بيّن النّبي صلّى الله عليه وسلّم أنّ الله تعالى يبعث على رأس كلّ مائة سنة من يجدّد لهذه الأمّة دينها، وقد برز على رأس المئة سنة الأولى من الهجرة رجلٌ تأخّر عن عهد الصّحابة وكان من التّابعين الذين ساروا على منهج الله تعالى القويم واستنّوا سنّة الرّسول عليه الصّلاة والسّلام في حياتهم ومنهجهم، فكان عمر بن عبد العزيز حفيد الفاروق عمر بن الخطّاب رضي الله تعالى عنه من جهة أمّه، والذي تولّى خلافة المسلمين بعد حكم الخليفة الأمويّ سلمان بن عبد الملك، وقد حكم المسلمين فترةً قصيرةً عاش فيها الجميع في أمنٍ وأمان، حتّى فاض المال في بيت مال المسلمين ولم يكن هناك ثمّة محتاج بعد أن سدّت حاجات النّاس وردّت المظالم إلى أهلها، فاحتار الخليفة عمر بن عبد العزيز في كيفيّة صرف الأموال، فسعوا إلى سدّ الدّيون عن النّاس، فظلّ هناك فائضٌ في المال، فأشار الخليفة العادل على مسؤول بيت مال المسلمين أن يقوم بشراء الحبوب وينثرها على رؤوس الجبال حتّى تأكل الطّير منها فلا يبقى جائعٌ من بشرٍ أو حيوان .
وقد عني الخليفة عمر بن عبد العزيز عنايةً تامّة بالعلم والعلماء، فاهتمّ بتدريس القرآن الكريم، كما اهتمّ بالحديث الشّريف وتدوينه، وإنّ اهتمام الخليفة العادل بالعلم نابعٌ من أنّه كان طالب علمٍ تلقّى علوم الشّريعة والفقه من شيوخ كبارٍ مثل سعيد بن المسيب وغيره، وقد كان العلماء يأتون عمر بن عبد العزيز ليتدراسوا العلم معه فيخرجوا من عنده مضيفين إلى علمهم علماً جديداً .
إقرأ أيضا:قصة اصحاب الفيلوقد أخذ عمر بن عبد العزيز على عاتقه منذ أن تولى الخلافة أن يردّ جميع المظالم التي حدثت في عهده من قبل من سبقه من الخلفاء، وقد استشار عدداً من العلماء في مسألة هذه المظالم فاشاروا إليه بأنّ هذه المظالم إنّما قد حدثت في عهد الخلفاء قبله فهو غير مسؤولٍ عنها، فلم يرتاح الخليفة عمر لهذا القول وأخذ بقول ابنه الزاهد الورع عبد الملك الذي أشار عليه بردّ جميع المظالم إلى أهلها حتى يستبرىء لدينه أمام الله تعالى، وقد أضمر عددٌ من أقرباء الخليفة العادل الحقد والضّغينة عليه بسبب هذا الفعل، خاصّةً أنّهم خسروا كثيراً من المكاسب التي نالوها من الخلفاء قبلهم، فقاموا بوضع السّمّ للخليفة عمر للإنتقام منه، وهذا هو الرّأي الرّاجح في كيفيّة وفاة الخليفة عمر بن عبد العزيز، وإن تحدث آخرون عن وفاته بشكلّ طبيعيّ، رضي الله تعالى عنه ورحمه .
إقرأ أيضا:بماذا أهلك الله قوم مدين