نسائية وتوليد

علاج تليف الرحم

علاج تليّف الرحم

لا توجد طريقة واحدة مُثلى لعلاج جميع حالات الإصابة بالورم الليفيّ الرحميّ أو تليّف الرحم (بالإنجليزية: Uterine fibroid)؛ وإنما يحدد الطبيب العلاج المناسب من بين العديد من الطرق العلاجية المتاحة بناءً على عوامل عدّة؛ كالأعراض الظاهرة على المرأة المصابة، وشدّة هذه الأعراض، بالإضافة إلى موقع الأورام الليفية، وفيما يأتي بيان الطرق العلاجية بشيءٍ من التفصيل:

 

الانتظار والمراقبة

يعتمد مبدأ الانتظار اليقظ (بالإنجليزية: Watchful waiting) على متابعة ومراقبة الأورام الليفية؛ وذلك في حال الإصابة بتليف الرحم الذي لا يرافقه ظهور أي أعراض؛ إذ لا يستدعي تليف الرحم في هذه الحالة العلاج، كما قد يتم اللجوء إلى هذا الإجراء في حال وجود أعراضٍ طفيفة لا تسبب إزعاجًا كبيرًا؛ إذ نادرًا ما تؤثر الأورام الليفية في الحمل ولا تعد أورامًا سرطانيةً؛ إذ تنمو ببطء أو قد لا تنمو مطلقًا، وتميل إلى التقلّص والانكماش بعد انقطاع الطمث بسبب انخفاض مستويات الهرمونات التناسلية، ويتم من خلال هذا الإجراء مراقبة المرأة ومتابعتها وإجراء الفحوصات بشكلٍ دوري ومنتظم كل 6-12 شهرًا؛ لتحديد فيما إذا كان التليّف يتغيّر حجمه، وما إذا كانت السيدة تخطط للحمل، بالإضافة إلى تتبع الأعراض المرافقة ومدى تفاقهما.

 

الأدوية

تُعد الأدوية وسيلة العلاج الأولى التي قد يلجأ إليه الطبيب لعلاج تليف الرحم، وعلى الرغم من أنّه لا يمكن إزالة الأورام الليفيّة باستخدام الأدوية؛ إلّا أنّها قد تكون قادرة على تقليص هذه الأورام، ويعتمد مبدأ عملها على استهداف الهرمونات المنظمة للدورة الشهرية، وبالتالي فإنها تعالج الأعراض المرافقة لتليّف الرحم، مثل: غزارة النزيف الشهري المعتاد، والضغط الواقع في منطقة الحوض، ومن الجدير ذكرهُ أنّه يمكن أخذ الأدوية المسكنة للألم؛ كدواء آيبوبروفين (بالإنجليزية: Ibuprofen) لتخفيف الشعور بالألم مع ضرورة استشارة الطبيب والالتزام بالتعليمات المرفقة مع الدواء لتجنّب الاستخدام الخاطئ له، كما تتوفر العديد من الخيارات الدوائية الأخرى التي قد يصفها الطبيب في حال دعت الحاجة إلى ذلك، ومنها ما يأتي:

