شعر مديح ورثاء

اتعلم ام انت لا تعلم

اتعلم ام انت لا تعلم

قصدية الشاعر محمد مهدي الجواهري بعنوان أخي جعفر ، يرثي فيها أخاه محمدجعفر الذي قتل في معركة الجسر ، ويقول فيها :

أتعلم أم أنت لا تعلمُ …. بأن جراح الضحايا فمُ

فمٌ ليس كالمدعي قولةً ….وليس كآخر يسترحم

يصيح على المدقعين الجياعِ أريقوا دماءكم تُطعموا

ويهتف بالنفر المهطعينَ أهينوا لئامكم تُكرموا

أتعلم أن جراح الشهيدِ تظلّ عن الثأر تستفهم

أتعلم أن جراح الشهيدِ من الجوع تهظم ما تًلهم

تمص دماً ثم تبغي دماً …. وتبقى تلحّ وتستطعم

فقل للمقيم على ذلةِ …. هجيناً يسخّرُ أو يُلجم

تقحّمْ . لُعِنتَ ، أزيزَ الرصاص وجرّب من الحظ ما يُقسم

وخضها كما خاضها الأسبقون وثّنِّ بما افتتح الأقدم

فإما إلى حيث تبدو الحياة لعينيك مكرُمة تُغنَم

وإما إلى جدثٍ لم يكن …. ليفضله بيتُك المظلم

_______________

تقحّم ، لعنت ، فما ترتجي …. من العيش عن وِرده تحرم

أأوجع من أنك المُزدرى …. وأقتلُ من أنك المعدم

تقحّم فمن ذا يخوض المنون إذا عافها الأنكد الأشأم

تقحّم فمن ذا يلوم البطين إذا كان مثلك لا يَقحم

إقرأ أيضا:الهجاء

يقولون من هم أولاء الرعاع ؟ فأُفهمهمُ بدمٍ مَن همُ

وأفهمهمُ بدمٍ أنهم …. عبيدك إن تدعهُم يخدموا

وأنك أشرف من خيرهم…. وكعبك من خدّه أكرم

_______________

أخي جعفراً يا رواءَ الربيـعِ إلى عَفِنٍ بـاردٍ يُسْلَـمُ

ويا زهرةً من رياضِ الخلـودِ تَغَوَّلها عاصـفٌ مُـرْزِمُ

ويا قَبَساً من لهيبِ الحيـاةِ خَبَا حينَ شَـبَّ له مَصْرَمُ

ويا طلعةَ البِشْرِ إذ ينجلـي ….ويا ضِحكةَ الفجرِ إذ يَبْسِمُ

لثمتُ جراحَـكَ في “فتحـةٍ” ….هي المصحفُ الطهرُ إذ يُلْثَمُ

وقبّلتُ صدرَكَ حيث الصميمُ مِنَ القلبِ مُنْخَرِقَاً يُخْرَمُ

وحيث تلوذُ طيـورُ المُنـى…. بهِ فهي مُفزعةٌ حُوَّمُ

وحيث استقرّت صفات الرجال وضَمَّ معادنَها مَنْجَمُ

ورَبَّتُ خـدَّاً بماء الشبـابِ يرفّ كما نَوَّرَ البُرْعُمُ

ومَسَّحْتُ مـن خِصَـلٍ تَدَّلي…. عليهِ كما يفعل المُغْرَمُ

وعلّلتُ نفسي بذوبِ الصديـدِ كما عَلَّلَتْ وارداً زمزمُ

ولَقَّطتُ مـن زبَدٍ طافـحٍ ….بثغرِكَ شهداً هو العَلْقَمُ

وعَوَّضتَ عـن قُبلتي قُبلـةً ….عَصَرْتَ بها كلَّ ما يُؤْلِمُ

عَصَرْتَ بها الذكرياتِ التي…. تَقَضَّتْ كما يَحْلُمُ النُّوَّمُ

أخي جعفراً إنَّ رَجْعَ السنينِ بَعْدَكَ عندي صدىً مُبْهَمُ

ثلاثـونَ رُحْنَا عليها معـاً ….نُعَذَّبُ حيناً ونستنعِمُ

نُكافِـحُ دهـراً ويَسْتَسْلِمُ …ونُغْلَبُ طَوراً ونَستَسْلِمُ .

