رعاية الطفل
يحتاج الطّفل إلى رعايةٍ خاصّة منذ لحظات مولده تباعاً لمراحل حياته الأولى ، حيث تشكِّل السّنوات الأولى من عمره اللّبنة الأولى في تأسيس شخصيته ، يُلقى هذا الأمر على الأب والأم بوجه التّحديد ، حيثُ يكون الطّفل قريب من أبويه وخاصةً الأمّ في سنواته الأولى ، يحتاج الطفل لمعاملةٍ خاصة تجعله يدرك شيئاً فشيئاً الأمور التي تحيط حوله بدايةً بالإيحاءات ومن ثمّ تعلّم اللغة ولو كانت مبسّطة جداًّ له ، إن اللغة وتعلمها هي مرحلةٌ إنتقالية في حياة الطّفل تجعله يدرك العالم الخارجيّ ويستطيع التّواصل الإجتماعيّ بدايةً مع أفراد أسرته ومن ثمّ التّواصل مع العالم الخارجيّ كالحضانة والرّوضة والمدرسة .
سن النطق عند الطفل
يبدأ الأطفال بتعلّم اللغة بعد عمر السّنة وفي عمر السّنتين يكون في جعبة الطّفل الكثير من الكلمات التي يستطيع نطقها وتتراوح في الأغلب إلى أربعمئة كلمةٍ ، وتزداد فرصته في نطق كلمات أخرى لتوصل إلى ألف كلمة في السّنة الثّالثة ، رغم هذا الأمر فلا نستطيع أنّ نجعلها قاعدة لجميع الأطفال فيعدّ الأمر نسبياً بينهم وقد يختلف الأمر من طفلٍ لآخر فالأطفال الذيت يتأخرون في الكلام ينشغلون عادةً باللعب والحركات الجسديّة التي يعبّرون عن أنفسهم بها كالشّقلبة والقفز واللّعب والتّسلق وما إلى ذلك ، أمّا الأطفال الذين يبدأوون بتعلم النّطق مبكراً يؤجّلون عادةً الحركات الجسدية إلى السنوات المتقدّمة من عمرهم ، إلا أنّ هنالك سببٌ آخر قد يؤخر بدء نطق الطّفل لبعض الكلمات بسبب عدم تواصله مع أطفال في عمره فإجتماع الأطفال مع بعضهم ولعبهم معاً وتحادثهم قد يشجّع الطّفل على النّطق المبكر ويزيد من شجاعته .
إقرأ أيضا:كيف نربي أولادناخطوات تعليم طفلك الكلام
على الأمّ دائماً ممارسة بعض الخطوات مع طفلها لتشجّعه على النّطق وتعلم الكثير من الكلمات البسيطة ، ومن هذه الخطوات ما يلي :
- عليكِ محادثة الطّفل منذ مولده على أنّه شخصٌ يميز الكلام كأنّ تقولي له بعض الكلمات هل تريد حليب ؟ أمّ هل تشعر بالنّعاس ؟ وتبدئين بتعرفته ببعض الأشياء التي تحيط حوله وإنّ لم يستجيب الطّفل لأيٍّ من حوار الأم إلا أنّ هذا الأمر يقوّي من شخصيته ويجعله يستسيغ سماع الكلمات وفهمها بالتّدريج حتّى تبدو له مألوفةً ويفهمها تدريجياً .
- في أوقات الفراغ يمكنكِ التّحدث مع طفلك ِعن كثيرٍ من الأشياء كالطّقس أو أنّ تخبريه عن أباه أنّه في الخارج ويعمل ويقضي معظم الوقت خارج المنزل ،وغيرها من الأمور وستلاحظين بأنّ طفلك يستمع لكِ جيداً بتشوُّق ، وهذا الأمر يجعله يدرك أنّ هنالك لغةٌ للتّحاور والنّطق ، ومع مرور الوقت ستلاحظين أنّه يريد التّحدث والتّقليد وإنّ أتت كلماته بسيطةً وغير مفهومة .
