تلخيص مسرحية شهرزاد
تُعتبر مسرحية شهرزاد إحدى مؤلّفات توفيق الحكيم الذهنية التي كتبها سنة 1934م، وتدور المسرحية حول فكرة ما إذا كان الإنسان قادراً على العيش خاضعاً للعقل متجاهلاً نداء القلب والجسد اللذين يكمن فيهما سرّ الحياة النابضة، ورغم معالجة هذه القضية في قصة ألف ليلة وليلة التي لاقت ترحيباً جماهيرياً واسعاً وغير مسبوق بين جمهور فنّاني الغرب والشرق، إلّا أنّ الصراع بين العقل ونظيريه القلب والجسد بقي موضع اهتمام للحكيم، فالّف مسرحية شهرزاد التي يُجسّد فيها شهريار دور الباحث عن العقل والمعرفة بعد أن انصاع لشهوته الجسدية فتنتهي محاولات الحكيم في إيجاد حلّ لهذه القضية الذهنية بأن من يُسلّم للعقل زمام الأمور ينتهي كالشعرة تشيب وتبيض فيُصبح انتزاعها العلاج الوحيد، كما عبّر الحكيم عن النزاع بين الإنسان والمكان ففي النهاية يكون الأول مغلوباً للأخير.
تدور أحداث مسرحية شهرزاد حول الملك شهريار الذي كان متسلّطاً ومتجبّراً، والذي يجد زوجته الأولى مع عبد أسود فيقتلها، وبعدها يُقرّر أن يتزوّج كلّ ليلة من امرأة ويقتلها في صباح اليوم التالي انتقاماً من زوجته، واستمرّ في ذلك حتّى تزوّج من الملكة شهرزاد التي تمتاز بالذكاء، و الحكمة، والفطنة، حيث قرّرت شهرزاد أن تسرد له في كلّ ليلة حكايةً وتتعمّد استكمالها في الليلة التالية كي تغلب رغبته في سماع القصة على رغبته في قتلها، وتستمرّ حكايات شهرزاد المتتالية حتّى تُخضع الملك شهريار باستخدام لغة العقل، فتنتصر في النهاية وتكون سبباً في تحرير نساء المدينة من ظلمه.
إقرأ أيضا:خطوات كتابة مقالتضم مسرحية شهرزاد سبعة مناظر*، حيث يصعد الصراع منذ المنظر الأول ويستمرّ حتّى تزداد حدّته في المنظر الخامس، وتنحلّ عقدة المسرحية في المنظرين السادس والسابع اللذين يُشير فيهما الحكيم إلى هلاك شهريار، وأنّه لم يعد قادراً على مواجهة الحياة فقد شاخ قلبه وجسده، وتجري أحداث المسرحية حسب المناظر كالآتي:
- المنظر الأول: احتفال النساء بعيد الملكة شهرزاد.
- المنظر الثاني: رغبة الوزير قمر في التعرّف على الملكة شهرزاد.
- المنظر الثالث: سفر الملك شهريار إلى بلاد الواق واق واصطحابه الوزير قمر معه.
- المنظر الرابع: رحلة شهريار وقمر إلى الصحراء.
- المنظر الخامس: اختلاء الملكة شهرزاد مع العبد.
- المنظر السادس: اكتشاف شهريار خيانة زوجته.
- المنظر السابع: انتحار الوزير وذهاب العبد حرّاً من يد شهريار.
عناصر مسرحية شهرزاد
تتألّف مسرحية شهرزاد من مجموعة من العناصر كالآتي:
- الموضوع: والذي يدور حول الصراع المستمرّ بين قلب الإنسان وعقله، ومدى قدرته على العيش بأحدهما دون الآخر.
- الشخصيات: والتي تنقسم إلى الشخصيات الرئيسية المُتمثّلة بالملك شهريار الذي يرمز إلى نداء القلب والجسد، والملكة شهرزاد التي ترمز إلى المعرفة الكاملة والغامضة، والوزير قمر الذي يرمز إلى القلب النقي، والعبد الذي يرمز إلى النزعة الجسدية، أمّا الشخصيات الثانوية فهي؛ الساحر، والجارية، والجلاد، والعذراء، وأبو ميسور.
