التلوث البيئي

بحث حول تلوث الهواء

تلوث الهواء

يقصد بتلوث الهواء انطلاق الغازات المختلفة، والمواد الصلبة الدقيقة، والسوائل المتناثرة إلى الغلاف الجوي بمعدلات عالية تتجاوز قدرة البيئة على تبديدها، أو تخفيفها أو امتصاصها، وقد تسبب تراكيز هذه المواد في الهواء العديد من المشاكل الصحية، والاقتصادية، وبعض المشاكل الجمالية غير المرغوب فيها.

إنّ ظاهرة تلوث الهواء ليست جديدة وتعود إلى العصور الوسطى، إذ سَبّب الدخان الكثيف الناجم عن حرق الفحم مشكلة خطيرة في لندن، ففي عام 1307م، حظر الملك إدوارد الأول استخدام الفحم في أفران الجير، وفي الآونة الأخيرة حصلت العديد من الحوادث المأساوية الأخرى، كما حدث في كارثة 1930م في بلجيكا، حيث توفي 36 شخصاً خلال 5 أيام بسبب اندماج غاز ثاني أكسيد الكبريت والجزيئات الدقيقة مع الرطوبة النسبية العالية، وفي عام 1948م في بنسيلفانيا تسببت ظروف مماثلة في وقوع حادثة أخرى أدّت إلى وفاة 20 شخصاً خلال 5 أيام.

مصادر تلوث الهواء

تشمل مصادر تلوث الهواء: المصادر الطبيعية، والمصادر التي من صنع الإنسان، وهي كالآتي:

المصادر البشرية

تُعدّ أكبر مساهمة في تلوث الهواء في وقتنا الحاضر هي التي تأتي عن طريق تأثير الإنسان، ومنها:

انبعاثات الوقود الأحفوري

يُعدّ احتراق الوقود الأحفوري مثل النفط، والفحم أحد المسببات الرئيسية لتلوث الهواء، التي تستخدم عادة في محطات توليد الطاقة، والمصانع، والأفران، ومحارق النفايات، وأجهزة التدفئة التي تحتاج إلى حرق الوقود كي تعمل، ووفقاً لاتحاد العلماء المهتمين تُمثل انبعاثات الغازات الدفيئة التي تنتج من الصناعة ما نسبته 21% في الولايات المتحدة، وأظهرت دراسة أقيمت عام 2013م أنّ النقل يُنتج أكثر من نصف كمية أول أكسيد الكربون وأكاسيد النيتروجين، وأكثر من ربع كمية الهيدروكربونات التي تنطلق في هواء الولايات المتحدة.

إقرأ أيضا:كيف تتم عملية المحافظة على الثروة المائية

الزراعة وتربية الماشية

تنتج الغازات الدفيئة من الزراعة وتربية المواشي بسبب عدة عوامل أحدها إنتاج غاز الميثان من الماشية، والآخر من إزالة الغابات، وهما سببان مرتبطان ببعضهما البعض، حيث تتطلب الحاجة إلى المراعي إزالة الأشجار التي تستهلك الكربون وتنظف الهواء، وبالاعتماد على تقرير اللجنة الدولية للتغيرات المناخية تُمثل الزراعة 24% من الانبعاثات السنوية للغازات الدفيئة، وهذا التقدير لا يشمل غاز ثاني أكسيد الكربون الذي تزيله الأنظمة البيئية من الغلاف الجوي.

النفايات

من الشائع أنّ مكبات النفايات تُطلق غاز الميثان الذي يُعدّ من الغازات الدفينة الرئيسية، وتتناسب الزيادة في كمية النفايات طردياً مع النمو السكاني المتزايد، الأمر الذي يتطلب زيادة في أماكن الدفن البعيدة عن البيئات الحضرية، ويُدرك علماء البيئة أنّ الأرض لديها العديد من الطرق للتنظيم الذاتي، وعندما يتعلق الأمر بالغلاف الجوي فإنّ هذه الآليات تستهلك الكربون والملوثات الأخرى بما يضمن بقاء نظامه البيئي متوازناً، لكن لسوء الحظ إنّ تأثير الإنسانية المتزايد على كوكب الأرض يهدد بتغيير هذا التوازن بشكل مستمر، ما يُسبب إنتاج الأمطار الحمضية، والضبخن، ويزيد من حدة ظاهرة الاحترار العالمي، كما يُسبب العديد من الأمراض التي تؤثر في صحة الكائنات الحية.

