أدباء وشعراء

الشاعر حافظ إبراهيم

التّعريف بحافظ إبراهيم

مُحمّد حافظ إبراهيم، هو من أشهر شُعراء العرب المُعاصرين عامّة ومِصر خاصّة، وهو صاحب ألقاب “شاعر النّيل” و”شاعر الشَّعب”، والذي عُدّ أحد أعضاء مدرسة الإحياء والبعث الخاصّة بالشِّعر التي اشتُهرت بانتماء العديد من الشُّعراء إليها، مثل أحمد شوقيّ، ومحمود سامي الباروديّ، وغيرهم، كما كان له صداقة قويّة مع أمير الشُّعراء أحمد شوقيّ استمرّت إلى مماته، ومن الجدير بالذِّكر أنّه تمتّع باحترام عالٍ عند من من يؤيّدونه وعند خصومه كذلك؛ فهو على الرّغم من اختلافه مع العقّاد، وخليل مطران في المذهب الشِّعري إلّا أنّهما ما كانا يُكنّان إليه إلّا كلّ تقدير وإنصاف لموقعهِ في الأدب الشِّعريّ.

مولد ونشأة الشّاعر حافظ إبراهيم

لم يكن تاريخ مولد حافظ إبراهيم معلوماً ولا حتّى في أوراقه الرّسميّة الموجودة في ملّفات خدمته، إلّا أنّه بعد أن عُيِّن في دار الكتب طُلب منه تعيين يوم مولده، فتمّ إرساله في الرّابع من شهر شباط لعام 1911م إلى لجنة طبيّة مُخوّلة للنّظر في هذه الأمور لتقدير عُمره، فكان لهم أنْ قدّروه بتسعة وثلاثين عامًا، وعلى إثر هذا التّقدير تم الإقرار بيوم مولده أن يكون في الرّابع من شهر شباط لعام 1872م، ويقول الأستاذ أحمد أمين في وِلادته على صفحة النّيل: “كان إرهاصاً لطيفاً، وإيماءً طريفاً، إذا شاء القدر إلّا بولد شاعر النّيل إلّا على صفحة النّيل”، فمن الجدير بالذِّكر أنّ حافظ إبراهيم وُلد في سفينة “ذهبية” كانت راسية على شاطئ النّيل، ووالده هو المُهندس المصريّ إبراهيم فهمي، وهو من المُهندسين الذين أشرفوا على قناطر بلدة ديروط، أمّا أمّه فهي “هانم بنت أحمد البورصه لي”، وأصلها تُركيّ من أسرة مُحافظة تُسمّى الصّروان، حيث كانت تقطُن هذه الأسرة في أحد الأحياء القديمة والشّعبيّة في مدينة القاهرة، واسمه “حيّ المغربلين”، وسُمّيت الأسرة بذلك لأنّ جدّ حافظ لأمّه كان أميناً للصرّة في موسم الحجّ.

إقرأ أيضا:بحث عن أهم أعمال نجيب محفوظ

حياة وتعليم الشّاعر حافظ إبراهيم

نشأ والد حافظ إبراهيم “إبراهيم فهمي” في بلدة ديروط التابعة لبلدان الصّعيد، وفي عام 1870م أصبح مسؤولاً مع غيره من المُهندسين المصريّين على القناطر التي تُقام على نهر النّيل، وكان قد سكن في سفينة ذهبيّة مع زوجته هانم التي فيها كان مسقط رأس حافظ إبراهيم، إلّا أنّه قد فارق الحياة وحافظ في عُمر الرّابعة، فعَمَدت أمّه إلى الانتقال به إلى مدينة القاهرة فكفله خاله الذي كان يعمل مُهندس تنظيم، فرعاه وقام بتربيته كما أنّه أرسله للالتحاق بالكُتّاب وبعد ذلك إلى المدرسة، لكنّ حافظ كان يعيش حياة مُضطّربة لأنّه كان يتنقّل بين مدارس مُختلفة حتّى التحق بآخرها وهي المدرسة الخديويّة، إلّا أنّه وفي نفس الوقت تمّ نقل خاله إلى بلدة طنطا فأخذه معه، لكنّ حافظ إبراهيم لم يلتحق بالمدرسة وهو في هذه البلدة إذ التحق بالجامع الأحمديّ بشكل غير مُنتظم، فحظي في هذا الجامع بالعديد من الدّروس التي تُشابه تلك التي تُلقى في الجامع الأزهر.

