خصائص البيئة الصحراوية
تتكون الصحارى من الأراضي الجافة، والكثبان الرملية أو الصخرية أو مزيج من كليهما، وتحتوي على العديد من التضاريس المتنوعة، كما يوجد العديد من أنواع الصحارى المختلفة؛ لأنّ معايير تحديد البيئات الصحرواية تختلف عن غيرها من البيئات، إذ إنّها لا تتعلق بنوع الصخور، أو كمية الرمال، أو حتى درجات الحرارة؛ فهناك صحارى حارّة جداً وصحارى باردة جداً، كصحارى المنطقة القطبية الجنوبية (بالإنجليزية: Antarctic)، وصحارى جرينلاند (بالإنجليزية: Greenland)، لذلك يتمّ تصنيف البيئات الصحراوية بناءً على كمية الأمطار الساقطة، فتعريف البيئات الصحراوية يتضمن وجود معالم وتضاريس طبيعية تسقط عليها كميات قليلة من الأمطار خلال العام في الظروف المثالية، بحيث يصل متوسط هطول الأمطار فيها إلى حوالي 25 سم أو أقل، إلى جانب ذلك فإنّها تمتاز بمتوسط هطول مطري متقلب وغير منتظم؛ فمن الممكن أن تهطل كميات أكثر من متوسط هطول الأمطار السنوي، لكن لا تسقط عليها أيّ كميات من الأمطار في العام الذي يليه أو العام الذي سبقه.
علاوة على ذلك، تُعدّ أراضي البيئات الصحرواية أراضٍ قاحلة؛ حيث تُعاني البيئات الصحراوية من ارتفاع معدلات فقدان المياه من خلال عمليتي النتح والتبخُّر في النباتات، ويُطلق على هاتين العمليتين النتح التبخُّري (بالإنجليزية: Evapotranspiration)؛ أيّ مجمل كمية المياه التي تفقدها المعالم الطبيعية في البيئات الصحراوية عند توفرها، بحيث تزيد نسبة عملية النتح التبخُّري على متوسط هطول الأمطار السنوي بنسبة قد تصل إلى 1:33، وكلما زادت نسبة هذه العملية قلت نسبة الرطوبة المتوفرة؛ لأنّ معظم الرطوبة في التربة تتسرب إلى الطبقات الأسفل منها خاصة عندما يكون نسج التربة خشناً، لذا فإنّ جميع هذه العوامل المناخية بما فيها قلة هطول الأمطار، وتباين درجات الحرارة بشكل كبير طوال اليوم، بالإضافة إلى معدلات التبخُّر المرتفعة، تؤدي إلى أن تميل التربة في الصحارى إلى أنّ تكون صخرية أو رملية، كما أنّها تحتوي على كمية قليلة من المواد العضوية، لذا يتضح مما سبق تعدد أنواع الصحارى، واختلافها فيما بينها اعتماداً على موقعها والمناخ السائد فيها.
إقرأ أيضا:بحث حول الطبيعةمناخ البيئة الصحراوية
يختلف المناخ السائد في البيئات الصحرواية تِبعاً لنوعها، حيث يسود في الصحارى الجافة مناخ شديد الحرارة صيفاً ومعتدل الحرارة خلال بقية العام، مع تساقط قليل لكميات الأمطار خلال فصل الشتاء على شكل أمطار خفيفة أو زخات شديدة خلال فترة زمنية قصيرة، وتُعدّ صحراء أتاكاما (بالإنجليزية: Atacama) أكثر الصحارى جفافاً في العالم، حيث يبلغ متوسط هطول الأمطار فيها حوالي 1 مم، تسقط كل 5-20 سنة، بينما تمتاز المناطق الصحراوية الساحلية بمناح مُعتدل إلى دافئ، بحيث تتراوح درجات الحرارة في فصل الصيف بين 12°-24° درجة مئوية، بينما تصل درجات الحرارة في فصل الشتاء إلى 5° درجات مئوية، ويترواح معدل هطول الأمطار فيها بين 8-13 سم سنوياً، إضافة إلى ذلك تمتاز الصحارى الباردة بصيف رطب قصير دافئ ومعتدل، بينما يكون فصل الشتاء طويلاً وبارداً، بحيث تصل درجة الحرارة في صحارى القارة القطبية الجنوبية إلى الصفر المئوي في فصل الصيف، فيما تترواح درجات الحرارة في فصل الشتاء بين 20.5-°- 79-° درجة مئوية.
