المدح
جدول المحتويات
يعتبر المدح من الأغراض الشّعرية الأساسيّة التي تناولتها القصيدة العربية، وتفرّع بعدها، فكان منه المدح المراثي، والفخر، والشّكر واللّطف في الطّلب، وأبدع الشّعراء جميل الشّعر في هذا الموضوع، وعليه نذكر جميل من هذه الأشعار.
أبيات شعريّة في المدح
- لو ضاقت الدّنيا
على راعي الطّيب
يبقى شذى طيبه
على النّاس
طايب
للغيم في صدر
الثّرى صوت ترحيب
والطّيب هو فعلك
يا راعي
النّجايب
وفي كل يوم تشرق
الشّمس وتغيب
ويبقى
- قـبـأيــلٍ تـســكــن بـشــبــه الـجــزيــر’
جــزيــرةٍ تـبـهــر عـريـضــة كـبــيــرة
والـكــل مـنـهـم لـــه مــنــازل وديــــرة
مـن ساحـل الأحمـر ليـا سـاحـل عـمـان
منهـم (عـتـيـبـة)نـعـم والله عــتــيــبــة
قـبـيـلــةٍ بــيـــن الـقـبــايــل عــريــبــة
أمـجـادهـم تــعــرف ولاهــــي غـريـبـة
ليـا حـل طــار المـجـد يـطـرون عتـبـان
ومنهم بني الحارث هـل المذهـب الزّيـن
كسـابـة القـالـة عـلـى العـسـر واللّـيـن
تاريـخـهـم مـعــروف مــاهــم غـبـيّـيـن
والنعـم يا ابـن الحـارث طـيـور حــوران
ومنـهـم (سبيـع) ونـعـم بسـبـيـع دايـــم
إقرأ أيضا:ابيات شعر حلوهتاريخـهـم يشـهـد لتـهـم فــي الـقـدايــم
نــقــول حــــق ولا نــحــب الـظّــلايــم
يستـاهـلـون الـمــدح والـنّـعـم سـبـعــان
و(غامـد) ونـعـم بغـامـد أهــل الشّكـالـة
قــيــف شـجـيــع كــامـــلات خـصــالــة
الـطّـيــب فـيـهــم والــكــرم والـبـسـالـة
إلاّ وفــي وقـــت المحـاضـيـر شـجـعـان
و”قحطـان” سـاس الأصـل نعـم القبيلـة
أفـعـالـهـم مــــن غـيـرهــم مسـتـحـيـلـة
بالطّـيـب عـــدو كـــل عـيـطـاء طـويـلـة
والـنـعــم والله يـا صـنـاديــد قـحــطــان
والنّعـم (بـالأشـراف) نسـل الصحابـة
الـدّيــن فـيـهــم والـسّـخــاء والـلّـبـابـة
والـعـرف والـمـعـروف شـــدوا ركـابــة
والنّصـح والإرشـاد عـن كــل عصـيـان
وأولاد وائــــــل نـــعـــم والله قـبـيــلــة
أهـــل الفـعـايـل والـعـمــوق الاصـيـلــة
مـنـهــم مــلــوك يـكـسـبـون النّـفـيـلـة
اسم (عنـزه) فــي قـمـة المـجـد عـنـوان
و (شـمـر) لـيـا عــدت فـعـول النّحـايـا
والـنّــعــم والله يــا رجـــال الـطّـنــايــا
حـمــايــة الـقــالــة ســهـــوم الـمـنـايــا
نقـولـهـا فـــي حـقّـهـم ســـرّ وإعـــلان
والنّـعـم (للعجـمـان) مـافـيـه مـعــروف
