حلول تلوث التربة
يُؤثر التلوث بشكل سلبي ومباشر على البيئة، وبالتالي على صحة الإنسان، والحيوان، والنبات، ويُشكّل تلوث التربة على وجه التحديد مشكلة وتحدياً حقيقياً للجهات الحكومية وللمواطن، إذ تُعدّ التربة أحد المصادر الطبيعية غير المتجددة، فقد تستغرق عدة آلاف من السنين للتشكل والتجدد مرة أخرى، بينما تكون استجابتها للتدهور البيئي سريعة، وقد تحدث في بضع سنوات أو عقود، لذا تقوم المؤسسات والجهات الحكومية بتقديم العديد من الحلول لتجنب التلوث، ومنها:
الحلول العلاجية
بعد الإقرار بخطورة تلوث التربة والحاجة إلى معالجتها، لا بدّ من اختيار أفضل التقنيات التي تتناسب مع طبيعة وسُميّة وأصل ملوِّثات التربة، ودرجة التلوث الموجودة أو المتوقعة من هذا الملوِّث، والخصائص الكيميائية والفيزيائية للتربة، والغرض من استخدام التربة، والوقت المتاح لمعالجتها، ومدى جاهزية المجتمع لهذه العملية، والكلفة والفائدة المرجوة من علاج التربة، وفيما يأتي عرض مفصل لأفضل طرق المعالجة المتبعة والمُوصى بها لعلاج التربة:
المعالجة الكيميائية
تعد المعالجة الكيميائية للتربة ذات فاعلية كبيرة، فهي تهدف إلى معالجة الملوِّثات التي أصبحت جزءاً من التربة، أو تحسين خصائص الملوِّثات الكيميائية مما يجعلها أقل خطراً على التربة، وتجدر الإشارة إلى أنّ استخدام المعالجة الكيميائية لتلوث التربة قد يؤدي إلى تكوين مواد كيميائية ثانوية نتيجة العلاج الكيميائي، مما يؤدي إلى زيادة الخطوات المتبعة لعلاج التربة.
إقرأ أيضا:نتائج تلوث الماءالمعالجة الميكروبية
تهدف المعالجة الميكروبية إلى معالجة الملوِّثات العضوية الموجودة في التربة عن طريق الكائنات الحية، وذلك بتحويل هذه الملوِّثات العضوية إلى غاز ثاني أكسيد الكربون، أو ماء، أو أيّة نواتج أخرى لتستخدمها الميكروبات فيما بعد في عملية البناء الضوئي والنمو الخاصة بها، إذ تقوم الميكروبات بمعالجة التربة إمّا عن طريق إطلاق إنزيمات قادرة على تحليل الملوِّثات، أو عن طريق زيادة مقاومة التربة لهذه الملوِّثات، كما تعمل الميكروبات على معالجة المعادن الثقيلة عن طريق امتصاصها، وهي عملية تحدث إمّا عن طريق التراكم الحيوي، أو عن طريق الادمصاص (بالإنجليزية: adsorption).
المعالجة الحرارية
تهدف المعالجة الحرارية إلى التخلص من ملوِّثات التربة عن طريق أحد السبل الآتية:
- إزالة الملوِّثات عن طريق التبخر، إمّا عن طريق النقل الحراري المباشر من الهواء الذي تمّ تسيخنه، أو تعريضها للهب المكشوف، أو عن طريق النقل الحراري غير المباشر.
- تدمير الملوِّثات بطريقة مباشرة أو غير مباشرة عند درجة حرارة مناسبة لذلك.
وفي كلتا الطريقتين، يعمل الغاز الناجم عن عملية التسخين على تدمير أو إزالة أو معالجة الملوِّثات أو أيّ نواتج احتراق غير مرغوب بها، وبعد الانتهاء من هذه العملية يتمّ تعرية المجرى الذي تمّ حقن البخار بداخله في التربة، وذلك للمساعدة على تبخر الملوِّثات المتطايرة نسبياً والتي قد تكون قابلة للذوبان في الماء أو غير قابلة للذوبان فيه.
إقرأ أيضا:كيف تتم عملية المحافظة على الثروة المائيةتقنيات الفصل
يُمكن إزالة الملوِّثات من التربة عن طريق مجموعة من العمليات القائمة على فصل التربة إلى مجموعة من الأجزاء بناءً على الكثافة النوعية، أو حجم الحبيبات، أو سرعة الترسيب، وأحياناً يُعدّ السبب الرئيسي للجوء إلى هذه الطريقة هو أنّ الملوِّثات عادة ما توجد في الأجزاء الخشنة أو الناعمة من التربة أو في المكونات العضوية للتربة كالدبال.
