قصيدة تلومني الدنيا
كتب الشاعر نزار قباني العديد من القصائد، وهو شاعر سوري معاصر، ولد عام 1923م وتوفي عام 1988م عن عمر يناهز 75 عاماً في لندن إثر أزمة قلبية، وأول ديوان أصدره كان بعنوان “قالت لي السمراء” عام 1944م، ويقول في أبيات من قصيدته “تلومني الدنيا” ما يأتي:
تلومني الدنيا إذا أحببتهُ
كأنني.. أنا خلقتُ الحبَّ واخترعتُهُ
كأنني أنا على خدودِ الوردِ قد رسمتهُ
كأنني أنا التي..
للطيرِ في السماءِ قد علّمتهُ
وفي حقولِ القمحِ قد زرعتهُ
وفي مياهِ البحرِ قد ذوّبتهُ..
كأنني.. أنا التي
كالقمرِ الجميلِ في السماءِ..
قد علّقتُه..
تلومُني الدنيا إذا..
سمّيتُ منْ أحبُّ.. أو ذكرتُهُ..
كأنني أنا الهوى..
وأمُّهُ.. وأختُهُ..
هذا الهوى الذي أتى..
من حيثُ ما انتظرتهُ
مختلفٌ عن كلِّ ما عرفتهُ
مختلفٌ عن كلِّ ما قرأتهُ
وكلِّ ما سمعتهُ
لو كنتُ أدري أنهُ..
نوعٌ منَ الإدمانِ.. ما أدمنتهُ
لو كنتُ أدري أنهُ..
بابٌ كثيرُ الريحِ.. ما فتحتهُ
لو كنتُ أدري أنهُ..
عودٌ من الكبريتِ.. ما أشعلتهُ
إقرأ أيضا:أجمل أشعار المتنبيهذا الهوى.. أعنفُ حبٍّ عشتهُ
فليتني حينَ أتاني فاتحاً
يديهِ لي.. رددْتُهُ
وليتني من قبلِ أن يقتلَني.. قتلتُهُ..
هذا الهوى الذي أراهُ في الليلِ..
على ستائري..
أراهُ.. في ثوبي..
وفي عطري.. وفي أساوري
أراهُ.. مرسوماً على وجهِ يدي..
أراهُ منقوشاً على مشاعري
لو أخبروني أنهُ
طفلٌ كثيرُ اللهوِ والضوضاءِ ما أدخلتهُ
وأنهُ سيكسرُ الزجاجَ في قلبي لما تركتهُ
لو أخبروني أنهُ..
سيضرمُ النيرانَ في دقائقٍ
ويقلبُ الأشياءَ في دقائقٍ
ويصبغُ الجدرانَ بالأحمرِ والأزرقِ في دقائقٍ
لكنتُ قد طردتهُ..
يا أيّها الغالي الذي..
أرضيتُ عني الله.. إذْ أحببتهُ
هذا الهوى أجملُ حبٍّ عشتُهُ
أروعُ حبٍّ عشتهُ
فليتني حينَ أتاني زائراً
بالوردِ قد طوّقتهُ..
قصيدة كأنني شراع
يقول الشاعر نزار القباني في قصيدته “كأنني شراع” ما يأتي:
ليلاً، إلى شواطئِ الإِيقاعْ
يَفْتَحُ لي، أُفْقَاً من العَقيقْ
ولَحْظَةَ الإِبْداعْ
وجْهُكِ.. وجهٌ مُدْهِشٌ
وَلَوْحَةٌ مَائيَّةٌ
ورِحلَةٌ من أبْدَعِ الرِحْلاتِ
بينَ الآسِ.. والنَعْنَاعْ..
إقرأ أيضا:ابو نواس شعروجْهُكِ..
هذا الدفترُ المفتوحُ، ما أَجْمَلَهُ
حينَ أراهُ ساعةَ الصَبَاحْ
يحملُ لي القَهْوةَ في بَسْمَتِهِ
وحُمْرةَ التُفَّاحْ..
وجْهُكِ.. يَسْتَدْرِجُني
لآخِرِ الشِعْرِ الذي أَعرفُهُ
وآخِرِ الكَلامْ..
وآخِرِ الوَرْد الدِمَشْقِيِّ الذي أُحبُّهُ
وآخِرِ الحَمَامْ..
وجْهُكِ يا سيِّدتي
بَحْرٌ من الرُمُوزِ، والأسئلةِ الجديدَهْ
فهل أعودُ سالماً؟
والريحُ تَسْتَفِزُّني
والموجُ يَسْتَفِزُّني
والعِشْقُ يَسْتَفِزُّني
ورِحْلتي بعيدَهْ..
وَجْهُكِ يا سيِّدتي
رسالةٌ رائعةٌ
قَدْ كُتِبَتْ..
ولم تَصِلْ ، بَعْدُ، إلى السَمَاءْ..
قصيدة حقائب الدموع والبكاء
يقول الشاعر نزار القباني في قصيدته “حقائب الدموع والبكاء” ما يأتي:
إذا أتى الشتاء..
وحركت رياحه ستائري
أحس يا صديقتي
بحاجة إلى البكاء
على ذراعيك..
على دفاتري..
إذا أتى الشتاء
وانقطعت عندلة العنادل
وأصبحت..
كل العصافير بلا منازل
يبتدئ النزيف في قلبي.. وفي أناملي
كأنما الأمطار في السماء
تهطل يا صديقتي في داخلي..
إقرأ أيضا:أجمل قصائد محمود درويشعندئذ.. يغمرني
شوق طفولي إلى البكاء..
على حرير شعرك الطويل كالسنابل..
كمركب أرهقه العياء
كطائر مهاجر..
يبحث عن نافذة تضاء
يبحث عن سقف له..
في عتمة الجدائل ..
إذا أتى الشتاء..
واغتال ما في الحقل من طيوب..
وخبأ النجوم في ردائه الكئيب
يأتي إلى الحزن من مغارة المساء
يأتي كطفل شاحب غريب
مبلل الخدين والرداء..
وأفتح الباب لهذا الزائر الحبيب
أمنحه السرير.. والغطاء
أمنحه.. جميع ما يشاء
من أين جاء الحزن يا صديقتي؟
وكيف جاء؟
يحمل لي في يده..
زنابق رائعة الشحوب
يحمل لي..
حقائب الدموع والبكاء..