رواية زينب
تم إصدار الطبعة الأولى من رواية زينب في عام 1914م في القاهرة، والتي ألفها محمد حسين هيكل، وهو كاتب وأديب وسياسي كبير في مصر، ولا بد من القول بإنّ الرواية لعبت دوراً كبيراً في تأسس حجر الأساس للإبداع الروائي بعد العديد من المحاولات التمهيدية، لكن لم تكن هذه الرواية الرواية الأولى التي تظهر في تاريخ النشر أو التأليف، فقد سبقت جميع الروايات رواية غابة الحق، والتي ألفها فرنسيس فتح الله، إذ إنّها كانت أول رواية لعبت دوراً كبيراً في التأثير على دوائر الاستجابة القرائية، وفي عملية مناقشة الواقع ومواجهة المشاكل المتنوعة، إضافةَ إلى التعبير عن ذلك الواقع بنهج ولغة يومية.
تحليل رواية زينب
إشكالية العنوان
العنوان الأساسي للرواية هو (زينب)، أما العنوان الثانوي أو الفرعي فهو (مناظر وأخلاق ريفية)، ولا بد من القول إنّ المؤلف هرب من التصريح والإفصاح بالتسمية الأنثوية (زينب)؛ وذلك تفادياً لاتهامه بارتكابه ذنباً أو خطأ لا يغتفر ولا يعفى عنه في التأليف لرواية مضمونها وموضوعها الأساسي عن الحب، وما يشار إليه أنّ العنوان الثانوي ينقسم إلى جزئين: مناظر وأخلاق، وقد تم تقديم المناظر والتي تعني الطبيعية على الأخلاق والتي تمثل الجانب البشري، وهذا ما سينعكس على مضون ونص الرواية، حيث نجد أنّ الطبيعية تمثل المساحة الأكبر في نص الرواية من البشر.
إقرأ أيضا:رواية الرابح يبقى وحيداً لباولو كويلوالإهداء في الرواية
هو (إلى مصر وإلى هذه الطبيعية المتشابهة اللذيذة، إليك يا مصر ولأختي أهدي هذه الرواية من أجلك كتبتها وكانت عزائي عن الألم)، فهنا نجد الراوي قدم طبيعة مصر على البشر وتحديداً في كلمة (أختي)، فقد فضل الطبيعية على البشر في هذه العبارة.
مؤلف رواية زينب
قدم مؤلف الرواية طبيعة وطنه على الصفة الطبقية أو المهنية، وبذلك نستنتج أنّ المؤلف يهتم كثيراً بعمومية الوطن وليس بخصوصية البشر، فقد استخدم (هيكل) كلمة فلاح من أجل مواجهة ما يُعرف بالاستقراطية التركية؛ لأنّها كانت آنذاك تحتقر الفلاحين.
خاف هيكل من أن تلعب طبقة الروائي دوراً في التأثير على مكانته السياسية، والاجتماعية، والمهنية على حد السواء، فالمجتمع لا يقبل من محامي ذو اخلاق نبيلة وسامية ومن أسرة محترمة، إضافة لكونه عضو مؤسس لحزب الاستقراطية المصرية أن ينخرط في مجال كتابة الرويات، فلم يكن آنذاك للروائيين مكانةً مرموقة وبارزة داخل المجتمع، إضافة إلى ذلك فقد كان مضمون الرواية وموضوعها يتعلق بالغرام أو يرتبط بعاطفة الحب، والتي كانت تعتبر على أنها أحد المحرمات، كما أنه من العيب التكلم عنها.
دوافع تأليف العمل الروائي
- إحساس هيكل وشعوره بالواقع المصري وتلعقه الشديد بمصر وبكلّ ما يرتبط بها، وما يشار إليه أنّه نمى هذا الشعور بعد علاقته بصاحب القومية المصرية ورائد الليبرالية المشهور لطفي السيد.
- تأثر هيكل بثقافة الغرب تحديداً الثقافة الفنية بشكل خاص، إذ إنّه تأثر بشكل كبير بجان جاك روسو، كما تعلق بشكل كبير بالرومانسيين الغربيين.
تحليل الشخصيات الرئيسية في الرواية
- المحور الأول: يدور المحور الأول حول ضياع المؤلف وقلقه، وعجزه عن بلوغ أمله وحلمه في علاقة عاطفية ناجحة، وقد ظهر ذلك في الشخصية التي يمثلها حامد، والذي يمثل الشاب المثقف ابن مالك الأرض، إذ إنّه يعبر عن شخصية المؤلف ذاته في الرواية، وهو حامد ابن مالك غني وثري، ويعيش لفترة زمنية طويلة في المدينة، وذلك لإكمال مسيرته التعليمية، كما يتردد بين فترة والأخرى على المنطقة التي يعيس أهله فيها، وهو يحاول كثيراً لتحقيق لهفته تجاه الحب عن طريق علاقته بعزيزة، والتي كانت علاقة شبيهة بالحلم، كما أنّها إذا جاءت على الواقع فإنها تجعل لقائهم غير محبباً ومقبولاً من قبل التقاليد والعادات، وما يزيد الأمر سوءً هو انتهاء هذه العلاقة العاطفية بزواج عزيزة من رجل أجبرها أهلها عليه، وهكذا تستسلم عزيزة وحامل للأمر الواقع دون مكافحة على الأطلاق، ثمّ بعدها ينشئ حامد علاقة عاطفية مع زينب، والتي سرعان ما تنتهي بزواج زينب أيضاً مما دفع حامد إلى السفر والاختفاء، وإرسال رسال لوالده ليخبره بسبب هربه وضياعه.
- المحور الثاني: يدور هذا المحور حول بؤس وحزن الحياة الريفية، واللذين ينشآن من إنكار ورفض الريفيون لحاجات القلب، ووقوفهم عقبةً أمام الحب، إضافةً لعدم إعترافهم بشرعيته، ويتجسد ذلك في شخصية زينب، إذ نبع حزنها من ذات المنبع الذي نبع منه حزن حامد، فهي فتاة غاية في الجمال والروعة يوصفها المؤلف كوردة متفتحة أو كلوحة من اللوحات الطبيعية، إلا أنّه ينقصها من يقاسمها الفرح والسعادة.
- المحور الثالث: يدور هذا المحور حول الإفصاح عن حب المؤلف لبلده ووطنه وإعجابه الشديد بجمال الريف في بلاده، ويركز هذا المحور على وصف الطبيعة، والتي تسيطر على المساحة الأكبر في شخصيته، ونظراً لأنّه شديد التأثير بالرومنسيين سعى إلى وصف بلاد الريف وصفاً شاملاً وبطريقة وأسلوب شاعري وجميل.