متفرقات أدبية

حوار بين عاشقين

العشق

إنّ العشق درجة من درجات الحبّ، وهو يدلّ على الحبّ الشديد الذي يؤدي إلى التعلّق بالمحبوب والإفراط في وجود المشاعر تجاهه، وقد كتب الكثير من الشعراء في وصف العشق، كما كتب الكثير من الكتّاب على مرّ العصور الرسائل إلى محبوباتهنّ والخواطر التي تصف مشاعرهم تجاههنّ.

حوار بين عاشقين

كانت العاشقة جالسة ذات مساء تنظر إلى ضوء القمر، وإذ بهاتفها يرن، فردت عليه قائلة: مرحبا أيها المساء الجميل، والجسر الممتد ليصلني بأحبتي وبعالمي الآخر.

قال: مرحبا بالحبيبة سحر هذا المساء، وكل مساء.

قالت: مرحبا صديق الليل، وصوت القلب، وعطر الروح، وعبق الريح المحملة بأحبتي.

قال: متى يكون ليل يكون فيه وصل.

قالت: لذلك نحن والليل على موعد، وأنت موعدي مع القدر.

قال: ما أجمل هذه اللغة!

قالت: هي لغة القلب وصدى الحب في أعماقنا.

قال: هو دائما يحيى داخلنا.

قالت: نعم لكنه يصاب بدوار البعد أحياناً.

قال: أخاف أن يجف قلبي فخذيني إليك أرتوي يا سيدة الغيم.

قالت: ليتني أستطيع، فالغيوم دائمة السفر، وأنا أخاف أن أسافر بك بعيداً فلا أستطيع أن أعود بك حيث بدأنا.

قال: إذا فخذيني معك حيث تذهبين، فالبداية أنت، وأنت النهاية، وأنا معك لن أندم أبداً.

إقرأ أيضا:مدينة أفلاطون الفاضلة

قالت: أنت معي في حلمي دائماً، لكنها الوعود فقط ما أستطيع أن أضمد بها جراح قلبك وقلبي، وإلا سوف أموت داخلك، لأنك إن لامست طيفي ستحرق به، وإني لأخاف عليك مني.

قال: فلأحترق بك إذا يا سيدة النار.

قالت: أحبك كثيراً.

قال: وأحبك أكثر، وسأحبك نيابة عن كل الكائنات والبشر.

قالت: ليتك ريح فتأخذني معك حيث تذهب، وليتني حبة مطر فألتصق بك حيث تكون.

قال: أنت وهمي وحقيقتي.

قالت: أنا كحورية البحر تماما ما إن يبدأ الظلام بالرحيل حتى أختفي، قبل أن يفضح النهار أسطورتي.

قال: بل أنت حورية من حوريات الجنة، وأنا يكفيني من جنة الله حورية واحدة أسعى لتكون لي، لو تعلمين كم أحبك ، أما آن لنا أن نروي حرقة الأشواق؟

قالت: إن الحياة بطيئة دائماً.

قال: ألا يمكننا أن نسرّع عجلة الحياة ولو قليلاً؟

قالت: أنا أبقيك دائما في خيالي أتعلم لماذا؟ لأحافظ على حلمنا نقياً، ربما لتبقى في الجنة.

قال: أنت تسكنينني دائما، وتسكنين أحلامي، تلك التي تكبر داخلي كل يوم، أنت تلك الجسور التي أنتظرها لتفتح أبوابها لي كلما حل الظلام لتصلني بك، الحلم ولا شيء غير الحلم أستطيع أن أمتلكك من خلاله.

قالت: لنحلم إذاً قدر ما استطعنا.

إقرأ أيضا:الأيام طه حسين

قال: ما زال لدينا الكثير بعد لنحيا من أجله.

قالت: كيف ونحن نحلم فقط ونلهث خلف سراب؟

قال: أنت جوهرة ثمينة أريد أن أحتفظ بها في السماء كصيغتها الأولى، وأظل أشخص إليها ببصري أراقب نورها.

