معجزات الأنبياء
تُعرّف المعجزة على أنها أمرٌ خارقٌ للعادة، يجريه الله -تعالى- على يد الأنبياء -عليهم السلام- لتكون دليلاً على صدق نبوّتهم، وتنقسم معجزات الأنبياء إلى معجزاتٍ حسّية تُشاهَد بالعين؛ كتحوّل العصى إلى أفعى، وخروج الناقة من الصخر، وكلام الجمادات، ومعجزاتٍ معنوية يُطّلع عليها بالبصيرة كالقرآن الكريم مثلاً.
انشقاق القمر
كان طلب الكفّار للمعجزات من باب الجدل والمِراء، ومحاولة الصدّ عن سبيل الدعوة الإسلامية، ولم يكن بدافع الرغبة بالاقتناع والإيمان، إذ إنهم لو أرادوا الاقتناع لكفاهم التفكّر بإعجاز القرآن الكريم، فقد تحدّاهم الله -تعالى- بأن يأتوا بمثله فعجزوا، ثم تحدّاهم بأن يأتوا بعشر سورٍ من مثله، مصداقاً لقوله تعالى: (أَم يَقولونَ افتَراهُ قُل فَأتوا بِعَشرِ سُوَرٍ مِثلِهِ مُفتَرَياتٍ وَادعوا مَنِ استَطَعتُم مِن دونِ اللَّـهِ إِن كُنتُم صادِقينَ)، بل تحدّاهم بما هو أهون من ذلك، حيث قال تعالى: (أَم يَقولونَ افتَراهُ قُل فَأتوا بِسورَةٍ مِثلِهِ وَادعوا مَنِ استَطَعتُم مِن دونِ اللَّـهِ إِن كُنتُم صادِقينَ)، ولكنّهم وقفوا عاجزين عن معارضة القرآن الكريم، وعلى الرغم من ذلك طالبوا بمعجزاتٍ أخرى من باب الجدل والمراء، حيث طلبوا من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن ينشقّ القمر كآيةٍ وعلامةٍ على صدق نبوّته، فأيّده الله -تعالى- بمعجزة انشقاق القمر.
حيث أشار النبي -عليه الصلاة والسلام- إلى القمر بيده فشُقّ إلى نصفين، وقد ثبت انشقاق القمر في القرآن الكريم في سورة القمر، وروى الصحابة الذين شاهدوا الحدث العديد من الأحاديث التي تؤكّد ذلك الخبر، ومنها ما رُوي عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- أنه قال: (انْشَقَّ القَمَرُ علَى عَهْدِ رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ شِقَّتَيْنِ، فَقَالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: اشْهَدُوا)، وما رُوي عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أنه قال: (أنَّ أهْلَ مَكَّةَ سَأَلُوا رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنْ يُرِيَهُمْ آيَةً فأرَاهُمُ انْشِقَاقَ القَمَرِ)، وعلى الرغم من ذلك لم يؤمن كفار قريش، وقالوا: “سحركم محمد”! بينما ذهب الواقعيّون منهم إلى ضرورة سؤال القادمين من السفر، لأن ما حصل إن كان سحراً فإنه سيؤثّر بالقريب منه، ولن يؤثّر في البعيد، ولمّا عاد المسافرون سألهم كفّار قريش فأخبروهم بأنهم شاهدوا القمر قد انشقّ في نفس الليلة، ونفس التوقيت الذي شاهدوا هم فيه انشقاق القمر، ولكن بالرغم من ذلك ناقض الكفّار أنفسهم وقالوا هذا سحرٌ مستمر.
إقرأ أيضا:عناصر الطبيعةالإعجاز العلمي في انشقاق القمر
سُئل أحد العلماء في مجال الإعجاز العلمي وهو الدكتور زغلول النجار إن كان في قول الله تعالى: (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانشَقَّ الْقَمَرُ)، إعجازاً علمياً، فأجاب نافياً أن يكون في الآية الكريمة أيّ إعجازٍ علمي، وعلّل ذلك بأن الإعجاز العلمي يُفسَّر بالعلم، وأما المعجزات فلا يمكن للعلم تفسيرها، لأنها خارج نطاق العلم، كأن يدخل إنسانٌ في النار فلا يحترق، أو يُضرب البحر بالعصا فينقسم إلى فرقتين، أو ينشقّ الجبل فتخرج منه ناقة، أو يمسك إنسانٌ بعصا فتتحول إلى أفعى، فهذا كلّه خارقٌ للعادة، ولا يمكن للعلم أن يُفسّره، وكذلك انشقاق القمر الذي كان معجزةً من معجزات النبي محمد صلى الله عليه وسلم، ودليلاً على صدق نبوّته.
معجزات النبي محمد عليه الصلاة والسلام
أيّد الله -تعالى- محمد -صلى الله عليه وسلم- بالعديد من المعجزات الحسّية بالإضافة إلى المعجزة الخالدة وهي القرآن الكريم، مصداقاً لقول الله تعالى: (قُل لَئِنِ اجتَمَعَتِ الإِنسُ وَالجِنُّ عَلى أَن يَأتوا بِمِثلِ هـذَا القُرآنِ لا يَأتونَ بِمِثلِهِ وَلَو كانَ بَعضُهُم لِبَعضٍ ظَهيرًا)، ومن معجزات النبي -عليه الصلاة والسلام- شفاء المرضى بريقه، كما حصل مع علي بن أبي طالب كرّم الله وجهه، وسلام الحجر والشجر عليه في العديد من المواقف، وتكثير الطعام والشراب، كما حصل في قصة جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- حين أطعم النبي -عليه الصلاة والسلام- المئات من قدْرٍ واحدٍ، وخروج الماء من بين أصابعه، وحادثة الإسراء والمعراج، ومن أعظم معجزاته -عليه الصلاة والسلام- انشقاق القمر، وقد دلّ على هذه المعجزة قول الله تعالى: (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانشَقَّ الْقَمَرُ* وَإِن يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُّسْتَمِرٌّ ).
إقرأ أيضا:كيف حدث تسونامي اليابان