إقرأ أيضا:قصيدة رثاء

أخي جعفراً إنَّ عِلْـمَ اليقيـنِ أُنَبِّيكَ إنْ كُنْتَ تَسْتَعْلِمُ

صُرِعْتَ فحامَتْ عليكَ القلوبُ وخَفَّ لكَ الملأُ الأعظمُ

وسُدَّ الرُّواقُ فـلا مَخْـرجٌ ….وضاقَ الطريقُ فلا مخْرمُ

وأَبْلَغَ عنكَ الجنـوبُ الشَّمالَ وعَزَّى بكَ المُعْرِقَ المٌشْئِمُ

وشَقَّ على “الهاتفِ” الهاتفونَ وضَجَّ من الأسْطُرِ المِرْقَمُ

تعلَّمْتَ كيفَ تموتُ الرجالُ وكيف يُقَامُ لهم مَأتَمُ

وكيفَ تَجُرُّ إليكَ الجمـوعَ كما انْجَرَّ للحَرَمِ المُحْرِمُ

______________

ضَحِكْتُ وقد هَمْهَمَ السائلونَ وشَقَّ على السَّمْعِ ما هَمْهَمُوا

يقولونَ مُتَّ وعندَ الأُسَاةِ غيرَ الذي زَعمُوا مَزْعَمُ

وأنتَ مُعَافىً كما ترتجي ….. وأنتَ عزيزٌ كما تَعْلَمُ

ضَحِكْتُ وقلتُ هنيئاً لهـم …..وما لَفَّقُوا عنكَ أو رَجَّمُوا

فَهُمْ يبتغونَ دَمَاً يشتفـي…. به الأرْمَدُ العينَ والأجْذَمُ

دَمَاً يُكْذِبُ المخلصونَ الأُبَاةُ بهِ المارقينَ وما قَسَّمُوا

وَهُمْ يبتغـونَ دَمَاً تلتقـي ….عليهِ القلوبُ وتَسْتَلْئِمُ

إلى أنْ صَدَقْتَ لهمْ ظَنَّهُمْ …..فيا لكَ من غارِمٍ يَغْنَمُ

فَهُمْ بكَ أولى فلمَّا نَـزَلْ …..كجَذْرٍ على عَدَدٍ يُقْسَمُ

وَهُمْ بكَ أولى وإِنْ رُوِّعَتْ …..عجوزٌ على فِلْذَةٍ تَلْطِمُ

وتكفُرُ أنَّ السمـا لم تَعُدْ ….تُغِيثُ حَرِيباً ولا تَرْحَمُ

وأُخْتٌ تَشُقُّ عليكَ الجيوبَ فيُغْرزُ في صدرِها مِعْصَمُ

تُناشِدُ عنكَ بريقَ النجومِ لَعَلَّكَ من بينها تَنْجُمُ

إقرأ أيضا:أشعار رثاء للموتى

وتَزْعَمُ أنَّكَ تأتي الصباحَ وقد كَذَّبَ القبرُ ما تَزْعَمُ

لِيَشْمَخْ بفَقْدِكَ أَنْفُ البلادِ وأنفي وأنْفُهُمُ مُرْغَمُ

_______________

أخي جعفراً بعهودِ الإخاءِ خالِصَةً بيننا أُقْسِمُ

وبالدمعِ بعدكَ لا ينثني ….وبالحُزْنِ بَعْدَكَ لا يُهْزَمُ

وبالبيتِ تَغْمُرُهُ وحشـةٌ ….كقبرِكَ يسألُ هل تقدُمُ

وبالصَّحْبِ والأهلِ يستغربونَ لأنَّكَ منحرفٌ عَنْهُمُ

يميناً لتَنْهَشُني الذكريـاتُ عليكَ كما ينهُشُ الأرقَمُ

إذا عادني شَبَحٌ مُفْـرِحٌ ….تَصَدّى له شَبَحٌ مُؤْلِمُ

وأنِّيَ عودٌ بكَفِّ الريـاحِ يَسْألُ منها متى يُقْصَمُ

________________

أخي جعفراً وشجونُ الأسى … ستَصْرِمُ حَبْلِي ولا تُصْرَمُ

أزِحْ عن حشاكَ غُثَاءَ الضميرِ ولا تَكْتُمنّي فلا أكْتُمُ

فإنْ كانَ عندَكَ من مَعْتَـبٍ ….فعندي أضعافَهُ مَنْدَمُ

وإِنْ كُنْتَ فيما امْتُحِنَّا بهِ ….وما مَسَّنا قَدَرٌ مُحْكَمُ

تُخَرِّجُ عُذْرَاً يُسَلِّي أخَـاً ….فأنتَ المُدِلُّ بهِ المُنْعِمُ

عُصَارَةُ عُمْرٍ بشَتَّى الصنُوفِ مَلِيءٌ كما شُحِنَ المُعْجَمُ

بهِ ما أُطيقُ دفاعاً بهِ ….وما هو لي مُحْرِسٌ مُلْجِمُ

أَسَالَتْ ثراكَ دموعُ الشبابِ ونَوَّرَ منكَ الضَّرِيحَ الدَّمُ

السابق
أحمد شوقي لمدح الرسول
التالي
مديح نبوي عراقي