ثروات طبيعية

طرق ترشيد استهلاك المياه في الزراعة

طرق ترشيد استهلاك المياه في الزراعة

يُعتبر القطاع الزراعي من أكثر القطاعات استهلاكاً للمياه، مما جعل تعزيز الجهود المبذولة في هذا القطاع للحفاظ عليها أمراً ضرورياً لا بدّ منه، فالعديد من المزارعين حول العالم يعتمدون على ضخّ المياه لريّ مزروعاتهم من مصادر المياه الجوفية ومصادر أخرى، مما يؤدي إلى ضخّ كميات زائدة من المياه، وهو الأمر الذي يتسبب بمشكلات زراعية كبيرة، فالإفراط في ري المحاصيل قد يفسدها، بالإضافة إلى أنّ حركة المياه الفائضة على سطح التربة يؤدي إلى تآكلها، كما أنّ المياه التي يتمّ ضخّها غالباً ما يُفقَد جزء كبير منها بسبب تسربها من الأنابيب التي تنقلها من المصدر إلى الحقول، فيتم استخدام جزء منها في الري فيما يتم خسارة الكمية الباقية بسبب التبخّر والارتشاح في التربة، ولترشيد استهلاك المياه في القطاع الزراعي يوجد عدّة استراتيجيات يمكن للمزارعين اتّباعها.

للتعرف على طرق ترشيد استهلاك الماء يمكنك قراءة المقال طرق ترشيد استهلاك الماء

ترشيد استهلاك الماء بتحسين الممارسات الزراعية

ينبغي استخدام كميات المياه المناسبة في الزراعة للحفاظ على أثمن الموارد الطبيعية، وللحصول على محاصيل أكثر صحة، وفيما يأتي بعض الممارسات الزراعية المتّبعة لترشيد استهلاك المياه في الزراعة والحفاظ عليها:

  • اختيار المحاصيل التي تتحمّل الجفاف: من المهم اختيار المحاصيل التي تتناسب مع مناخ المنطقة؛ لتنجح النباتات في التأقلم مع ظروف الطقس الطبيعية في هذه البيئة لا سيما في فترات الجفاف، فإذا كانت المنطقة تعاني من فترات جفاف فإنّ ذلك يحتّم اختيار محاصيل زراعية تتأقلم مع هذه الفترات، مما يساعد على تقليل الحاجة إلى الري.
  • اتباع ممارسات تحافظ على جودة التربة: تحتفظ التربة الجيدة بالرطوبة والأكسجين بشكل أفضل، مما يساهم في تقليل كمية المياه اللازمة لري المزروعات، ومن الممارسات التي تحافظ على جودة التربة تخصيبها بالأسمدة، وتقليل تكرار عملية الحرث.
  • تدوير المحاصيل: يقوم العديد من المزارعين بتدوير أنواع المحاصيل التي يزرعونها حسب الموسم أو السنة، فالمحاصيل المختلفة تحتاج إلى مغذّيات مختلفة من التربة وكمية مختلفة من مياه الري، فمن خلال التناوب المستمر بين أنواع المحاصيل تزدهر التربة وتعطي المزروعات محصولاً أفضل، بالإضافة إلى توفير استهلاك المياه بالمراوحة بين أنواع النباتات التي تحتاج إلى مياه وفيرة وتلك التي تحتاج إلى كميات أقل.
  • الحرث لصيانة الأراضي: تستخدم الحراثة الحافظة (Conservation Tillage) محاريث وأدوات خاصة تعمل على حرث التربة مع إبقاء ما لا يقل عن 30% من بقايا المحاصيل النباتية على سطح التربة، والتي تعمل كغطاء يحافظ على رطوبة التربة ويقلّل من تبخّر الماء منها، كما يقلّل من انجراف التربة أو انضغاطها.
  • التوجّه نحو الزراعة العضوية: تعطي الزراعة العضوية غلّة أعلى من الزراعة التقليدية في سنوات الجفاف، وتساهم في تجنّب أضرار المبيدات الحشرية، والحفاظ على الممرات المائية من التلوث بالمبيدات الأكثر سُمِّية، كما أنّ الطرق العضوية تساعد التربة على الاحتفاظ برطوبتها، فالتربة الغنيّة بالمواد العضوية والحياة الميكروبية توفّر رطوبة أكثر للنباتات، كما أنّ الحقول العضوية يمكنها إعادة إمداد مستجمعات المياه الجوفية حتى نسبة 20%، وذلك بناءً على تجربة قام بها معهد رودالي (Rodale Institute).
  • إضافة السماد وفرش المهاد على التربة: وُجد أنّ المواد العضوية المتحلّلة التي تستخدم كسماد تحسّن بُنية التربة وتزيد من قدرتها على الاحتفاظ بالمياه، كما أنّ وضع طبقة من المهاد (بالإنجليزية: Mulch) على سطح التربة يحافظ على رطوبتها، فعندما تتفتت هذه الطبقة المكونة من مواد عضوية مثل القش أو رقائق الخشب تصبح كسماد للتربة، مما يزيد من قدرة هذه التربة على الاحتفاظ بالمياه، وهذا يفيد بشكل خاص في موسم الجفاف، كما يمكن استخدام المهاد البلاستيكي الأسود كغطاء للتربة لمنع الأعشاب الضارة وتقليل التبخر.
  • زراعة محاصيل تغطية التربة: إنّ زراعة بعض النباتات التي تستخدم خصيصاً لتغطية التربة الزراعية سيساعد على الحد من نموّ الأعشاب الضارة، ويفيد في زيادة المواد العضوية الموجودة في التربة، ورفع خصوبتها وبالتالي تحسين إنتاجيتها، وهي الأمور التي تمنع تآكل التربة وانضغاطها، وتسمح للماء باختراق التربة بسهولة أكبر، وتحسّن قدرتها على الاحتفاظ بالمياه، وهذا يفيد خاصة في مواسم الجفاف، وقد يُزرع العشب المعمّر (بالإنجليزية: Perennial Grass)، أو نبات البرسيم (بالإنجليزية: Clover) كنباتات تغطية.
  • الزراعة الكنتورية: (بالإنجليزية: Contour harvesting)، تُعتبر الزراعة على جوانب التلال المنحدرة بطريقة الخطوط بدلاً من الزراعة أعلى المنحدر من الممارسات التي تحافظ على المياه، فعادة ما تُقلب التربة قبل وضع البذور، وتُشقّ الأخاديد فيها بشكل عرضي؛ للتقليل من جريان المياه على سطح التربة وزيادة ارتشاحها عبر التربة إلى المحاصيل المزروعة، وهناك العديد من التقنيات الزراعية التي تحجز المياه عن طريق نظام الخطوط، مثل: خطوط الحجارة المرصوصة، أو خطوط الحواجز العشبية، أو الزراعة بشكل مصاطب وغيرها.

ترشيد استهلاك الماء بتحسين طرق الرّي

يعتبر الحفاظ على المياه من ضروريات استمرار القطاع الزراعي نظراً لأهمية المياه في نمو النباتات والمحاصيل الزراعية، ويعد استنزاف المياه الجوفية مع ارتفاع الملوحة بسبب الإفراط في استخدام الأسمدة والمبيدات الكيماوية من المشكلات الكبيرة في هذا القطاع، لذلك تمّ تطبيق طرق مختلفة حول العالم لحل هذه المشكلة من خلال تجميع المياه واستعادة مخزون المياه الجوفية، وقد استخدم السكان المحليون في المناطق التي تندر فيها المياه وتنخفض فيها معدلات الهطول تقنيات بسيطة تناسب منطقتهم وتسدّ جزءاً كبيراً من حاجتهم للمياه، ومن تقنيات الري المستخدمة في ترشيد استهلاك المياه ما يأتي:

إقرأ أيضا:الأحجار الكريمة وكيفية التعرف عليها
  • استخدام المياه المالحة: تتوفّر المياه المالحة على نطاق واسع لكنها نادراً ما تستخدم في الزراعة لأنّها تقلل من نمو النباتات وتقلّل المحصول، إلّا أنّه وفي الآونة الأخيرة تمّ تطوير أنواع مختلفة من المحاصيل المقاومة للملوحة.
  • جدولة الري: تعتبر جدولة الريّ التي تُعنى بكمية المياه المستخدمة لري النباتات، وكيفية الري، وأوقاته وغيرها من الأمور طريقةً عملية لمنع الإفراط في استخدام المياه مع تحسين نمو المحاصيل، كما أنّ تحسين طرق الاستفادة من مياه الأمطار المستخدمة في الريّ تقلّل من حاجة المزارعين لضخّ المياه من خزانات المياه الجوفية أو المستجمعات المائية، ومن أهم الأمور التي يجب مراعاتها في جدولة الري في كل موسم هي: وقت بدأ عملية الري ووقت التوقف، كما يجب على المزارع مراقبة محتوى التربة من الرطوبة وتقييم قدرة نظام الري الفعلية.
  • الري بالتنقيط: تقوم أنظمة الري بالتنقيط على إيصال المياه مباشرة إلى جذور النبات، مما يقلّل من التبخّر الذي يحدث في بعض أنظمة الري الأخرى، ويمكن استخدام المؤقتات لجدولة الري في الأوقات الأكثر برودة خلال اليوم لتقليل فقدان الماء، بالإضافة إلى أنّ أنابيب الري بالتنقيط المثبتة بشكل صحيح توفّر ما يصل إلى 80% من المياه مقارنة مع طرق الري التقليدية، وتساهم في زيادة إنتاج المحاصيل أيضاً.

ترشيد استهلاك الماء بتطبيق الحصاد المائي

يُعرف الحصاد المائي بأنه تقنية تستخدم لتنمية موارد المياه السطحية التي يمكن استخدامها في المناطق الجافة لتوفير المياه للماشية، وللاستخدامات المنزلة، وللزراعة الحرجية، والزراعة في المساحات الصغيرة كذلك، ويمكن تعريف أنظمة حصاد المياه على أنّها طرق اصطناعية يمكن من خلالها جمع مياه الهطول وتخزينها لاستخدامها لاحقاً، ويوفّر الحصاد المائي كمية كافية من المياه ومناسبة للاستخدام، حيث يمكن للمياه التي يتمّ جمعها أن تكون مصدر إمداد إضافي لكمية المياه الموجودة أصلاً، أو أن تكون المصدر الرئيسي في المناطق التي قد يكون توفير المياه فيها من مصادر أخرى مكلفاً جداً، وتشمل أنظمة حصاد المياه ما يأتي:

إقرأ أيضا:بحث حول أهمية الماء
  • منطقة لجمع المياه يتمّ إعدادها بطريقة تنساب إليها مياه المطر بكفاءة.
  • مرفق لتخزين المياه التي يتم جمعها، ويستخدم في حال لم يتم تركيز المياه مباشرة في التربة الزراعية.
  • مخطط توزيع المياه، وهو مطلوب في الأنظمة المخصّصة في زراعة الكفاف للريّ في فترات الجفاف.

يقوم بعض المزارعين ببناء أحواضهم الخاصة لجمع مياه الامطار وتخزينها واستخدامها على مدار العام بدلاً من الاعتماد على مياه الآبار الجوفية أو البلديّة بشكل كلّي، ولا تنحصر فائدة هذه الطريقة على الاقتصاد المائي الذي يحقّقونه بذلك، بل تتعدّاه إلى خلق بِرك لتجميع مياه الأمطار تمثّل موطناً للحياة البرية المحلية.

السابق
كيف نحافظ على موارد البيئة
التالي
هل تعلم عن الماء