- عرِّفي للطّفل عن الأشياء التي تكون حوله كأنّ تقولي له هذه ثلاجة وهذا سرير وهذا حليب وهذا تلفاز مع تكرار الكلمة ومع الوقت سيحفظها الطّفل وسيردّدها وإنّ أخطأ طفلك بالنّطق حاولي أنّ تعيدي له النّطق الصّحيح ومع المدّة سيتقن الكلمة جيداً .
- لا أحبّذ أبداً فكرة إختصار الكلمات للطّفل مثل ( نانا) دلالةً على الطّعام ( وبا) دلالةً على كلمة بابا فسيتعوّد طفلك ِعليها وسيبقى لا يدرك ما نطق الكلمة الأصليّ .
- اتركي طفلكِ يستمع لبعض الأناشيد الخاصة بالأطفال فهي تجذب إنتباهه حتماً ، وسيركّز على كلماتها الملحّنة ويحفظ بعض الكلمات ويحاول ترديدها .
- في الليل إقرأي لطفلكِ قصةً قصيرة والأفضل أنّ تكون قصةً مصوّرة لزيادة تشويق الطّفل وحبّه بالأدب وزيادة إدراكه الذّهني وتوسيع خياله الحسّيّ وتشجيعه على النّطق والتّحدث ، حتّى لو لم يدرك ما محتوى القصة ، فالطّفل يشعر ويحس ويحتاج لبعض الوقت ليكون وحده هذه اللّحظات في بداية عمره تترك أثراً لا يُمحى في مخيّلته وإنّ كبر .
- اتركي لطفلكِ العنان لأنّ يعبّر عن نفسه وإسمعيه بكلّ إصغاء حتّى لو لم تفهمي نصف كلامه إلا أنّه يشعر بالإهتمام والرّغبة في التّحدث ، وجّهي له بعض الأسئلة وأتركي له حريّة التّعبير وإبداء رغباته كأنّه يريد الطّعام أم لا ؟ أم يرغب بالتّنزه؟ وغيرها من هذه الأمور .
- أحضري لطفلكِ كتباً خاصّة لتعليم الأطفال تحتوي على بعض الصّور وتعرّفه بالمحيط الخارجيّ كالحيوانات وأشكالها وتعلم الأرقام والألوان .
- يحب الأطفال عادةً سماع الأصوات الغريبة كصوت الهواء أو صوت الماء الجاري ، أو تغريد الطّيور ، أو حتى صوت المذياع العالي ، كل هذه الأشياء تلفت إنتباهه سريعاً ، ما عليكِ هو تسمية الأصوات ونطقها له لتوسّعي من مداركه الحسيّة واللغويّة .
- ضعي بعض الملصقات المصوّرة على جدران غرفة طفلك على أنّ تكون بألوانٍ زاهيةٍ وجميلةٍ ، كورود ، أو طيّارة ، أو صور بعض الحيوانات وحاولي أنّ تعرّفيه على كل صورةٍ ونطقها الصّحيح وقلّدي أمامه بعض الأصوات كصوت الطّيارة أو القطة وما إلى ذلك ، فإن لم يستجب طفلكِ من أول مرةٍ أيقني تماماً أنّه سيتقن النّطق في المرّات القادمة وأنّ ما يسمعه منكِ يخزّن في عقله .
- إقرأي لطفلكِ بعض من سور القرآن الصّغيرة وإتليها أمامه بتمعنٍ وتدبّرٍ ، كما يمكنكِ فتح له بعض السور ليسمعها من وقتٍ لآخر ، حيثُ يجعله هذا الأمر يدرك اللغة الصّحيحة ويقوّي من مداركه ، ولا يجد صعوبةً في تعلّمها عند المرور بالسّنوات المقبلة من عمره .