كان ممّا يتمّ مناقشته في الجامع الأحمديّ بين الطّلاب استعراضهم لأصحاب طرائف الشِّعر القديم، والمُحدّث مثل البارودي، فأثناء ذلك لُوحظ ميل حافظ إبراهيم للشِّعر والأدب، ثمّ قرّر بعد مُدّة أن يُحاول الحصول على قوته بنفسه، فتوجّه للدّخول في مهنة المُحاماة لما يملكه من طلاقة في الّلسان، ومنطقاً سليماً يُجارى، وكانت المُحاماة آنذاك مهنة حُرّة، فتمّ إلحاقه للعمل لدى بعض المحامين، إلّا أنّه سُرعان ما انتقل إلى مدينة القاهرة فالتحق في مدرستها الحربيّة حتّى تخرّج منها عام 1891م، وعلى إثر ذلك عُيّن في وزارة الحربيّة، فبقي فيها ثلاثة أعوام، وبعد ذلك تحوّل إلى وزارة الدّاخليّة ليعمل فيها عاماً وأكثر قليلاً، ثمّ عاد ليعمل في الحربيّة، ومن الجدير بالذِّكر أنّ حافظ إبراهيم بدأ مُحاولته للعيش بنفسه لشعوره بالملل أثناء عيشته عند خاله، بالإضافة إلى اضطراب حياته لأنّه كان يأخذ الأمور على محمل غير جادّ، لكنّه عندما أخذ قراره ذلك كتب أبياتاً في خاله أبيات، وهذه هي:

إقرأ أيضا:تقرير عن غسان كنفاني

ثقُلتْ عليك مؤونت

ي إنّي أراها واهيهْ

فافرحْ فإنّي ذاهبٌ

متوجّهٌ في داهيهْ

عمل الشّاعر حافظ إبراهيم

مرّ حافظ إبراهيم بالعديد من المراحل في حياته المليئة بالقلق وضِيق العيش كونه من أسرة مُتوسطّة الحال، بالإضافة إلى نشوئه يتيماً، فكان في حالة تجعله مُحتاجاً للعمل لإعالة نفسه، فعمل حتّى أُحيل إلى التّقاعد، ومن الجدير بالذِّكر أنّ حافظ كان صاحب إحساس رقيق ممّا جعله يشعر بعمق الأسى الذي يعيشه، إلّا أنّه تجاوز ذلك في حياته إذ حاول العمل في صحيفة الأهرام، لكنّها لم تقبله فعَمَد إلى مُلازمة الشّيخ محمد عبده، وقال حافظ في ذلك: “فلقد كنت ألصقَ النّاس بالإمام، أغشى داره، وأردّ أنهاره، وألتقط ثماره”، وفي عام 1911م تمّ تعيينه بدار الكُتب المِصريّة في قسمها الأدبيّ تحديداً، ومن قِبل وزير التّربية والتّعليم حشمت باشا، كما كان لوظيفته أثر فيما ينظمه من الشِّعر؛ فتوقّف عن نظم الأمور السّياسيّة والاجتماعيّة كما كان يفعل قبل توظيفيه في هذه المِهنة والتي بقي فيها حتّى عام 1932م.

إقرأ أيضا:أين ولد نجيب محفوظ

زواج الشّاعر حافظ إبراهيم

تزوّج حافظ إبراهيم عام 1906م من ابنة أحد أغنياء حيّ عابدين، إلّا أنّ هذا الزّواج لم يستمر طويلاً فقد دام أربعة أشهر فقط، فبعدها انفصلا ولم يُقبِل بعدها على زواج آخر، كما لم يكن للمرأة مكان في مسيرته إلّا زواجه ذاك؛ وذلك بسبب ما لاقاه من ظروف حياته ووطنه، ففضّل أن يتّجه بهذه العاطفة إلى هموم وطنه وشعبه، إذ ظهر أثر ذلك في ديوانه الشِّعري الذي لا يحتوي إلّا على ثلاث صفحات من شِعر الغزل، حتّى أنّها ليست أبياتاً طويلة، فهي لا تتجاوز البيتين للمقطوعة الواحدة، ومنها ما هو مُترجم عن جان جاك روسو، وفي عام 1908م توفّت أمّه مهمومةً على حال ابنها ثمّ توفّى خاله بعدها، لذا بقي عند زوجة خالته التي أمّنت له أسباب العيش.

