السكري
يُعرّف السكري (بالإنجليزيّة: Diabetes) على أنّه حالةٌ صحيّةٌ مُزمنةٌ طويلة الأمد تؤثر في قدرة الجسم على تحويل الغذاء إلى طاقة؛ حيث إنّ أغلب المُتناول من الغذاء يتحطّم في الجسم ويتحوّل إلى سكر أو الجلوكوز، ومن ثمّ يُطلق إلى مجرى الدم، وفي الحالة الطبيعيّة يؤدي ارتفاع مستويات سكر الدم إلى إرسال إشارة إلى البنكرياس من أجل إفراز الإنسولين (بالإنجليزيّة: Insulin)؛ وهو هرمون يسمح لخلايا الجسم أن تستخدم السكر الموجود في الدم كمصدر للطاقة.
وهناك عدة أنواع لمرض السكري، وهي: السكري من النوع الأول (بالإنجليزية: Type 1 diabetes)؛ الذي يحدث بسبب حدوث ضرر لخلايا البنكرياس المسؤولة عن إنتاج الإنسولين، والتي تُعرف بخلايا بيتا (بالإنجليزيّة: Beta cells)، وفي هذه الحالة يُنتج البنكرياس كميّاتٍ قليلةً من الإنسولين أو لا ينتجه من الأساس، أمّا النوع الآخر فهو السكري من النوع الثاني (بالإنجليزية: Type 2 diabetes)؛ الذي يُعرف أيضاً بسكري البالغين (بالإنجليزيّة: Adult-onset diabetes)؛ وفي هذه الحالة يُنتج البنكرياس الإنسولين ولكن بكميّاتٍ غير كافية، أو أنّ ما يُنتجه من الإنسولين لا يعمل بشكلٍ سليم، وإضافةً إلى ذلك فإنّ هناك سكري الحمل (بالإنجليزيّة: Gestational diabetes)؛ الذي يحدث عند ارتفاع مستويات الجلوكوز في الدم خلال فترة الحمل.
هل يمكن لمرضى السكري الصوم خلال شهر رمضان
يُمكن لمرضى السكري الذين يتحكّمون بمستويات سكر الدم لديهم عن طريق النظام الغذائيّ والنشاط البدنيّ الصيام خلال شهر رمضان بعد استشارة الطبيب، إلا أنّه يمكن للصيام أن يكون غير مناسب لبعض مرضى السكري، وخصوصاً أولئك الذين يعتمدون على الإنسولين، أو الذين يعانون من مضاعفات السكري، ولذلك يجب استشارة الطبيب من أجل التأكد من قدرة مريض السكري على الصيام، والحصول على النصائح اللازمة للسيطرة على مستويات سكر الدم خلال فترة الصيام؛ حيث إنّه يجب البدء بحميات السيطرة على مستويات الجلوكوز في الدم قبل عدّة أسابيع من شهر رمضان؛ وذلك لتقليل حدوث الآثار الجانبيّة خلال فترة الصيام، وتحسين السيطرة على مستويات الجلوكوز أو الحفاظ عليها. وتجدر الإشارة إلى أنّ نمط الوجبات يتغيّر خلال شهر رمضان؛ إذ إنّ هناك وجبتين فقط: السحور والإفطار، ممّا قد يؤدي إلى حدوث تقلُّباتٍ كبيرةٍ في مستويات الجلوكوز في الدم بسبب وجود فترةٍ طويلة بين الوجبات، وكميّات الطعام الكبيرة، ولكن يمكن تقليل خطر حدوث ذلك من خلال اتّباع بعض الإرشادات الغذائيّة الآتية:
إقرأ أيضا:رجيم لمرضى القولون الهضمي- تناول وجبة السحور قبل الفجر بدلاً من منتصف الليل، ممّا يؤدي إلى توزيع الطاقة بشكلٍ أفضل خلال الصيام، وبالتالي توازن مستويات الجلوكوز في الدم.
- تناول الخضراوات، والفواكه، والبقوليات، واللبن ضمن وجبتي السحور والإفطار.
- التقليل من تناول الأطعمة المقليّة.
- شرب كميّاتٍ كافيةٍ من الماء، وتجنب إضافة السكريات عند استهلاك المشروبات الساخنة واستخدام المُحليّات في حال الحاجة لذلك، وفي حال شرب المشروبات الغازيّة فإنّه يُنصح باختيار الأنواع الخالية من السكر والكافيين.
