العمود الفقري
يتميز العمود الفقري الطبيعي ببنيته المتوازنة، والتي تحقق له مرونة كبيرة وقدرة فائقة على تحمل وزن الجسم، إذ يلاحظ أنّ له ثلاثة إنحناءات لطيفة عند النظر إليه جانبياً، حيث تعمل هذه انحناءات في انسجام لربط مركز الجاذبية في الجسم بالوركين والحوض، الأول منها يقع في الجزء السفلي عند الفقرات القطنية وينحني إلى الداخل، والثاني منها يقع في منتصف العمود الفقري، في منطقة الصدر وينحني إلى الخارج، في حين يقع الانحناء الثالث في الجزء العلوي في منطقة الرقبة، وينحني إلى الداخل، وعند النظر إلى العمود الفقري من الخلف، نجد أنّ له شكلاً مستقيماً في الأوضاع الطبيعية، وفي الحقيقة يؤدي الخلل في هذه الانحناءات الطبيعية إلى حدوث تشوهات في العمود الفقري.
تشوهات العمود الفقري
الحُدَاب
يطلق على الحُدَاب (بالإنجليزية: Kyphosis) في بعض الأحيان الظهر المقوس أو الظهر ذي الحدبة (بالإنجليزية: Hunchback)، وهو اضطراب في العمود الفقري، يحدث بسبب وجود فرط في الانحناء إلى الخارج في الجزء العلوي من العمود الفقري، ومن الممكن أن يحدث الحداب في أي عمر، إلا أنّه أكثر شيوعاً في فترة المراهقة، التي تتميز بسرعة نمو العظام، ومن الجدير بالذكر أنّ العمود الفقري في منطقة الصدر لديه حداب طبيعي يتراوح ما بين 20-45 درجة، إلا أنّ الحداب المرضي يزيد من درجة هذا الانحناء في العمود الفقري، بحيث تصبح أكثر من 50 درجة، وفي الحقيقة تعتمد شدة الأعراض على درجة الانحناء، فكلما زاد الانحناء في العمود الفقري زادت شدة الأعراض، ومن أعراض الحداب ألم الظهر الخفيف، وتغير شكل الظهر بحيث يبدو كالسنام، والإعياء، وتصلب العمود الفقري، والشد في أوتار الركبة، ومع مرور الوقت، قد يعاني المريض في حالات نادرة من الضعف، أو التنميل، أو الوخز في الساقين، أو فقدان الإحساس، أو ضيق التنفس، وتجدر الإشارة إلى أنّه يمكن تقسيم الحداب إلى عدة أنواع، منها ما يلي:
إقرأ أيضا:فيتامين د ومرض الكساح- الحداب الوضعي: (بالإنجليزية: Postural Kyphosis) يُعدّ الحداب الوضعي أكثر أنواع الحداب شيوعاً، وخاصة في فترة المراهقة، إذ يحدث لدى الإناث بنسبة أعلى من الذكور، ومن النادر أن يسبب الألم، كما أنّه لا يزداد سوءاً مع التقدم في العمر، إذ لا يرتبط بتشوهات هيكلية شديدة في العمود الفقري، ويتم تصحيحه في الغالب من قبل المريض عندما يُطلب منه الوقوف بشكلٍ مستقيم.
- حداب شيرمان: (بالإنجليزية: Scheuermann’s Kyphosis) يحدث هذا النوع من الحداب بسبب تغيّر شكل فقرات العمود الفقري من الشكل المستطيل إلى الشكل المثلث، مما يسبب انحناء الجزء العلوي من الظهر إلى الأمام بشكلٍ مبالغ فيه، ويؤثر هذا النوع من الحداب في الذكور بنسب أعلى من الإناث في مرحلة المراهقة، وتجدر الإشارة إلى أنّه يتصف بعدم قدرة المريض على تصحيح الانحناء عندما يُطلب منه الوقوف بشكلٍ مستقيم، كما أنّه يسبب الشعور بالألم في الجزء العلوي من الانحناء المتكوّن، وكذلك في أسفل الظهر، ويزداد هذا الألم عند الوقوف، أو الجلوس لفترات طويلة، أو ممارسة أعمال معينة.
- الحداب الخَلقي: (بالإنجليزية: Congenital Kyphosis) يحدث هذا النوع من الحداب بسبب فشل العمود الفقري في النمو بشكلٍ طبيعي أثناء وجود الجنين في الرحم، إذ يتسم هذا النوع من الحداب بتفاقم أعراضه مع تقدم الطفل في العمر، ومن الجدير بالذكر أنّ هؤلاء المرضى يعانون من عيوب خلقية أخرى، بالإضافة إلى الحداب، تؤثر في أجزاء أخرى من الجسم مثل القلب والكليتين، وفي الحقيقة تُعدّ الجراحة الخيار الأول لعلاج الحداب الخَلقي، لمنع زيادة الانحناء مع التقدم في العمر.