أساتذة الشّاعر حافظ إبراهيم

أخذ حافظ إبراهيم العلم والمعرفة من أشهر عُلماء الأدب والعلم في عصره، فكان يحضر مجالسهم التي تواجد فيها العديد من العلماء، والشُّعراء، والأدباء فكان يسمع منهم، ومن أعلام عصره هؤلاء السّيد توفيق البكري الذي لم يتوانى حافظ في الذّهاب إلى بيته الواقع في حيّ الخرنفش، وكان يلتقي هناك بالعديد من العلماء الذين يتحدّثون في الأدب، والّلغة، وكونه صاحب ذاكرة تعي ما تسمع بالإضافة إلى مَلَكة الحفظ لديه فذلك أدى إلى جعله مُلمّاً بمُفردات الّلغة وتراكيبها على قَدر جيّد ممّا كان يتلّقاه، كما كان ممّن يتردّدون إلى بيت السّيد توفيق: الشّيخ الشّنقيطيّ، والشّيخ محمّد الخضريّ، والشّاعر الّلغويّ حفني ناصف.

إنّ بيت إسماعيل صبريّ “شيخ الشُّعراء” لم يسلم كذلك من حافظ إبراهيم، حيث كان الأخير كثير التّردّد إليه ليرى العديد من الشُّعراء الذين كانوا يعدّون الشّاعر إسماعيل أستاذهم، فكانوا يأخذون برأيه في أشعارهم، ومن هؤلاء الشُّعراء: أحمد شوقيّ، وخليل مطران، وأحمد نسيم، كذلك محمّد عبد المُطّلب، وعبد الحليم المِصريّ، وغيرهم من الشُّعراء الشّباب آنذاك، كما أقرّ حافظ بما للشّاعر إسماعيل من فضل عليه في نُضج شِعره وصقله، ويجب الإشارة إلى أستاذين كذلك كان أيضًا لهما فضل كبير في ثقافة حافظ، وعقله، وشِعره، وهُما: الشّاعر محمود سامي الباروديّ، والأستاذ الإمام محمّد عبده.

صفات وشخصيّة الشّاعر حافظ إبراهيم

تمتّع حافظ إبراهيم بالعديد من الصّفات التي جعلت منه شاعراً فريداً في زمانه، ومنها جزالة الشِّعر الذي كتبه، وقوّة ذاكرته التي بقيت كمِيزة له طوال عمره حتّى عمر السّتين، كما أنّ ذاكرته كانت مليئة بآلاف القصائد العربيّة سواءً القديمة أم الحديثة، كذلك كانت تحتوي على عدد كبير يصل إلى المئات من الكُتب. كما شهد له أصدقاؤه باستطاعته قراءة ديوان شِعريّ كامل أو كتاب ما في دقائق معدودة، حتى كان يذكر ممّا قرأه بعد ذلك قَدْراً جيّداً وذلك كلّه لامتلاكه مَلَكة القراءة السّريعة، بالإضافة إلى قدرته على تأدية سُور القرآن بعد سماعها مُباشرةً بنفس الطّريقة التي سمعها بها، وكان له ذلك أثناء سماعه لقارئ القرآن عند خاله، وشهد له أصدقاؤه بذلك أيضاً.

على الرّغم من قدرة حافظ إبراهيم على القراءة الكثيرة والسّريعة، إلا أنّه لم يقرأ أثناء عمله في رئاسة القسم الأدبيّ لدى دار الكُتب أيّ كتاب، رغم احتوائها على العدد الهائل من الكُتب، كما قِيل إنّ السّبب وراء ذلك يعود لكثرة الكُتب فيها التي أشعرته بالملل، ومنهم من يُشير إلى ضُعف نظره خلال تلك المُدّة كسبب لعدم قراءته خوفاً أن يُصيبه ما أصاب الشّاعر الباروديّ، فقد كان في آخر حياته أعمى، كما كان يتمتّع بحِسّ فُكاهيّ في شخصيّته فكان ينشُر البهجة والسّرور في المجالس التي يحلّ فيها لسرعة بديهيته، إلّا أنّه كان يُؤخذ عليه مأخذ واحد، وهو أنّه كان شديد التّبذير في ماله، فيقول العقّاد فيه تبذيره: “مُرَتّب سَنة في يد حافظ إبراهيم يُساوي مُرَتّب شهر”، حتّى قِيل في أحد مظاهر تبذيره قيامه باستئجار قطار ليوم كامل كيّ يوصله بعد عمله إلى حيث كان يسكن في منطقة حلوان.

