التعاون
التعاون ضرورة إنسانيّة، واجتماعيّة في هذه الحياة، ولا يُمكِن للمرء العيش بدونه، فمهما مَنَحه الله سبحانه وتعالى من سُبُل العيش، فإنّه لا يمكن له العيش مُنفرِداً؛ إذ إنّ الإنسان كائن اجتماعيّ في طبيعته، وقد خلق الله فيه الحاجة إلى أفراد آخرين لمُعاوَنته في إنجاز أموره؛ لكي تسير حياته بصورة أفضل، كما أمرَ الله سبحانه وتعالى عباده بالتعاوُن، شريطة أن يكون على البرِّ، والتقوى، وفعل الخيرات، ونَهى في كتابه العزيز عن التعاون على المُنكَرات، والمُحرَّمات، حيث قال تعالى: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ ۖ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۖ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ).
التعاوُن لغة: من العَوْن؛ وهو الظهير على الأمر، والتعاون مَصْدر الفعل (تَعَاوَنَ)، ويعني: المساعدة، والتآزر، أو المُؤازَرة، فيُقال: أعانه على الشيء: أي ساعده، ويُقال: استعان فلانٌ بفلانٍ آخر بمعنى: أنّه طلب العَون منه، وتَعاوَن القوم: أي أعان بعضهم بعضاً، ومُصطلَح التعاون بشكل عامّ يدلُّ على العمل الجماعيّ بين الأفراد، أو بين الشركات، وقد يدلُّ المُصطلَح على مَقصد سياسيّ، مثل التعامل مع العدوّ، وفي عِلم الاقتصاد يدلُّ مُصطلَح التعاون على مَذهَب اقتصاديّ شعاره الفرد للجماعة، والجماعة للفرد، ويكون من مظاهره تشكيل جماعات لآداء عمل مُشترَك؛ بهدف تحقيق مَصلَحة الأعضاء، والاستغناء عن الوسيط بينهم، والتعاوُن شرعاً: هو مساعدة الناس لبعضهم البعض في إحقاق الحقّ؛ بهدف نَيْل الأجر من الله سبحانه وتعالى.
إقرأ أيضا:معلومات مضحكة عن بعض الدولوفي معجم الأعمال الإنجليزيّ، وَرَد تعريف التعاوُن (بالإنجليزيّة: Cooperation) بأنّه عبارة عن: ترتيب اختياريّ، أو تطوُّعيّ، يتمُّ بين فردين، أو أكثر؛ لتحقيق مَنفَعة مُتبادَلة، بدلاً من التنافُس فيما بينهم، ويتحقَّق التعاوُن عندما تكون الموارد كافية لجميع الأطراف، أو بإنشاء الموارد في حال عدم توفُّرها، من خلال تفاعُلهم مع بعضهم البعض، وتتعدَّد مجالات، وأنواع التعاوُن؛ فهناك التعاوُن الاجتماعيّ، والتعاوُن العلميّ، والأخلاقيّ، والدفاعيّ، والأدبيّ، والحضاريّ، بالإضافة إلى التعاوُن في العبادات، وقد يكون التعاون على مستوى الأفراد، والشركات، أو على مستوى الدُّول، وعندئذٍ يُسمَّى بالتعاون الدوليّ (بالإنجليزيّة: International Cooperation)، مثل: التعاون فيما بين دُول الجنوب (بالإنجليزيّة: South-South Cooperation)؛ والذي يكون بين الدُّول ذات مستوى التنمية، والتطوُّر المُتماثِل، وهناك التعاون بين الشمال، والجنوب (بالإنجليزيّة: South-North Cooperation)؛ حيث يكون بين الدُّول النامية، والدُّول المُتقدِّمة، وغيرها من أنواع التعاوُنات الدوليّة، ومن مجالات التعاوُن الدوليّ: التعاون الماليّ، أو الثقافيّ، أو الإنسانيّ، أو غيرها.
فوائد التعاون
للتعاون العديد من الفوائد التي تعود على الفرد، والمُجتمَع، ومنها:
- إنجاز الأعمال الكبيرة التي لا يقوى الفرد على إنجازها مُنفرِداً.
- مواجهة الأخطار التي تُحِيط بالأفراد.
- التقدُّم والنجاح في مختلف المجالات.
- شعور الأفراد بالمساواة الإنسانيّة، وتحقيقها.
- زيادة قوَّة الأفراد، وتخليصهم من الشعور بالعجز.
- زيادة الأُلفة، والمَحبّة بين الأفراد.