قـول وفعـل مــا تنـفـع نـقـاط وحــروف
مـجــدٍ تـعــلا كـنّــه سـهـيـل مـشـيــوف
دليـلـنـا فـــي مـدحـهــم فــعــل راكــــان
و(مطيـر) حمـران النّواظـر هـل الجـود
تاريخـهـم مــن قـبـل واضــح ومـعـدود
مــجــدٍ مـثـبـتـة بـراهــيــن وشــهـــود
ما ينـجـحـد مــجــد وأهـالـيــه مــطــران
إقرأ أيضا:أجمل شعر عن الأمونعمٍ (بحرب) ليّا طـرا طـاري الأمـداح
أهـل المـوا قــف كــل مـاصـاح صـيـاح
حـرابـهــم بـالـنّــوم مــا هــوب يــرتــاح
مـن ضيمـهـم مايـمـرح اللّـيـل سـهـران
و (سليم) أهـل مجـد مسجـل بالأسطـار
ذربـيـن أهــل قـالـه وبـالـعـرف شـعــار
وأظـن هـرج الـصّـدق ما يقـبـل إنـكـار
أخـذ الأدب والعـرف مـن روس سِلمـان
وجمـع (الدّواسـر) مـا بهـم قـول قـايـل
دوســـر جـمــل يـشـتـال كـــل الثّـقـايـل
بـاسـمــه تـسـمــوا والـفـعـايـل دلايــــل
غــــدران مــــوت مـا تـحـلّـى بــغــدران
و(بـنـي تمـيـم) الـلّـي فخـرهـم مقيـمـي
ودليلـنـا قــول ابــن صقـيـة التّميـمـي
يــدري بـهـم مــن كــان قلـبـه فهـيـمـي
أخبـارهـم شـاعــت لـحـضـر وبـــدوان
وأيضـا (بنـي خـالـد) عــذاب العنـيـدي
جـو مـن سلالـة (خالـد بـن الولـيـدي)
قـــول مـحـقــق مـا نـقــول الـسّـريــدي
نـقـرأ ونبـحـث لـيـن نــدري بـمـا كــان
و(زهران) جـن الحـرب يـوم الحرايـب
الـلّــي طعـنـهـم يـــودّع الـــدّم رايـــب
هـبـت لـهـم مــن كـــل طـيــب هـبـايـب
والـنّـعــم والله يـا رجـاجـيـل زهـــــران
و(عسيـر) عسريـن علـى كــلّ طـمّـاع
سبـاعٍ تعـشـي سـبـاع الأقــذال بسـبـاع
الـسّـيـف بـيـديـهـم مـخـلــد ومــطــواع
ورمـــاه لـيــا رد الـنّـظــر لام نـيـشــان
إقرأ أيضا:شعر مدح صديقو(شهـران) مشهوريـن والجـدّ شـاهـر
الـكــل مـنـهــم في الـمـهـمـات مــاهــر
طـيـب لـيـا عــدواً هــل الطّـيـب ظـاهـر
مـعــروف ما يـطـويـه بــعــد ونـسـيــان
و(بالقـرن) قـرن المـوت شرابـة الــدّم
حـرابـهـم يسـقـونـه الـصّـبــر والــسّــم
فــي رؤسـهـم شيـمـة وعــادات ولـــزم
مــا ينحـصـي تعريفـهـم عـبــر قـيـفـان
وأيضـا (بـنـي مـالـك) ذكـرنـا فخـرهـم
الطّـيـب طــوع يـــد يـنـهـم ما عـسـرهـم
ليـا ماجـت أمـواج البـحـر مــن بحـرهـم
بـحـر يـكـز الـمـوج مــن غـيـر جـيـلان
والنّـعـم (بالأحـمـر) عـلـى كــل حـالــي
فــي كـــل صـعـبـات الـلّــوازم رجـالــي
