النَّحلة
يتواجد النحل في إفريقيا وأوروبا والصِّين وشرق الهند والأمريكيتين، إلّا أنَه يُعتقَد أنَّ موطِن النَّحل الأصلي هو المَناطِق ذاتِ المناخ المداري والغابات الكثيفة؛ حيث تَبني النحلة أعشاشها داخل تَجاويف الأشجار.
يؤدِّي النحل دوراً جوهَريّاً في الحياة، فهُو يَخدِم الإنسان والبيئة، حيثُ يَعتقِد الإنسان أنَّ النَّحل يَصنَع العسل فقط، ولكِنَّ مهمّته لا تقتصِر على إنتاج العسل فحَسب وإنّما يُنتِج شمع العسل أيضاً، والّذي يُستخدَم في صِناعة الشُّموع والكثير من المُنتجات الأخرى، كما يُساعِد النّحل النّباتات على التّكاثر، فَيعمل على تلقيح النّباتات المُزهرة وذلك بنقل حبوب اللقاح من نبتة لِأخرى، ويُطلق على النّحل الّذي يُساعِد في عمليَّة التَّلقيح اسم المُلقِّحات.
عدد عيون النَّحلة
يَتكوّن جِسم النَّحلة من حلقاتٍ تَندمِج مع بعضها البعض لِتُشكِّل ثلاثة أجزاء وهي: الرَّأس، والصَّدر، والبَطن. تُوجَد في الرّأس المَناطق الحِسيَّة والفم، وهو عِبارة عن صندوق صلب يُسمَّى كبسولة، وفي أعلاه يوجد مُخ النَّحلة، ويُسمَّى الرَّأس دون أجزاء فم النَّحلة غرانيوم (بالإنجليزيّة: Granium)، وفي داخل الرَّأس توجَد أعضاء خارجيَّة وهي العيون وقُرون الاستشعار، وأجزاء الفم، وأعضاء داخليَّة وهي الدِّماغ والعُقَد تحت العصبيَّة، والغُدَد الفكيَّة، والغُدَد الصَمّاء، وغُدَد الإفرازات الدَّاخليَّة، والغُدَد اللعابيَّة، وهناك اختلاف بين المَلِكة والعامِلة والذَّكَر في تركيب المُخ والغُدَد المُختلفة.
في المُجمل، تمتلك كلّ نحلة خمس عيون على أجزاءٍ مختلفة من رأسها، ولديها نوعان مُختلفان من العُيون، وهما العُيون المُركَّبة والعُيون البسيطة، ولكلِّ من هذين النوعين وظائِف خاصَّة واستخدامات مُختلفة عن الأخرَى.
إقرأ أيضا:بحث عن البكتيريا
العُيون المُركَّبة
للنََحل عينان من العُيون المُركَّبة تقعان على جانبي رأس النَّحلة، وتحتوي كل واحدة من العَينَيْن على 6,900 عدسة بصريّة صغيرة، وكلّ عدسة تتكوّن من عددٍ كبيرٍ من الخلايا الحسّاسة لِلضوء، وتتجمّع هذه العدسات الصّغيرة في مجموعات يَبلُغ عددها 150 مجموعة تُدعى كلّ واحدة منها بالأوماتيديا، وترتبط كلّ أوماتيديا بالعصب البصري مُباشرةً، ولكلّ مجموعةٍ وظيفة خاصَّة: مثل تمييز الألوان، أو التقاط الضوء القُطبي، أو التقاط التحرُّكات الّتي أمامها.
تمتاز العين المُركَّبة بأنَّها قادرةٌ على تمييز حَركات يفصل بينها جزء من 300 جزء من الثَّانية؛ فإذا كانت الحركة تأخذ جزءاً من 300 جزءٍ من الثّانية فيُمكِن للنَّحلة أن ترى بِدايتها ونِهايتها، وهذه قدرةٌ تفوق قدرة العَيْن البشريّة، الّتي تستطيع تمييز حَركاتٍ يفصل بينها أقلّ من جزء من 50 جزء من الثّانية. لِلنَّحل قدرةٌ على تمييز المَوجات قصيرة المدى مثل اللون الأرجواني، والأزرق، والأصفر، وبذلك فإنَّ أغلَب الزهور الّتي تجذب النَّحل تكون مُلوّنةً بالأزرق، أو الأرجواني، أو الأصفر. لا توجد لِعيون النَحلة القُدرة على تمييز اللون الأحمر، وتوجد شُعيرات دقيقة في العَين المُركَّبة لها تُساعد على تحديد اتِّجاه الرِّياح؛ بحيث تبقى النَّحلة في مسارها الصَّحيح في الظُروف الجويَّة العاصِفة، وفي تجربة أُجرِيت في عام 1965م عندما أزيلت هذه الشُعيرات لم تَستطع النَحلة تحديد مسارها أو تَتّبع اتِّجاه غذائها.
