قصص دينية

قصة صاحب الجنتين

🌿 قصة صاحب الجنتين في القرآن الكريم

القصص في القرآن الكريم ليس مجرد سرد تاريخي، بل هو منهج تربوي رباني يهدف إلى غرس الإيمان، وتثبيت القلوب، وتقديم العبرة من خلال نماذج حية من البشر. ومن هذه القصص، قصة صاحب الجنتين، التي وردت في سورة الكهف، لتكون مثالًا حيًا على فتنة المال، وغرور الدنيا، ومقابلتها بالإيمان والتواضع.

من سورة الكهف (الآيات 32–44)

📖 معنى القصص في القرآن

لفظ “القصص” في القرآن يدل على التتبّع، كما في قوله تعالى:

“فَارْتَدُّوا عَلَىٰ آثَارِهِمْ قَصَصًا” (الكهف: 64) أي تتبّعوا الأثر. فالقصص القرآني هو تتبّع لأخبار السابقين، وعرضها للعبرة والتثبيت.

🏞️ بداية القصة: وصف الجنتين

قال تعالى:

“وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا رَجُلَيْنِ جَعَلْنَا لِأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعًا” (الكهف: 32) “كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئًا وَفَجَّرْنَا خِلَالَهُمَا نَهَرًا” (الكهف: 33)

الرجل الكافر أُعطي جنتين مزروعتين بالأعناب والنخيل، وبينهما زرع، وجعل الله له نهرًا يتخللهما، فكانت نعمة عظيمة.

💰 غرور صاحب الجنتين

“وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا” (الكهف: 34)

إقرأ أيضا:قصة سيدنا يعقوب

تكبّر على صاحبه المؤمن، وظن أن ما لديه من مال ونفر يجعله أفضل، فاغترّ بالدنيا.

“وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا” (الكهف: 35) “وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَىٰ رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهَا مُنقَلَبًا” (الكهف: 36)

أنكر البعث، وظن أن نعمته باقية، بل ادّعى أنه إن عاد إلى الله فسيجد أفضل منها!

🧑‍🤝‍🧑 رد المؤمن بالحكمة

“قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا” (الكهف: 37) “لَكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَدًا” (الكهف: 38) “وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ…” (الكهف: 39)

ذكّره بأصل خلقه، ودعاه إلى التواضع، وأن يقول “ما شاء الله، لا قوة إلا بالله”، وأن يشكر الله على النعمة.

⚠️ التحذير من العقوبة

“فَعَسَىٰ رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ خَيْرًا مِنْ جَنَّتِكَ وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَانًا مِنَ السَّمَاءِ فَتُصْبِحَ صَعِيدًا زَلَقًا” (الكهف: 40) “أَوْ يُصْبِحَ مَاؤُهَا غَوْرًا فَلَنْ تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَبًا” (الكهف: 41)

حذّره من زوال النعمة، وهلاك الجنتين، وغور الماء، وهو تهديد بزوال أسباب الحياة.

إقرأ أيضا:قصة ادم عليه السلام

⚡ العقوبة الإلهية

“وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَىٰ مَا أَنْفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا…” (الكهف: 42) “وَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَدًا” “وَلَمْ تَكُن لَّهُ فِئَةٌ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مُنتَصِرًا” (الكهف: 43)

هلكت الجنتان، وندم صاحبها، لكن بعد فوات الأوان، ولم يجد من ينصره، ولا قوة تنفعه.

إقرأ أيضا:قصة يوسف في السجن

🧠 الحكمة من القصة

“هُنَالِكَ الْوَلَايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ ۚ هُوَ خَيْرٌ ثَوَابًا وَخَيْرٌ عُقْبًا” (الكهف: 44)

الولاية لله وحده، والثواب الحقيقي عنده، والعاقبة للمتقين. فالقصة تضرب مثلًا لمن اغترّ بالدنيا، ونسي الآخرة، وتكبّر على الفقراء، فكانت نهايته الخسارة والندم.

📝 خاتمة

قصة صاحب الجنتين درس خالد في التواضع، والشكر، والإيمان، وتحذير من الغرور والكبر. إنها دعوة لأن نربط قلوبنا بالله، لا بما نملك، وأن نُدرك أن النعمة لا تدوم إلا بالشكر، وأن العاقبة للمتقين، لا للمترفين.

السابق
الصحابي الذي قتلته الجن
التالي
قصة يوسف عليه السلام