شــوامــخ مــاهــم بــجـــرف هـيــالــي
كسـبـان يا حـايـز عـلـى الـمـدح كسـبـان
و(شمران) ليا شمر عن السّاعد الثّوب
حرابـهـم يـقـفـي مـــذلّـــل ومـرعــوب
كـم كــدروا يــوم الـكـدر كــل مـشـروب
ياهـل الوفـاء محـد جحـد فـعـل شـمـران
والنّعم (بـالأسـمـر) لـيــا حـــل طـــاري
شمـعـة فـخـرهـم مـاذرتـهـا الـــذّواري
يــروون صفـحـات القـنـا والـشّـبـاري
ويــوردون السّـيـف لا صــار عطـشـان
وصبيان (يـام) أهــل العـمـوق العريـقـة
سـتـر الظّـعـن يــوم الأيـــادي طلـيـقـة
مـا تختـفـي عــن عـيـن عـاقـل حقيـقـة
يـام الحرايـب يــوم سـوقـات الأظـعـان
والنّعـم والله فــي رجــال (الـشّـرارت)
الطّـيـب لــه فيـهـم مــواري وأمـــارات
أهــل المـراجـل يــوم الأيــام عـسـرات
الـكـل منـهـم يـجـلـب الـــرّوح قـربــان
أيضـا (بنـي هاجـر) كفـوف الأســودي
يثـبـت لـهـم فــي كــل علـيـاء وجــودي
قــول علـيـه الفـعـل الأبـيـض شـهـودي
والـصّــدق قـايــد للمـعـانـي وقـبـطــان
ونذكر (بلي) بلـواء علـى كـل عاصـي
ليـا جـاء نهـار فـيـه شـيـب النّـواصـي
رجالـهـم ينـطـح خـشــوم الـرّصـاصـي
ليا طار ستر الوجه عن دعـج الأعيـان
وأيضـا (جهينة) عـزوة باسهـم بــاس
نطـاحـة الـغـارة عـلـى قــب الأفـــراس
أمجادهـم مـن يـوم خلقـوا علـى ســاس
بـيـت جـويـد مـــا نـخـلـع فـيــه بـيـبـان
وأيضاً (السهول) لهم مواقـف وتشجيـع
يـطــوعــون الــضّـــد لازام تـطــويــع
ويـقـال عنـهـم إنّـهــم حـلــف لسـبـيـع
ذولا وذولا نــعـــم وافــيـــن الأفــنـــان
وأيضاً (الظّفير) أهـل الظّفـر والمدايـح
يــوم الثّـمـيـدي مـثــل وبـــل الـرّوايــح
رجــــال مـا فـيـهـم غــمــوز وقــدايـــح
منهـم زبـون أهـل المقاصيـر (نـومـان)
وسفيـان مــن قـبـل النّـبـوة لـهـم بـيـت
صـحـيـح لا أزلّ بـكـلامـي ولا أخـطـيـت
قـريـت فــي كـتـب التّـواريـخ وأوحـيـت
سفيـان سلسلـة العـريـب ابــن سفـيـان
و(طويـرق) أهـل الشّيمـة المستديـمـة
وأهـل الـوفـاء وأهــل اليـديـن الكريـمـة
لـلـجــار عــــزّ ولـلـمـعــادي هـزيــمــة
أقـولــهــا مــانـــي بــراعـــي تــلـــوان
و(هذيـل) أهـل غيـره ومذهـب وجيـرة
وميّـزاتـهـم مـــن غـيــر هـــذا كـثـيـرة
ولـيــا قـــدح لـلـحـرب قـــادح ذخــيــره
تـلـقــى مـقـاديــم الـرّيـاجـيـل هـــــذلان
و(قـريـش) مـجـد قـريـش كــل درابــه
