أدباء وشعراء

خصائص شعر المتنبي

الخصائص الفنية في شعر المتنبي

يحتوي كل نتاجٍ أدبيّ على خصائص فنيةٍ يمتاز بها، تتعلّق بالشكل والمضمون متمثلة باللغة والبلاغة، وقد امتاز شعر المتنبي بالعديد من الخصائص الفنية، المقسمة إلى خصائص لغوية وأخرى بلاغية، وفيما يلي توضيح لكلّ منها:

الخصائص اللغوية

عُرف عن المتنبي أنه شاعرٌ طموحٌ، سعى دوماً إلى تحقيق وجوده رغم كل الصعوبات التي واجهته في حياته، فكان شعره مرتبطاً ارتباطاً وثيقاً بحياته وشخصيته، ومعظم قصائده ليست إلا ترجمةً لشخصيته المتميزة ومواقفه في الحياة، فأوجد لغةً جديدةً فريدةً خاصةً به ونوعيةً من الكلمات في مستوى طموحه، لتلبي حاجات نفسه المتمردة، ومثل هذه الكلمات؛ (تُرج، تهجم، تتقدم، تقهر)، و في ذلك ذكر محمد زكي العشماوي في دراسته عن المتنبي في كتابه (موقف الشعر من الفن والحياة في العصر العباسي): ( أن للغة المتنبي تشكيلاتٍ خاصةٍ يتكون منها نسيجه الشعري والتي تبطل معها اللغة أن تكون مجرد مجموعة متآلفة من الأصوات تدل اصطلاحا على مقابل مادي فتصبح صورة صوتية وحدسية معاً، و العلاقة بين معناها ولفظها تقوم إما على اقتران الصوت بالموضوع، أو الموقف الفكري، أو الرؤية، وإما على اقترانه بالحس والحدس).

سعى المتنبي إلى خلق نمطٍ جديدٍ في الشعر مغايراً للنمط التقليديّ، وقد نجح في ذلك، إذ صاغ الحكمة بأسلوبٍ بديعٍ ظهر جلياً في شعره لا سيما في قصائده في مدح سيف الدولة الحمدانيّ، والتي عبّر فيها عن حبه له وعن إيمانه بصفاته، فجاءت مقدّمات القصائد غايةً في الروعة، وذات لغةٍ غريبةٍ تدلّ على أنّ الشاعر متمكّنٌ من اللغة، فيتصرّف بها كيف يشاء، فتارةً يقدّم، وتارةً يؤخر، وتارةً يحذف، مستخدماً المحسنات البديعية ببراعةٍ، والألفاظ القوية التي تُظهر معاني الاعتزاز بالنفس والسمو بدلالةٍ رائعةٍ وإيقاعٍ صوتيٍّ قويٍّ، ومن ذلك قوله:

إقرأ أيضا:أبو محمد الهمداني

عَلى قَدْرِ أهْلِ العَزْم تأتي العَزائِمُ

وَتأتي علَى قَدْرِ الكِرامِ المَكارمُ

وَتَعْظُمُ في عَينِ الصّغيرِ صغارُها

وَتَصْغُرُ في عَين العَظيمِ العَظائِمُ

وقوله أيضاً:

إذا غامَرْتَ في شَرَفٍ مَرُومِ

فَلا تَقنَعْ بما دونَ النّجومِ

فطَعْمُ المَوْتِ في أمْرٍ حَقِيرٍ

كطَعْمِ المَوْتِ في أمْرٍ عَظيمِ

ومن أهمّ الخصائص اللغويّة التي امتاز بها شعر المتنبي ما يلي:

إقرأ أيضا:الشاعر محمود غنيم

استخدام أسلوب الإشارة

أكثر الشعراء في العصر العباسي من استخدام أساليب الإشارة النداء، أمثال أبي تمام، والمتنبي الذي امتلأ ديوانه بهذه الأساليب، فلا تكاد تخلو قصيدة من قصائده منها، ومن الأمثلة على ذلك قوله في مدح عبد الله بن يحيى البحتري:

أذا الغُصْنُ أم ذا الدِّعصُ أم أنتِ فتنةٌ

وذَيّا الذي قَبّلتُهُ البَرْقُ أمْ ثَغرُ

فنلاحظ هنا أنه كرّر اسم الإشارة (ذا) في نفس البيت مرتين، وصغرها مرة بقوله (ذيّا)، وقوله في مدح (الأوراجي) حيث استخدم ضمير الغائب أربع مرات في نفس البيت؛ ثلاث مرات بصيغة المذكر ومرةً بصيغة المؤنث:

يا أيّهَا المُجدَى علَيْهِ رُوحُهُ

إذْ لَيسَ يأتيهِ لها اسْتِجداءُ

استخدام أسلوب النداء

كما عُرف عن المتنبي إكثاره من استخدام أساليب النداء، في قصائده المختلفة، ومثال ذلك قوله:

إقرأ أيضا:مي زيادة وجبران

يا أعدَلَ النّاسِ إلاّ في مُعامَلَتي

فيكَ الخِصامُ وَأنتَ الخصْمُ وَالحكَمُ

وقوله:

فيا ابنَ الطّاعِنينَ بكُلّ لَدْنٍ

مَواضعَ يَشتَكي البَطَلُ السُّعالا

ويا ابنَ الضّارِبينَ بكُلّ عَضْبٍ

منَ العَرَبِ الأسافِلِ والقِلالا

الإكثار من استخدام الضمائر

يرى الناظر في شعر المتنبي إكثاره لاستخدام الضمائر، وهو بذلك يشابه نهج الأسلوب الصوفي، على وجه إتيانه بضمائر متتابعة في البيت الواحد، ممّا يضفي غموضاً على البيت الشعري، ومثال ذلك قول الحلاج:

عجبتُ منك و منـّـي

يا مُنـْيـَةَ المُتـَمَنّـِي

أدنيتـَني منك حتـّـى

ظننتُ أنـّك أنـّــي

وقد نقل الثعالبي بعض أبيات المتنبي التي يكثر فيها من استخدام الضمائر، وذلك في قوله:

وَتُسْعِدُني في غَمرَةٍ بَعدَ غَمْرَةٍ

سَبُوحٌ لهَا مِنهَا عَلَيْهَا شَوَاهِدُ

وقوله أيضاً:

ولَوْلا أنّني في غَيرِ نَوْمٍ

لَكُنْتُ أظُنّني مني خَيَالا

هذا وظهر في شعر المتنبي استخدامه لضمير المتكلم (أنا)، وذلك إن دلّ على شيء فإنما يدلّ على جانب الفخر والاعتزاز في شخصيته، ومثال ذلك قوله:

أنا صَخْرَةُ الوادي إذا ما زُوحمَتْ

وإذا نَطَقْتُ فإنّني الجَوْزاءُ

وقوله:

أنَا تِرْبُ النّدَى وَرَبُّ القَوَافي

وَسِمَامُ العِدَى وغَيظُ الحَسودِ

أنَا في أُمّةٍ تَدارَكَهَا اللّـه

غَريبٌ كصَالِحٍ في ثَمودِ

التصغير

كثُر التّصغير في ديوان المتنبي بصورةٍ مبالغٍ فيها، وقد استخدمه في شعر المدح بهدف تقليل الشأن والإهانة، لا سيما في مهاجمة أعدائِه، ويشار إلى أنّ استخدام المتنبي للتصغير في شعره عائدٌ إلى تكوين شخصيته المتعالية، وذلك كقوله:

أفي كلّ يوْمٍ تحتَ ضِبْني شُوَيْعِرٌ

ضَعيفٌ يُقاويني قَصِيرٌ يُطاوِلُ

أو بهدف اللطافة والتعظيم كقوله:

أُحادٌ أمْ سُداسٌ في أُحَادِ

لُيَيْلَتُنَا المَنُوطَةُ بالتّنادِي

الغرائب والشواذّ النحوية

كَثُر في شعر المتنبي الشاذ والغريب من اللفظ، ومن التراكيب، والقواعد النحوية، ويقال إنّ المتنبي لجأ إلى هذا الأسلوب لبيان مهارته في استخدامها، وليثبت معرفته الواسعة في اللغة وعلم النحو، وتقليداً للشعر الجاهلي، أو أنّه قد وجد في استعمال الغريب والشاذ في شعره طاقةً تعبيريةً تمنحه القدرة على التحليق بخياله الواسع، ومن الجدير بالذكر أنّ مقدرته اللغوية وكفاءاته كانت من محاولاته لتعجيز اللغويين الذين كان يتواجد معهم في قصور الملوك والأمراء، ومن الأمثلةِ على الألفاظ الغريبة والشاذة في شعر المتنبي؛ (المخشلب الختروانة، الإتشاك، الساحي، الخفش، قدى، وغيرها).

يرى ابن جنيّ أنّ قول المتنبي للشاذ والغريب في شعره ليس جهلاً أو قلة درايةٍ، فقال في ذلك: (فلم يكن المتنبي جاهلاً أو غافلاً عمّا يقوله في شعره ويعنيه، إنما كان خروجه عن الإعراب وإتيانه بالشاذ والنادر من الألفاظ عن وعّي ودرايةٍ، وإنما هو الشعر الذي لا يقف عند حدّ ولا منتهى لحريته في ملاحقته للمعنى والقبض على الدلالةِ)، ومن ناحية أخرى هناك من يشير إلى أنّ هذه الغرائب في مدائح المتنبي قد سببت غموضاً في شعره، ما دفع النقاد واللغويون إلى شرحه وتفسيره، فظهرت عدة شروحٍ لديوان المتنبي بلغت الخمسين شرحاً وتزيد، ويَعزو شوقي ضيف ذلك إلى كثرة الغريب في الديوان، فيصفه؛ (بأنّه مستودع للتراكيب الشاذة في اللغة)، أما ناصيف اليازجي فيرى أنّ السبب في كثرة الشروح للديوان عائد إلى أنّ استعمال المتنبي للغريب من الألفاظ أدى إلى وضع ألفاظٍ في غير مكانها، كما أدى الحذف إلى حذفٍ في غير موضعه، وأدى التقديم والتأخير إلى عدم ربط أجزاء المعاني ببعضها.