إقرأ أيضا:الفرق بين وجع الدورة ووجع الحمل
  • ناهضات الهرمون المطلق لموجهة الغدد التناسلية: (بالإنجليزية: Gonadotropin-releasing hormone agonists)، وتعتمد في مبدأ عملها على وضع الجسم في حالةٍ مؤقتةٍ مشابهة لانقطاع الطمث، وذلك عن طريق منع الجسم من إنتاج كلٍ من هرموني الإستروجين (بالإنجليزية: Estrogen)، والبروجسترون (بالإنجليزية: Progesterone)؛ مما يتسبب بتوقف الدورة الشهرية، وأيضًا تقلّص الورم الليفيّ، كما أنها تساهم غالبًا في تحسّن حالة فقر الدم (بالإنجليزية: Anemia)، وبناءً على ذلك فقد يصفها الطبيب أحيانًا قبل اللجوء للجراحة لتقليل مخاطر النزيف، ولكن من الجدير ذكره أنه عند التوقف عن أخذ أدوية هذه المجموعة؛ فإن الورم الليفيّ يعود إلى حجمه السابق في العادة، ونظرًا لارتباط هذه الأدوية أيضًا بالعديد من الآثار الجانبية؛ فإنّها تستخدم فقط لفترةٍ زمنيةٍ قصيرةٍ تقلّ عن ستّة أشهر، ومن الأمثلة عليها: دواء ليوبروليد (بالإنجليزية: Leuprolide)، ودواء غوسيريلين (بالإنجليزية: Goserelin)، ودواء تريبتوريلين (بالإنجليزية: Triptorelin).
  • اللولب الرحميّ الهرموني: (بالإنجليزية: Hormonal intrauterine device)، وهو جهاز بلاستيكي صغير على شكل حرف T يتم وضعه داخل الرحم؛ ليُفرز ببطء هرمون البروجسترون المصنّع والمعروف بدواء ليفونورجيستريل (بالإنجليزية: Levonorgestrel)، والذي يشار إلى أنه يمنع حدوث الحمل ويخفف فقط من الأعراض المرافقة لتليّف الرحم؛ إذ تقل غزارة النزيف الشهري عن السابق، ويعزى ذلك إلى انخفاض سماكة بطانة الرحم بسبب آلية عمل الدواء التي تتمثل بوقف نمو بطانة الرحم بشكلٍ سريع، إلّا أنّه لا يقضي على الأورام الليفية ولا يُقلّص حجمها.
  • حمض الترانيكساميك: (بالإنجليزية: Tranexamic Acid)، ويُعد دواء غير هرموني يُمكن أن يصفه الطبيب في الحالات التي يكون فيها استخدام اللولب الرحميّ الهرمونيّ غير مناسبٍ؛ كعدم الرغبة باستخدام وسائل منع الحمل؛ إذ يشار إلى أن الحبوب المحتوية على حمض الترانيكساميك لا تعد من موانع الحمل ولا تؤثر في فرص حدوث الحمل، وتتمثل آلية عمل حمض الترانيكساميك بوقف نزيف الأوعية الدموية الصغيرة الموجودة في بطانة الرحم، مما يقلل من فقدان الدم بنسبة 50% تقريبًا، وبالتالي يخفف من غزارة نزيف الدورات الشهرية، ويقتصر أخذه فقط على أيام حدوث النزيف الغزير من الدورة الشهرية.
  • معدّلات مستقبلات الإستروجين الانتقائيّة: (بالإنجليزية: Selective estrogen receptor modulators) واختصارًا SERMs؛ على الرغم من أن آلية عمل هذه المجوعة من الأدوية غير مؤكدةٍ بعد؛ إلّا أنها تؤثر في مستويات هرمون الإستروجين، وعليه فقد تكون قادرة على تقليص حجم الأورام الليفية دون التسبب بحدوث أعراض انقطاع الطمث.
  • أدوية أُخرى: قد يصف الطبيب أنواعًا أُخرى من الأدوية، مثل: موانع الحمل الفموية (بالإنجليزية: Oral contraceptives)، والتي قد تساعد على السيطرة على نزيف الدورات الشهرية؛ لكنها لا تُقلّص حجم الأورام الليفية.

 

إقرأ أيضا:ما هي أعراض نزول البويضة

الإجراءات عديمة التوغل

تعدّ جراحة الموجات فوق الصوتية المركزة الموجّهة بالرنين المغناطيسي (بالإنجليزية: MRI-guided focused ultrasound surgery) من الإجراءات العلاجية لتليف الرحم، والتي يُمكن استخدامها مع الحفاظ على الرحم؛ إذ لا تتضمن إجراء شقوقٍ جراحيةٍ للتخلص من الأورام الليفية؛ وإنما يتمثل هذا الإجراء بإدخال المريض إلى ماسح التصوير بالرنين المغناطيسي المدعوم بمحول عالي الطاقة بالموجات فوق الصوتية، ومن خلال الصور التي ينشئها الجهاز يستطيع الطبيب تحديد الموقع الدقيق للورم الليفي، ومن ثمّ يتم تركيز محول الطاقة عليه؛ لتسخن بدورها الموجات فوق الصوتية مناطق صغيرة من النسيج المُتليّف وتدمرها، وفي الحقيقة لا يتطلب هذا الإجراء دخول المستشفى؛ إذ يمكن أن يتم إجراؤه في العيادات الخارجية، كما يُعد تقنية حديثة لا زالت سلامتها وفعاليتها على المدى الطويل قيد البحث، ولكن ظهر حتى الوقت الحالي أنها تقنيةٌ فعالةٌ وآمنة.

