التعريف بعليّ بن أبي طالب
يُعَدّ أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قُصي الهاشميّ ابنَ عمّ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-، وأمّه هي فاطمة بنت أسد الهاشميّة، وُلِد في مكّة المُكرَّمة قبل بعثة النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- بعَشر سنين، وقد تربّى في كَنَف ابن عمّه الرسول -صلّى الله عليه وسلّم-؛ إذ ضمّه إلى حِجره؛ تخفيفاً عن عمّه أبي طالب حين أصاب مكّة الجَدبُ؛ فقد كان أبو طالب كثير الأولاد، وكان عليّ -رضي الله عنه- من أوائل الذين آمنوا بالنبيّ -عليه الصلاة والسلام- حين بُعِث، وكان عمره حينها عشر سنين.
قصة إسلام عليّ بن أبي طالب وهجرته
يُذكَر في قصّة إسلام عليّ -رضي الله عنه- أنّه دخل على النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-، وزوجته خديجة -رضي الله عنها-، فرآهما يُصلّيان، فاستغرب ذلك، وسأل النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-، فأخبره بأمر الإسلام، وبأنّه مُرسَل بهذا الدِّين من عند الله -تعالى-، والذي يدعو فيه إلى توحيد الله، وتَرك عبادة ما سواه، فتعجبّ عليّ من ذلك الأمر؛ إذ لم يكن قد سَمع به قَبل ذلك، وأراد أن يُخبر أباه أبا طالب، فأوصاه الرسول بالكتمان، وفي اليوم الذي يَليه، جاء عليّ -رضي الله عنه- إلى محمد -صلّى الله عليه وسلّم- وقد وقع الإيمان في قلبه، فأسلمَ، وكتمَ إسلامه، وهو يُعَدّ أوّل مَن آمنَ مِنَ الصبيان، كما أنّه من العشرة الذين بشّرَهم النبيّ -عليه الصلاة والسلام- بالجنّة.
إقرأ أيضا:كم سنة نام أهل الكهفهاجر عليّ -رضي الله عنه- إلى المدينة بعد هجرة النبيّ -عليه الصلاة والسلام-، حيث أمره النبيّ -عليه الصلاة والسلام- أن يبقى في مكّة؛ ليعيدَ إلى الناس أماناتهم التي كانت عنده، فبقي عليّ في مكّة ثلاثة أيّام بعد النبيّ -عليه الصلاة والسلام- يُؤدّي الأمانات إلى الناس، وخرج بعد ذلك مُتَتبِّعاً طريقَ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-، فوافاه عند بني عمرو بن عوف، ونزل في البيت الذي كان النبيّ -عليه الصلاة والسلام- قد نزل فيه؛ وهو بيت كلثوم بن الهدم، وكان في طريقه للمدينة يستخفي في النهار، ويسير في الليل، وقد تسبّب له السير في تشقُّق قدمَيه، وكان قد وصل إلى المدينة في منتصف شهر ربيع الأوّل.
قصّة فداء علي للنبي
ضرب عليّ -رضي الله عنه- أروع الأمثلة في الفِداء والجهاد؛ فحين أذن الله -تعالى- للرسول -صلّى الله عليه وسلّم- بالهجرة أوحى إليه أنّ قريشاً يكيدون له؛ ليقتلوه، ويتفرّق دمه بين القبائل، فنام ابن عمّه عليّ في فراشه؛ ليوهمَ قريشاً أنّه النبيّ، وخرج النبيّ -عليه الصلاة والسلام-، وأبو بكر الصدِّيق إلى المدينة المُنوَّرة مُهاجرين، وبَقي عليّ -رضي الله عنه- في فراش النبيّ، ويُشار إلى أنّه -عليه الصلاة والسلام- كان قد أخبرَ عليّاً أنّهم لن يتمكّنوا من إيذائه، وكان المشركون ينظرون من شقّ الباب، فيرَون شخصاً نائماً، فيظنّون أنّه رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-، ولم يكن الذي في الداخل سوى عليّ -رضي الله عنه- يفدي الرسول بروحه.
إقرأ أيضا:قصص سيدنا سليمانقصة زواج علي من السيدة فاطمة
سبق أبو بكر الصدِّيق، وعمر بن الخطاب -رضي الله عنهما- عليّاً في خطبة فاطمة -رضي الله عنها- من أبيها رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-، وكان رَدّه على كلّ واحدٍ منهما بأنّها صغيرة، وقد كانت كذلك فعلاً، فرضيا بما قرَّره رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-، وسمعت إحدى النساء بذلك، فانطلقت إلى عليٍّ -رضي الله عنّه- تُشجّعه على التقدُّم إلى خِطبة فاطمة من أبيها، فتقدّم عليّ -رضي الله عنه- لخِطبة فاطمة من النبيّ -عليه الصلاة والسلام-، فرَضِي بعليّ زوجاً لابنته، وكان زواجهما في السنة الثانية من الهجرة النبويّة بعد غزوة بَدر، وكان المَهر الذي قدّمه لها بسيطاً؛ وهو دِرع حُطميّة غَنِمَها في إحدى المعارك.