قـوم الـرّسـول وقــوم بـعـض الصحـابـة
ومـجــد تـعــدى الهـاشـمـي وشـنـبـابـة
الـلّـي مــن قـلـوب الـبـشـر زال الأدران
و(ثقـيـف) مــا يحـتـاج نـذكـر فخـرهـم
مـا دام (ابـن يوسف) علـى طـول منهـم
يكفـيـهـم (الـحـجّـاج) مـجــد شـهـرهـم
بالكـتـب والـتّـاريـخ فـــي كـــل ديـــوان
و (بنـي رشيـد) مــن القبـائـل يـعـدون
لـيـا جــت مـجـالات المـواقـف يـبــدون
يـبـنــون بـنـيــان الـفـخــر مـايـهــدون
والـلّـي نقـدهـم مامـعـه عـلــم بـخـصـان
ونـذكـر (بـنـي مُــرّة) ونـعـم آل مُــرّة
لـلـجــار عــــز والـلّـمـعـادي مــضـــرة
والـيــوم فـــي نـعـمـه وســـره وقــــره
بيـن الـثـلاث الـلّـي خذتـهـم بالأحـصـان
و(أكلب) هل الطّالات وأهـل النّواميـس
إمسـيـسـن بـدوحــة الـمـجــد تـسـيــس
كـلامـنــا مــابــه مـجــامــل وتـلـبـيــس
والـقـول لاسـلـم الـغـوى والخـطـاء زان
والـمـعــذرة يــــا واسـعـيــن الـمـعـرفـة
إن غـاب عـن تفكـيـري أحــد ما عـرفـه
لـلـشّـعـر تـصـريــف وللهرج صــرفـــة
ولا يـنـتـجـازى الـنّـاســي إلا بـغــفــران
- سلام ياكاسب غلا كل مغليك…
يامالك زمان المراجل بيمانك…
الطّيب ساسك والعرب عزّها فيك…
لا ضاعت علوم الرّجاجيل تنصاك…
ربعك تفاخر وتفتخر بطاريك…
لاهان ذاك اللّي على الطّيب ربّاك
الجود شيخ تملكه عدة أطراف
بس المراجل حالفه أنّك ولده
عريب جد وحاوين كلّ الأعراف
دنياك جنّة بس فعلك رغدها
كن العلوم الطّيبة عندك أهداف
صارت فريسة وأنت كنت أسدها
قصائد في المدح
من جميل قصائد المدح نذكر ما يأتي:
يا أيها النّاس! جازَ المدحُ قدرَكمُ
أبو العلاء المعرّي
يا أيها النّاس! جازَ المدحُ قدرَكمُ،
وقصّرت، عن مدى مولاكمُ، المِدَحُ
إذا استعانوا بأقداحٍ، لها قيمٌ،
على المُدامَةِ، فالإثمُ الذي قدَحوا
وعندَهُمْ مُسْمِعاتٌ، يأذنونَ لها؛
ما للمسامع عمّا قلنَ مُنتَدَحُ
قالوا: غدونَ مُصيباتِ الغناءِ لنا،
وتلك عندي مصيباتٌ لهمْ فُدُحُ
عنِ الطّواويسِ ما يلبسن مُسترَقٌ؛
وهنّ بعدُ قماريُّ الضّحى الصُّدحُ
واحرّ قلباه ممن قلبه شبم
المتنبّي
وَاحَرّ قَلْباهُ ممّنْ قَلْبُهُ شَبِمُ
وَمَنْ بجِسْمي وَحالي عِندَهُ سَقَمُ
ما لي أُكَتِّمُ حُبّاً قَدْ بَرَى جَسَدي
وَتَدّعي حُبّ سَيفِ الدّوْلةِ الأُمَمُ
إنْ كَانَ يَجْمَعُنَا حُبٌّ لِغُرّتِهِ
فَلَيْتَ أنّا بِقَدْرِ الحُبّ نَقْتَسِمُ