كما يُمكن التخلص من ملوِّثات التربة من خلال اللجوء إلى أحد تقنيات الفصل المعروفة -كما في عملية استخلاص المذيبات-، وذلك لفصل التربة عن الملوّثات الموجودة بداخلها، باستخدام عامل استخلاص قد يكون عبارة عن محلول مائي، ولكن يُفضل استخدام مذيب عضوي، وينتج عن تقنيات الفصل المتبعة إزالة العديد من المعادن الموجودة في التربة الملوّثة، مثل: الكادميوم، والنحاس، والزنك، والنيكل، والكروم، والزرنيخ، والأنتيمون، والرصاص، إذا ما تمّ استخدام محلول معدني، أمّا في حال استخدام محلول هيدروكسيد الصوديوم، فقد تكون النواتج عبارة عن: رصاص الزنك، والمركبات العضوية الفلزية، وبعض من السيانيد، وفي بعض الأحيان قد تنتج عن عملية الفصل استخلاص بعض مركبات الهيدروكربونات والهيدروكربونات المهلجنة.
الحلول الوقائية
فيما يأتي بعض الحلول الوقائية المقترحة لمنع الوصول إلى تلوث التربة:
- الحد من استخدام الأسمدة، والمبيدات الكيماوية، والاستعاضة عنها بالأسمدة البيولوجية وروث الحيوانات، حيث تلعب الطرق البيولوجية دوراً مهماً في مكافحة الآفات، وبالتالي التقليل من تلوث التربة.
- إعادة استخدام المواد، كالأواني الزجاجية، والأكياس البلاستيكية، والورقية، والقماش بدلاً من التخلص منها، مما يقلل من تلوث التربة بالنفايات الصلبة.
- إعادة تدوير المواد كالزجاج، وبعض أنواع الورق والبلاستيك؛ للتقليل من حجم النفايات والمساهمة في حماية الموارد الطبيعية، فعلى سبيل المثال إنّ إعادة تدوير طن واحد من الورق كفيل بالحفاظ على 17 شجرة.
- التقليل من النمط الاستهلاكي المتزايد لدى شريحة كبيرة من السكان، فالزيادة في الاستهلاك يترتب عليها زيادة التلوث وخصوصاً تلوث التربة.
- تجنب شراء المنتجات البلاستيكية ورمي القمامة على الأرض، حيث إنّ المنتجات البلاستيكية بما في ذلك الأكياس المُستخدَمة لأغراض مختلفة تزيد من نسب التلوث، إضافة إلى أنّ إلقاء أعقاب السجائر على الأرض يؤدي إلى تلوث التربة بالعديد من المواد الكيميائية والتي قد تتسرب إلى طبقات المياه الجوفية عن طريق مياه المطر.
- التركيز على توضيح هذه القضايا عن طريق التعليم، وخصوصاً للأعمار الصغيرة من خلال توعيتهم بالآثار السلبية للتلوث، وكيفية الحفاظ على البيئة، ولا بدّ أنّ الأطفال سينقلون هذه المعرفة إلى الأهل لمحاولة تعديل سلوكياتهم تجاه البيئة.
- التخلص السليم من النفايات، وهذه مسؤولية تقع على عاتق الأفراد والصناعات، أمّا الأفراد فعليهم التأكد من التخلص من القمامة بأكثر الطرق فاعلية، أمّا القطاع الصناعي فعليه أن يتخلص من النفايات بشكل يضمن الحفاظ على البيئة.
- منع استخدام المواد الكيميائية السامة في صنع المواد الكيميائية ومبيدات الحشرات، والتي قد تكون مميتة للنبات والحيوان، بالإضافة إلى ضرورة حظر التفجيرات النووية، والتخلص غير السليم من النفايات المشعة.
- إعادة التشجير، وذلك من خلال بعض السياسات التي تُطالب المواطنين بزراعة أشجار بدلاً من تلك التي تمّ قطعها لمنع تآكل التربة، كما يجب وضع عقوبات صارمة بحق الأشخاص الذي يقطعون الأشجار دون أيّ صيغة قانونية.
- ضبط الممارسات الزراعية، وذلك بتجنب الإفراط في الزراعة الجائرة والرعي الجائر؛ لأنّها تزيد من تآكل التربة.