- اتركي لطفلكِ فسحةً من التّنزه والإختلاط بالمجتمع مع من في عمره ليلعبوا بالرّمل أو المكعّبات أو الكرة ، فهذا الشأن يقوّي شخصيته ويتعلم من أقرانه نطق بعض الكلمات .
- كافئي طفلكِ ببعض الكلمات عند عمل شيءٍ جيد بقول شكراً ، أو هذا جيّد ، أو أنت ذكيّ ومثل هذه الكلمات الإيجابيّة التي تزيد الرّغبة عند الطّفل بتعلّم المزيد دوماً ، كما علّميه على الإيحاءات الجّسديّة كهزِّ الأصبع إشارةً إلا نفي الشّيء أو التّصفيق له مكافأة ًله .
- لا توبّخي طفلك وحاولي أنّ تتحاوري معه دائماً وإخباره بأنّ هذا الشّيء غير جيد ولا يفضّل أنّ يعيده مرةً أخرى هذا الأسلوب سيحرّر الطّفل من عناده وسيجعله شخصاً متفهماً يستجيب بالتّحاور والأسلوب النّقاشيّ .
- لا تقاطعي طفلكِ أبدا أثناء تكلّمه ، وإسمعيه بكلّ إهتمام ولا تحاولي صدّه مهما كان رأيه فهذا الأمر سيشجّعه على الكلام ويجعله يتحدث بحريّةٍ مطلقة .
- أحضري لطفلكِ بعض أوراق الرّسم الملوّنة وبعض الألوان الآمنة كالباستيل والخشب أو أقلام الرّصاص فهي ستجذبه حتما ، قولي له أريد أنّ أعلّمك أنّ ترسم وردةً ، أو قطةً ، أو غيمةً ، وقومي بتلوينها ، سيبهجه هذا الأمر وسيحاول التّقليد ، كما من الأمور المهمة جداً والتي عليكِ مراعاتها دوما أن تبدأي بتأسيس طفلكِ قبل دخول الرّوضة أو المدرسة ، فمثلاً أحضري بعض من الأوراق وإبدأي بتعليمه الأحرف إنّ كانت باللغة العربيّة أو الإنجليزيّة ، وكذلك الأعداد مع كتابتها وتلوينها ولفظها مراراً وتكراراً أمامه حتّى يتقن لفظها وبهذا تكوني قد قطعت ِأمامه نصف الطّريق .
- حاولي دائماً أنّ لا تتّبعي أسلوب التّلقين مع طفلكِ فهو أسلوب يضع المعلومة في عقل الطّفل دون إدراك ماهيتها ، إعتمدي معه أسلوب مبسّط للشّرح ، ناقشيه وحاوريه حتّى تتوسّع جميع مداركه ، كما أنّ هذا الأمر يزيد من معدل ذكاء الطّفل ، ويزيد من إبداعه .
خاتمة
أخيراً إنّ عالم الطّفولة واسعاً جداً والغوص به كالغوص ببحرٍ لا نهاية له إلاّ أنّ نصيحتي لكلِّ الأمّهات ، الطّفل شخصٌ حساسٌ له شخصيته وكيانه أتركي لطفلكِ العنان ليبدع في كلّ ماهو جميل ، قدّمي له كل ما هو جميلٌ في عالمه البريء النّقيّ وسانديه في كلّ مراحل حياته ، إخلقي منه شخصاً واثقاً من نفسه إزرعي الجّمال في قلبه وعقله حاوريه في كلّ شيء ليكون صديقكِ يفشي كل أسراره لكِ فستبقين الحضن الوحيد الذي يوفّر له الأمان والدّفء ، ضعي قدمه على أول الطّريق وراقبيه من بعيد وستجديه سيتقدّم في جميع مراحل حياته وستجدينه من أنجح الأشخاص وواثق الخطى دائماً .
إقرأ أيضا:تعليم الكلام للأطفال