحسُّناً في وَضْع المدينة، وبدأت فيها الصحوة، والنهضة؛ إذ كانت هناك إصلاحات للمدينة، ممّا أدّى إلى إعادة الحياة إليها، وذلك في الفترة ما بَين عامَي 323ق.م، و646م.
موقع محافظة الفيّوم
تُعَدّ محافظة الفيّوم إحدى محافظات صعيد مصر الثلاث الواقعة شمال مصر؛ حيث إنّها واقعة في الجزء الشماليّ من الصحراء الغربيّة، وهي تبعُد عن العاصمة المصريّة القاهرة مسافة 90كم نحو الاتّجاه الجنوبيّ الغربيّ، وتَحدُّها من جهة الشمال والغرب محافظة 6 أكتوبر، ومن جهة الشرق محافظة الجيزة، ومن جهة الجنوب محافظة بني سويف، أمّا الموقع الفلكيّ للمحافظة فيصف موقعها بأنّه على خطّ طول 30.84، ودائرة عَرض 29.31، بارتفاعٍ يَصِل إلى 29م عن سطح البحر، كما تمتدّ محافظة الفيّوم باتّجاه الشرق والغرب مسافة 80كم، وباتّجاه الشمال والجنوب مسافة 56كم، وهي بذلك تُمثِّل مساحة 33.8% من مساحة إقليم الصعيد الشماليّ، ويبلغ عدد سُكّان المحافظة 2.5 مليون نسمة، حسب إحصائيّات عام 2006م، وهي تشمل وادي الريّان الذي ينخفض عن سطح البحر 45م، ومنطقة ثلاثيّة الشكل ذات طبيعة صحراويّة، مُحاطة من جهة الشمال بمنطقة الجيزة، ومن الجنوب بمحافظة بني سويف، أمّا مدينة الفيّوم؛ وهي جزء من محافظة الفيّوم، فتنقسم إلى 6 أقسام إداريّة، ويُعَدّ المَوقِع الجغرافيّ لمدينة الفيّوم مُتوسِّطاً، ممّا يجعلها منطقة واصلة بين الجيزة والقاهرة شمالاً، وبين بني سويف ومحافظات الصعيد جنوباً، كما أنّها تتّصل مع القاهرة بواسطة خطّ لسكّة الحديد، وتبلغ مساحة المدينة نحو ما يُقدَّر ب 8كم2 تقريباً، إضافة إلى أنّ عدد سُكّانها حسب احصائيّات عام 2006م، بلغَ ما يُقارب 312 ألف نسمة.
إقرأ أيضا:أين تقع سبت العلايةالاقتصاد في محافظة الفيّوم
تعتمدُ محافظة الفيّوم اقتصاديّاً على عدد من الأنشطة، والمصادر الاقتصاديّة التي تساهم في ازدهارها، وهيَ تشمل ما يأتي:
- الزراعة: تَنشَطُ حركة الزراعة في محافظة الفيّوم؛ إذ يمتلكُ المزارعون ما يُقارب 90% من الأراضي الزراعيّة التي يزرعونها في الصيف بمحاصيل الأرزّ، والذُّرة، والقُطن، ويزرعونها بالفول، والقمح، والبرسيم، أو الخضراوات في فصل الشتاء.
- الثروة الحيوانيّة: تُنتجُ الفيّوم اللحوم والألبان التي تأتي من تربية الأبقار، والأغنام، والدجاج؛ إذ يُوجَد في المدينة ما يُقارب 162 ألف رأس من الأبقار، و245 ألف رأس من الأغنام، و4.2 مليون دجاجة.
- الثروة السمكيّة: تُوجَد في الفيّوم مزارع سَمَكيّة على ضِفاف بُحيرة قارون، والريّان، ونهر النيل؛ إذ يَبلُغ حَجم الإنتاج السَّمَكي في المحافظة ما يُقارب 9 آلاف طنٍّ من الأسماك سنويّاً.
- الثروة المعدنيّة: تُعَدّ رواسب وصخور منطقة الفيّوم غنيّة بالمعادن، كالميكا، والجبس، والمنغنيز، وغيرها من المعادن؛ ولذلك أُقِيمَت فيها عدّة محاجر؛ لاستخراج هذه الثروات المعدنيّة.
- الصناعة: تُوجَد في الفيّوم مناطق صناعيّة، مثل منطقة كوم أوشيم الصناعيّة، ويصل عدد المصانع في مدينة الفيّوم إلى 116 مصنعاً، حيث إنّ أكثرها مصانع غذائية، كما تُوجَد فيها مصانع لصناعة موادّ البناء، والحراريّات، إضافة إلى الصناعات الورقيّة، والصناعات الهندسية، وغيرها، وقد ساعدَ النشاط الصناعيّ في المحافظة على توفير ما بين 30-40 ألف فرصة عَمَل للمواطنين.