كما يجب مراقبة مستويات الجلوكوز في الدم بشكلٍ مستمر لتجنُّب حدوث انخفاض كبير بمستوياته الذي يُعرف بهبوط سكر الدم (بالإنجليزيّة: Hypoglycemia)، وخاصةً في حال كانت صحّة المريض غير جيّدة، أو في حال استخدام الإنسولين أو أيٍّ من أدوية السكري، وتساعد السيطرة على الأعراض المُبكّرة لهبوط سكر الدم، مثل: التعرُّق، والجوع، والارتعاش، والخفقان، على تجنُّب حدوث الأعراض الشديدة؛ كالارتباك، والسلوكات غير الطبيعية، كما يجدر التنبيه أنّه في حال حدوث أيٍّ من الأعراض السابقة فإنّه يجب قياس مستويات الجلوكوز في الدم للتأكد من عدم انخفاضه بشكلٍ كبير، وفي حال حدوث ذلك فإنّه يجب التوقّف عن الصيام فوراً. وفيما يأتي ذكرٌ لبعض الإرشادات للتعامل مع حالة هبوط سكر الدم:
- شرب ما يُقارب 150-200 مليلترٍ من عصير البرتقال.
- تناول 5-6 أقراص من الجلوكوز.
- تناول شريحتين من الخبز أو قطعتين من البسكويت.
- تناول حبّة من الفواكه.
- شرب كوب من الحليب.
المضاعفات المُحتملة للصيام لدى مرضى السكري
فيما يأتي ذكرٌ لبعض المضاعفات التي قد تُصيب مريض السكري أثناء الصيام:
إقرأ أيضا:رجيم لمرضى سكري الحمل- هبوط سكر الدم: وهي حالةٌ تحدث عند انخفاض مستويات سكر الدم عن المعدّل الطبيعي؛ أيّ أقلّ من 70 مليغراماً لكلّ ديسيلتر، أو أقلّ من 3.9 مليمولات لكلّ لتر.
- فرط سكر الدم: (بالإنجليزيّة: Hyperglycemia)، والتي تحدث عند ارتفاع مستويات سكر الدم عن المعدّل الطبيعي؛ أيّ أكثر من 200 مليغرامٍ لكلّ ديسيلتر، أو أكثر من 11.1 مليمولاً لكلّ لتر، ممّا قد يؤدي إلى حدوث الحماض الكيتوني السكري (بالإنجليزيّة: Diabetic ketoacidosis) لدى مرضى السكري من النوع الأول.
- الحماض الكيتوني السكري: وهي حالةٌ تحدث عند عدم حصول خلايا الجسم على ما يكفي من الجلوكوز، حيث يبدأ الجسم بحرق الدهون من أجل الحصول على الطاقة، ممّا يُسبّب تكوين الكيتونات (بالإنجليزيّة: Ketones) التي تجعل الدم حمضيّاً، وتجدر الإشارة إلى أنّ مرضى السكري من النوع الأول الذين يختارون الصيام في شهر رمضان يكونون أكثر عُرضةً لخطر الإصابة بالحماض الكيتوني، وخاصةً إذا كان المريض يُعاني من حالات فرط سكر الدم بشكلٍ متكرر قبل شهر رمضان.
- الجفاف والتجلُّط: (بالإنجليزيّة: Dehydration and Thrombosis)، يؤدي صيام رمضان إلى حدوث الجفاف بسبب نقص تناول السوائل وبخاصة في الطقس الحار والرطب، ممّا قد يُسبّب زيادة لزوجة الدم، وبالتالي زيادة خطر حدوث التجلُّط، ولذلك يجب على مرضى السكري الذين يختارون الصيام في شهر رمضان شرب كميات وافرة من الماء خلال ساعات الإفطار، وذلك للمساعدة على التقليل من خطر الإصابة بالجفاف والمضاعفات المرتبطة به.
