السيدة عائشة رضى الله عنها
عائشة بنت أبي بكر الصديق، وهي أم المؤمنين، وزوج الرسول صلى الله عليه وسلم، وأحب نسائه إليه، ولدت رضى الله عنها في السنة التسع قبل الهجرة، وكانت تُكنى بأم عبد الله، ولا بدّ من الإشارة إلى أنها كان لها أثر كبير في رواية الكثير من الأحاديث التي وردت عن الرسول صلى الله عليه وسلم، وقد أنزل الله فيها آيات في القرآن لتبرئتها من حادثة الإفك، وفي هذا المقال سنعرفكم على حادثة الإفك كاملة.
حادثة الإفك كاملة
فقد العقد
ذكر القرآن الكريم قصة الإفك أو حادثة الإفك بشكل مفصل في سورة النور، وقد بيّن تفاصيلها، وما لحق بأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها فيها من ظلم وأذى، وقد وقعت هذه الحادثة في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم بينما كان خارجاً مع عائشة التي أصابتها القرعة في أحد غزواته؛ وهي غزوة بني المصطلق؛ وقد كان من عادات النبي صلى الله عليه وسلم إذا خرج إلى أحد غزواته عمل قرعة بين نسائه، وقد وقعت القرعة في هذه الغزوة على عائشة، وبعد أن انتهت الغزوة نزل المسلمون إلى بعض المنازل، فخرجت السيدة عائشة لحاجتها، وبينما هي في الطريق فقدت عقداً لأختها كانت قد أعارتها إياه، فلم تنتبه لذلك لأنّ العقد كان رقيقاً، وعندما أرسل الرسول صلى الله عليه وسلم بمؤذن يؤذن في الناس للرحيل، فقدت السيدة عائشة العقد، فرجعت إلى المكان الذي الذي فقدته فيه تبحث عنه في وقتها، وفي هذه الأثناء جاء النفر الذين كانوا يقودون هودجها، فظنوها فيه، فحملوه، ولم ينكروا خفته، حيث كانت النساء إذ ذاك خفافاً لم يهبلن، ولم يغشهنّ اللحم، حيث كنّ يأكلنّ العلقة من الطعام، وقد كانت رضى الله عنها حديثة السنّ لم يغشها اللحم الذي كان يثقلها، فعادت عائشة إلى المنازل التي كانوا يقيمون فيها، وكانت قد وجدت العقد، لكنها لم تجد في أحداً، فقعدت فيها، وتلفعت في عبائتها، ظناً منها أنهم سيفقدونها، ويعودون إليها، فغلبها النعاس، ونامت عيناها.
إقرأ أيضا:قصة موسى مع الخضرمساعدة صفوان بن المعطل للسيدة عائشة
لم تستيقظ السيدة عائشة إلا بقول صفوان بن المُعَطَّل: إنا لله وإنا إليه راجعون، زوجة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فلما رآها عرفها، حيث أنه كان يراها قبل نزول الحجاب، فاسترجع وأناخ راحلته، فقربها إليها، فركبتها، وما كلمها كلمةً واحدةً، ثمّ سار بها يقود الجمل، حتى قدم بها إلى الجيش.
تناول السيدة عائشة بالحديث
لما شاهد الناس عائشة تكلم كلٌ منهم بشاكلته، فوجد المنافقون والحاسدون في ذلك متنفساً لهم كي يخرجوا النفاق والحسد الذي في صدورهم، وقد وصل الخبر الرسول صلى الله عليه وسلم ولكنه بقي ساكتاً لا يتحدث، ولكنه كان يشعر بالحزن الشديد على ما يقال عن أم المؤمنين عائشة، فلما لبث الوحي طويلة، استشار أصحابه في فراقها، ولا بدّ من الإشارة إلى أن السيدة عائشة مرضت مرضاً شديداً، وطلبت من الرسول صلى الله عليه وسلم أن تمكث عند أمها، خاصة بعد ما أحسّت بالجفاء الذي وقع بينها وبين الرسول.
خطاب الرسول صلى الله عليه وسلم للسيدة عائشة
خرج الرسول صلى الله عليه وسلم إلى المسجد، وألقى خطبة في الناس، يستنكر ما وقع منهم من الحديث عن زوجته وعرضه، ومن ثمّ توجه غلى بيت أبي بكر رضى الله عنه، للقاء السيدة عائشة، فلما رأها قال لها: (يا عائشة، فإنه بلغني عنك كذا وكذا، فإن كنتُ بريئة فسيبرئك الله، وإن كنتُ ألممت بشيء فاستغفري الله وتوبي إليه، فإن العبد إذا اعترف بذنبه ثم تاب تاب الله عليه ) [صحيح البخاري]، فردت عليه قائلة بأنها لن تتوب عن ذنب لم تقترفه، وأنّها واثقة من برائتها، وتلت قوله تعالى: (فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ) [يوسف:18].
إقرأ أيضا:قصة سلمان الفارسيبراءة السيدة عائشة
نزل الوحي على الرسول صلى الله عليه وسلم ليبين براءة السيدة عائشة رضى الله عنها وكان ذلك في سورة النور:(إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ ۚ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم ۖ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ۚ لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُم مَّا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ ۚ وَالَّذِي تَوَلَّىٰ كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ*لَّوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَـٰذَا إِفْكٌ مُّبِينٌ*لَّوْلَا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ ۚ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَـٰئِكَ عِندَ اللَّـهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ*وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّـهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ لَمَسَّكُمْ فِي مَا أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ*إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُم مَّا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِندَ اللَّـهِ عَظِيمٌ*وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُم مَّا يَكُونُ لَنَا أَن نَّتَكَلَّمَ بِهَـٰذَا سُبْحَانَكَ هَـٰذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ*يَعِظُكُمُ اللَّـهُ أَن تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَدًا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ*وَيُبَيِّنُ اللَّـهُ لَكُمُ الْآيَاتِ ۚ وَاللَّـهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ*إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ۚ وَاللَّـهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ*وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّـهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّـهَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ)[النور: 11ـ20]
إقرأ أيضا:قصة قوم ثمود