قد زُرْتُهُ وَسُيُوفُ الهِنْدِ مُغْمَدَةٌ
وَقد نَظَرْتُ إلَيْهِ وَالسّيُوفُ دَمُ
فكانَ أحْسَنَ خَلقِ الله كُلّهِمِ
وَكانَ أحسنَ ما في الأحسَنِ الشّيَمُ
فَوْتُ العَدُوّ الذي يَمّمْتَهُ ظَفَرٌ
في طَيّهِ أسَفٌ في طَيّهِ نِعَمُ
قد نابَ عنكَ شديدُ الخوْفِ وَاصْطنعتْ
لَكَ المَهابَةُ ما لا تَصْنَعُ البُهَمُ
أَلزَمتَ نَفسَكَ شَيئاً لَيسَ يَلزَمُها
أَن لا يُوارِيَهُم أَرضٌ وَلا عَلَمُ
أكُلّمَا رُمْتَ جَيْشاً فانْثَنَى هَرَباً
تَصَرّفَتْ بِكَ في آثَارِهِ الهِمَمُ
عَلَيْكَ هَزْمُهُمُ في كلّ مُعْتَرَكٍ
وَمَا عَلَيْكَ بهِمْ عارٌ إذا انهَزَمُوا
أمَا تَرَى ظَفَراً حُلْواً سِوَى ظَفَرٍ
تَصافَحَتْ فيهِ بِيضُ الهِنْدِ وَاللِّممُ
يا أعدَلَ النّاسِ إلاّ في مُعامَلَتي
فيكَ الخِصامُ وَأنتَ الخصْمُ وَالحكَمُ
أُعِيذُها نَظَراتٍ مِنْكَ صادِقَةً
أن تحسَبَ الشّحمَ فيمن شحمهُ وَرَمُ
وَمَا انْتِفَاعُ أخي الدّنْيَا بِنَاظِرِهِ إذا
اسْتَوَتْ عِنْدَهُ الأنْوارُ وَالظُّلَمُ
سَيعْلَمُ الجَمعُ ممّنْ ضَمّ مَجلِسُنا
بأنّني خَيرُ مَنْ تَسْعَى بهِ قَدَمُ
أنَا الذي نَظَرَ الأعْمَى إلى أدَبي
وَأسْمَعَتْ كَلِماتي مَنْ بهِ صَمَمُ
أنَامُ مِلْءَ جُفُوني عَنْ شَوَارِدِهَا
وَيَسْهَرُ الخَلْقُ جَرّاهَا وَيخْتَصِمُ
وَجاهِلٍ مَدّهُ في جَهْلِهِ ضَحِكي
حَتى أتَتْه يَدٌ فَرّاسَةٌ وَفَمُ
إذا رَأيْتَ نُيُوبَ اللّيْثِ بارِزَةً
فَلا تَظُنّنّ أنّ اللّيْثَ يَبْتَسِمُ
وَمُهْجَةٍ مُهْجَتي من هَمّ صَاحِبها
أدرَكْتُهَا بجَوَادٍ ظَهْرُه حَرَمُ
رِجلاهُ في الرّكضِ رِجلٌ وَاليدانِ يَدٌ
وَفِعْلُهُ مَا تُريدُ الكَفُّ وَالقَدَمُ
وَمُرْهَفٍ سرْتُ بينَ الجَحْفَلَينِ بهِ
حتى ضرَبْتُ وَمَوْجُ المَوْتِ يَلْتَطِمُ
الخَيْلُ وَاللّيْلُ وَالبَيْداءُ تَعرِفُني
وَالسّيفُ وَالرّمحُ والقرْطاسُ وَالقَلَمُ
صَحِبْتُ في الفَلَواتِ الوَحشَ منفَرِداً
حتى تَعَجّبَ مني القُورُ وَالأكَمُ
يَا مَنْ يَعِزّ عَلَيْنَا أنْ نُفَارِقَهُمْ
وِجدانُنا كُلَّ شيءٍ بَعدَكمْ عَدَمُ
مَا كانَ أخلَقَنَا مِنكُمْ بتَكرِمَةٍ
لَوْ أنّ أمْرَكُمُ مِن أمرِنَا أمَمُ
إنْ كانَ سَرّكُمُ ما قالَ حاسِدُنَا
فَمَا لجُرْحٍ إذا أرْضاكُمُ ألَمُ
وَبَيْنَنَا لَوْ رَعَيْتُمْ ذاكَ مَعرِفَةٌ
إنّ المَعارِفَ في أهْلِ النُّهَى ذِمَمُ
كم تَطْلُبُونَ لَنَا عَيْباً فيُعجِزُكمْ