شِعر حافظ إبراهيم وأبرز موضوعاته

  • الشِعر السّياسيّ: اتّضح هذا الّلون في شِعر حافظ إبراهيم في طابعه الوطنيّ والمُتمثّل في الآمال الحالمة لأمّته، فاستخدم فيه مُفردات كان يشكو فيها ما يتعرّض له وطنه من قضايا ومشاكل، بالإضافة إلى الأحداث التي تُزعزع الأخلاق وتزرع حالة من الحماس فيه ليكتب في إصلاح ما هو فاسد، بالإضافة إلى أنّه كان لِشِعره موقف مُساعد للصّحافة الوطنيّة، والرّأي السّياسيّ، والاجتماعيّ للقادة، فقد كان يتردّد إلى مجالسهم التي تُثير مشاعره، فيكتب ما لا تستطيع المقالات والخُطب إيصاله، فهو شاعر الحياة السّياسيّة، والاجتماعيّة؛ فلا تخلو قضيّة سياسيّة أو اجتماعيّة إلّا وتتعلّق كتاباته بها والعكس كذلك، وهكذا كان شِعر حافظ بين الجانبين، وليس عجيباً أن يكون حافظ إبراهيم شاعر الشَّعب كذلك لما حمله من حبّ لوطنه وأهله، وممّا قال فيه:

متى أرى النّيل لا تحلو موارده

لغير مرتهب لله مُرتقِبِ

فقد غدت مِصرُ في حال إذا ذُكرتْ

جاءت جُفوني لها بالّلؤلؤ الرّطبِ

كأنّي عند ذكري ما ألمّ بها

قرم تردّد بين الموت والهربِ
  • الشِّعر الاجتماعيّ: تميّز هذا الّلون عند حافظ إبراهيم جلّياً بسبب البيئة التي نشأ فيها بين العلماء والعباقرة رغم ظروفه الصّعبة، بالإضافة إلى مُخالطته لأبناء بلده في مِصر، وانخراطه في عاداتهم، وآدابهم، وأخلاقهم، فكان يُجيد إضفاء حالة من الضّحك على وجوههم تارة، والبكاء في أخرى أثناء نقده للواقع الذي يعيشون فيه، كما أنّه لم يتوانى عن إبراز تلك القضايا بأيّ شكل من الأشكال؛ فقد كان جريئاً في طرحه لأوجاع الشّعب وقضاياه بين الأسى، والدّهشة، ومُستعرضاً فيه غفلة النّاس عن مصالح حياتهم، وحقوقهم المُهملة بسببهم أنفسهم، وذلك تجاه حياتهم ووطنهم لإثارة نُفوسهم وتهذيبها نحو الإصلاح، وما كانت القضايا التي يتناولها خاصّة في وطنه فقط إنّما في الوطن العربيّ كافّة، ومن الجدير بالذِّكر أنّ حافظ إبراهيم تأثّر بالأفكار التي يعرضها كلّ من الباروديّ، والشّيخ محمّد عبده، وقاسم أمين، وسعد زغلول، وغيرهم.
  • شِعر المديح للغة العربيّة: اتّضح أهميّة هذا الّلون في شِعر حافظ إبراهيم جليّاً بعد محاولات إلغاء وجود الّلغة العربيّة، وذلك أثناء الاستعمار البريطانيّ، وفي المُقابل تعزيز وجود الّلغة الإنجليزيّة كبديل لها؛ لجعل مِصر مفصولة تماماً عن الدّول العربيّة الأخرى، فقد كتب قصيدة على لسان الّلغة العربيّة عام 1903م مادحًا فيها الّلغة الفصيحة، ومُدعّماً بأنّها لُغة القرآن، ويتحدّث بلسانها، وهي تستهجن أفعال أبنائها، ومُثيراً بذلك المِصريّين؛ ليقفوا تجاه التّحدّيات الدّاعية لإلغاء وجودها. بالإضافة إلى إشارته أنّ إلغاء وجود الّلغة العربيّة ما هي إلّا محاولة لإلغاء القوميّة، وإبعاد النّاس عن تُراثهم وثقافتهم التي يعتزّون بها، ومن الأبيات التي كتبها في قصيدته تلك:

رجعتُ لنفسي فاتّهمتُ حُصاتي

وناديتُ قومي فاحتسبت حياتي

رموني بعُقم في الشّباب وليتني

عقمتُ فلم أجزع لقول عداتي

وُلدتُ ولمّا لم أجد لعرائسي

رجالاً وأكفاء وأدت بناتي
  • شِعر الرِّثاء: عُدّ هذا الّلون في شِعر حافظ إبراهيم الأكثر بُروزاً في شِعره وأشعار مُعاصريه، إذ اتّضحت في رِثائه مشاعره الوافرة بالوفاء؛ فقد كان شديد التّأثّر عند موت أحد أصدقائه، فما وجد إلّا الشِّعر كمخرج يُعبّر فيه عن حُزنه الشّديد، ويعود هذا الإبداع في شِعر الرِّثاء إلى أمور مُختلفة، ومنها:
    • نفسه الرّاضية، والمُصاحبة للإحساس القويّ، فقد كان يُحسن إلى النّاس خيراً، ومعروفاً، وبِرّاً على قدرٍ جعل النّاس تُشيد به وتُثني عليه.
    • شخصيّته المنطوية على الحُزن، والأسى لما قاساه في حياته، ولعلّ اليُتم كان أبرزها.

سِمات وخصائص شِعر حافظ إبراهيم

يتّسم شِعر حافظ إبراهيم بالعديد من السِّمات، ومنها:

  • انتظام الشِّعر والاجتهاد فيه، مع الطّابع الحادّ في النَّظم.
  • عدم استخدامه لأساليب الاختراع، والابتكار، ومُبتعداً بذلك عن الخيال.
  • نظم الشِّعر عنده كان مقروناً فيما يُطلب منه من المواضيع.
  • اعتباره من أفصح أشعار العرب التي كُتبت في الجرائد والصُّحف، وأكثرها إيصالاً للمعنى المُراد منها.
  • استخدام المعاني ذات المُفرادت البسيطة.
  • التّطرُّق لأمور الحياة، والطّبيعة، والعقل، وكلّ ما له علاقة بالنّفس في شِعره.
  • الصِّياغة الشِّعريّة النّقيّة؛ فهو مُستوحى من الطّبيعة ومن خلجات نفسه.
  • نظم الشِّعر بإفراط مُتكلّف، مع العمل الجادّ والكبير عليه.
  • العناية بالألفاظ بشكل كبير على حِساب المعنى أحياناً.

شاعِريّة حافظ إبراهيم في شِعره

يتمثّل شِعر حافظ إبراهيم في كونه شِعراً يُخاطب الوِجدان؛ فهو يُعبّر عن مشاعره على اختلافها، الحزينة منها والسّعيدة، ويشتمل على عاطفته تجاه القضايا والمشاكل العالميّة، إلّا أنّ أعظم شِعره يتمثّل في حديثه عن وطنه مِصر، فهو يُسهب في الحديث عن حبّه لها، كما يُسدي إليها النُصح والإرشاد ويُدافع عنها بشِعِره، كذلك لم يتوانى في السُّخرية ممّن حاولوا إضعاف الإيمان والجهاد في نفسه أو أن يُكمِّم أشعاره، ومن الجدير بالذِّكر أنّه كان مُتفرِّداً غير مُقلِّد لأحد في أشعاره كما فعل شوقيّ في مُحاكاته لأشعار المُتنبّي، والشّاعر عبد المُطلّب في مُحاكاته لأشعار البدو، بالإضافة إلى الشّاعر الجارم عند مُحاكاته للشّعر العباسيّ؛ وذلك لأنّ منبع أشعاره كانت من إيمانه وعاطفته الكبيرين، كما أنّ هناك العديد من الحِكم لحافظ إبراهيم، والذي قام “أحمد عبيد” في كتابه “مشاهير شعراء العصر” بجمع بعضها، ورُغم الطّابع الواقعيّ لِشِعره إلّا أنّه يتّصف في أحايين قليلة بالطّابع القصصيّ، كما يظهر ذلك في قصيدته “بنت مِصر، وبنت الشام”، وقصديته “المُناجاة”، وفيما يلي بعضٌ من أعماله الخالدة:

  • قصيدة دنشواي.
  • قصيدة مِصر.
  • قصيدة محمّد عبده، وهي رثاء.
  • قصيدة مُصطفى كامل، وهي رثاء.
  • قصيدة حطمتُ اليراعَ.
  • قصيدة راعية الطّفل.
  • قصيدة المُناجاة.
  • قصيدة مُظاهرات السّيدات.