وفي الجدول الآتي عرضٌ لبعض الأمثلة على استعمال المتنبي للغريب والشاذ في ديوانه:

وصف استخدام الشاذ والغريب
من حيث الألفاظ استخدام لفظة (التوارب)، وقد عني بها التراب، ومثال ذلك قوله:أيفطمهُ التواربُ قبل فِطامهِ

ويأكلهُ قبلَ البلوغِ إلى الأكلِ
من حيث الجموع استعمال جموعٍ ذات أوزانٍ نادرةٍ، كجمعه لملكٍ أملاكٍ، ومثال ذلك قوله:يا أكرمَ الأكرمينَ يا ملكَ الأملاكِ

طرا يا أصيدَ الصيدِ
من حيث القواعد
  • الإتيان بألف المثنى مع تأخير الفاعل، كقوله:

نَفْديكَ من سَيْلٍ إذا سُئِلَ النّدَى

هَوْلٍ إذا اخْتَلَطا دَمٌ ومَسيحُ
  • استخدام الحروف في عملٍ غير عملها، ومثال ذلك استعماله ليس على أنها حرف، كقوله:

بقائي شاءَ ليسَ هم ارتحالاً

وحُسنَ الصبرِ زمْوا لا الجمالَ
  • استعماله لاسم التفضيل في الألوان، كقوله:

إبْعَدْ بَعِدْتَ بَياضاً لا بَياضَ لَهُ

لأنْتَ أسْوَدُ في عَيني مِنَ الظُّلَمِ

الخصائص البلاغية

يفيض شعر المتنبي بلاغةً وصوراً بيانيةً، وألفاظاً، ومعانٍ غايةً في الروعةِ، حيرت النقاد واللغويين في تفسيرها ومعرفة مدلولاتها، فالمتنبي شاعرٌ عالمٌ بكيفية جعل شعره مؤثراً بالمتلقي، فهو يعبّر عما يختلج في النفس الإنسانية، مصوّراً لها في كلّ حالاتها، وذلك من خلال بواعث الألم والظلم في حياته، والتي كان لها أكبر الأثر في إبراز جمال شعره وتألقه، ذلك الشعر الذي امتلأ ثورةً على الظلم والاستبداد، وامتلأ كبرياءً وشموخاً، إذ صدح به شاعرٌ فارسٌ شجاعٌ، امتلأت نفسه عزاً وإباءً، وقد استحق عن جدارةٍ لقب (مالئ الدنيا وشاغل الناس)، ليس فقط في عصره إنما في كل العصور، وذلك لِما اتّسم به من جزالةٍ في اللفظ وجودةٍ في المعنى، وقدرة على التصوير البيانيّ بأسلوبٍ شاعريّ بديع، فنراه يقول:

أنَا الذي نَظَرَ الأعْمَى إلى أدَبي

وَأسْمَعَتْ كَلِماتي مَنْ بهِ صَمَمُ

أنَامُ مِلْءَ جُفُوني عَنْ شَوَارِدِهَا

وَيَسْهَرُ الخَلْقُ جَرّاهَا وَيخْتَصِمُ

وفيما يأتي توضيح لبعض الملامح الأسلوبية التي اتسم بها شعر المتنبي مع ذكر أمثلةٍ عليها:

  • الإيجاز في غير خللٍ: وهو تضييق اللفظ على المعنى أي إيراد اللفظ القليل مع المعنى الكثير، وهو ما يسمى بـ (تكثيف المعنى)، أو (جوامع الكَلِم)، وذلك كقوله:

بأي بلادٍ لم أجرّ ذوائبي

وأيُّ مكانٍ لم تطأهُ ركائبي

فقصد المتنبي في جرّ ذوائبه الغزل والتغنّي، وقصدَ في وطء ركائبه الغزو، أي أنّه في كلّ مكان يذهب إليه كان إمّا متغزلّاً أو غازياً، فبهذه الألفاظ القليلة اتّسعت الألفاظ لتضمّ معنى ودلالةً عظيمةً وشاملةً.

