الآباء والتربية
يلعب الآباء دوراً مهماً في تعزيز التنمية العاطفية، والمعرفية، والاجتماعية، واللغوية، والحركية في حياة أطفالهم. حيث تُظهر الأبحاث أن الآباء الذين يَكون لهم دورٌ فعال، ومُبكر في حياة أطفالهم يُعزِّزون نموهم، وتطورهم.
احتياجات الطفل الأساسية
تشكل السنوات الثلاث الأولى من حياة الطفل فرصة رائعة للآباء لتشكيل نمو أطفالهم، وتشكيل عادات صحية تدوم مدى الحياة. وفيما يأتي أهم الأمور التي نستطيع تقديمها للطفل:
- تعزيز التفاعل: ينمو دماغ الطفل بناءً على التجارب المبكرة في المنزل، مما يعني أنه كلما تفاعل الطفل أكثر كان نموه أكثر صحة، وحتى يستطيع الأب زيادة تفاعله عليه الاستجابة السريعة لمطالبه، والتحدث معه بصوت منخفض، وهادئ مع النزول إلى مستوى الطفل وكأنه يشرك نفسه في حياته.
- التواصل الجسدي: إن المودة الجسدية تنقل الحب للأطفال، مما يعزز نموهم العاطفي، والإيجابي. وذلك يحتم على الأب أن يتجاوب مع تأشيرات طفله وتلميحاته، وأن ينظر إلى عينيه، كما يمكنه أيضاً أن يأخده في حضنه عند اللعب، أو القراءة وأن يعانقه كثيراً، أما إذا كان طفله رضيعاً فيمكنه أن يدلك جسمه أيضاً.
- علاقة مستقرة: يتعلم الأطفال الذين لديهم علاقة مستقرة مع أحد والديهم على الأقل بطريقةٍ أسرع من غيرهم، ويشعرون بالرضا عن أنفسهم، ويكونون قادرين على تكوين صداقات بسهولة أكبر، فعلى الأب أن يكون محباً، وأن يجعل وجوده ثابتاً، ومتيناً بالنسبة لطفله، وأن يأخذه في حضنه أثناء المواقف العصيبة مثل زيارة الطبيب. وأن يهيئ له بيئة تسمح بالاستكشاف، والبحث.
- منزل آمن وصحي: إن البيئة المنزلية الصحية والآمنة تعزز النمو الصحي للطفل بأقل قدر من المخاطر، فيجب أن يكون البيت آمناً وأن يقدم للطفل غذاء صحياً، ومغذياً، وأن يراعى الابتعاد عن الأكل المشبع بالدهون، كما أن على الوالد أن يشجعه أيضاً على اللعب في الهواء الطلق، وممارسة الرياضة وأن يحرص على تقديم كافة المطاعيم للطفل أولاً بأول، وزيارة طبيبه بانتظام.
- الحب: يجب إظهار الحب للأطفال دائماً حتى في ساعات الغضب، والإحباط، والتمرد، إذ له قدرة في التغلب على أية أخطاء يرتكبونها.
استرتيجيات التعامل مع كل فئة عمرية
هذه بعض الاستراتيجيات للتعامل مع الطفل تبعاً للمرحلة العمرية التي يمر بها:
إقرأ أيضا:طريقة عمل حصالةحديثو الولادة حتى عُمر السنة
في هذا العمر من المهم ضمان الثبات على المبادئ؛ لأن الأطفال في هذه السن يضطربون، ويرتبكون من التغيير كما أن على الأب تعليم طفله السلوكيات الإيجابية ثم تعزيزها، بالإضافة إلى نمذجة السلوكيات المقبولة مثل المشاركة والتعاطف. كما أنه من الضروري قول “لا” بحزم في بعض المواقف التي تتطلب ذلك. وتوفير الهدوء، والأمان، والتفاهم لمساعدته على التعامل مع خيبات الأمل، أو الإحباط، ومن المهم أيضاً إيجاد روتين خاص بأوقات الوجبات، [كيف أنظم وقت نوم الطفل|وأوقات النوم]، وغيرهما من نشاطات؛ لأن ذلك سيساعدهم على الاستقرار بسهولة أكبر، والأكل بشكل أفضل في ظل هذه الإجراءات الروتينية الواضحة.