المصادر الطبيعية

تتسبب الجزيئات الدقيقة الطبيعية، مثل: الغبار، وملح البحر، وحبوب اللقاح، والأبواغ، وبقايا الكائنات الحيوانية والنباتية في تلوث الهواء، كما تطلق الانبعاثات البركانية كميات كبيرة من الغازات والجزئيات الضارة إلى الغلاف الجوي، كما حدث في إندونيسيا عام 1815م، فخلال الانفجارات البركانية التي حصلت في بركان تامبورا، قُذف حوالي 100 مليار طن من المواد البركانية إلى الغلاف الجوي، وصل 300 مليون طن منها إلى طبقة الستراتوسفير في الغلاف الجوي، ما أدّى إلى انخفاض متوسط درجة الحرارة الأرض إلى 0.7° درجة مئوية، بالإضافة إلى انبعاثات بركان إتنا تراوحت بين 3,000 طن من غاز ثاني أكسيد الكبريت في اليوم العادي إلى ما يُقارب 10,000 طن خلال فترات نشاط البركان.

إقرأ أيضا:البيئة المدرسية والمحافظة عليها

من المصادر الأخرى للملوثات الطبيعية ما تنتجه حرائق الغابات في المناطق الريفية -بشكل دوري- من كميات كبيرة من المواد الدقيقة التي تطلق إلى الجو، كما تنتج الصواعق كميات كبيرة من أكاسيد النيتروجين، وتطلق الطحالب على سطح المحيطات كبريتيد الهيدروجين، كما تطلق عمليات التعرية بواسطة الرياح الجزئيات إلى الغلاف الجوي، وتساهم المناطق الرطبة في إطلاق غاز الميثان.

 

أنواع الملوثات

ملوثات الهواء الخارجي

تقسم ملوثات الهواء الخارجي إلى نوعين، هما:

الملوثات الأولية

يقصد بها ملوث الهواء التي تنبعث مباشرة من المصدر إلى الهواء الخارجي، ومن أهمها:

  • أكاسيد الكبريت: خاصة ثاني أكسيد الكبريت الذي يتمّ إنتاجه بواسطة البراكين ومختلف العمليات الصناعية التي يدخل فيها الفحم والنفط اللذان يحتويان على مركبات الكبريت، وعند احتراقهما يتولد غاز ثاني أكسيد الكبريت، وعادة ما تتمّ عملية أكسدة غاز ثاني أكسيد الكبريت بوجود محفز مثل ثاني أكسيد النيتروجين وينتج عن عملية الأكسدة حمض الكبريتيك والمطر الحمضي.
  • أكاسيد النيتروجين: خاصة ثاني أكسيد النيتروجين، وهو أحد أهمّ الملوثات الموجودة في الهواء، ويتواجد على شكل قبة ضبابية فوق المدن، فهو ينبعث من عمليات الاحتراق التي تحدث على درجات الحرارة العالية، ويتميز هذا الغاز السام ذو اللون البني المحمر برائحة حادة.
  • أول أكسيد الكربون: هو غاز عديم اللون والرائحة ولكنه سام جداً، وينتج عن طريق الاحتراق غير الكامل للوقود، مثل: الغاز الطبيعي، أو الفحم، أو الخشب، وتُعدّ عوادم المركبات المصدر الرئيسي لأول أكسيد الكربون.
  • ثاني أكسيد الكربون: أحد أهم الغازات الدفيئة المنبعثة من عملية الاحتراق.
  • المركبات العضوية المتطايرة: هذه المركبات من أهم ملوثات الهواء الخارجية، وغالباً يتمّ تقسيمها إلى فئتين، هما: المركبات الميثانية، والمركبات غير الميثانية، ويُعدّ الميثان الموجود في المركبات الميثانية أحد الغازات الدفيئة الذي يتسبب في عملية الاحتباس الحراري، أمّا المركبات العضوية المتطايرة غير الميثان فتسبب سرطان الدم خلال التعرض الطويل لها.
  • الأمونيا: أحد الغازات التي تنبعث من العمليات الزراعية، وله رائحة حادة، وهو يدخل في صناعة الأسمدة التي تساهم في توفير المواد الغذائية للكائنات الأرضية، ويدخل في صناعة الأسمدة، ويستخدم بشكل مباشر أو غير مباشر كمكون أساسي في تركيب المستحضرات الصيدلانية، وعلى الرغم من كثرة استخدامه إلّا أنّه مادة كاوية وخطرة جداً.
  • المواد السامة: كالحديد، والكادميوم، والزرنيخ، والنحاس.
  • الكلوروفلوروكربون: مركبات ضارة جداً في طبقة الأوزون، وتنبعث من منتجات يُمنع استخدامها حالياً.
  • الروائح: مثل الروائح المنبعثة من القمامة، والصرف الصحي، والعمليات الصناعية.
  • الملوثات المشعة: ملوثات تنتج عن الانفجارات النووية، ومتفجرات الحرب، والعمليات الطبيعية، مثل التحلل الإشعاعي للرادون.
  • الأجسام الدقيقة: هي الجزيئات الصلبة أو السائلة المعلقة في الغاز، يتراوح قطرها بين 2.5- 10 مم، وقد تنشأ بفعل الطبيعة من خلال البراكين، والعواصف الرملية، وحرائق الغابات أو الأعشاب، ورذاذ البحر، أو قد تنشأ بفعل الإنسان من خلال احتراق الوقود الأحفوري، ومحطات توليد الطاقة، والمواد العازلة، وتؤثر هذه الجسيمات على رئتي الإنسان، حيث تتراكم بداخلها وتؤثر في عملية تبادل الغازات.