  • الدّقة في الوصف: تمتّع المتنبي بقدرةٍ فائقةٍ على الوصف، وتجسيد الصور الحسية إلى مرئية، ونرى ذلك في البيت الذي يقول فيه:

وما الموتُ إلا سارقٌ دقّ شخصُهُ

يصولُ بلا كفٍ ويسعى بلا رجلِ

شبّه المتنبي في هذا البيت الموت بالسارق الخفيّ، الذي يصول ويجول دون أن يستطيع أحدٌ رؤيته، مع الإشارة إلى فعله العظيم الذي يتجلى في قبض أرواح الناس، وهنا نلاحظ أنه جسّد الموت الذي هو (حسيّ) في صورة السارق (المرئيّ).

  • استحضار الصورة المبتكرة: امتلك المتنبي قدرةً إبداعيةً على الخلق، والابتكار، والتخيّل، فقد يستعيد في ذاكرته صورةً قد مرت به، فيرسم لها صورةً مشابهةً لها، وهذا ما يسمى بالتشبيه التمثيلي أي تشبيه صورةً بصورةٍ، كما في البيت الآتي:

يطأ الثرى مترفقاً من تيههِ

فكأنه آسٍ يجسُ عليلا

يصوّر المتنبي في هذا البيت هيئة الأسد في مشيته المختالة المتعالية التي تدلّ على القوة والتمكّن بهيئة الطبيب الذي يفحص المريض برفقٍ وتأنٍ وحذرٍ.

  • الإغراب في التخيّل: أكثرَ المتنبي من الصور الخيالية في شعره لا سّيما في شعر المدح، وقد تمادى في هذا التخيل حتى بلغ حدّ الابتذال الذي أدّى إلى الغرابة، ومن ذلك قوله في مدح سيف الدولة:

رَأيتُكَ في الذين أرى مُلوكاً

كأنك مُستَقِيمٌ في مُحَالِ

فإن تَفُقِ الأَنامَ وأنتَ مِنهُم

فإنَّ المِسكَ بَعضُ دَمِ الغَزَالِ
  • تكثيف المعاني في البيت الواحد: وهو اختزال المعاني الجليلة في بيت واحدٍ، وذلك مثل قوله في مدح سيف الدولة بعد عودته من إحدى المعارك منتصراً:

فَمَسّاهُم وبسطهم حريرٌ

وصَبّحهم وبُسطهم ترابُ

يصفُ المتنبي في هذا البيت أفعال سيف الدولة في المعركة بأسلوبٍ كنائّي مُختزَل، (فبسطهم حريرٌ) كناية عن الطمأنينة والراحةِ التي كانوا عليها، و(بسطهم تراب) كناية عن الدمار الذي حلّ بهم، وهاتان الصورتان فيهما الكثير من الإيحاء لمعانٍ ودلالاتٍ عظيمةٍ.

  • التلاؤم الصوتي وآلية التكرار: استخدمَ المتنبي التكرار في شعره للتأثير في المتلقي بصورة أكبر، ولإغناء الجانب الموسيقي المتناغم مع الصوت في التكرار، كما في قوله:

إن المُعيدَ لَنا المنامُ خياَلهُ

كانت إعادتُهُ خيالَ خيالهِ

قصد المتنبي من وراء تكرار كلمةِ (خيال) البقاء على العهد في المحبة، فجاء هذا التكرار بطابعٍ صوتيّ متلائم مع الموسيقا، كما استخدم في هذا البيت أسلوبَ ردّ عجز البيت إلى صدره، وهذا النوع من التكرار يسمى (تصدير الحشو) أي تكرارالمعنى بأسلوبٍ آخر.

إنّ المتأمل في النصوص الشعرية في شعر المتنبي على اختلاف أنواعها، يجدها تزخر بالصور الإيحائية المتميّزة، والتي تفرّد بها عن سائر الشعراء، فقد امتلك المتنبي قدرةً عاليةً على التخيل والتشخيص، ودقةً متناهيةً في الوصف، وليس أدلَّ على ذلك من قصيدته الشهيرة التي وصف بها الحمى والتي ظلّت محطّ إعجاب النقاد والدارسين في كلّ زمان ومكان، حيث شبه الحمى بامرأةٍ زارته فسيطرت عليه، وسَلَم أمره لها، مستخدماً الاستعارة المكنية، ليثير في المتلقي التشوق واللهفة، وهو يترقب جلاء الصورة المرسومة ليتضح له معناها، وفيما يأتي بعض الأبيات من هذه القصيدة:

عَليلُ الجِسْمِ مُمْتَنِعُ القِيَامِ

شَديدُ السُّكْرِ مِنْ غَيرِ المُدامِ

وزائِرتي كأنّ بها حياءٌ

فليس تَزور إلّا في الظلامِ

بَذَلْتُ لهَا المَطَارِفَ وَالحَشَايَا

فَعَافَتْهَا وَبَاتَتْ في عِظامي

يَضِيقُ الجِلْدُ عَنْ نَفَسي وَعَنها

فَتُوسِعُهُ بِأنْوَاعِ السّقَامِ

الخصائص المعنوية في شعر المتنبي

تُعرّف الخصائص المعنوية بأنّها المضمون وما يحويه من أفكارٍ وخيالٍ، وما يقصده الشاعر من معانٍ يعبّر عنها بواسطة الألفاظ والصّيغ الأدبية، ، ومما لا شك فيه أنّ لكل عملٍ أدبيّ خصائصاً معنويةً خاصةً به، وفيما يأتي أهم الخصائص المعنوية التي امتاز بها شعر المتنبي:

القوة والعظمة

اتسمت المعاني في شعر المتنبي بالقوة والعظمة، وظهرت هذه القوة أكثر ما ظهرت في شعر المدائح لا سيما في مدحه لنفسه مفتخراً بها، ومدحه لسيف الدولة، فقصائده في مدحه ووصفه لمعاركه تعتبر ملحميات تضاهي ملحميات عنترة بن شداد، وتعتبرالقوة والشجاعة صفةً يشترك بها كل ممدوحيه، فهو لا يصف أحداً إلا ويجعل القوة، والشجاعة، والإقدام، وما إلى ذلك من مُثلٍ عليا من أساسيات وصفه، إضافةً إلى تَغنّيهُ بأمجاده وبطولاته وانتصاراته في المعارك، وقد آمن المتنبي أنّ الشاعر يجب أن يدافع عن الوطن بالسيف والكلمة، وألا يكتفي بمدح الملوك.

كان أبو الطيب شاعر معركةٍ، فجاءت نزعة القوة في شعره من قوة شخصيته وشجاعته، فقد قالوا فيه: (منذ أيامه الأولى في الشعر، كان المتنبي ذلك الصوت الذي يرفض الاستكانة، والخضوع، ويُحرض الإنسان على خوض المعركة من أجل كرامته وشرفه)، كما وقال الشريف الرضي واصفاً إياه: (إنّه قائد عسكر)، فالمتنبي كان فارساً يشارك في المعارك، ويتنقل بين ساحات الوغى، فلامه على ذلك أبي عبد الله بن اسماعيل اللاّذقي، وعلى اندفاعه وتعريض نفسه للمخاطر، فردّ عليه المتنبي بقصيدةٍ هذه بعض أبياتها:

أمِثْلي تأخُذُ النّكَباتُ مِنْهُ

وَيَجزَعُ مِنْ مُلاقاةِ الحِمامِ

ولو بَرَزَ الزّمانُ إليّ شَخصاً

لخَضّبَ شعرَ مَفرِقِهِ حُسامي

وما بَلَغَتْ مَشيئَتَها اللّيالي

ولا سَارَتْ وفي يَدِها زِمَامي

إذا امتَلأتْ عُيُونُ الخَيْلِ مني

فَوَيْلٌ في التّيَقّظِ والمَنَامِ

وفي التالي تُعرَض أبياتٌ قالها في مدح أبي الحسن محمد بن عبيد الله بن طعْج يصف شجاعته:

ولا يَتَلَقّى الحرْبَ إلاّ بمُهْجَةٍ

مُعَظَّمَةٍ مَذْخُورَةٍ للعَظائِمِ

وذي لجَبٍ لا ذو الجَناحِ أمَامَهُ

بنَاجٍ ولا الوَحشُ المُثارُ بسالِمِ

تَمُرّ عَلَيْهِ الشّمسُ وهْيَ ضَعيفَةٌ

تُطالِعُهُ من بَينِ رِيش القَشاعِمِ

إذا ضَوْؤُها لاقَى منَ الطّيرِ فُرْجَةً

تَدَوّرَ فَوْقَ البَيضِ مثلَ الدراهِمِ

الحكم والأمثال

استطاع المتنبي بلغته الخاصة التي ابتكرها أن يعبّر عن مكنونات نفسه، وعن الأحداث والمغامرات التي عاشها في حياته، بأسلوبٍ امتزج فيه العقل مع الشعور، فجاءت الصور الشعرية عنده ذات طاقةٍ إيحائيةً تعجُّ بالحياة، ودلالةٍ نفسيّة مرتبطةٍ بالموقف، فاتسمت ببناءٍ عُضويّ أصيلٍ لا مثيل له، ولم يكن المتنبي يجد صعوبةً في استحضار هذه الصور، فقد كانت الصور حاضرةً في مخيلته الخصبة باستمرار، وبذلك وصفه الناقد دريد شكسبير بقوله: (إنّ جميع صور الطبيعة حاضرةً في ذهنه دائماً، فهو لا يولّد هذه الصور عن جهدٍ ومشقةٍ وإنما تأتيه عفواً).