 

الإجراءات طفيفة التوغل

يمكن لبعض الإجراءات الجراحية طفيفة التوغل (بالإنجليزية: Minimum invasive surgical procedures) أن تدمر الأورام الليفية الرحمية دون إزالتها فعليًا بالجراحة؛ إلّا أنّ هذا النوع من الإجراءات الذي لا يتم خلاله استئصال الرحم قد ينطوي على خطورة نمو ورم ليفي جديدٍ والتسبب بظهور الأعراض المرافقة له، ومن الإجراءات طفيفة التوغل ما يأتي:

  • إصمام الأورام الليفية الرحميّة: (بالإنجليزية: Uterine fibroid embolization) واختصارًا UFE أو ما يعرف أيضًا بانسداد الشريان الرحمي؛ إذ يُستخدم هذا النوع من الإجراءات طفيفة التوغل التنظير التألقي (بالإنجليزية: Fluoroscopy)، وهو أحد أنواع الأشعة السينيّة (بالإنجليزية: X-ray)، ويتم من خلاله توجيه عوامل وجزيئاتٍ معينةٍ إلى الرحم والألياف الرحمية لتَسد الشرايين التي تغذي هذه الأورام؛ مما يتسبب بانكماشها وتقليص حجمها.
  • الاستئصال بالترددات الراديوية: (بالإنجليزية: Radiofrequency ablation)؛ يعتمد هذا الإجراء على استخدام الحرارة الناجمة عن الترددات الراديوية لتقليص حجم التليف الرحمي وذلك دون الحاجة إلى استئصال الرحم؛ لكنه لا يُزيل الأورام الليفية مما يعني احتمالية نموها مجددًا بعد العملية أو ظهور أورام ليفيّة جديدة، وفي سياق الحديث يجدر التنويه إلّا أنه يُفضّل إجراء هذا النوع من الإجراءات للسيدات اللواتي لا يعانين من أورامٍ ليفيّة كبيرة جدًا، ولم يخضعن لعمليات جراحية معقدة في منطقة البطن سابقًا، ويقع الرحم لديهن تحت سرة البطن، كما يشار إلى إمكانية إجرائه في العيادات الخارجية ويمكن للشخص المعنيّ مغادرة المستشفى في نفس اليوم.
  • استئصال الورم العضلي بتنظير الرحم: (بالإنجليزية: Hysteroscopic myomectomy)؛ قد يعد هذا الإجراء خيارًا متاحًا عندما تكون الاورام الليفية داخل الرحم وبالتحديد تحت بطانة الرحم وتعرف بالأورام الليفية تحت المخاطية (بالإنجليزية: Submucosal uterine fibroids)، ويتم خلاله إدخال أدوات عبر المهبل وعنق الرحم وصولًا إلى الرحم لإزالة هذه الأورام.
  • استئصال الورم العضليّ بالروبوت: (بالإنجليزية: Robotic myomectomy)؛ وهو أحد أنواع استئصال الورم العضليّ بالمنظار (بالإنجليزية: laparoscopic myomectomy)، ويتم في هذا الإجراء طفيف التوغل إزالة الأورام الليفية دون التأثير في الرحم؛ إذ يمتاز هذا الإجراء بفقدان أقل للدم، وحدوث مضاعفات أقل، وفترة بقاءٍ أقل في المستشفى، بالإضافة إلى سرعة العودة لأداء النشاطات اليومية مقارنةً بجراحة البطن المفتوحة، وعلى الرغم من أنّ هذا الإجراء آمن وفعّال؛ إلّا أنّه غير مناسبٍ لجميع النساء المصابات بتليف الرحم، وعليه فإنه تجدر استشارة الطبيب دائماً لمعرفة الطرق العلاجية المتاحة بالإضافة إلى فوائدها ومخاطرها.
  • استئصال بطانة الرحم: (بالإنجليزية: Endometrial ablation)؛ يعدّ استئصال بطانة الرحم أحد الإجراءات طفيفة التوغل التي يتم إدخال أداة متخصصة مزودة بالحرارة أو طاقة المايكرويف أو الماء الساخن أو التيار الكهربائي إلى الرحم؛ لتدمير بطانة الرحم، والذي يتسبب إما بوقف وإنهاء حدوث الدورة الشهرية وإما تقليل تدفقها؛ مما يضبط بشكلٍ فعال النزيف غير الطبيعي المرافق للإصابة بتليف الرحم، كما يشار إلى أنه بالرغم من إمكانية إزالة الأورام الليفية تحت المخاطية أثناء إجراء تنظير الرحم لاستئصال بطانة الرحم إلا أن الأورام الليفيّة الواقعة خارج البطانة الداخلية للرحم لا يمكن إزالتها بالاعتماد على هذا الإجراء.

