شعر حزين

شعر عن الرحيل

الرحيل

دائماً ترمينا الأيام لحضن الغياب، ذاك الذي كلما نظرنا إليه وجدنا أنفسنا نرحل عن معنى الوجود وكيفية استحضار ذواتنا من بعدها أشبه بمعجزة لذلك عند الرحيل كن واثقاً من قرارك وامضِ ولا تلتفت، ثق تماماً أنّ رحيلك سيجدي نفعاً ولو بعد حين قرار أشبه بأن تمنحك الحياة دلالها بعد عاصفة العذاب التي كابدتها لكي تصل.

الرحيل الأكبر لمحمود درويش

في الرَّحيل الْكبير أُحبك أَكْثَرَ عَمّا قَليلْ

تُقْفلين الْمدينة لأقلب لي في يديْك وَلَا

دَرْب يَحْمِلُني، في الرَّحيل الْكبير أَحبك أَكْثرْ

لا حليب لرُمّان شُرْفَتنا بعد صَدْرِكِ خفَّ النَّخيلْ

خَفَّ وَزْنُ التَّلال وخَفّتْ شوارِعُنا في الأَصيلْ

خَفتَّ الأَرْضُ إِذْ وَدَّعَتْ أَرْضها خَفَّت الْكَلِمَاتْ

والْحِكاياتُ خفَّت على دَرَج اللَّيْلِ لكنَّ قلْبي ثقيلْ

فاتْرُكيهِ هُنا حوْل بيْتك يعوى وَيَبْكي الزَّمان الْجميلْ

ليْس لي وَطنٌ غَيْرُهُ في الرَّحيل أُحبُّك أُكْثَرْ

أفْرغُ الرّوح منْ آخِر الْكلمات: أُحبُّك أَكْثَر

في الرحيل تَقودُ الفراشات أَرْواحَنا في الرَّحيلْ

نتذكَّرُ زر الْقميص الَّذي ضاع منّا ونَنْسى

تاجَ أَيّامنا نتذكَّرُ رائحة الْعرق الْمِشْمَشِيِّ ونَنْسَى

رقْصة الْخيْل في ليْل أَعْراسِنا في الرَّحيلْ

نتساوى مع الَّطيْرِ نَرْحَمْ أَيّامنا نكْتفي بالْقَليلْ

إقرأ أيضا:شعر عن الدموع

أَكْتَفي منْك بالْخَنْجَر الذَّهبيِّ يُرَقِّص قَلْبِي الْقتيلْ

فاقْتُليني على مَهَلِ كَيْ أُقول أُحبُّك أُكْثَرَ ممّا

قُلْتُ قبل الرحيل الْكبير أُحبُّك لاشَيْءَ يوجِعُنِي

لا الْهواء، ولا الْماءُ ولا حَبَقٌ في صباحكِ لَا

زنْبقٌ في مَسائك يُوجِعُنِي بَعْدَ هذا الرَّحِيلْ

شعر بدر شاكر السياب

أوصدي الباب فدنيا لست فيها

ليس تستأهل من عيني نظرة

سوف تمضين و أبقى أي حسرة

أتمنى لك ألا تعرفيها

آه لو تدرين ما معنى ثواني في سرير من دم

ميت الساقين محموم الجبين

تأكل الظلماء عيناي و يحسوها فمي

تائها في واحة خلف جدار من سنين وأنين

مستطار اللب بين الأنجم

في غد تمضين صفراء اليد

لا هوى أو مغنم نحو العراق

وتحسين بأسلاك الفراق

شائكات حول سهل أجرد

مدها ذاك المدى ذاك الخليج

والصحارى و الروابي والحدود

أي ريش من دموع أو نشيج

سوف يعطينا جناحين نرود

بهما أفق الدجى أو قبة الصبح البهيج للتلاقي

كل ما يربط فيما بيننا محض حنين و اشتياق

ربما خالطه بعض النفاق

إقرأ أيضا:شعر عن الخيانه

آه لو كنت كما كنت صريحة

لنفضنا من قرار القلب ما يحشو جروحة

ربما أبصرت بعض الحقد بعض السأم

خصلة من شعر أخرى أو بقايا نغم

زرعتها في حياتي شاعره

لست أهواها كما أهواك يا أغلى دم ساقي دمي

إنها ذكرى ولكنك غيرى ثائرة

من حياة عشتها قبل لقانا

وهوى قبل هوانا

أوصدي الباب غدا تطويك عني طائرة

غير حب سوف يبقى في دمانا.