دور العوامل النفسية في الحكم والأمثال

لعب الأثر النفسيّ في شعر المتنبي دوراً كبيراً في تَشكُّل الصور الشعرية في قصائده، ومثال ذلك نونيته التي قالها وهو في مصر بعد أن بلغه أنّ بعضهم قد شهّر به في مجلس سيف الدولة في حلب، فشعر بتشفّي الأعداء به، إضافةً إلى خيبة أمله في كافور، فصوّر في هذه القصيدة ألمه وحزنه على نفسه حيث تعثّر في بلوغِ غاياته وأمانيه، وعجِز عن النيل من أعدائه، فجاءت أبيات القصيدة حِكماً مستمدّةً من تجارب الشاعر في الحياة، وقد نالت هذه القصيدة أعجاب الأديب طه حسين لما اتسمت به من تصويرٍ غايةٍ في الدقةِ لمشاعر الألم والحزن التي سيطرت على المتنبي حين نظَمها مخاطباً نفسه بقوله:

بِمَ التَعَلُّلُ لا أَهلٌ وَلا وَطَنُ

وَلا نَديمٌ وَلا كَأسٌ وَلا سَكَنُ

أُريدُ مِن زَمَني ذا أَن يُبَلِّغَني

ما لَيسَ يَبلُغُهُ مِن نَفسِهِ الزَمَنُ

لا تَلقَ دَهرَكَ إِلّا غَيرَ مُكتَرِثٍ

مادامَ يَصحَبُ فيهِ روحَكَ البَدَنُ

فَما يَدومُ سُرورُ ما سُرِرتَ بِهِ

وَلا يَرُدُّ عَلَيكَ الفائِتَ الحَزَنُ

المميزات الشعرية في الحكم والأمثال

امتازت الصور الشعرية في شعر الحكمة عند المتنبي بخاصية التجسيد والتشخيص، أي القدرة على تحريك الصورة في حيزٍ زمنيٍ، وتجسيد الحدث في عدة مشاهد، وعرضه في مساحةٍ مكانيةٍ معينةٍ، ومن ذلك قوله:

عش عزيزاً أومُت وأنت كريمٌ بين

طَعْنِ القنا وخفْق البُنود

ومن الجدير بالذكر أنّ المتنبي استخدم في حكمه ألفاظاً وتراكيباً للمتصوفة والفلسفة، متأثراً بأبي علي الفارسيّ الذي كان معلماً له، وبصديقه ابن جنيّ، وبالفيلسوف أبي الفضل الذي التقى به في الكوفة، والفيلسوف الفارابي الذي التقى به في قصر سيف الدولة، ما جعله يجمع بين الشعر والفلسفة، مضيفاً إلى شعره العاطفة والخيال والتي هي من مقومات الفلسفة، وذلك كما رأى الأديب عباس محمود العقاد حيث ذكر في مقاله (فلسفة المتنبي): (لا بد للفيلسوف الحق من نصيب من الخيال والعاطفة، ولكنه أقل من نصيب الشاعر، ولا بد للشاعر الحق من نصيب من الفكر، ولكنه أقل من نصيب الفيلسوف).

ويشير العقاد إلى أنّ المتنبي لا يسلم بالحقائق بل (يرسلها إلى ذهنه ويكسوها ثيابًا من نسجه، ويغلب أن يوردها بعد ذلك مقرونة بأسبابها، معززة بحججها، على نمط لا يُفرّق بينه وبين أسلوب الفلاسفة في التدليل إلاّ طابع السليقة وحرارة العاطفة)، وذلك في قوله:

إذا غامرتَ في شرفٍ مرومٍ

فلا تقّنع بما دونَ النجومِ

فطعمُ الموت في أمرٍ حقيرٍ

كطعمِ الموت في أمرٍ عظيمٍ

وقوله:

إذا أتَتِ الإسَاءَةُ مِنْ لئيمٍ

وَلم ألُمِ المُسِيءَ فَمَنْ ألُومُ

المبالغة والغموض

يقصد بالمبالغة الزيادة في المعنى إلى حدّ الإفراط، ليصل إلى درجةٍ لا يكاد يبلغها ويَصْعُب تصديقها، وقد ظهرت المبالغة في العصر العباسي نتيجةً للانفتاح على العالم، واختلاط العرب بشعوبٍ مختلفةٍ، ما أدى إلى ظاهرة التجديد في الشعر العربي، ودخول مذاهب وآراء جديدة إليه، وقد اختلف البلاغيون في المبالغة، فمنهم من يؤيدها ويستحسنها ويجد أنها تزيد من جودة الشعر، وفي رأيهم أنّ: (أحسن الشعر أكذبه)، ومنهم من يرفضها ويعتبرها أقبح الشعر وفي رأيهم أنّ: (أصدق الشعر أحسنه)، أمّا طه حسين فله رأي آخر في المبالغة، إذ يقول: (المبالغة حسنة في الشعر بشرط أن تكون معقولة يسيغها الذوق، فإذا تجاوزت هذا الحد كانت سُخفاً أو هجاءً، وكان من حق الممدوح أن يظن أن مادحه يسخر منه ويستهزئ به)، وقد كان المتنبي من أكثر شعراء العصر العباسي مبالغةً، إذ امتلأ شعره كلّه في المبالغة لا سيما في المدائح، التي لا تكاد تخلو قصيدة منها من المبالغة، بل وتعتبر سمةً اتسم بها شعره.