إقرأ أيضا:ما هو النمل الابيض
العُيون البسيطة
للنّحل ثلاثة عُيون بسيطة تقع في الوسط من قمة الرّأس، ويحتاج الشَّخص أنْ يَنظُر إليها من مسافة قريبة جداً لتمييزها، وتتركَّب كل عين منها من عدسة واحدة فقط، تكمُن وظيفتها في تمكين النَّحلة من تحديد مكان الشّمس لمعرفة اتّجاه سيرها بِدقّة، وتُعتبر عَين النَّحلة حسّاسةً للضوء لدرجة أنّها قادرة على اختراقِ سحابةٍ سميكة لتحديد مكان الشّمس في الظروف الجويّة السيّئة، ومن الجدير ذِكره أنَّ النَّحلة لا تنام، وإنّما تبقى هادِئةً طوال الليل لتحتفظ بِطاقتها لليوم التّالي.
قُرون الاستشعار عند النحلة
يتكون كل قَرن استشعار من 12 عُقلة، ويَحمِل قَرن الاستشعار مُستقبِلات المُؤثِّرات الكيميائيَّة، وتُشبِه وظيفتها وظيفة الأَنف عند الإنسان، فعَن طريقها تُميِّز النَّحلة روائح الأزهار وتَحتفِظ بها في ذاكرتها، كما أنَّها تُميِّز روائح الحَشَرات الأُخرى وَروائح افراد الخليَّة عن طريق استقبالِ الفِرمونات الّتي تُفرِزها، وتُستَخدَم الفِرمونات للإنذار والتَّحذير في حال تعرُّض الخليَّة لِلخطر، كما يَحمِل قَرن الاستشعار مُستقبِلات المُؤثِّرات الميكانيكيَّة وهي المَسؤولة عن حاسَّة السَّمع لدى النَّحلة؛ حيث تَقوم بِمهمّة الأذن عِند الإنسان، فَتستقبِل الذَّبذبات والتَّردُّدات الصَّوتيَّة وتُرسِلها إلى المُخ لِيَقوم بِترجَمَتِها وسَماع الأصوات، وعن طريقها يُميِّز الذُّكور المَلِكة من خلال سَماع ذبذبات حركَة أجنِحتها لِيقوم ذَكَر واحد فقط بِتلقيحها.
إقرأ أيضا:بحث عن الديدان المفلطحة
فم النحلة
بالنِّسبة لفم النَّحلة فهو مُكوَّن من فكَّين عُلويين وفكَّين سُفليين، وشفة عُليا وشفة سُفلى، وتتكوّن الشفة السُفلى من ملمسين شفويين واللسان و الشفيَّة، وقد تحوَّرت أجزاء الفم لِتُساعِد النّحلة على الغذاء على رحيق الأزهار، ويحتاج النّحل الفُكوك لِقرض حُبوب اللقاح وتشكيل قوالب الشّمع، أمّا الرّحيق الّذي تجمعه النّحلة ينتقل إلى الفم بواسطة اللّسان بِمُساعدةٍ من أجزاءِ الفك والشفة السُفلى وعن طريق خرطوم الشَّفط.
أنواع النَّحل وأهميّته
تتعدَّد أنواع النَّحل وألوانها، فَمِنها البُنِّي أو الأسود، ومنها ما هو مُخطَّطٌ بِاللون الأبيض أو الأصفَر أو البُرتقاليّ، ويكون جسم النَّحلة مَكسوّاً بالشَّعر الّذي يُساعدها على جمع الرَّحيق. يعيش في الولايات المُتّحدة الأمريكيَّة أكثر من 4,000 نوع من النَّحل القادر على العيش في بيئته والاستمرار دون أدنى مُساعدة من الإنسان، أمّا على مستوى العالَم فهناك أكثر من 16,000نوعٍ مختلف من النَّحل ينتمي إلى عِدّة فصائِل مُختلفة.
لا تَنحَصِر أهميَّة النَّحل في إنتاج نَوعٍ واحد من العسل فقط، وإنّما يُنتج أنواعاً كثيرة تَختلِف في مَذاقِها ولَونِها، وذلك تبعاً لِنوع الزَّهرة الّتي تمّ جَمْع الرَّحيق منها، والكثير من أنواع النَّحل تَنجَذِب لِنوعٍ واحد فقط من الزُّهور، ممّا يُقلِّل من المُنافسة فيما بينها، كما أنّها لا توجد أفضليّة في أنواع أو سلالات النَّحل؛ فكل نحَّال يُفضِّل نوعاً مُختلفاً عن الآخر وذلك حسب الصِفات الّتي يرغب بها.