شعر الجواهري عن الرحيل

نيتُ نزَلنا بوادي السِباعْ

بوادٍ يُذيبُ حِديدَ الصِراع

يُعَيِّرُ فيه الجبانُ الشُجاع

أنيتُ لقد حانَ يومُ الوداع

إليَّ إليَّ حبيبي أنيتْ

إليَّ إليَّ بجيدٍ وليت

كأنَّ عُروقَهما النافِرات

خُطوطٌ مِن الكلِم الساحِرات

إليَّ بذاكَ الجبينِ الصَلِيتْ

تخافَقَ عنْ جانبيهِ الشَعَرْ

يبُثُّ إليَّ أريجَ الزَهَر

سيَعبِقُ في خاطري ما حيَيِتْ

ويُذكِرُني صَبوتي لو نَسيِت

إليَّ إليَّ حَبيبي أنيتْ

إليَّ إليَّ بذلكَ الذّراعْ

أبضَّ تفايَضُ مِنهُ الشُعاع

أطِلَّي عليَّ بهِ كالشِراع

فقد لَفحَتني سَمومُ العِراقْ

إقرأ أيضا:محمود درويش لا أنام لأحلم

فألهينَ مِنَّيَ جُرحَ الفِراق

إليَّ إليَّ به للعِناق

لغيرِ العِناقِ الذي تَعرِفينْ

بحيثُ يلُزُّ الوتينُ الوتين

عَشِيَّةَ أهتِفُ أو تهتِفين

لنجمِ القَضا ولسَهمِ القَدَرْ

وللمُستَقِرِّ بذاكَ المَقَرّ

بأنْ لا يُميِّلَ هذا السَّفينْ

إلى حيثُ أرهَبُ أو تَرَهبين

إلى وَحَلٍ من دُموعٍ وطين

إليَّ بصدِركِ ذاكَ الخِضمّ

مِن العاطفاتِ العُجابِ الشِيَمّ

مِن العاصفاتِ بلحمٍ وَدَمّ

تُلَوِّنُ وجهَكِ في كلِّ آنْ

بما لم تُلَوَّنْ فُصولُ الزّمان

أحاسيسُ تُعرِبُ عن كلِّ شان

كأنَّ وُجوهاً عِداداً لديكِ

تَرِفُّ ظِلالاً على مُقلَتيك

كأنَّكِ تُلقِينَ من عاتِقيك

بتلكَ الظِلالِ القِباحِ الِلطافْ

وأشباحِهنَّ السِّمانِ العِجاف

عناءَ الضميرِ وثِقْلَ السِنين

وجهلَ المصيرِ وعِلْمَ اليقين

بلُطفِ الحياةِ

وجُهدِ الظّنين

بساعاتِها أنّ يروحَ الحِمامْ

إلى الصمتِ يدفعُها والظَلام

إليَّ إليَّ حبيبي أنيتْ

إليَّ بنبعِ الحياةِ المُميتْ

إليَّ بذاكَ النظيمِ الشّتيت

بثغركِ ذاكَ العبوسِ الطروبْ

يَرفُّ إذا ما علاهُ الشُّحوب

كأنِّيَ أقرأ سِفرَ الغُيوب

على شفَتيكِ و سِرَّ الخفايا

كأنِّيَ أسمعُ عتبَ الذَّنوب

عليكِ ووقعَ دبيبِ الرزايا

كأنِّيَ أشربُ كأسَ الخطايا

وسؤرَ دمٍ مُهدَرٍ مِن سِوايا

كأنّيَ أمضُغُ لحمَ الضّحايا

تناثَرُ مِن بينِ تلكَ الثّنايا

كأنَّ الزفيرَ بنفحِ الطُّيوبْ

إذا امتَزجا يَكشِفانِ النّوايا

ويَستصْرِخانِ أثيماً يتوبْ

على ما تَجَرَّمهُ مِن منايا

إليَّ هواني إليَّ هوايا

إليَّ المُنى تُشتَرى بالمنايا

إليَّ إليَّ بتلك البقايا

مِن المُسأراتِ بتلكَ الجُيوبْ

إليَّ بصَفوِ النعيمِ المَشوب

بلَفح أُوارِ الجحيمِ الشَّبوب

إليَّ إليَّ أغيثي ظمايا

فقد نالَ مِن شفتيَّ اللُغوبْ

السابق
كلام حزين عن الوطن
التالي
شعر عن فراق الحبيب