الأطفال من السنة إلى الثلاث سنوات
على الأب أن يوفر للطفل في هذا العمر فرص اللعب، والاستكشاف، وعليه أن يتذكر أن السلوك السيئ قد يحدث بسبب مجموعة من الأشياء بما في ذلك الملل، أو الجوع، أو الإرهاق الشديد، أو الطاقة العالية، مما يستدعي معالجة سبب هذا السلوك، كما يتوجب عليه أن يدرك أن الطفل ما زال غير قادر حتى الآن على أن يتحكم في عواطفه، أو أن يفكر بشكل منطقي، مما يستدعي مساعدته في التعبير عن مشاعره الإيجابية، أو السلبية بطريقةٍ مناسبة مع وضع حدود واضحة ومعقولة، وفرضها باستمرار. مع ضرورة الحفاظ على الهدوء، وعدم الاستسلام لثورات الغضب ومحاولة استخدام كلمة “نعم” أكثر من كلمة “لا”، حتى لو كان “نعم ، بعد …”، مع الحرص على إفهامه السبب والنتيجة والسماح له بأن يجربهما بأمان، فالطفل يحتاج إلى الفشل من حين لآخر حتى يتعلم. وعلى الأب أن يشجع طفله على الاستقلال في ارتداء الملابس، والأكل، وما إلى ذلك، وأن يوفر له الوقت للقيام بذلك وأن يبدأ بتقديم الأسباب والمعلومات، والإجابة على أسئلة “كيف” و”لماذا”، غالبًا ما يطرح الأطفال السؤال نفسه مراراً وتكراراً، فعليه أن يكون صبوراً، وأن يتابع تقدم طفله، ويشجع خياله.
إقرأ أيضا:تجارب بسيطة للأطفالعمر ما قبل المدرسة (3-5)
في هذا العمر يجب مساعدة الطفل على التعبير عن مشاعره، وربط التفكير، والشعور بالسلوك المناسب والحرص على التعرف على مشاعره، ومساعدته على التعامل مع التجارب السلبية مثل خيبة الأمل، والسلوكيات السيئة مثل الغضب، فإن الطفل في هذه المرحلة يحتاج إلى معرفة حدوده، إذ إنّ السلوكيات غير المقبولة غالباً ما تأتي من عدم التأكد بشأن ما هو مسموح، وما هو غير مسموح به، كما أن اختبار الحدود أمر طبيعي في هذا العمر، ويجب على الوالد الإجابة عن أسئلة طفله المهمة، وإذا واجه موضوعاً صعباً فعليه التحدث إلى أمين المكتبة في منطقته لمعرفة الكتب، أو الموارد الأخرى المتاحة لمساعدته، وينصح بأن يستمر في القراءة للطفل، والاستماع إلى قصصه، ومنحه الكثير من الوقت للعب الحر؛ فهو النشاط الذي يتعلم فيه عن نفسه، والآخرين.
عمر المدرسة (6-12)
إنه عمر وضع القواعد، وتنفيذها، فيجب على الوالد أن يكون مستعدًا للتفاوض بشأن بعض القواعد، وتوسيع الحدود عند نضوج الطفل لكن ذلك لا يعني أن يتفاوض حول القواعد المتعلقة بسلامتهم، أو السلوكيات غير المقبولة، فكل ذلك يأتي مع الاستمرار في تشجيعهم على فهم السبب والنتيجة.
المراهقون بأعمار (13-18)
من الضروري أن يحتفظ الأب بروح الدعابة عند التحدث مع ابنه في هذه المرحلة ويتفاوض معه كلما أمكن، على أن يكون واضحًا تماماً حول ما هو غير قابل للتفاوض. مع مراعاة أن يكون الاحترام المتبادل هو أساس الحوار بينهما، وأن يعزز سلوك الاعتذار لدى الابن باعتذاره منه إن أخطأ، وأن يحترم خصوصيته.
إقرأ أيضا:كيف تغير مظهركنصائح لعلاقة صحية مع طفلك
يستطيع الآباء بناء علاقة صحية مع أبنائهم باتباع ما يأتي:
- أن يكون الأب مثالاً للشخصية التي يريد أن يكونها الطفل: فيكون له قدوة في المواقف، والسلوكيات الإيجابية التي يتوقعها منه، فالأطفال يراقبون آبائهم بدقة في كل ما يقولون، ويفعلون. مما يعني أن يكون لشخصية الأب من تأثير هائل على شخصية طفله؛ لذا على الآباء أن يكونوا أشخاصاً يمكن لأطفالهم الاقتداء بهم.