وَيَكْرَهُ الله ما تَأتُونَ وَالكَرَمُ
ما أبعدَ العَيبَ والنّقصانَ منْ شرَفي
أنَا الثّرَيّا وَذانِ الشّيبُ وَالهَرَمُ
لَيْتَ الغَمَامَ الذي عندي صَواعِقُهُ
يُزيلُهُنّ إلى مَنْ عِنْدَهُ الدِّيَمُ
أرَى النّوَى يَقتَضيني كلَّ مَرْحَلَةٍ
لا تَسْتَقِلّ بها الوَخّادَةُ الرُّسُمُ
لَئِنْ تَرَكْنَ ضُمَيراً عَنْ مَيامِنِنا
لَيَحْدُثَنّ لمَنْ وَدّعْتُهُمْ نَدَمُ
إذا تَرَحّلْتَ عن قَوْمٍ وَقَد قَدَرُوا
أنْ لا تُفارِقَهُمْ فالرّاحِلونَ هُمُ
شَرُّ البِلادِ مَكانٌ لا صَديقَ بِهِ
وَشَرُّ ما يَكسِبُ الإنسانُ ما يَصِمُ
وَشَرُّ ما قَنّصَتْهُ رَاحَتي قَنَصٌ
شُهْبُ البُزاةِ سَواءٌ فيهِ والرَّخَمُ
بأيّ لَفْظٍ تَقُولُ الشّعْرَ زِعْنِفَةٌ
تَجُوزُ عِندَكَ لا عُرْبٌ وَلا عَجَمُ
هَذا عِتابُكَ إلاّ أنّهُ مِقَةٌ
قد ضُمّنَ الدُّرَّ إلاّ أنّهُ كَلِمُ
أمَا لِجَمِيلٍ عِنْدَكُنّ ثَوَابُ
أبو فراس الحمدانيّ
أمَا لِجَمِيلٍ عِنْدَكُنّ ثَوَابُ،
وَلا لِمُسِيء عِنْدَكُنّ مَتَابُ؟
لَقَد ضَلّ مَنْ تَحوِي هوَاهُ خَرِيدة ٌ،
و قدْ ذلَّ منْ تقضي عليهِ كعابُ
و لكنني – والحمدُ للهِ – حازمٌ
أعزُّ إذا ذلتْ لهنَّ رقابُ
وَلا تَمْلِكُ الحَسْنَاءُ قَلْبيَ كُلّهُ
وإنْ شملتها رقة ٌ وشبابُ
وَأجرِي فلا أُعطي الهوَى فضْلَ مقوَدي،
وَأهْفُو وَلا يَخْفَى عَلَيّ صَوَابُ
إذا الخِلّ لَمْ يَهْجُرْكَ إلاّ مَلالَة ً،
فليسَ لهُ إلا الفراقَ عتابُ
إذَا لَمْ أجِدْ مِنْ خُلّة ٍ ما أُرِيدُهُ
فعندي لأخرى عزمة ٌ وركابُ
وَلَيْسَ فرَاقٌ ما استَطَعتُ، فإن يكُن
فراقٌ على حالٍ فليسَ إيابُ
صبورٌ ولوْ لمْ تبقَ مني بقية ٌ
قؤولٌ ولوْ أنَّ السيوفَ جوابُ
وَقورٌ وَأَحداثُ الزَمانِ تَنوشُني
وَلِلمَوتِ حَولي جيئَةٌ وَذَهابُ
وَألْحَظُ أحْوَالَ الزّمَانِ بِمُقْلَةٍ
بها الصّدقُ صدقٌ والكذابُ كذابُ
بِمَنْ يَثِقُ الإنْسَانُ فِيمَا يَنُوبُهُ
وَمِنْ أينَ للحُرّ الكَرِيمِ صِحَابُ؟
وَقَدْ صَارَ هَذَا النّاسُ إلاّ أقَلَّهُمْ
ذئاباً على أجسادهنَّ ثيابُ
تغابيتُ عنْ قومي فظنوا غباوة ً
بِمَفْرِقِ أغْبَانَا حَصى ً وَتُرَابُ
وَلَوْ عَرَفُوني حَقّ مَعْرِفَتي بهِم،
إذاً عَلِمُوا أني شَهِدْتُ وَغَابُوا
وَمَا كُلّ فَعّالٍ يُجَازَى بِفِعْلِهِ،
ولا كلِّ قوالٍ لديَّ يجابُ
وَرُبَّ كَلامٍ مَرَّ فَوقَ مَسامِعي
كَما طَنَّ في لَوحِ الهَجيرِ ذُبابُ
