كل خلق الله من البشر إخوة، فالبشرية كلها عائلة واحدة أبونا آدم، وأمنا حواء، أنا أخ لكل من فقد أخاه، وأخ لكل البشر، أؤمن بجميع الأديان السماوية التي أنزلها الله على عباده، فلا أضمر ضرّاً لأيٍّ من أبناء الديانات الأخرى، أسعى لنشر المحبة بين الناس، فلا أرجو من الخالق إلا أن يجعل في قلوب الناس مكانة لي تحبني وتكره أن يصيبني مكروه ما.
أتبع الدين الإسلامي لكني لست من المتشددين، الإعتدال أمر يغلب على كافة أطباعي وأفكاري، لذا فمن هذا المنطلق أرفض رفضاً تاماً لتقاليد وعادات الشعوب التي تقضي بالتمييز والإنحياز لفئة دون أخرى دون أي مبرر، إنحياز قائم على العصبية الجاهلية والحزبية البغيضى؛ أتقبل النقد واحترم الرأي الآخر وإن تعارض مع آرائي فالعقول ليست واحدة، وإن كنا عقلاً واحدا لما تمايز كل واحد منا عن الآخر بصفة تميزه وأمر يحبه.
لا أخفي أني منحاز لأبناء وطني، وذلك لا لأنهم أفضل أو أجمل أو أقوى أو أذكى أو أي سبب من هذا وذاك، بل لأننا من الشعوب المنسحقة المضطهدة، أنا نصير للكادحين المضطهدين في الأرض، مع كل من قام بوجه مغتصبيه وصرخ، مع كل من حمل راية التغيير، مع كل من خرج بذاته ونفسه عن التيار الأعمى والإتّباع الباطل، مع كل من وجد لنفسه فكرة يتبناها، فأبناء الفكر هم من يرتقون بالبشرية، لذا أسعى للإلتحاق بركبهم.
إقرأ أيضا:تلخيص اللص والكلاب لنجيب محفوظرأيي يمثلني ومسؤول عن صمتي وكلامي وأفعالي، لا يعني الإنطباع الذي يكوّنه أحدهم عني، فأنا أعرف ما يدور بداخلي والدوافع التي تكمن وراء تصرفاتي؛ أمقت الرياء الإجتماعي والإنصياع للجماعة لمجرد أنهم أكثرية؛ يهمني أن أرضي نفسي وخالقي، أما الناس فلا يعنيني أي مما يعتقدون فما رفضته الجماعة قبلته، وما قبلوه رفضته.
أعتذر إن أخطأت، وأسامح إن ظُلمت، أبادر بالقبول حتى وإن كنت على حق، فمحبة الخلائق أمر لا يسهل على الجميع فعله، ليس من السهل على أي كان أن يكبح جماح ما في قلبه من ضيق أو استياء أو غضب، بل هو أيسر بفارق كبير أن ينجرف الإنسان ليسل المشاعر السلبية التي قد تجتاحه، والمسامحة أمر أشبه بالسباحة ضد التيار، إنه لتحدٍ مجهد، لكنه يبعث سعادة في القلب لا تضاهى، فما من أمر أشد قربا ً إلى قلبي من إدخال السعادة إلى قلب شخص آخر، وإن كان على حساب سعادتي.
كلنا بشر وكلنا نخطىء، لكن من يصارح الآخر هو المحسن وإن كان على خطأ؛ أشعر بالنقائص أحياناً ويغمرني السعي وراء الكمال، والكمال لله وحده؛ كل منا لديه جانبه المظلم وجانبه السري، هناك ما يجب أن يظل مخفياً عن الآخر، لأن فيه راحة لقلبه ولك؛ كن مختلفاً، كن طيباً، كن مسامحاً، كن أنت، كما قال الشاعر الفلسطيني محمود درويش: “كن أنت حيث تكون، واحمل عبء قلبك وحده”.
إقرأ أيضا:قصائد سعد بن جدلان