حيوانات البيئة الصحراوية
تُعدّ البيئات الصحراوية إحدى المواطن الحيويّة (بالإنجليزية: Biome) المهمة؛ كونها موئلاً للعديد من أنواع الحيوانات والنباتات، حيث يعيش في الصحارى الحارّة بعض أنواع الحيوانات ذوات الدم البارد كالأفاعي، والسحالي، والحشرات، بالإضافة إلى بعض أنواع الثدييّات كالجُرذ الكنغري (بالإنجليزية: Kangaroo Rat)، والثعلب القزم (بالإنجليزية: Kit Fox)، بينما يعيش في الصحارى الساحلية كالصحارى الساحلية الإرتيرية في أفريقيا بعض أنواع الحيوانات كالغزلان، وحيوانات من فصيلة السقنقور (بالإنجليزية: Skink)، والبرص أو الوزع (بالإنجليزية: Gecko)، والدِقدِق -نوع من الظباء الصغيرة- (بالإنجليزية: Dikdik)، أمّا بالنسبة للصحارى الباردة كصحارى القارة القطبية الجنوبية فيوجد فيها عدد قليل من الحيوانات كالفقمة، والبطريق، وبعض الطيور التي يعيش معظمها بالقرب من الشاطئ، حيث تبني بيوتها الثلجية هناك، وتعتمد في غذائها على الأسماك، والحبّار، وبعض الكائنات البحرية.
إقرأ أيضا:أثر الحروب في تدمير البيئةتكيّفت العديد من الحيوانات التي تعيش في البيئات الصحراوية المُختلفة؛ من أجل البقاء على قيد الحياة، والحفاظ على درجة حرارة أجسادها وتمكينها من استخدام المياه بشكل أقل، فبإمكان الجمل أن يبقى لأسابيع دون حصوله على مياه، وتُشكّل فتحات الأنف الخاصة به ورموشه حاجزاً ضدّ الرمال، فيما يقوم ثعلب الفَنَكْ أو ما يُسمى ثعلب الصحراء (بالإنجليزية: Fennec Fox) بالخروج لصيد فرائسه فقط بعد مغيب الشمس، كما تقضي سلحفاة الصحراء معظم وقتها تحت الأرض، وتقوم معظم الطيور بالترحّال الدائم؛ للبحث عن الطعام، إضافة إلى ذلك تمتلك خنفساء الصحراء الناميبية تكيُّفات خاصة تُمكنها من استخلاص الماء من الضباب الموجود في الهواء،[٥] إلى جانب ذلك تقوم بعض الفئران ببناء منازلها من أشواك الصبّار المُتساقطة؛ لحماية أنفسها من الحيوانات المُفترسة كالصقور والقيُّوط أو ما يُعرف بذئب البراري (بالإنجليزية: Coyote).
نباتات البيئة الصحراوية
تعيش في البيئات الصحرواية المتنوعة أنواع عديدة من النباتات القادرة على البحث عن الماء وتخزينه لفترات طويلة، إذ يوجد في الصحارى الحارّة نبات الصبّار، ونبات حَشِيشَة الشَّحْم (بالإنجليزية: Creosote Bush)، والدَغَل العُشبي (بالإنجليزية: Sagebrush)، وهو نوع من أنواع نبات الشيح، بينما تعيش في الصحارى الساحلية نبات الرُّغْل (بالإنجليزية : Salt Bush)، وبعض النباتات التي تنتمي إلى الفصيلة النجيلية مثل نبات (Rice Grass)، والمريمية السوداء (بالإنجليزية: Black Sage) وهي أحد أجناس نبات القصعين أو المريمية، ونبات (Chrysothamnus)، وهو أحد أنواع نباتات الفصيلة النجمية، أمّا بالنسبة للصحارى الباردة فيعيش فيها عدد قليل جداً من النباتات مقارنة بالأنواع الأخرى من الصحارى، وتشمل: الطحالب، والأعشاب، والنباتات ذات الأوراق الرقيقة الشائكة التي تنمو فقط في فصل الصيف.
إقرأ أيضا:مكونات الذرةتجدر الإشارة إلى أنّ جميع النباتات الصحراوية تمتلك العديد من التكيُّفات الخاصة بها؛ لتُمكّنها من البقاء على قيد الحياة، بحيث تستطيع معظم بذور النباتات التي تعيش في الصحارى الجافة أن تبقى خاملة في الرمال لفترة طويلة؛ لحين توفر المياه اللازمة لنموّها، كما تمتاز نباتات الصحارى الحارّة والساحلية بوجود نظام من الجذور الواسعة التي تصعد إلى الطبقة السطحية من التربة، وتمتد أيضاً على نطاق واسع؛ لتُمكّنها من امتصاص أيّ كمية من الأمطار في حال توفرها، إضافة إلى ذلك فإنّ أوراق الصبّار مغطاة بطبقة شمعيّة تمنع فقدان المياه، فيما تمتاز نباتات الصحارى الساحلية بأوراق سميكة تُمكنها من امتصاص وتخزين المياه.