المجموعة الشمسية

كيف تكون القمر

نظريات تكوّن القمر

قدّم العلماء على مرّ التاريخ العديد من النظريات المختلفة لشرح تكوين القمر، ويجدر بالذكر أنّ كلّ نظرية من هذه النظريات يجب أن تكون قادرة على توضيح النقاط الآتية:

  • انخفاض كثافة القمر، وعدم امتلاكه نواة كبيرة غنية بالحديد مثل الأرض.
  • احتواء صخور القمر على كميات قليلة من المواد المتطايرة مثل الماء، وذلك نتيجة تعرّض سطح القمر أثناء تكوّنه للمزيد من الحرارة الشديدة مقارنة بالأرض.
  • الوفرة النسبية لنظائر الأكسجين على الأرض والقمر، الأمر الذي يشير إلى أنّ كليهما قد تشكّلا على نفس المسافة من الشمس.

نظرية الاصطدام العملاق

تُعدّ نظرية الاصطدام العملاق (بالإنجليزية: The giant impact hypothesis) أشهر نظرية علمية تفسّر تكوّن القمر، وتقترح أنّ جسماً بحجم المريخ يُسمّى ثِيَا (Theia) اصطدم بالأرض منذ 4 مليارات سنة على الأقلّ، ممّا أدّى إلى قذف جسيمات ساخنة من قشرته إلى الفضاء، ونتيجة للجاذبية ارتبطت هذه الجسيمات المقذوفة معاً، ممّا أدّى إلى تكوين قمر كوكب الأرض الذي يُعدّ أكبر أقمار المجموعة الشمسية، وفيما يأتي تلخيص للنقاط التي فسّرتها هذه النظرية:

  • امتلاك القمر والأرض طاقة دورانية كبيرة تتمثّل في دوران الأرض حول نفسها، ودوران القمر حول الأرض، وذلك يتوافق مع نظرية الاصطدام العملاق، إذ أضافت عملية الاصطدام طاقة دورانية لنظام الأرض والقمر.
  • امتلاك القمر نواة صغيرة جداً مقارنة بالأرض، وذلك متوافق مع النظرية، فقد جرّد الاصطدام جزءاً من الطبقات الخارجية للجسم المرتطم والأرض لتشكيل القمر، ثمّ اتّحدت نواة الجسم المرتطم مع نواة الأرض الكثيفة، وبذلك تشكّل القمر بنواة تحتوي على نسبة قليلة من الحديد وعناصر ثقيلة أخرى.
  • احتواء صخور القمر على كمية قليلة من الماء والغازات الموجودة في صخور الأرض، وذلك بسبب الحرارة العالية الناتجة عن الاصطدام، والتي بخّرت معظم الغازات والسوائل، فنتج القمر جافّاً نسبياً.

تُعدّ نظرية الاصطدام العملاق المرجع الأساسي المُستخدم لشرح الأدلّة العلمية الحالية لكيفية تكوّن القمر، ويستخدم فريق معهد أبحاث استكشاف النظام الشمسي التابع لوكالة الفضاء الأمريكية ناسا نماذج حاسوبية ومعلومات حول كيمياء صخور الأرض والقمر للمساعدة في تحديد كيفية تشكّل القمر، وتطوّره إلى ما هو عليه اليوم، ولا يزال العمل جارياً على العديد من التفاصيل التي لم يتمّ شرحها علمياً.

إقرأ أيضا:ما هي طبقات الأرض

نظرية الانشطار

تقترح نظرية الانشطار (بالإنجليزية: The Fission Theory) أنّ القمر كان جزءاً من الأرض، ثمّ انفصل عنها بطريقة ما في بداية تكوين النظام الشمسي، كما تقترح أنّ حوض المحيط الهادئ الحالي هو الجزء من الأرض الذي جاء منه القمر، وقد كان يُعتقد بصحّة هذه النظرية لأنّ تكوين القمر يشبه تركيب طبقة ستار الأرض، بالإضافة إلى أنّ دوران الأرض السريع جرّد القمر من الطبقات الخارجية، ولكنّ نظام الأرض والقمر المُقترح لا يحتوي أدلّة أحفورية على هذا الدوران السريع، كما أنّ هذه النظرية لا تُفسّر تعرّض القمر للمزيد من الحرارة.

نظرية الالتقاط

تقترح نظرية الالتقاط (بالإنجليزية: The Capture Theory) أنّ القمر قد تشكّل في مكان آخر في النظام الشمسي، ثمّ التُقط لاحقاً بواسطة مجال الجاذبية للأرض، كما تفسّر أيضاً التركيب الكيميائي المختلف للقمر بما أنّه تشكّل في مكان آخر في النظام الشمسي، ومع ذلك فإنّ عملية التقاط القمر في مداره الحالي غير محتملة؛ وذلك لأنّها تحتاج ضبطاً دقيقاً يتطلّب من القمر التباطؤ بالقدر المناسب في الوقت المناسب، كما أنّ هذه النظرية لا تُقدّم تفسيراً لتعرّض القمر للمزيد من الحرارة.