قالت: آه يا فارسي الذي يصهل بخيله في جنبات روحي، يوقظ كل خمائلي، وأشواقي، سأبقى بانتظارك.

قصيدة ولما تلاقينا

قصيدة “ولما تلاقينا” للشاعر قيس بن الملوح تعبّر عن حوار دار بينه وبين حبيبته حين التقى بها بعد عودته من سفر، وكان من عادة الفتيات أن يخضبن -يُحنّين- أكفّهن حين يُخطبن، فسألها عن اللون الأحمر في يديها، وردّت عليه بأنّ هذا لون الدّم الذي سال من أصابعها إثر بكائها عليه وكثرة مسح دموعها بأصابعها، وكتب الشاعر الحوار بينهما على شكل قصيدة كالآتي:

ولما تلاقينا على سفح رامة

وجدتُ بنان العامرية أحمرا

فقلت خضبت الكف بعد فراقنا؟

فقالت معاذ الله ذلك ما جرى

ولكنني لما رأيتك راحلاً

إقرأ أيضا:تعريف الخط
بكيت دماً حتى بللت به الثرى

مسحت بأطراف البنان مدامعي

فصار خضاباً بالأكف كما ترى

خواطر عن العشق

كتب الرافعي كتاباً اسمه “أوراق الورد رسائله ورسائلها” ليشرح فيه عن مشاعره لمعشوقته، وفيما يأتي بعض هذه الخواطر:

  • قد يكون في الدّنيا ما يغني الواحد من النّاس عن أهل الأرض كافّة، ولكنّ الدنيا بما وسعت لا يمكن أبداً أن تغني محباً عن الواحد الذي أحبّه! هذا الواحد له حسابٌ عجيبٌ غير حساب العقل، فإنّ الواحد في الحساب العقليّ هو أوّل العدد، وأمّا في الحساب القلبيّ فهو أوّل العدد وآخره.
  • فإن كل لذة الحب وإن أروع ما في سحره أنه لا يدعنا نحيا فيما حولنا من العالم، بل في شخص جميل ليس فيه إلا معاني أنفسنا الجميلة وحدها، ثم يصلنا العشق من جمال الحبيب بجمال الكون، وينشئ لنا في هذا العمر الإنساني المحدود ساعات إلهية خالدة، تشعر المحب أن في نفسه القوة المالئة هذا الكون على سعته.
  • أنت لم تكن تهتم بي وأنا لم أكن أهتم بك، ولكن علام تشلّ أوصال روحي للدنوّ من مكان حللته؟ وعلام اضطرابك وارتعاش يديك إذ تلمح خيالي عن بعد؟ أنت لم تكن تنظر إليّ، وأنا لم أكن أنظر إليك، ولكن لماذا كانت تتبلبل خواطري، وأهرب عند قدومك؟ وأنت إن لم تستطع السكوت فلماذا يخرج صوتك متقطعاً متهدّجاً كأنك تجاهد لتقهر تأثراً ما؟ أنت لم تكن تفكر فيّ، وأنا لم أكن أفكر فيك، ولكن لماذا كنتُ أحيد عن طريقك لئلا ألتقي بك، وأنا التي أودّ أن أبحث عنك في كل مكان؟ ولماذا كنتَ تتقن خطواتك إذ تعلم أني أراقبها؟ وتنغّم نبرات صوتك وتنوّعها إذ تعلم أنها واصلة إليّ؟ أنت لم تكن لي شيئاً، وأنا لم أكن لك شيئًا ولكن وجوه القائمين حولك كنت أراها متألقة بنورك، وأنتَ كانت تدهشك كل حركة مني كأنها لم يأتها قبلي إنسان!
السابق
تحليل رواية اللص والكلاب
التالي
قصائد حمد السعيد