رجيم رمضان لمرضى السكري
إذا كان بالإمكان لمريض السكري الصيام حسب رأي الطبيب فإنّ من المهمّ له تناول ما يكفي من الأطعمة الصحيّة للحفاظ على تغذية الجسم، كما يُنصح بتقسيم احتياجات السعرات الحراريّة بين وجبتي السحور والإفطار، إضافةً إلى وجبتين خفيفتين عند الحاجة، وبشكلٍ عام يؤدي تناول سعرات حراريّة أقلّ ممّا يحرقه الجسم أثناء النشاط البدني إلى خسارة الوزن، وتجدر الإشارة إلى وجود فرق في حرق الطاقة بين مرضى السكري والأشخاص الأصحّاء؛ إذ يكون معدل الحرق الأساسي (بالإنجليزيّة: BEE) لدى مرضى السكري أعلى مقارنةً بالأصحّاء وذلك بحسب ما أشارت إليه مُراجعةٌ نُشِرَت في مجلّة Frontiers in nutrition عام 2016.
إقرأ أيضا:كيف أقوي إرادتي في الرجيمومن الأمثلة على السعرات الحراريّة المُقترحة لنزول وزن مريض السكري أو المحافظة على وزنه خلال شهر رمضان نذكر الآتي:
الجنس | السعرات الحراريّة اليوميّة اللازمة للحفاظ على الوزن | السعرات الحراريّة اليوميّة اللازمة لنزول الوزن |
---|---|---|
الرجال | 1800-2200 | 1800 |
النساء بطول أكثر من 150 سنتيمتراً | 1500-2000 | 1500 |
النساء بطول أقلّ من 150 سنتيمتراً | 1500 | 1200 |
وفيما يأتي بعض النصائح التي يمكن اتّباعها للحفاظ على مستويات جيّدة من سكر الدم ونزول الوزن خلال رمضان:
وجبة السحور
توضح النقاط الآتية بعض النصائح المتعلقة:
- تأخير وجبة السحور: كما ذكرنا سابقاً فإنّه يُنصح بتأخير وجبة السحور إلى وقت الفجر بدلاً من الليل؛ وذلك للحفاظ على توازن مستويات الجلوكوز في الدم.
- اختيار أطعمة ذات مؤشر جلايسيمي منخفض: حيث يُعرف المؤشر الجلايسيمي (بالإنجليزيّة: Glycemic Index)؛ بأنّه نظام لتصنيف الأطعمة التي تحتوي على الكربوهيدرات من خلال معرفة درجة تأثير كلّ نوع من هذه الأطعمة في مستويات سكر الدم عند تناوله بشكلٍ منفرد؛ حيث تُعرف الأطعمة ذات المؤشر الجلايسيمي المتوسط أو المنخفض بقدرتها على رفع مستويات سكر الدم بشكلٍ تدريجي؛ وذلك لأنها تتحطّم بشكلٍ أبطأ من غيرها؛ ومن الأمثلة على هذه الأطعمة الكربوهيدرات المعقّدة التي تأخذ وقتاً أطول في عمليتي الهضم والامتصاص، ممّا يحافظ على طاقة الجسم لساعات أكثر خلال وقت الصيام، كما يُنصح باختيار الأطعمة الغنيّة بالألياف، ومنتجات الحليب، ومصادر البروتين للحفاظ على طاقة الجسم خلال الصيام.
أمثلة على الأطعمة ذات المؤشر الجلايسيمي المنخفض إلى المتوسط التي يمكن تناولها في السحور: والتي نذكر بعضاً منها فيما يأتي:
- الكربوهيدرات المعقّدة: مثل:
- خبز القمح الغنيّ بالألياف.
- الخبز اللبناني أو العربي (بالإنجليزيّة: Pita).
- خبز نخالة الشوفان.
- خبز الجودار (بالإنجليزيّة: Rye bread)؛ وهو نوع من الحبوب مثل القمح.
- الخضار، والفواكه: مثل:
- الخيار، والكوسا.
- الطماطم.
- الفلفل.
- الخس.
- اللفت.
- الأفوكادو.
- الفطر.
- التفاح والإجاص.
- المشمش، والدراق.
- الجريب فروت.
- البرقوق الطازج والمجفّف.
- الفراولة، والعليق، والتوتيات.
- البروتينات والألبان: مثل:
- البيض.
- الحليب الخالي من الدسم.
- اللبن قليل الدهون أو اليوناني.
- الأجبان قليلة الدهون.
- اللبنة.
- الحمّص.