نظرية التكاثف

تقترح نظرية التكاثف (بالإنجليزية: The Condensation Theory) أنّ القمر والأرض تشكّلا نتيجة تكاثف السديم الذي كوّن النظام الشمسي، ثمّ نشأ القمر في مدار حول الأرض، وتشكّل القمر بالقرب من الأرض يعني أن يكون لهما نفس التركيبب، ولكن القمر في الواقع لا يمتلك نواة حديدية كبيرة كالأرض، كما أنّ هذه النظرية لا تُقدّم تفسيراً لتعرّضه للمزيد من الحرارة.

إقرأ أيضا:ما هي المجموعة الشمسية

نظرية التراكم

تقترح نظرية التراكم (بالإنجليزية: The Accretion) أنّ الأرض والقمر تشكّلا معاً كنظام مزدوج من القرص التراكمي الأولي للنظام الشمسي، ولكنّ هذه النظرية لا توضّح الزخم الزاوي لنظام الأرض والقمر، أو سبب عدم امتلاك القمر لنواة حديدية كبيرة كالأرض.

نظرية انفجار المُفاعل الأرضي

تقترح نظرية انفجار المُفاعل الأرضي (بالإنجليزية: The Georeactor explosion) أنّ القمر قد تشكّل من انفجار مفاعل أرضي يقع على طول المنطقة بين الستار والنواة، وتعدّ هذه النظرية قادرة على تفسير التركيب المُتشابه بين الأرض والقمر، وهي نظرية حديثة نُشرت عام 2010م.

مراحل تكوّن القمر

تكوّن القمر على عدّة مراحل يُمكن تلخيصها كما يأتي:

  • التمايز: هو تشكّل طبقات القمر، إذ إنّ غرق الحديد الثقيل شكّل نواة صغيرة، أمّا أقدم صخور القمر فقد شكّلت محيطاً من الصخور السائلة المُسمّى بمحيط الصهارة (magma ocean)، والتي تمايزت فيما بعد لتكوين المرتفعات القمرية (Lunar highlands)، وهي المناطق الفاتحة ذات الحفر والفوّهات الكثيرة.
  • تشكيل الأحواض الكبيرة: استمرّت الكويكبات والمذنّبات الكبيرة في الاصطدام بالقمر، وتكوين أحواض على شكل دوائر كبيرة مُلِئت بصخور داكنة لاحقاً، إلّا أنّه فيما بعد قلّ عدد وتأثير هذه الاصطدامات.
  • نشاط البراكين القمرية: عندما بردت القشرة الخارجية للقمر بقيت أجزاؤه الداخلية ساخنة، واستمرّت المواد الساخنة بالصعود إلى الأعلى، والتدفّق على سطح القمر من خلال الشقوق، وغمرت الماغما المناطق الأقلّ ارتفاعاً مثل الأحواض الكبيرة، ثمّ بردت بسرعة مُكوّنة البازلت ذو اللون الداكن المعروف بالماريا (maria).
  • توقف النشاط الجيولوجي: ظلّ القمر غير نشط جيولوجياً باستثناء بعض الاصطدامات النيزكية على مدى المليار سنة الماضية، ممّا جعله يحتفظ بأفضل سجل لتاريخ النظام الشمسي المبكّر، وعمليات التكوين، والتمايز، والاصطدام التي شكّلت جميع الكواكب الأرضية.

عمر القمر

أثبتت صخور القمر التي أحضرها روّاد الفضاء أنّها أفضل لقياس الأعمار من صخور الأرض، وذلك لأنّ القمر غير نشط جيولوجياً، فهو لا يحتوي براكين أو صفائح تكتونية وغيرها، وبالتالي فإنّ أقدم الصخور متواجدة على سطحه، ولم يتمّ تدميرها أو دفنها في الأعماق، ويُمكن معرفة عمر القمر من خلال قياس الاضمحلال الإشعاعي لنظير اليورانيوم والرصاص الموجودان في الصخور القمرية، وبذلك يبلغ عمر أقدم صخور القمر 4.5×109 سنة تقريباً، وهو نفس عمر الأرض، وأقلّ من عمر النظام الشمسي بقليل.

إقرأ أيضا:ماذا يدرس علماء الأرض
السابق
مم تتكون الشمس
التالي
بحث حول كوكب الأرض