- التخلُّص من الحسد، وإزالة الحقد من القلوب.
- استفادة الأفراد من خبرات بعضهم البعض، وتجاربهم في مُختلَف الأمور.
- رَفْع الظلم عن الآخرين.
- تنظيم أوقات الأفراد، وتوفير الجهد.
- تقاسُم الأفراد لأعمالهم؛ ممّا يؤدِّي إلى تخفيف العبء عنهم.
- زيادة تماسك أفراد المُجتمَع، وإظهار قوَّتهم.
- التخلُّص من حبِّ الذات، والأنانيّة.
- تحقيق رضا الفرد عن نفسه؛ الأمر الذي من شأنه زيادة شعوره بالسعادة.
- تنفيذ الأعمال، وإنجازها بسرعة أكبر.
- تحقيق استثمار أكبر في مُختلَف الأمور.
- تسريع عمليّات التطوُّر، والتقدُّم العلميّ، والتقنيّ.
- تجديد طاقة الأفراد، وزيادة قوّتهم، وتحفيزهم؛ لبَذْل المزيد من الجهد، وإتقان أعمالهم.
- اكتشاف الأفراد لذواتهم، وما يملكون من طاقات، وقدرات، وخبرات كامنة.
- الحدُّ من الازدواجيّة في العمل.
- تسهيل الأعمال، وتيسيرها.
التعاون في الإسلام
وَضَع الله سبحانه وتعالى التعاون صفة في الإنسان، حيث فَطَرَه عليها؛ فالمخلوقات جميعها، كبيرها، وصغيرها، مجبولة على هذه الفِطرة، وسواء كانت هذه المخلوقات من الإنس، أو الجنّ، فإنّها لا تستطيع العيش، وتحمُّل أعباء الحياة فُرَادى، وإنّما يحتاج كلُّ فرد إلى من يُعاوِنه في مُختلَف أموره، وقد جاءت العديد من النصوص الشرعيّة بصيغة الجماعة؛ للدلالة على أهمِّية اجتماع الأفراد، وتعاوُنهم مع بعضهم البعض؛ فمثلاً وَرَد قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوَاْ) في القرآن الكريم 89 مرّة، كما ورد قوله تعالى: (أَيُّهَا النَّاسُ) في القرآن الكريم 20 مرّة، وغيرها من الآيات التي دلَّت على أهمِّية التعاون بشكل صريح، بالإضافة إلى حثِّ الرسول -عليه الصلاة والسلام- على التعاون في الكثير من الأحاديث النبويّة الشريفة.
إقرأ أيضا:كيف تغير روتينك اليوميأمّا أقسام التعاون، فهي: التعاون على البرِّ والتقوى، والتعاون على الإثم والعدوان، ومن أمثلة التعاون على البرِّ والتقوى: التعاون في حماية البلاد والدفاع عنها، والتعاون في إقامة حدود الله، والتعاون على إعطاء كلِّ ذي حقّ حقَّه، أمّا فيما يتعلَّق بالتعاون على الإثم والعدوان، فمن أمثلته: إعانة الأفراد بعضهم البعض على دم معصوم، أو الإعانة على أَخْذ مالٍ معصوم، أو التعاون على التهجُّم وضَرْب من لا يستحق ذلك، وغيرها من الأمور التي حرَّمها الله ورسوله.
إنّ التعاون على الإثم والعدوان يعودُ على الأفراد والمُجتمَعات بالعديد من الأمور السيِّئة، منها: أنّه يُؤدِّي إلى خراب المُجتمَع، وقَلْب نظامه رأساً على عَقِب، ويساعد على فساد الذِّمَم، كما أنّه يُساعِد على انتشار الظلم، والطغيان، ويفتح أبواب الشرِّ، ويُغلِق أبواب الخير والحق، الأمر الذي يُؤدِّي إلى ضياع الحقوق من أيدي أصحابها، بالإضافة إلى أنّه يُظهِر خِسَّة صاحبه، ومدى دناءة نفسه، على عكس التعاون على البرِّ والتقوى، فهو بالإضافة إلى فوائده العديدة، يُعَدّ ثمرة من ثمار الإيمان، وسبباً لنَيْل رضا الله -عزّ وجلّ-، ومَحبَّته، وهو سبب لنَيْل تأييده تعالى أيضاً،[٩] كما أنّه يُحقِّق سنّة الله -سبحانه تعالى- في خَلْقه، ويوافق الطبيعة التي جُبِلَت الكائنات عليها.
إقرأ أيضا:أفكار هدايا للرجال غير تقليدية