مؤلّفات الشّاعر حافظ إبراهيم

ديوان حافظ إبراهيم

تُعدّ الأشعار التي وصلت النّاس لحافظ إبراهيم هي التي نشرتها الصُّحف والمجلّات له، بالإضافة إلى القليل ممّا احتفظ به هو وتلك الموجودة عند أصدقائه، وإلّا ما كانت الأشعار قد وصلت إلينا هذا اليوم، وذلك بحسب ما قاله الكاتب أحمد أمين، وأشار إلى أنّ سبب ذلك يعود لكتابة حافظ إبراهيم أشعاره على أوراقه في أيّ مكان يقع، وهذا غير التي لم يُدوّنها أصلاً، كما وضّح أحمد أمين ما مرّ معه أثناء رحلة البحث عن أشعار حافظ هو، وإبراهيم الأبياريّ، وأحمد زين، فيقول: “ولكن ما ورد في ذلك كلّه ليس وافياً، ولا مُستقصياً، فاضطّررنا إلى أن نرجع إلى المجلّات، والصّحف نتصفّحها عدداً عدداً من يوم أن نُشر له، إلى يوم وفاته”، وبعد عناء البحث قاموا بترتيب ديوان شامل لأشعار حافظ إبراهيم، كما وضّح أحمد أمين ما نُشر من أشعاره، سواء ممّا جُمع في حياته، أو بعد وفاته، وهي كالتّالي:

  • في حياته: جُمعت له في حياته ثلاثة أجزاء صغيرة، نُشر الجزء الأول منها مع تعليق “محمّد إبراهيم هلال بك” عليها عام 1901م، والثّاني عام 1907م، والثّالث نُشر عام 1911م، أمّا عن شِعره بعد هذا العام، لم يُنشر لعدم جمعه في حياته.
  • بعد وفاته:
    • قام أحمد عبيد، وهو أديب دمشقيّ بجمع بعض أشعار إبراهيم حافظ ونشرها في دمشق عام 1933م، وكانت تلك الأشعار ممّا لم يُنشر من ديوانه، وقام أحمد عبيد كذلك بجمع ما قام به شوقي بالإضافة إلى أشعار الرِّثاء فيهما، وما كتبه هو عنهما في كتاب أسماه “ذِكرى الشّاعريْن”.
    • نشرت مكتبة الهلال القائمة في مِصر ديواناً شِعريّاً عام 1935م، وجمعت فيه الأجزاء الثّلاثة التي جُمعت سابقاً، بالإضافة إلى ما نشره أحمد عبيد في “ذِكرى الشّاعريْن”.
    • الدّيوان المُصّنف بحسب الموضوعات، والذي جمعه أحمد أمين، وإبراهيم الأبياريّ، وأحمد زين، وذلك عام 1937م، وكان الدّيوان مُقسّماً، فيذكُر المديح، ثمّ الهجاء، ويستعرض تاريخ قوله للأبيات وهكذا، بالإضافة إلى أنّ الدّيوان مُفهرس بطريقة هجائيّة ليسهل على القارئ الرّجوع إلى القصيدة، بحسب قافيتها، كما تمّ تناول الدّيوان نوعين من الشّرح للأبيات، أولّها تضمّن ظروف القصيدة، وتاريخ نشرها لإدخال القارئ في أجوائها، والثّاني تضمن شرحاً لُغويّاً لتراكيب الأبيات، ومُفرداتها، مع الإشارة إلى الأحداث التّاريخيّة الواردة فيها، وقال أحمد أمين واصفاً الشّرح الذي تناوله في هذا الدّيوان: “وقدّرنا أنّ الدّيوان ستتناوله أيدي الطّلبة في المدارس الثّانويّة، ومن في مستواهم، فقصدناهم بالشّرح، ونظرنا إليهم في البسط”.

