قال ابن خلدون في مقدّمته عن الخط: إنّه صناعةٌ شريفة يتميّز بها الإنسان عن غيره، وبها تتأدّى الأغراض؛ لأنّها المرتبة الثّانية من الدلالة اللغويّة.
جعل الله التّفاهم بين النّاس باللسان والقلم، وجعل الكتابة وسيلة الإقرار، وتبرئة الذّمم، وتوثيق العقود، وحفظ العلوم والتّراث الثّقافي والحضاري للأمم عبر التّاريخ، وهي وسيلة هامّة للمعرفة والتّواصل بين البشر.
تعريف الخط
- هو عمل وتشكيل الكتابة في جميع الّلغات التي تستخدم الأحرف العربية.
- لقد عُرَّف الخطّ أيضاً بأنّه رسومٌ وأشكال حرفيّة تدلّ على الكلمات المسموعة الدالّة على ما في النّفس الإنسانيّة من معانٍ ومشاعر. وليس هناك تشريفٌ أرفع لعلم الخطِّ من إضافة الله سبحانه تعليم الخطِّ لنفسه وامتنانه بذلك على عباده. قال صاحب كتاب زاد المسافر: الخط لليد لسان، وللخَلَد ترجمان، فرداءته زمانة الأدب، وجودته تبلغ شرائف الرّتب، وفيه المرافق العظام التي منّ الله بها على عباده، فقال جلّ ثناؤه: “وربّك الأكرم، الذي علَّم بالقلم، علَّم الإنسان مالم يعلم”.
ميّزات الكتابة العربيّة
تتميّز الكتابة العربية بأنّها مترابطة ومتّصلة مع بعضها البعض، ويمكن من خلالها عمل أشكالٍ هندسيّةٍ متنوّعة من خلال الاستدارة والتزوية والمدّ والتداخل والتّركيب والتّشابك.
أول من خطّ الخطّ العربيّ
يعتبر سيّدنا إسماعيل عليه السلام أوّل من خَطَّ الخطَّ العربي ـ كما قال ابن عباس ـ وزاد أنّه كان موصولاً حتّى فرّق بينه ولده. وقيل: مَرامر بن مرَّة، وأسلم بن جَدْرة، وهما من أهل الأنبار. وقيل: أوّل من كتب بالعربيّة حرب بن أميّة بن عبد شمس، تعلَّم من أهل الحيرة، وتعلَّم أهل الحيرة من أهل الأنبار.ويقول ابن دريد في أمالية: عن عوانة قال: أوّل من كتب بخطِّنا هذا وهو الجزم مَرامر بن مرَّة، وأسلم بن جَدْرة الطائيان، ثم علَّموه أهل الأنبار، فتعلَّمه بشر بن عبد الملك أخو أكيدر بن عبد الملك الكندي صاحب دومة الجندل، وخرج إلى مكّة فتزوّج الصهباء بنت حرب بن أميّة أخت أبي سفيان، فعلَّم جماعةً من أهل مكة، فلذلك كَثُرَ من يكتب بمكّة. ويقول رجلٌ من كندة يمنّ على قريش بتعليم بِشْرٍ لهم: لا تجحدوا نعماء بِشْرٍ عليكـمُ فقد كان ميمـون النّقيبة أزهراً أتاكم بخطّ الجزم حتى حفظتموا من المال ما قد كان شتّىً مبعثراً.
إقرأ أيضا:قصيدة ماذا بعدأنواع الخطوط
الخطّ الكوفي
ظهر هذا الخط في الكوفة من قبائل اليمن. والكوفي هو الخط الّذي يميل إلى التّربيع والهندسة.
الخط الموزون
ظهر هذا الخطّ في الشام بعد تعريب الدواوين في عهد الخليفة الأموي عبدالملك بن مروان.
الخط المنسوب
وهو الخطّ الموزون، له نسبٌ قياسيّة خاصّة، وعدد أقلامها 24. وتمّ تشكيل 6 أنواع من الخطوط هي: الثلث، والرّيحان، والتّوقيع، والمحقَّق، والبديع، والرّقاع على يد الوزير أبو علي محمّد بن مُقْلة، ثم أخوه أبو عبد الله الحسن.
خط الرّقعة
هو خط عربي ليس بالصعب ، يتميز بجماه و قوته في وقت واحد والسرعة عند كتابته، وهو منشر في جميع الدول العربية و استخدامته قليلة لكن كثيرة في الآيات القرآنية .
خطّ النّسخ
وأوجد أساسيّاته الوزير ابن مقلة، سمّي بالنّسخ لأنّه يستخدم كثيراً في نسخ الوثائق والكتب ونقل ما تحويه؛ لسهولة رسمه، ولوضوح أحرفه وكبرها، ولجمال منظرها.
خطّ الثّلث
يمتاز هذا الخط بالمرونة، وبتشكّل أنواع وأشكال الحروف فيه، ويمكن كتابة جملة واحدة عدّة مرّات بأشكالٍ مختلفة. ويقلّ هذا النّوع في القرآن، ويستخدم في كتابة العناوين، ويعدّ رسم هذا الخطّ صعباً.
إقرأ أيضا:لا تحكم على الناسالخطّ الفارسي
ومن صفات هذا الخطّ الزخرفة الموجودة فيه، والليونة، والرّشاقة، والأحرف الدائريّة، والانحناءات، والالتفافات.
الخطّ الديواني
وهو الخطّ الرّسمي في كتابة الدّواوين، ويكتب هذا الخطّ على سطرٍ واحدٍ بمرونة عالية.
إقرأ أيضا:الأيام طه حسينملخّص
لا يشكّل الخطُّ العربي أداةً لتجسيد اللغة الحاملة للخصائص الحضاريّة والتاريخيّة والثقافيّة للأمّة العربيّة فحسب بل يحمل هذا الخطُّ أقدس رسالة خُصِّ بها العرب إلى جميع بني البشر في كلّ زمانٍ ومكان، وهي القرآن الكريم، وبهذا المعنى أضحى الخطُّ العربيّ يتمتّع بميّزة مقدَّسة لم تتوفّر لغيره من الخطوط لكلّ اللغات المتعارف عليها في العالم اليوم. ولهذا الغرض اجتهد العرب وجهدوا ليمنحوا الأحرف العربيّة المكانة الأعلى، والمنزلة الأرفع الّتي منحها القرآن الكريم للغتهم السّامية.