إقرأ أيضا:مكونات الجهاز العضلي
متلازمة الظهر المسطح
تحدث متلازمة الظهر المسطح (بالإنجليزية: Flatback syndrome) عندما يفقد الجزء السفلي من العمود الفقري بعضاً من انحنائه الطبيعي، وتسبب هذه المتلازمة صعوبة الوقوف بشكلٍ قائم، بالإضافة إلى الألم المزمن، وصعوبة القيام بالمهام اليومية، إذ يضطر الشخص الذي يعاني من متلازمة الظهر المسطح إلى شد عضلات الظهر وثني الوركين والركبتين للوقوف بشكلٍ قائم، مما يؤدي مع مرور الوقت إلى الألم الشديد، ومن الجدير بالذكر أنّ هذه المتلازمة تحدث نتيجة للعديد من الأسباب منها داء القرص التنكسي (بالإنجليزية: Degenerative disc disease)، أو الكسور الانضغاطية (بالإنجليزية: Compression fractures)، أو التهاب الفقار اللاصق (بالإنجليزية: Ankylosing spondylitis)، كما يمكن أن تحدث بعد الخضوع لعملية جراحية مثل استئصال الصفيحة الفقرية (بالإنجليزية: Laminectomy)، أو دمج الفقرات القطنية (بالإنجليزية: Lumbar spinal fusion)، ومن خيارات العلاج لهذه المتلازمة العلاج الفيزيائي، وتمارين طريقة المشي والوقوف، ومسكنات الألم، بالإضافة إلى العلاج الجراحي المستخدم في حال عدم نجاح العلاجات الأخرى.
متلازمة تدلي الرأس
تُعدّ متلازمة تدلي الرأس (بالإنجليزية: Dropped head syndrome) واختصاراً DHS حالة طبية نادرة، تحدث نتيجة الحداب الشديد في منطقة العمود الفقري العنقي الصدري (بالإنجليزية: Cervico-thoracic spine)، وترتبط هذه الحالة بالعديد من الأمراض العصبیة مثل مرض باركنسون، وخلل التوتر العنقي (بالإنجليزية: Cervical dystonia)، والاعتلال النخاعي العنقي (بالإنجليزية: Cervical myelopathy)، وخلل الحركة المتأخر (بالإنجليزية: Tardive dyskinesia)، والأمراض العضلية مثل التهاب العضلات (بالإنجليزية: Polymyositis) وغيرها من الأمراض، وتسبب هذه المتلازمة محدودية في أنشطة الحياة اليومية، والعلاقات الاجتماعية في حياة المريض، وتحتاج في كثير من الأحيان إلى العلاج الجراحي.
إقرأ أيضا:عدد العظام في جسم الإنسان
الظهر المجوف
يحدث الظهر المجوف (بالإنجليزية: Lordosis) أو ما يعرف باسم الظهر السرجي، بسبب الانحناء الزائد إلى الداخل في الجزء السفلي أو الجزء العلوي من الظهر، وتجدر الإشارة إلى أنّ الأعراض الأكثر شيوعاً للظهر المجوف هو ألم العضلات الذي يمكن أن يمتد إلى الرقبة، والكتفين، وأعلى الظهر، بالإضافة إلى محدودية حركة الرقبة أو أسفل الظهر، ومن الأعراض الأخرى الظهر للمجوف الخدران، والتنميل، وعدم القدرة على التحكم في المثانة، والضعف، وعدم السيطرة على العضلات، وفي الحقيقة إنّ من الأسباب التي تؤدي إلى حدوث الظهر المجوف انزلاق الفقار (بالإنجليزية: Spondylolisthesis)، والوَدانَة (بالإنجليزية: Achondroplasia) التي تُعدّ أحد أنواع التقزم (بالإنجليزية: Dwarfism)، وهشاشة العظام (بالإنجليزية: Osteoporosis)، والساركوما العظمية (بالإنجليزية: Osteosarcoma)، والسمنة، ومن الجدير بالذكر أنّه يمكن علاجه عن طريق مسكنات الألم، والمكملات الغذائية مثل فيتامين د، والعلاج الطبيعي لتقوية العضلات وتوسيع نطاق الحركة، وتقليل الوزن، والحمالات (بالإنجليزية: Braces)، والجراحة في الحالات الشديدة.
انحراف العمود الفقري جانبياً
يحدث انحراف العمود الفقري جانبياً عند تقوس العمود الفقري جانباً خلال فترة النمو وقبل البلوغ مباشرة، ويؤثر في الذكور والإناث بنسب متساوية تقريباً، إلا أنّ الإناث تُعدّ أكثر عرضة لتفاقم الانحناء وازدياد الأعراض سوءاً، مما يتطلب العلاج بشكلٍ أكبر من الذكور، وتُعدّ معظم حالاته بسيطة، إلا أنّ بعض الحالات يمكن أن تسبب تشوهات في العمود الفقري، والتي تتفاقم مع نمو الطفل، ومن أعراض انحراف العمود الفقري جانبياً عدم تناسق الأكتاف، والخصر، وعدم انتظام مستوى الكتفين، إذ يبرز أحدهما بشكلٍ أكبر من الآخر، وارتفاع أحد الوركين بشكلٍ أكبر من الآخر، وفي الحقيقة تحدث معظم حالات انحراف العمود الفقري جانبياً دون معرفة السبب الدقيق للمشكلة، إلا أنّ بعض الحالات تحدث بسبب الشلل الدماغي، أو عسر النمو العضلي، أو إصابات العمود الفقري، أو العيوب الخَلقية، وتجدر الإشارة إلى أنّ من مضاعفات هذا التشوه تلف القلب والرئتين، وصعوبة التنفس وضخ الدم بسبب ضغط القفص الصدري الواقع على القلب والرئتين، بالإضافة إلى المعاناة من آلام الظهر المزمنة.