الملوثات الثانوية

تُعرف الملوثات الثانوية بأنّها الملوثات التي لا تنبعث بشكل مباشر إلى الجو، ولكنها تتشكل عندما تتفاعل الملوثات الأولية في الغلاف الجوي، من أهمها:

إقرأ أيضا:كيف نحافظ على نظافة الشاطئ
  • الجسيمات المتكونة من الملوثات الأولية الغازيّة والمركبات الموجودة في الضباب الدخاني الكيميائي الضوئي (بالإنجليزية: Photochemical Smog)، إذ يتكون الضباب الدخاني العادي من مزيج من ثاني أكسيد الكبريت والضباب الناتج عن حرق الفحم، أمّا الضباب الدخاني الحديث فينتج من المركبات والانبعاثات الصناعية التي تتفاعل في الغلاف الجوي بواسطة أشعة الشمس لتكون الملوثات الثانوية، وعندما تتحد مع الملوثات الأولية يتكون الضباب الدخاني الكيميائي الضوئي.
  • طبقة الأوزون الأرضي، والتي تتشكل من أكاسيد النيتروجين والمركبات العضوية المتطايرة، ويُعدّ الأوزون المكون الأساسي في طبقة التروبوسفير، كما أنّه مكون مهم في طبقة الستراتوسفير والمعروفة باسم طبقة الأوزون، وتقود التفاعلات الكيميائية، والتفاعلات الكيميائية الضوئية المصاحبة لها العديد من العمليات الكيميائية التي تحدث في الغلاف الجوي خلال الليل والنهار.
  • نترات بيروكسي أسيتيل، والتي تتشكل أيضاً من أكاسيد النيتروجين والمركبات العضوية المتطايرة.

ملوثات الهواء الداخلي

تُمثل مصادر تلوث الأماكن المغلقة التي تطلق الغازات أو الجزيئات إلى الهواء المسبب الرئيس لمشاكل جودة الهواء الداخلي، ويمكن أن يزيد عدم كفاية التهوية للمكان من مستوى الملوثات في الهواء الداخلي عند عدم خروج هذه الملوثات، أو تخفيفها، أو تبديلها بهواء نقي، ويمكن أن تزيد درجات الحرارة ونسبة الرطوبة من تركيز بعض الملوثات، وهناك العديد من مصادر تلوث الهواء الداخلي، منها:

  • أجهزة احتراق الوقود.
  • منتجات التبغ.
  • مواد البناء والمفروشات.
  • منتجات التنظيف والصيانة المنزلية.
  • أجهزة التبريد والتدفئة المركزية.
  • الرطوبة العالية جداً.

وهناك عوامل مهمة تؤثر في مقدار انبعاث المواد الملوثة من المصدر، مثل: عمر المصدر، وإذا كان يتمّ الحفاظ عليه بشكل صحيح. ويمكن لبعض المصادر مثل: مواد البناء والمفروشات أن تطلق ملوثات بشكل مستمر، وبعضها الآخر يطلق الملوثات بشكل متقطع مثل: المنظفات، والتدخين.