 

إقرأ أيضا:نصائح بعد الولادة القيصرية

الإجراءات الجراحية التقليدية

تعدّ الإجراءات الجراحية التقليدية أحد الخيارات العلاجية التي يمكن استخدامها، ومن أبرزها ما يأتي:

  • استئصال الورم العضليّ عبر البطن: (بالإنجليزية: Abdominal Myomectomy)، وهو إجراء جراحيّ كبير يتضمن خضوع المصابة للتخدير العام وإجراء شق عبر الجلد إلى الرحم في منطقة أسفل البطن، ومن ثم إزالة الأورام الليفية من جدار الرحم، وأخيرًا خياطة عضلات الرحم باستخدام عدة طبقات من الغرز، ويُفضّل اللجوء إلى هذا العمليات الجراحية في حال وجود أورام ليفية كبيرةٍ أو كثيرةٍ تنمو في جدار الرحم.
  • استئصال الرحم: (بالإنجليزية: Hysterectomy)؛ وهو إجراء جراحيّ كبير قد تُفضله بعض السيدات لحلّ مشكلة الورم الليفيّ والأعراض المرافقة له بشكل نهائيّ، ويُنصح بإجراء هذا النوع من العمليات الجراحية للسيدات اللواتي يُعانين من أورام ليفية كبيرة، أو نزيف حادٍ مع عدم رغبتهن في نفس الوقت بإنجاب المزيد من الأطفال؛ حيث يتوقف نزيف الدورة الشهرية، ويزول الضغط في منطقة الحوض، وتقلّ الحاجة المتكررة للتبول، بالإضافة إلى ضمان عدم نمو الأورام الليفيّة مجددًا عقب استئصال الرحم.

 

التقطيع أثناء إزالة الورم الليفي

أثناء عملية استئصال الورم الليفي يتمّ استخدام جهاز طبي خاص لقطع النسيج الرحمي أو الورم الليفيّ إلى قطع صغيرة كهربائيًا أو ميكانيكيًا لتسهيل إزالتها بالمنظار، أو إزالتها عن طريق المهبل، أو عبر شقوق البطن الصغيرة التي قد يتم إجراؤها، وتعرف هذه العملية بالتقطيع (بالإنجليزية: Morcellation)، وعادةً ما يتم اللجوء إليها فقط في حال الخضوع إلى العمليات الجراحية الآتية:

  • استئصال كامل أو كلي للرحم بالمنظار وكان الرحم كبيرًا جدًا بحيث لا يمكن إزالته عبر المهبل.
  • استئصال جزئي للرحم بالمنظار وهذا النوع من الاستئصال يعني بقاء عنق الرحم في مكانه.
  • استئصال الورم العضليّ بالمنظار.

 

دواعي مراجعة الطبيب

تجب مراجعة الطبيب في حال ظهور أيّ من الأعراض الآتية:

  • شعور بألم دائمٍ ومستمر في منطقة الحوض.
  • تبقيعٌ أو نزيف بين الدورات الشهرية.
  • صعوبة في تفريغ المثانة من البول
  • غزارة شديدة في النزيف الشهري، أو طول مدّته، أو مرافقته للألم.
  • انخفاض عدد كريات الدم الحمراء دون سبب معروف؛ مما يسبب فقر الدم.
السابق
أضرار اللولب
التالي
اضطراب الهرمونات عند النساء