قصص علي بن أبي طالب في الجهاد
قصّة قَتل علي لعمرو بن ود يوم الخندق
ورد عن عليّ بن أبي طالب -رضي الله عنه- أنّه كان مُقاتلاً ماهراً، وكان يُلقَّب بالحيدرة، ومن المواقف التي أبرزت شجاعته ما ورد من قصّة مبارزته لعمرو بن عبد ودّ الذي تغيّب عن القتال يوم أحد؛ لجراحه التي أُصِيب بها في غزوة بَدر، فلَمّا وقعت غزوة الخندق برز لجيش المسلمين، وطلبَ من يُبارزه، فانتدب النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- المسلمين، وخيَّرهم فيمَن يستطيع أن يُبارز عمرو، فقام لذلك عليّ مرّتَين، إلّا أنّ النبيّ كان يردّه في كلِّ مرّة، وفي الثالثة قبِل -عليه الصلاة والسلام-، ودعا له بالغَلَبة، واستخفّ عمرو بعليّ؛ لأنّه كان حديث السنّ، إلّا أنّ عليّاً ضَرَبه ضربةً على رأسه فشَجّه، وعندما وقع عمرو، كبَّرَ المسلمون؛ ابتهاجاً، فعَرَف الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- أنّ عليّاً قتلَ عَمراً.
إقرأ أيضا:أين كان يسكن قوم لوطقصّة اختيار عليّ لحَمل راية الإسلام يوم خيبر
حاصر المسلمون خيبر أيّاماً عديدة، ولَمّا كان اليوم السابق لفَتحها والدخول فيها، قام الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- خطيباً في المسلمين، فقال: (لَأُعْطِيَنَّ هذِه الرَّايَةَ غَدًا رَجُلًا يَفْتَحُ اللَّهُ علَى يَدَيْهِ، يُحِبُّ اللَّهَ ورَسوله ويُحِبُّهُ اللَّهُ ورَسولُهُ، قالَ: فَبَاتَ النَّاسُ يَدُوكُونَ لَيْلَتَهُمْ أيُّهُمْ يُعْطَاهَا، فَلَمَّا أصْبَحَ النَّاسُ غَدَوْا علَى رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كُلُّهُمْ يَرْجُو أنْ يُعْطَاهَا، فَقالَ: أيْنَ عَلِيُّ بنُ أبِي طَالِبٍ)، وأعطى الرسول الراية لعليّ -رضي الله عنه-، فقاد المسلمين في فَتح خَيبر، وبدأ بالهجوم على الحِصن الذي يُسمّى (ناعم)؛ وهو المكان الاستراتيجيّ الذي يعتبره اليهود حِصنهم الدفاعيّ الأوّل، وطلب منهم أن يُسلموا، إلّا أنّهم رفضوا ذلك، وطلب قائد اليهود (مرحب) المُبارَزة من المسلمين، فقاتله الصحابيّ عامر بن الأكوع، فقتلَه مرحب، ثمّ تبارز هو وعليّ، فقتلَه عليّ -رضي الله عنه-.
استخلاف النبيّ لعليّ يوم تبوك
عهد النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- إلى صِهره وابن عمّه عليّ بن أبي طالب -رضي الله عنه- برعاية أهل بيت النبيّ في المدينة حين خرج بجيش المسلمين إلى غزوة تبوك، إلّا أنّ المُنافقين أغاظوا عليّاً وهم يقولون: “إنّما أمره النبيّ بالبقاء في المدينة لأنّه أراد أن يتخفّف من وجوده”، فتعاظمَ ذلك في نَفس عليّ -رضي الله عنه-، فخرج يُريد اللحاق بالنبيّ -عليه الصلاة والسلام-، وحين وصل إليه أخبره بما سمعه، فقال له النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-: (ألَا تَرْضَى أنْ تَكُونَ مِنِّي بمَنْزِلَةِ هَارُونَ، مِن مُوسَى إلَّا أنَّه ليسَ نَبِيٌّ بَعْدِي)، فرجعَ عليٌّ إلى المدينة فَرِحاً بِما سَمِع.