ومن الأمثلة على مبالغة المتنبي في مدائحه قوله في عضُدِ الدولة:

تَجَمّعَتْ في فُؤادِهِ هِمَمٌ

مِلْءُ فُؤادِ الزّمَانِ إحْداهَا

فإنْ أتَى حَظُّهَا بأزْمِنَةٍ

أوْسَعَ مِنْ ذا الزّمانِ أبْداهَا

إضافةً إلى المبالغة هناك ظاهرةٌ أخرى اكتنفت شعر المتنبي، ألا وهي الغموض الذي كان يتعمده أحياناً، ويضطر عليه أحياناً أخرى، وقد يكون السبب وراء لجوئه إلى الغموض، تأثره بأصحاب تيار الصنعة الشعرية الذي اشتهر في العصر العباسي، أمثال أبي تمام، ومسلم بن الوليد، حيث سار على دربهم في مذهبهم في بداياته الشعرية، وقد يكون السبب وراء هذا الغموض سعة خياله والمبالغة في التصوير، ومحاولته للرقي بشعره إلى مستوى رفيعٍ، أو قد يعزى إلى كثرة الإيجاز والمبالغة في أساليبه، وتمثل الغموض في مدائح المتنبي في مظاهر مختلفة، كاستعمال الألفاظ الوحشية، والتقديم والتأخير، والحذف والإبهام، واستعمال الألفاظ المشتركة، والمحسنات البديعية كالاستعارة، والتشبيه بطرقٍ مبتكرةٍ غريبةٍ ومعقدةٍ، ومن مظاهر الغموض عند المتنبي أيضاً -ما سبق وذكرنا- استعمالٍ الألفاظ الغريبة والتراكيب الشاذة، وبسبب توظيف المتنبي للغموض تعذّر تفسير شعره، بل واحتمل عدة تفسيرات، ما تسبب في اختلاف علماء اللغة في شرح كثيرٍ من الأبيات الشعرية، لمغالاتِهِ في إبهامها، شارحين معناها بطريقةٍ بعيدةٍ عن المعنى المقصود.

ويرى القاضي الجرجاني أن الغموض جزء من طبيعة الشعر، ومن خصائصه استخدام الخيال والمجاز، ويشير إلى أن المتنبي جنح للغموض بإرادته، إذ باستطاعته الإبانة على المعاني والدلالات، فعمد إلى مقارنته مع شعراء آخرين تميز شعرهم بالغموض، بقوله (لو كان التعقيد وغموض المعنى يسقطان شاعراً لوجب أن لا يُرى لأبي تمامٍ بيتٌ واحدٌ؛ فإنا لا نعلم له قصيدة تسلم من بيتٍ أو بيتين قد وفَر من التعقيد حظهما وأفسد به لفظهما).

الأسلوب والعاطفة في شعر المتنبي

نهجَ المتنبي في بداياته الشعرية أسلوب شعراء الجاهلية من حيث الوقوف على الأطلال في مطلع القصائد، ووصف الناقة قبل الدخول في موضوع القصيدة الأصلي، مع الالتزام بوحدة الوزن والقافية، فقد كان هذا الأسلوب هو المتبع في العصر الذي عايشه المتنبي، إضافة إلى أسلوب المجددين الذين كانوا يدعون إلى التجديد في الشعر، غير أنّ المتنبي بعد أن امتلك زمام الشعر أوجد لنفسه أسلوباً خاصاً تَفرّد به، وتحرّر من بناء القصيدة الجاهلية ومن مقدماتها، فاستفتح قصائده بالحكمة بدلاً من الوقوف على أطلال الحبيبة أحياناً، وأحياناً أخرى استهلها بالمدح مباشرةً لا سيما في مدائحه لسيف الدولة، إذ يقول في قصيدةٍ مطلعها:

لكل امرىءٍ مِنْ دَهْرِهِ ما تَعَوّدَا

وعادَةُ سيفِ الدّوْلةِ الطعنُ في العدى

وقد ظهر في هذا الأسلوب قوة شخصيته، إذ كان لا يمدح أحداً إلا ومدح نفسه بِقدر مدحه له، وفي بعض الأحيان كان يبدأ القصيدة بالشعر الوجداني الغنائي مع شيء من السخرية، ومثال ذلك مدائحه لكافور الإخشيديّ، كما امتاز أسلوب المتنبي في قصائد المدح بمتانة البناء، وترابط النسيج، إلا أنه وفي بعض الأحيان كان يبني القصيدة على أكثر من غرض شعريّ، بالإضافة إلى ذلك ظهر في شعره قدرة فائقة على التصوير والوصف الدقيق للصفات، إلى جانب الإيقاع الموسيقي القوي، وكثرة استخدام التضاد، والإيجاز، وقوة الألفاظ والمعاني المتناسبة مع شخصيته القوية.