آثار تلوث الهواء

الهواء عنصر أساسي لهذه الحياة، وتلوث هذا العنصر يؤثر كثيراً في عدة جهات، منها:

آثاره على الإنسان

من حيث المخاطر الصحية تُعرّف المواد السامة للهواء بأنّها كل مادة غير عادية معلقة في الهواء وتتسبب في صعوبة في أداء الوظائف الطبيعية لأعضاء الجسم، ووفقاً للبيانات والدراسات تكون التأثيرات الرئيسية بشكل أساسي على الجهاز التنفسي، والقلب، والعيون، والمناعة، والجلد، وغيرها من أجهزة الجسم المختلفة، ومن الجدير بالذكر أنّ سمّية الخلايا قد تسبب العديد من السرطانات على المدى البعيد، ومن ناحية أخرى قد تؤثر كمية صغيرة من المواد السامة بشكل كبير على كبار السن، والأطفال، ومن يعانون من أمراض الجهاز التنفسي والقلب.

الجهاز التنفسي

يُعدّ الجهاز التنفسي خط الدفاع الأول لحماية الجسم من ملوثات الهواء -مثل الغبار، والبنزين- التي تدخل إلى الجسم عن طريق الشعب الهوائية، ويعتمد مدى تضرر الجهاز التنفسي على كمية الملوثات المستنشقة، وعلى ترسب هذه الملوثات في الخلايا، وأول جزء يتأثر في الجهاز التنفسي هي القصبات الهوائية، إذ تتهيج وتؤدي إلى حدوث اضطرابات في الصوت، كما تسبب ملوثات الهواء العديد من الأمراض، منها: الربو وسرطان الرئة، وأظهرت بعض الدراسات أنّ هناك ارتباطاً بين ملوثات الهواء الصناعية وزيادة مخاطر الإصابة بمرض الانسداد الرئوي المزمن.

أمراض القلب

أظهرت الكثير من الدراسات الوبائية التجريبية ارتباطاً مباشراً بين التعرض للملوثات الهوائية والأمراض المرتبطة بالقلب، حيث تؤثر هذه الملوثات على تعداد خلايا الدم البيضاء التي تؤثر بدورها على مهام القلب والأوعية الدموية، وتزيد الملوثات الهوائية المرتبطة بالحركات المرورية من نسبة أكسيد النيتروجين في الجسم والذي قد يسبب تضخم البطينين الأيمن والأيسر.

الجهاز العصبي النفسي

دائماً ما كانت آثار ملوثات الهواء على الجهاز العصبي محل جدل، ومع ذلك يعتقد أنّ هذه المواد السامة المعلقة بالهواء تضر بالجهاز العصبي، ومن آثارها: المضاعفات العصبية والاضطرابات النفسية، وقد يسبب ضعف الجهاز العصبي عواقب وخيمة خاصة على الأطفال الرُضّع، وتزيد الاضطرابات النفسية من السلوك العدواني والمُعادي للمجتمع، وأشارت دراسات جديدة إلى وجود علاقة بين هذه الملوثات وفرط النشاط العصبي، والنشاط الإجرامي، كما كشفت دراسات أخرى وجود علاقة بين ملوثات الهواء والمخاطر الإصابة بالتهاب الأعصاب، ومرض آلزهايمر، ومرض الشلل الارتعاشي (باركنسون).

الجلد

الجلد هو خط الدفاع الأول للجسم ضد العوامل المسببة للأمراض الغريبة، وأول مكان تصيبه الملوثات، وتتساوى نسبة امتصاص الجلد للملوثات مع نسبة امتصاص الجهاز التنفسي لها، وأثبتت العديد من الدراسات على الجلد أنّ الأكاسيد، والمواد العضوية المتطايرة، والجزيئات الدقيقة لها تأثير كبير على شيخوخة الجلد، كما تسبب العديد من التصبغات على الوجه، ومن الناحية النظرية يمكن أن تسبب الملوثات السامة تلفاً للأعضاء عند امتصاص الجلد لها، إذ يُعدّ بعضها مواد كيميائية مسببة لسرطان الكبد.

مشاكل أخرى

أظهرت الدراسات أنّ ملوثات الهواء المرتبطة بالحركات المرورية يمكن أن تسبب مرض التوحد للأجنة والأطفال، وقد تمهد المواد الكيميائية الموجودة فيها الطريق لتشوه الغدد الصماء وحدوث الاضطرابات العصبية، وأظهرت دراسات أخرى أنّ هناك ارتباطاً بين التعرض لهذه الملوثات ونمو الأجنة، وحجم رأس الأجنة في أواخر أشهر الحمل، وانخفاض الوزن عند الولادة.

