قصص دينية

قصة سيدنا يعقوب

قصة يعقوب عليه السلام

هو يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم، وأمّه هي رفقة بنت بتوئيل بن ناصور بن آزر، أيّ بنت ابن عمه، وهو المسمّى بإسرائيل؛ لانتساب بني إسرائيل إليه، وقد ورد ذلك في القرآن الكريم بقول الله تعالى: (كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلًّا لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ إِلاَّ مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ مِن قَبْلِ أَن تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ قُلْ فَأْتُواْ بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ)، وقد امتدحه الله -سبحانه- في القرآن الكريم فقال فيه: (وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا مِّن الصَّالِحِينَ*وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ وَعَلَى إِسْحَاقَ وَمِن ذُرِّيَّتِهِمَا مُحْسِنٌ وَظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ مُبِينٌ)، وكذلك امتدحه رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- بقوله: (الكريمُ، ابنُ الكريمِ، ابنِ الكريمِ، ابنِ الكريمِ، يوسفُ بنُ يعقوبَ بنِ إسحاقَ بنِ إبراهيمَ عليهم السَّلامُ).

ورد أنّ يعقوب -عليه السلام- شبّ وكبُر مع والده إسحاق -عليه السلام- في فلسطين، أرض الكنعانيين، وقد أمرته أمّه رفقة أن يسافر إلى أرض حرّان، حيث خاله لابان؛ ليقيم عنده بعد أن خافت عليه من أخيه العيص، الذي حصل بينه وبين أخيه خلاف، فتوعّده وهدّده، وبالفعل انطلق يعقوب إلى حيث أمرته والدته، فمكث عند خاله وتزوّج إحدى ابنتيه، ثمّ بعد وفاتها تزوّج أختها، فقد ثبت أنّه لم يجمع بين الأختين بالرغم من أنّ ذلك كان جائزاً في شريعتهم، وذُكر أنّ زوجته تسمّى راحيل هي التي أنجبت ولديه يوسف -عليه السلام- وبنيامين.

إقرأ أيضا:قصة سلمان الفارسي

قوم يعقوب

اتّفق المفسّرون على أنّ يعقوب -عليه السلام- هو إسرائيل الذي ذُكر في القرآن الكريم، وبنو إسرائيل في زمن يعقوب -عليه السلام- جاء من نسلهم بني إسرائيل، وهم ذاتهم الموجودين في هذا الزمان، فهم من نسل أبناء يعقوب -عليه السلام- الاثني عشر، ولذلك فإنّ الله -تعالى- حين خاطب اليهود في زمن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- ذكّرهم بما كان يفعل آباؤهم من قبل؛ لأنّهم من نفس النسل، حيث قال الله تعالى: (وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ*ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَكُنْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ).

صبر يعقوب على الابتلاء

كان يوسف -عليه السلام- ابن يعقوب -عليه السلام- أحبّ أولاده إليه، وأعلاهم منزلةً في قلبه، فأراد الله -تعالى- أن يبتلي صبره بفراق ولده مدّةً طويلةً من الزمن، حيث كان إخوة يوسف الاثنا عشر يشعرون بالغيرة من أخيهم، ويرون أنّه قد شغل قلب أباهم عنهم، فأرادوا أن يتخلّصوا منه؛ حتى يصفى لهم أبيهم، فدبّروا لذلك مكيدةً وحيلةً، فأخذوا يوسف -عليه السلام- بحجّة التنزّه واللعب، ثمّ ألقوه في بئرٍ عميقةٍ، وأخذوا قميصه بعد أن لوّثوه بدمٍ كذب؛ حتى يقتنع والدهم بصدق روايتهم، وعندما أصبح يوسف -عليه السلام- عزيز مصر، وجاء إخوته يستطعمونه عرفهم يوسف، فأراد أن يأتي بوالده وشقيقه إليه، فأحجم عن إعطائهم نصيبهم من الطعام حتى يأتوا بأخيهم الأخير، فلمّا حضر الإخوة ببنيامين شقيق يوسف، أبقاه يوسف -عليه السلام- عنده بالحيلة، ففقد الأب ولديه الاثنين، إلّا أنّ غياب بنيامين لم يطُل؛ لأنّ يوسف أخبر إخوته بحقيقة أمره، إلّا أنّ غياب يوسف -عليه السلام- نفسه عن أبيه بسبب كلّ الظروف ظلّ ما يقارب أربعين سنة، وقيل في روايةٍ أخرى: ثمانين سنة، وقيل غير ذلك، وكان الأب يعقوب -عليه السلام- في كلّ السنوات صابراً محتسباً، فلم يفقد الأمل بعودة ولده، ولم يقنط من رحمة الله تعالى.

إقرأ أيضا:قصة يونس عليه السلام

تربية يعقوب لأولاده

ظهرت صفات النبيّ يعقوب -عليه السلام- جليّةً في سورة يوسف، وذلك في العديد من المواقف التي كان فيها معلّماً لأبنائه، ومن تلك المواقف:

  • حسن توكّل يعقوب -عليه السّلام- على الله تعالى، فبالرّغم من انّه أرشد أبناءه للأخذ بالأسباب في دخول المدينة إلّا أنّه توكّل على الله وحده في تفريج كربه، قال الله تعالى: (إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ).
  • الإقبال والاعتماد على الله -تعالى- بقضاء الحوائج، وبثّ الحزن له وحده، حيث قال الله تعالى: (قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ).
  • حسن الظن بالله تعالى، حيث قال الله عزّ وجلّ: (وَلا تَيأَسوا مِن رَوحِ اللَّهِ إِنَّهُ لا يَيأَسُ مِن رَوحِ اللَّهِ إِلَّا القَومُ الكافِرونَ).

وصيّة يعقوب لأولاده

ذُكرت وصيّة يعقوب -عليه السلام- في القرآن الكريم؛ لعظمها وفضلها، حيث أوصى أولاده بالثبات على دين الإسلام حتى لقاء الله تعالى، وهي في قول الله تعالى: (وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلاَ تَمُوتُنَّ إَلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ)، وقال أيضاً في سورة البقرة: (أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَـٰهَكَ وَإِلَـٰهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَـٰهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ).

إقرأ أيضا:عذاب قوم ثمود

وفاة يعقوب عليه السلام

توفي نبيّ الله يعقوب -عليه السلام- وقد زاد عمره عن المئة عام، وكان ذلك بعد لقاء ابنه يوسف -عليه السلام- بسبع عشرة سنة، وكانت وصيّته أن يُدفن عند والده إسحاق وجدّه إبراهيم عليهما السلام.

السابق
قصة سعيد بن زيد
التالي
تعريف الإمام مسلم