يُلقح النحل أيضاً أزهار النَّباتات؛ فالكثير من أنواع الخُضراوات والفواكه الّتي نتناولها ما هي إلّا نتيجة تلقيح النَّحل لِأزهارِ أشجارِها، مثل اللوز، والتفّاح، والأفوكادو، والتُّوت، والكرز، والبطِّيخ، والكُمَّثرى، والفراولة، وغالِباً ما يقوم المُزارِعون بِعَمَل خلايا النَّحل بالقُرب من النَّباتات الّتي تَستعِد للإزهار بِهَدَف القِيام بِعمليَّة التَّلقيح، ويَصنع النّحل شمع العسل الّذي يُستَخدَم لصناعة بعض أنواع الشُّموع، وتكون الِشُّموع المصنوعة منه أكثر إضاءةً وتوهّجاً، كما يُستخدَم شمع العسل في صُنْع بعض مُستحضَرات التَّجميل، ومُستحضَرات تلميع الأثاث.
مملكة النَّحل
يعيش النًّحل في مستعمرةٍ مكوّنة من خلايا، وتتكوّن أفرادها من المَلكة والعاملات والذُّكور، ولِكلٍّ منها وظيفة مُختلفة:
المَلِكة
تكمُن وظيفة المَلِكة في وضع البيض فقط، وهي تضع 2,000 بيضة يوميّاً لِمدّة سنتين إلى خمس سنوات، ويعتمد عدد البيض الّذي تضعه على كميّة الغذاء الّذي تتَناوله.
العامِلات
مُعظم العامِلات في المَملكة هنّ من الإناث، ويصل عددهن إلى ما يُقارِب 60,000 عامِلة، وللعاملات عدّة وظائف تتمثّل في بناء المملكة، ورعاية اليرقات، وإطعام المَلِكة، والحفاظ على نظافة الخلايا، وتتغيّر وظائف العامِلات في المملكة تبعا لِتقدّمهنّ في السّن، فَبِمجرَّد أن تفقس البيضة تبدأ وظيفة الأنثى بتنظيف الخلايا، وعندما تنضج قليلاً تُصبِح وظيفتها إطعام المَلِكة واليرقات والعناية بهن، وفي اليوم العاشِر أي عندما تنضج الغُدَد الشّمعيَّة لديها تبدأ بوظيفة بناء الخلايا في المَملكة، وعندما تُصبِح في اليوم السّادس عشر إلى اليوم العشرين تبدأ باستقبال حبوب اللقاح من النّحلات الأكبر سناً وتَحفظها في الخلايا، وفي أيّامها الأخيرة المُتبقِيَة تبدأ بجمع الرّحيق وحبوب اللقاح.
تتميز النّحلة الأنثى بامتلاكها سلَّة حبوب اللقاح، وغالباً ما تكونُ على السَّاق الخلفيَّة، وتتكوّن من صفوف من الشعر القاسي المُقوَّس لِيُشكّل شكلا مُجوّفاً من الدَّاخل، وعندما تمتص النَّحلة حبوب اللقاح من الزَّهرة فإنَّها تلتصق بهذا الشعر، أمّا الذكور فهي لا تمتصّ حبوب اللقاح وبذلك ليست بحاجة لسلّة حبوب اللقاح كالإناث، كما أنّ هناك أنواعاً من النحل مثل الطفيليات ليست لديها سلّة اللقاح أيضاً، وتمتص النّحلة رحيق الزهرة بِلسانها ثم تُخزِّنه في جسدها إلى حين عودَتها إلى الخليَّة لِتَعمل على تحويله إلى العسل فيما بعد، كما يُمكِنها أنْ تُخزِّن كميّاتٍ كبيرة من العسل لتتغذّى عليها لاحقاً.
الذكُور
يكون عدد الذّكُور أو اليَعاسيب في المَملكة قليلاً نوعاً ما، وبِمُجرّد أن تفقس تُصبح وَظيفتها إطعام أخواتها الإناث، حتى تنضُج وتصبح قادرةً على الطّيران للبحثِ عن الملكة لتلقيحها، وتمتاز بأعينها الضَّخمة لتَستطيع تمييز المَلكة من مسافاتٍ كبيرة، ويُعتبر الذَّكَر الّذي قام بتَلقيح المَلِكة هو الأقوى بين الذُّكُور، ويموت الذّكر بِمُجرَّد أن تَتِمّ عمليّة التلقيح.