سؤال وجواب

يُعدّ هذا الكتاب بمثابة الطّريقة المُثلى التي ودّ حافظ إبراهيم أن يكون العالم بها، والمُتمثّلة في رغبته لبناء جيل يسعى لتحقيق هذه الطّريقة، فجعلها في هيئة أسئلة وأجوبة على لسان أبٍ وابنه بشكل مُختصر وبسيط ليتناولان العديد من مُفرادت الحياة ومعانيها، مثل النّجاح، والسّعادة، والإخلاص، وغيرها من معاني الحياة، كما أنّ القارئ لهذا الكتاب يُخيّل له أنّه في عالم لا اختلال فيه؛ فالدّقة والوُضوح سمات هذه الإجابات الواردة في الكتاب، بالإضافة إلى سمة البساطة التي جعلت منه كتاباً يُخاطب فيه الفئات العُمريّة المُختلفة دون أن يكون مُعقدّاً، وهذه علامة الفِكر الراقي، والّلغة السّليمة، كما يُعدّ هذا المُصنّف أحد أهمّ أعمال حافظ إبراهيم النّثريّة.

ليالي سطيح

يتناول هذا الكتاب حالة نقديّة للقضايا الاجتماعيّة والأدبيّة لِما يحمله من الأخلاق والعادات المُنتشرة في مِصر، فتدور أحداث الكتاب حول أحد سُكّان النّيل مع أحد الكهنة القدماء العرب، واسمه “سطيح”، كما إنّ الطّابع الأدبيّ العامّ للكتاب طابع نثريّ يقترب من كونه مقامة أدبيّة لثبات المكان فيها وغَلبة أسلوب الحوار فيه، كما أنّ الشّخصيّات فيه لا تظهر بشكل حقيقيّ إنّما استعرضها حافظ لإيصال أفكاره من خلالها بالإضافة إلى اعتماده الأساليب التّقريريّة وليست التّصويريّة فيه، ومن الجدير بالذِّكر أنّ هذا الكتاب يُعدّ مُحاكاة للمقامات الأدبيّة لعيسى بن هشام في أسلوبه الكتابيّ إلّا أنّ حافظ إبراهيم يقلّ عنه في الجانب التّخيُّليّ.

مؤلّفات أخرى

من المؤلّفات الأخرى لحافظ إبراهيم:

  • تعريب رواية البؤساء لصاحبها فيكتور هيجو عام 1903م.
  • المُوجز في علم الاقتصاد الذي كتبه بمُشاركة خليل مطران، وهو يتكّون من جزئين عام 1913م.
  • التّربية والأخلاق وهو مُكوّن من جُزئين.
  • كتاب عُمر: مناقبه، وأخلاقه، والمُسمّى ب”عُمريّة حافظ” عام 1918م.

وفاة الشّاعر حافظ إبراهيم

تُوفّي حافظ إبراهيم يوم الخميس صباحاً في الحادي والعشرين من شهر حُزيران لعام 1932م، ودُفن في إحدى مقابر السّيدة نفيسة، ومن الجدير بالذِّكر أنّه قبل يوم من وفاته تحديداً في ليلة العشرين دعى حافظ صاحبين له على طعام العشاء لكنّه لم يتناول معهما الطّعام لشعوره بالمرض، إلّا أنّ المرض اشتدّ عليه بعد أن غادرا بيته، فجعل خادمه يطلب له الطّبيب لكنّ حافظ إبراهيم فارق الحياة قبل قدومه، وأثناء إعلان وفاته كان الشّاعر أحمد شوقيّ في مدينة الإسكندرية، فلم يعلم بخبر وفاته لتكتّم سكرتيره على الخبر؛ حرصاً منه على إبعاد هذا الخبر السيئ عنه خاصّة بمعرفته قوّة الرّابطة بينهما، إلّا أنّه بعد معرفة شوقيّ بوفاته أخذ يسرح للحظات، وبعدها رفع رأسه وقال أبياتاً في رثاء صديقه حافظ، وكانت أولّ أبيات في مرثيّته، وهذه هي:

قد كنت أوثر أن تقول رثائي

يا مُنصِف الموتى من الأحياءِ
السابق
الشعراء
التالي
من هم شعراء المعلقات السبع