قصص الحب في التراث العربي
يزخر التراث العربي بالعديد من قصص الحب والعشق التي خلّدت أسمى المشاعر الإنسانية، وأشهرها: قصة عنترة وعبلة، جميل وبثينة، كثير وعزة، مجنون ليلى، أبو العتاهية وعتبة، والتي انتهت في غالب الأحيان بابتعاد بطلي القصّة عن بعضهما، كما هو الحال مع قصة قيس بن الملوّح الذي عشق ابنة عمّه ليلى بنت مهدي بن ربيعة بن عامر والمدعوّة بليلى العامرية.
قصة ليلى وقيس
يجمع ليلى وقيس بن الملوّح صلة قرابة، فليلى هي ابنة عمّ قيس، وقد ترعرعا في صغرهما معاً، حيث كانا يرعيان مواشي الأهل في أيام الصبا، ويلعبان سويّاً، ويبدو ذلك جليّاً في أبيات شعره التي قال فيها:
تعلَقت ليلى وهي ذات تمائم
- ولم يبد للأتراب من ثديها حجم
صغيرين نرعى البهم يا ليت أننا
- إلى اليوم لم نكبر، ولم تكبر البهم
وملخّص القصة أنّه بعد أن كبرت ليلى حُجبت عنه وفقاً لعادات الجاهلية، فاشتد وجْد قيس لابنة عمّه، فكان يتذكّر أيّام الصغر، ويتغزّل فيها بالأشعار التي ظلت خالدة في ذاكرة الأدب حتى وقتنا هذا، وتقدم بعد ذلك قيس لعمّه ليطلب يد ابنة عمّه ليلى، وذلك بعد أن جمع مهراً كبيراً وأعطاها خمسين ناقة حمراء، غير أنّ أهلها رفضوا تزويجها إليه، فقد شاع عن العرب قديماً رفضهم تزويج من ذاع صيتهم بالحب، وخاصة إذا تم التغزّل بالمحبوبة في شعر المحبّ؛ فكانوا يرون أنّ تزويج الشخص المعلن عن حبّه هو عار وفضيحة.
إقرأ أيضا:قصص حب حقيقيةوفي روايات أخرى يقال بأنّ سبب رفض الزواج هو وجود خلاف بين والد ليلى، ووالد قيس بشأن الأموال والميراث، فكان والد ليلى يظنّ أن عائلة قيس سرقت منه أمواله، وأنّه لم يظلّ معه شيء حتى يطعم أهله، لكنّ الرواية الأولى هي الأصح على الأغلب.
زواج ليلى
تقدّم لليلى في ذلك الوقت خاطب آخر اسمه ورد بن محمد العُقيلي من ثقيف، وأعطى عشراً من الإبل مع راعيها، فوافق والد ليلى على هذا الزواج، وزوّج ابنته من ورد رغماً عنها، فرحلت مع زوجها للطائف، وظلّ قيس يعاني من شدّة الوجد وألم الفراق، فصار يبتعد عن الناس، ويطارد في البرّية، ويكلّم نفسه، وظلّ هكذا إلى أن مات.
تأثير قصة قيس وليلى في الأدب
هناك ديوان شعري لقيس بن الملوّح يتحدث فيه عن عشقه وهيامه بمحبوته ليلى، كما أنّه أثّر في الأدب الفارسي، فكانت قصته هي إحدى القصص الخمسة في كتاب الكنوز الخمسة، للشاعر الفارسي نظامي كنجوي، كما أنّ القصة أثرت أيضاً في الأدب الهندي، والتركي، والأردوي.
إقرأ أيضا:الملك الحائر