السياحة في محافظة الفيّوم
تتميّز الفيّوم بمجموعة من العوامل التي تجعلها منطقة جاذبة للنشاط السياحيّ؛ فهيَ واقعة بالقرب من الجيزة، والقاهرة، كما أنّها تتمتّع بمناخ مُعتدِل وخاصّةً في فصل الشتاء، كما مَرّت عليها العديد من الحضارات التي تَرَكت خلفها إرثاً تاريخيّاً عظيماً في المنطقة، إضافة إلى أنّ فيها مجموعة من المناطق البيئيّة ذات الجمال الطبيعيّ، والتي يُمكِن ممارسة العديد من الأنشطة فيها، ومن أهمّ المناطق السياحيّة في محافظة الفيّوم:
إقرأ أيضا:أين تقع واحة سيوة- المناطق الطبيعيّة:
- محميّة وادي الريّان: تُوجَد في محميّة وادي الريّان شلّالات على مسافة 20كم من بوّابة المحميّة، والتي تُشكِّل بحيرة يُمكِن للسيّاح التجديف فيها باستخدام الزوارق الخشبيّة، كما تُوجَد في المحميّة حياة برِّية ثريّة تتمثّل بالغزلان البيضاء، والغزلان المصريّة، والثعالب الرمليّة، والنسور، والصقور، وغيرها، كما تُوجَد في المحميّة 3 بُحيرات اصطناعيّة تَجذبُ العديد من أنواع الطيور.
- بحيرة قارون: كانت بحيرة قارون تُغطِّي مساحاتٍ كبيرة من محافظة الفيّوم، إلّا أنّها استُنزِفَت؛ وذلك بسبب القنوات المُوصِلة إلى نهر النيل، والتي حَفَرها الفراعنة؛ لاستصلاح الأراضي في المنطقة، وهيَ اليوم تمتدّ على مسافة 42كم، ويصل عُمقها إلى 45م تحت مستوى سطح البحر، كما تستقرُّ فيها العديد من الطيور المهاجرة كالفلامينغو، وطائر أبو ملعقة، وكذلك أنواع من البطّ.
- المناطق الأثريّة:
- وادي الحيتان: يُعَدّ وادي الحيتان مَوقِعاً أثريّاً لاكتشاف العديد من الأحافير المُختبِئة في رمال الصحراء، إذ يعود تاريخ هذه الأحافير إلى الحياة ما قَبل التاريخ، فقد اكتُشِفَت 400 أحفورة لهياكل عظميّة تعود إلى حيتان، كالباسيلوسورس التي عاشت قَبل 40 مليون سنة، وأحافير لأسماك عظميّة ضخمة، وقد صُمّمَ الوادي ليشمل مسارات تُوصِل إلى أكثر من 12 هيكل عظميّ ضخم، كما يُوجَد في الوادي متحف دائريّ الشكل تُعرَض فيه الأحافير، وتغيُّرات المناخ، وشَرْح لطبيعة المنطقة؛ عن طريق لوحات المعلومات، والشاشات، ويتوسَّط المتحف هيكل عظميّ لحوت يبلغُ طوله 18م، ومن الجدير بالذكر أنّ مُنظَّمة اليونسكو ضمَّت وادي الحيتان إلى قائمة التُّراث العالَميّ.
- هرم ميدوم: يَقع هرم ميدوم على بعد 30كم شمال شرق مدينة الفيّوم، وهو يُعتبَر أوّل محاولةٍ للمصريّين القدماء لبناء الأهرامات، حيث بناه الفرعون (سنفرو)، علماً بأنّ هرم ميدوم لا يُعَدّ بناءً كاملاً؛ لأنّه تعرَّض للانهيار من الجانبَين؛ بسبب وَزْنه، وذلك نتيجة خطأ في التصميم، إذ بَقِيَ منه الآن الجزء الأساسيّ الذي يُمكِن الوصول إليه عن طريق درجات تُوصِل إلى غرفة دَفنٍ على ارتفاع 75م، وبالقُرب من الهَرَم، تَصطَفّ مجموعة من المصطبات المُخصَّصة كمقابر لعائلة الفرعون سنفرو.
- هرم هوارة: يَقع الهرم على بعد 8كم جنوب شرق مدينة الفيّوم، وهو هرم بناه أمنمحات الثالث، حيث صُمِّم كمتاهة تشمل 3 آلاف غرفة، وتبلغُ أبعاد الهرم 300م في 250م، وقد كانَ الهرم قديماً مُغطّىً بالحجر الجيريّ الأبيض، علماً بأنّه لم يبقَ منه اليوم سوى البناء الجوهريّ المبنيّ من الطوب الطينيّ.