وبالنسبةِ للعاطفة في شعر المتنبي؛ فقد غلب على شعره عاطفة الألم الشديد التي تجلّت في قصائد الشعر الوجداني الغنائي والتي تعدّت العواطف الفردية، وتجاوزتها لتعبّر عن معاناة الإنسانية، وقد اتسمت قصائده في مدح سيف الدولة الحمدانيّ بالصدق بسبب حبه له، على عكس مدائحه بكافور الإخشيدي التي اتسمت بالبُهتان والتصنع بسبب بغضه له، كما وظهرت في قصائده عواطف أخرى مختلفة، كالحماسة، والغضب، وخيبة الأمل، والإعجاب بالفضائل والقيم العليا، أمّا عواطف العشق والهوى فقد كانت مقيّدةً عنده، فلم يرتبط اسمه بحبيبةٍ كغيره من الشعراء الذين شغف قلوبهم الحب، وذلك بسبب انشغاله بهمومه، لا سّيما همومه في طلب المجد والعلياء، الأمر الذي جعل عواطفه قويةً وثائرةً، ومثال ذلك قوله:

فاطْلُبِ العِزّ في لَظَى وَدَعِ الذّلّ

وَلَوْ كانَ في جِنانِ الخُلُودِ

خصائص العصر الذي عاش فيه المتنبي

يمثل الأدب مرآةً تعكس صورة الحياة السياسية والاجتماعية، ويعتبر أدب المتنبي مثالاً حياً على ذلك، وصورةً بارزةً للحياة الفكرية والأدبية في عصره الذي عاش فيه، حيث عاش المتنبي في بدايات القرن الرابع الهجري في ظلّ الدولة العباسية، فعاصر تفكّك الدولة وتقسيمها إلى عدة دويلات، وكانت بغداد مركزاً للخلافة العباسية، غير أنّ السلطة الحقيقية كانت في أيدي عدد من الوزراء وقادة الجيوش من أصول غير عربيةٍ، فسيطروا على البلاد والعباد، فتحركت الفتن الداخلية، وتعددت المذاهب وظهرت الثورات، مثل الثورة القرمطية التي انضم إليها الكثير من أهل البصرة والكوفة، بالإضافة إلى تعرّض البلاد إلى غزو الروم في الشمال، الذين تصدّى لهم الحمدانيون، بقيادة سيف الدولة الحمداني أمير حلب، ويجدر الذكر أنّ إمارته هي الإمارة الوحيدة التي ظلت تحت سيطرة العرب، بعد أن سيطر الأعاجم على باقي الدويلات، وقد عُرف الحمدانيّ بشجاعته وحنكته السياسية، وخلّد المتنبي انتصاراته في حروبه مع الروم، واعْتُبر شعره سِجلاً تاريخياً لكل أحداث هذه الحروب.

نتيجةً للأحوال السياسية المتردّية التي مرّ بها العصر العباسي، تأثّرت الحياة الاجتماعية، ونشأت في المجتمع عدّة طبقات، هي؛ الطبقة العليا متمثلةً بالخلفاء، والوزراءِ، وحاشيتهم، وطبقة الإقطاعيين متمثلةً بقادة الجند، وموظفي الدوواوين، وكبار التجار، والصناع، والطبقة الدنيا، وهي طبقة العامة، المتمثلة بالمزارعين، والحرفيين، والخدم، والعبيد، وكانت الطبقة الأولى والثانية تعيشان في القصور في رغدٍ من العيش، بينما الطبقة الثالثة كانت تكابد الفقر، والظلم، والاستبداد، ورغم هذا الاضطراب في الأحوال السياسية والاجتماعية في ذلك العصر إلا أنّ الحركة الفكرية كانت تشهد نشاطاً منقطع النظير، فقد تعددت الثقافات، وتنوّعت الفلسفات، نتيجةً لامتزاج العنصر العربي بغيره من العناصر الأجنبية الأخرى، ما أدى لامتزاج الثقافات، فظهرت حركة الترجمة، وامتزجت الحكمة اليونانية، والفارسية، والهندية بالحكمة عند العرب، وقد تأثر المتنبي بهذا الازدهار الفكريّ، لا سيما وهو يمتلك قدراً كبيراً من الذكاء، والفصاحةِ، والبلاغة، وقوة التعبير، فتفرّد عن سائر شعراء عصره بالحكمة والفلسفة التي امتلأ بها شعره.

السابق
من صاحب كتاب الصواعق المحرقة
التالي
تعريف الكاتب جبران خليل جبران