وجبة الفطور
توضح النقاط الآتية بعض النصائح لوجبة الفطور:
- السوائل والتمر: يُنصح ببدء الإفطار بشرب كمية وافرة من الماء للتخلّص من الجفاف الناتج عن الصيام، إضافةً إلى تناول 1-2 حبّة من التمر الطازج أو المجفّف لرفع مستويات الجلوكوز في الدم، كما يُنصح بتناول الحساء؛ وهي من الطرق الشائعة في البلدان العربيّة لتزويد الجسم بالسوائل؛ إذ إنّه يُحضّر عادةً من مرق اللحم، ويحتوي على الحبوب، والبقوليّات كالفاصولياء، والعدس.
- نموذج تقسيم الطبق الرئيسي: حيث يُنصح بتقسيم هذا الطبق إلى 3 أجزاء؛ وذلك من خلال ملء ربع الطبق بأطعمة الكربوهيدرات المعقّدة، والربع الآخر بمصادر البروتينات الخالية من الدهون أو بدائل اللحوم، وملء النصف المتبقي من الطبق بالخضراوات، ممّا يضمن الحصول على وجبة صحيّة متوازنة.
أمثلة على الأطعمة التي يمكن تناولها على الفطور بمؤشر جلايسيمي منخفض إلى متوسط: ونذكر منها الآتي:
- الكربوهيدرات: مثل:
- الرز؛ مثل: البسمتي، والأسمر، والأبيض ذو الحبّة الطويلة.
- المعكرونة.
- البرغل، والكسكس (بالإنجليزيّة: Couscous) المصنوع من القمح الكامل.
- الذرة، والبازلاء.
- الجزر الأبيض (بالإنجليزيّة: Parsnip).
- القرع الشتوي.
- البقوليّات: مثل:
- الفاصولياء المخبوزة.
- الحمّص.
- العدس.
- الفاصولياء الحمراء (بالإنجليزيّة: Kidney beans).
- البروتينات: مثل اللبن، سواء كان خالي، أو قليل، أو كامل الدسم، وتجدر الإشارة إلى أنّ اللحوم والدواجن والأسماك لا تمتلك مؤشراً جلايسيميّاً؛ وذلك بسبب عدم احتوائهم على الكربوهيدرات.
- الخضراوات: تُعدُّ مُعظم الخضراوات غير النشويّة أو الخالية من النشويات؛ كالخس والطماطم غير مُصنفة ضمن الأطعمة التي تمتلك مؤشراً جلايسيميّاً؛ وذلك بسبب محتواها القليل جداً من الكربوهيدرات، إضافةً إلى تأثيرها البسيط في مستويات سكر الدم.
الوجبات الخفيفة
يُنصح بتناول حبّة فاكهة، أو حفنة من المكسرات، أو الخضراوات بين الوجبات عند الحاجة، وبشكلٍ عام يُنصح بأن تحتوي الوجبة الخفيفة على 100-200 سعرة حراريّة، وقد تكون أعلى من ذلك اعتماداً على احتياجات الفرد من السعرات الحراريّة.
نصائح لمرضى السكري
فيما يأتي ذكرٌ لبعض النصائح لمرضى السكري خلال شهر رمضان:
- فحص مستويات الجلوكوز في الدم بشكلٍ متكرر خلال اليوم؛ حيث يجب على مريض السكري الإفطار في حال كانت مستويات جلوكوز الدم أقلّ من 70 مليغراماً لكلّ ديسيلتر، أو أكثر من 300 مليغرامٍ لكلّ ديسيلتر، أو في حال ظهور أعراض هبوط أو فرط سكر الدم.
- تعديل جرعات الأدوية الخافضة لسكر الدم (بالإنجليزيّة: Antihyperglycemic medications) من أجل التحكم بمستويات سكر الدم لدى مريض السكري خلال شهر رمضان.
- تجنّب الجفاف خلال الصيام وخاصةً في فصل الصيف، وذلك من خلال شرب كميّاتٍ وافرةٍ من السوائل بين وجبتي الإفطار والسحور.
- ممارسة التمارين الرياضيّة بعد وجبة الإفطار.
ومن الجدير بالذكر أنّ الحلويات على الرغم من أنّه ينتشر استهلاكها خلال فترة الفطور إلا أنّها تُعدُّ بالنسبة لمرضى السكري ذات تأثير سلبيّ؛ وفي حال كان ولا بُدَّ من تناولها فإنه يجب استهلاك كميات بسيطة منها؛ وذلك لأنّها تؤثر في مستويات سكر الدم بشكلٍ سيئ.