إلى الله أشْكُو أنّنَا بِمَنَازِلٍ
تحكمُ في آسادهنَّ كلابُ
تَمُرّ اللّيَالي لَيْسَ للنّفْعِ مَوْضِعٌ
لديَّ ، ولا للمعتفينَ جنابُ
وَلا شُدّ لي سَرْجٌ عَلى ظَهْرِ سَابحٍ،
ولا ضُرِبَتْ لي بِالعَرَاءِ قِبَابُ
و لا برقتْ لي في اللقاءِ قواطعٌ
وَلا لَمَعَتْ لي في الحُرُوبِ حِرَابُ
ستذكرُ أيامي “نميرٌ” و”عامرٌ”
و”كعبٌ ” على علاتها و”كلابُ ”
أنا الجارُ لا زادي بطيءٌ عليهمُ
وَلا دُونَ مَالي لِلْحَوَادِثِ بَابُ
وَلا أطْلُبُ العَوْرَاءَ مِنْهُمْ أُصِيبُهَا،
وَلا عَوْرَتي للطّالِبِينَ تُصَابُ
وَأسْطُو وَحُبّي ثَابِتٌ في صُدورِهِمْ
وَأحلُمُ عَنْ جُهّالِهِمْ وَأُهَابُ
بَني عَمّنا ما يَصْنعُ السّيفُ في الوَغى
إذا فلَّ منهُ مضربٌ وذبابُ ؟
بَني عَمِّنا لا تُنكِروا الحَقَّ إِنَّنا
شِدادٌ عَلى غَيرِ الهَوانِ صِلابُ
بَني عَمّنَا نَحْنُ السّوَاعِدُ والظُّبَى
ويوشكُ يوماً أنْ يكونَ ضرابُ
وَإِنَّ رِجالاً ما اِبنَكُم كَاِبنِ أُختِهِم
حَرِيّونَ أَن يُقضى لَهُم وَيُهابوا
فَعَنْ أيّ عُذْرٍ إنْ دُعُوا وَدُعِيتُمُ
أبَيْتُمْ، بَني أعمَامِنا، وأجَابُوا؟
وَمَا أدّعي، ما يَعْلَمُ الله غَيْرَهُ
رحابُ ” عليٍّ ” للعفاة ِ رحابُ
و أفعالهُ للراغبين َ كريمة ٌ
وأموالهُ للطالبينَ نهابُ
و لكنْ نبا منهُ بكفي صارمٌ
وأظلمُ في عينيَّ منهُ شهابُ
وَأبطَأ عَنّي، وَالمَنَايَا سَرِيعة ٌ،
وَلِلْمَوْتِ ظُفْرٌ قَدْ أطَلّ وَنَابُ
فَإِن لَم يَكُن وُدٌّ قَديمٌ نَعُدُّهُ
وَلا نَسَبٌ بَينَ الرِجالِ قُرابُ
فأَحْوَطَ لِلإسْلامِ أنْ لا يُضِيعَني
ولي عنهُ فيهِ حوطة ٌ ومنابُ
ولكنني راضٍ على كل حالة
ليعلمَ أيُّ الحالتينِ سرابُ
و ما زلتُ أرضى بالقليلِ محبة ً
لديهِ وما دونَ الكثيرِ حجابُ
وَأطلُبُ إبْقَاءً عَلى الوُدّ أرْضَهُ،
وذكرى منى ً في غيرها وطلابُ
كذاكَ الوِدادُ المحضُ لا يُرْتَجى لَهُ
ثوابٌ ولا يخشى عليهِ عقابُ
وَقد كنتُ أخشَى الهجرَ والشّملُ جامعٌ
وفي كلِّ يومٍ لقية ٌ وخطابُ
فكيفَ وفيما بيننا ملكُ قيصرٍ
وَللبَحْرِ حَوْلي زَخْرَة ٌ وَعُبَابُ
أمنْ بعدِ بذلِ النفسِ فيما تريدهُ
أُثَابُ بِمُرّ العَتْبِ حِينَ أُثَابُ؟
فَلَيْتَكَ تَحْلُو، وَالحَيَاة ُ مَرِيرَة ٌ،
وَلَيْتَكَ تَرْضَى وَالأَنَامُ غِضَابُ
وَلَيْتَ الّذي بَيْني وَبَيْنَكَ عَامِرٌ
وبيني وبينَ العالمينَ خرابُ
إذا صحّ منك الودّ فالكل هيّن
وكلّ الذي فوق التّراب ترابُ