- منح الحب غير المشروط: إذا فعل الابن سلوكاً سيئاً، أوغير مقبول فلا يجب منعه من الحب كعقاب على سلوكه، ذلك لا يعني أن يكون الأب مضطراً إلى تَقبل سلوكه السلبي، ولكنه يعني أن عليه إظهار حبه، وتقبله للطفل كشخص مما لذلك من دور كبير في دعمه مع الحرص على تقديم الحب له في الأوقات الجيدة، والسيئة على حد سواء.
- التركيز على سلوكه الجيد قدر الإمكان: يكون ذلك بتمييز السلوكيات والأفعال الإيجابية التي يقوم بها الطفل، والثناء عليها ثناءً صادقاً؛ فإن من شأن ذلك أن يعززه، ويبعده عن السلوكيات السلبية التي يرتكبها لجذب الانتباه.
- وضع خطط منطقية: يحب الأطفال معرفة ما هو مطلوب منهم، لذا سيساعد وضع جدول يومي روتيني تُدرج فيه أوقات تناول الوجبات مثلاً، وأوقات اللعب، وغيرها من نشاطات يومية، على إشعار الطفل بالراحة نتيجة علمه لما سيحدث لاحقاً مع حرص الآباء على واقعية ما يطلبونه من أطفالهم بحيث يتناسب مع أعمارهم كما يمكن أيضاً مناقشة هذه التوقعات معه.
- تعليم القيم: من المهم أن يتعلم الطفل القيم التي يحملها الأب بطريقة يسهل فهمها فيتعلم الصدق، والصبر، والتَّفهم، والعدل، ورعاية الآخرين، وغيرها من القيم. بل ويجب على الآباء الاحتذاء بهذه القيم أيضاً؛ لأن الأطفال أذكياء في معاينة سلوك البالغين.
- تشجيع الطفل على تحمُّل المسؤولية:حتى الأطفال يستطيعون تحمل المسؤولية عندما يكونون مستعدين، فعلى الآباء تشجيعهم على ترتيب ألعابهم، والمساعدة في الأعمال المنزلية البسيطة، وارتداء ملابسهم، فهم بذلك يساعدونهم على اكتساب عادات إيجابية. ولكن عليهم ألا يتوقعوا منهم القيام بكل شيء لوحدهم دفعة واحدة.
- تعزيز احترامه لذاته: يطور الطفل إحساسه بذاته من خلال أَعين والديه، حيث تؤثر كلماتهم، وأفعالهم على تقديره لذاته. إن مدح إنجازات الطفل مهما كانت صغيرة ستعزز ثقته بنفسه، وعلى العكس فإن التقليل من شأن تعليقاته، أو مقارنته بغيره من الأطفال سيجعله يشعر بأن لا قيمة له. فعلى الأب اختيار كلماتك بعناية، وحذر.
- تخصيص وقت للطفل: يجد العديد من الآباء أنه من المفيد جدولة الوقت مع أطفالهم، فيُقترح أن تخصص ليلة من كل أسبوع يجتمع فيها الأب، والطفل، فيما يدع الأب ابنه يساعده في التخطيط في كيفية قضاء وقتهما معاً. فإن الأطفال الذين لا يحصلون على ما يكفيهم من الوقت مع ذويهم غالباً ما يسيؤون التصرف رغبةً في جذب الانتباه.
أسئلة تزيد معرفتك بطفلك
فيما يأتي بعض الأسئلة التي قد تكون دعوة للاستيقاظ، ليقرر الأب بعد طرحها أنه بحاجة للجلوس مع طفله، ومعرفة المزيد عنه:
- من هو أفضل صديق له؟
- من هو بطله الدائم؟
- ماذا يريد أن يفعل عندما يكبر؟
- ما هي أعظم إنجازاته، وخيبات أمله في العام الماضي؟
- ما هو الشيء الأكثر قيمة من بين ما يملكه من حاجيات؟
- ما هو أكثر شيء يحب فعله مع الأب؟
- ما هي الأشياء التي قد تمنعه من النوم؟
- ما هي وجبته المفضلة؟
- ماذا سيشتري إذا كان معه 20 دولاراً لإنفاقها؟
- ما هو أهم شيء يحتاج الأب إلى مناقشته مع طفله في الأشهر الستة المقبلة؟