- الزمان: جرت معظم أحداث المسرحية في الظلام كرمز للغموض.
- المكان: تنوّعت الأماكن في المسرحية بشكل فريد من نوعه؛ إذ تدور الأحداث في القصر، وخان أبو ميسور، وخدر شهرزاد، وبيداء مقفر.
- الحوار: تتواصل الشخصيات المختلفة معاً من خلال حوارات مباشرة أو غير مباشرة تحمل دلالات ورموز بليغة.
- الصراع: وهو صراع النفس ورغبتها في التخلّص من القلب والعقل لمعرفة إمكانية استمرارية الحياة من عدمها.
القيمة الفنية لمسرحية شهرزاد
تُعتبر مسرحية شهرزاد لتوفيق الحكيم أول عمل مسرحي يوظّف أسطورة شهرزاد في المسرح العربي، وقد تُرجمت المسرحية الى اللغتين الفرنسية والإنجليزية؛ حيث نُشرت في فرنسا عام 1937م وفي إنجلترا عام 1940م، إذ وضع الحكيم نهايةً لقصة شهريار مفترضاً أنّه تغلّب على رغبات جسده وقلبه، وأصبح في نهاية المطاف رجلاً آخر مختلفاً عمّا كان عليه في ألف ليلة وليلة، وما ساعد على تميّز نص الحكيم في مسرحية شهرزاد هو الوحي الإيقاعي الذي كتب عليه المسرحية، فقد كان إحساسه فيها موسيقياً يميل الى الطراز السترافنسكي، فطغى على لغة المسرحية الرقيّ والشاعرية دون تكلّف.
إقرأ أيضا:الخصائص الفنية للشعر الجاهليكتابة مسرحية شهرزاد
يُرجّح أنّ توفيق الحكيم كتب مسرحية شهرزاد خلال الفترة ما بين عامي١٩٣١-١٩٣٣م، وذلك من خلال الأسلوب المُتّبع في كتابتها واللغة المستخدمة فيها والتي تُشبه نظيراتها من مؤلّفاته في الفترة نفسها؛ كالزمار، وحياة تحطمت، والخروج من الجنة، ورصاصة في القلب، إذ تظهر محاولات توفيق الحكيم في مؤلّفاته السابقة في الحرص على التشابه بين الألفاظ في اللغة ومعانيها في ذهن القارئ، وقد أشرفت مطبعة دار الكتب المصرية على صدور المسرحية في طبعة فخمة في شهر آذار من عام ١٩٣٤م؛ لما لها من قيمة أدبية راقية بلغها فنّ الأستاذ توفيق الحكيم متفوقاً بها على كلّ مؤلفاته على جميع الأصعدة من جوهر، وروح، وإحساس، وأصالة.
توفيق الحكيم مؤلّف مسرحية شهرزاد
ولد الكاتب والأديب المصري توفيق الحكيم مؤلّف مسرحية شهرزاد في الإسكندرية بتاريخ 9 تشرين أول عام 1898م، وتوفي في القاهرة بتاريخ 26 تموز عام 1987م عن عمر يُناهز 89 عاماً، ويُعدّ من أبرز روّاد الرواية والكتابة المسرحية العربية في تاريخ الأدب العربي الحديث، وكان توفيق الحكيم يتبع تيّار المسرح الذهني في كتابة مسرحياته، ممّا جعل من تجسيدها في عمل مسرحي أمراً في غاية الصعوبة، وقد عبّر عن ذلك في إحدى مقابلاته الصحفية قائلاً: “إني اليوم أقيم مسرحي داخل الذهن وأجعل الممثلين أفكاراً تتحرّك في المطلق من المعاني مرتدية أثواب الرموز لهذا اتسعت الهوة بيني وبين خشبة المسرح ولم أجد قنطرة تنقل مثل هذه الأعمال إلى الناس غير المطبعة.”
إقرأ أيضا:قصائد الشاعر سعد علوش______________________________________________________________________________
- المنظر: الفنون التشكيلية التي يتمّ تنفيذها على خشبة المسرح لخلق إيحاءات بمكان العمل المسرحي وزمانه، والحالة النفسية، والاجتماعية، والسياسية، والاقتصادية، التي تدور خلالها الأحداث.