يجب ألّا ننسى أنّ نوعية الهواء الرديئة قد تسبب خللاً في الجهاز المناعي الذي قد يسبب مضاعفات خطيرة مثل: زيادة غير طبيعية في مستوى مصل الجلوبيولين المناعي. أمّا عن آثار تلوث الهواء على العين فيسبب تهيجها وأحياناً حصول متلازمة العين الجافة، ويؤدي التعرض المزمن لهذه الملوثات إلى اعتلال شبكية العين.

آثاره على البيئة

بما أنّ البشر، والنبات، والحيوان يعانون من هذه الملوثات، فإنّ النظم البيئية بأكملها ستعاني أيضاً منها، إذ قد يحجب الضباب الدخاني الألوان والأشكال، كما يمكن أن يحجب الصوت، ويمكن أن تلوث جزيئات ملوثات الهواء التي تسقط على المسطحات المائية والتربة، مما قد يؤثر في المحاصيل الزراعية ويقتل الأشجار الصغيرة، ولا ننسى أنّ امتزاج جزئيات ثاني أكسيد الكبريت مع جزيئات أكسيد النيتروجين بوجود الماء والأكجسين في الغلاف الجوي سيكوّن المطر الحمضي، ومن الآثار الجانبية لسقوط المطر الحمضي تلف النباتات والمحاصيل الزراعية؛ لأنّه يغيّر تكوينها، ويقلل من جودة المياه الموجودة في الأنهار والبحيرات، ويمكن أن يسبب تلف في المباني والآثار. وبالنسبة للحيوانات فإنّ التعرض للملوثات يحدث تشوهات خلقية لها، والعديد من الأمراض، وانخفاض معدلات الولادة.

وبالحديث عن تأثير تلوث الهواء في البيئة لا بدّ من ذكر ظاهرة الاحتباس الحراري التي تنتج بفعل الطبيعة أو بفعل الإنسان، وتشير إلى ارتفاع درجة حرارة الهواء والمحيط في جميع أنحاء العالم، هذا الارتفاع ناجم عن زيادة معدلات الغازات الدفيئة -من أهمها غاز ثاني أكسيد الكربون- في الغلاف الجوي التي تحبس الطاقة الحرارية في الغلاف الجوي، واتخذت العديد من دول العالم خطوات جادة للحد من ظاهرة الاحتباس الحراري عن طريق خفض انبعاثات الغازات الدفيئة، وعُقد أول اجتماع في كيوتو/ اليابان عام 1997م بين 183 دولة تمّ بموجبه الاتفاق على تقليل انبعاث غاز ثاني أكسيد الكربون بين هذه الدول، وعُرِفت هذه الاتفاقية باسم اتفاقية كيوتو.

آثاره على الاقتصاد

بينما تسعى الدول إلى تحقيق الأمن الغذائي وتأمين الطاقة يمكن أن يكون تلوث الهواء مصدر قلق كبير على الاقتصاد، إذ زاد تحول الدول إلى التصنيع من انبعاثات الملوثات إلى الهواء مما يهدد تدهور النظم البيئية، والنظام الزراعي، والصحة بشكل عام، وقد ذُكر سابقاً آثار المطر الحمضي على المحاصيل الزراعية والتربة ومصائد الأسماك وغيرها، من جهة أخرى ستتأثر السياحة بتغيّر المناخ؛ بسبب التأثيرات الصحية لهذه الملوثات.

حلول لمشكلة تلوث الهواء

يوجد الكثير من الطرق للحد من تلوث الهواء، ومنها ما يأتي:

  • تشجيع مشاريع البحث التي تمولها الحكومة لتطوير طرق النقل الكهربائية الصديقة للبيئة وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري، فمثلاً في عام 2010م استخدم الأمريكيون حوالي 1,454 مليار لتر من النفط يومياً لعملية النقل وحدها، وبما أنّ اللتر الواحد ينتج ما يعادل 2.2 كغ من ثاني أكسيد الكربون فإنّه ينطلق في الغلاف الجوي ما يقارب من 3.3 ترليون كغ من ثاني أكسيد الكربون في اليوم، وتساعد عملية تحويل طرق النقل إلى المركبات الكهربائية بشكل كبير على القضاء على إنتاج هذه الغازات الملوثة للهواء.
  • تعزيز تطوير مصادر الطاقة المتجددة والنظيفة والصديقة للبيئة للابتعاد عن استخدام الوقود الأحفوري، وتقليل انبعاث ثاني أكسيد الكربون، مثل الاستفادة من طاقة الرياح، والطاقة الشمسية، والطاقة الحرارية الجوفية.
  • تطبيق نظام ائتمان الكربون الذي يسمح بإطلاق كمية محددة من انبعاث غاز أول أكسيد الكربون والغازات الضارة الأخرى، ومحاولة تقليلها كل عام، ويحدد النظام مجموعة من العقوبات القاسية التي تطبق على المخالفين.
  • استبدال مصابيح (LED) بالمصابيح المتوهجة والفلورية، المعروف بأنّها أكثر كفاءة بنسبة 50% من المصابيح الفلورية، وأكثر كفاءة بمقدار 90% من المصابيح المتوجهة.
  • طلب سن قوانين وفرض لوائح صارمة من الدول، تتطلب فيها استخدام أجهزة غسل الغاز (بالإنجليزية: Scrubbers) في جميع المنشآت الصناعية التي تطلق ملوثات الهواء؛ ففي عام 1977م سُن قانون الهواء النظيف، وقامت فقط 44% من المداخن المنتجة لأكسيد الكبريت بتركيب هذه الأجهزة، وبدأت 37% من المداخن المنتجة لأكاسيد النيتروجين باستخدام هذه الأجهزة، لكن ذلك لم يكن كافياً، حيث أدّى عدم تنفيذ القوانين إلى استمرار إنتاج ملوثات الهواء، ويجب على الجهات الحكومية الالتزام بتطبيق المبادئ التوجيهية التي وضعتها للحصول على نتائج أفضل، ويشير تقدير وكالة حماية البيئة عام 2011م إلى أنّ تركيب أجهزة غسل الغاز يحمي ما يقارب 17,000 شخص سنوياً في الولايات المتحدة من الوفاة المرتبطة بالجهاز التنفسي.

مقياس تلوث الهواء

يتمّ قياس جودة الهواء باستعمال مؤشر جودة الهواء (بالإنجليزية: Air Quality Index)، الذي يعمل مثل مقياس الحرارة ويمتد من 0-500 درجة؛ حيث يُظهر هذا المؤشر التغيّرات في مقدار تلوث الهواء، فإذا كان أقل من 50 درجة مثلاً فإنّ ذلك يُشير إلى أن نوعية الهواء جيدة، ويمكن للشخص أن يقضي بعض الوقت في الهواء الطلق، ولن يشكل تلوث الهواء أي مخاطر على صحته، وكلما زاد المؤشر زادت المخاطر على الصحة.

مؤشر جودة الهواء للصحة الدرجة الدلالة
جيد 0-50 جودة الهواء عالية ولا وجود لملوثات الهواء
معتدل 51-100 جودة الهواء مقبولة مع وجود ملوثات هوائية تؤثر في بعض الأشخاص شديدي الحساسية
غير صحي لأصحاب الحساسية 101-150 جودة الهواء ليست لائقة للأشخاص الذين يعانون من الحساسية
غير صحي 151-200 هنا يمكن لأي شخص التأثر، أمّا الأشخاص الحساسون فسيتأثرون بدرجة أكبر
غير صحي بشكل كبير 201-300 يمكن لجميع الأشخاص التعرض لتأثيرات كبيرة على الصحة
خطير 301-500 تأثير خطير على صحة جميع الأشخاص

أمّا عن طريقة قياس الملوثات، فتتم عن طريق جمع الأجهزة الأرضية وبعض الأقمار الصناعية المختصة للمعلومات المهمة عمّا يوجد في الهواء، فمثلاً يرصد القمر الصناعي (GOES-R) تلوث الغلاف الجوي بالجزيئات كل 5 دقائق خلال اليوم، ويرصد القمر الصناعي (JPSS) تلوث الهواء بالجزيئات مثل جزيئات الضباب الدخاني، والغبار، والجسيمات، والرماد البركاني، كما يقيس الغبار الجوي لكامل الكرة الأرضية بدقة عالية مرة واحدة في اليوم، ويقيس غاز أول أكسيد الكربون الناتج عن حرائق الغابات.

السابق
بحث عن أسباب تلوث الماء
التالي
حلول لتلوث الماء