المهارات الاجتماعيّة عند الأطفال
يحتاج الإنسان إلى العديد من المهارات ليتمكّن من العيش بإيجابية في حياته، وتعدّ المهارات الاجتماعيّة (بالإنجليزية: Social skills) أبرز هذه المهارات، وهي تتضمن مجموعة من الأمور المتّبَعة التي تُساعد الأشخاص على التفاعل بشكلٍ إيجابي، والتي يُمكن تعريفها على أنّها مجموعة من مهارات التواصل اللفظية وغير اللفظية التي يُمارسها الأشخاص من أجل تكوين روابط وعلاقاتٍ اجتماعيّة مع الآخرين، حيث يُشير التواصل اللفظي إلى الكلام، أمّا التواصل غير اللفظي فيُشير إلى لغة الجسد كالإيماءات وتعبيرات الوجه.
تعتبر المهارات الاجتماعيّة مهمة جدًا للإنسان، لذا يجب أن يكتسبها من الصِّغر عن طريق إتاحة الفرصة له للتفاعل مع من حوله منذ الطفولة، فمن خلال هذا التفاعل ومع مرور الوقت يبدأ الطفل بتكوين شخصيّة مُستقلّة واكتساب مهارات اجتماعيّة متنوّعة؛ مثل القدرة على التواصل مع الآخرين، وتكوين الصداقات بنفسه، حيث تتعدّد هذه الصداقات فيما بعد فتتحسن قدرته على التصرّف السليم في المواقف المختلفة التي قد يتعرض لها كوجود خِلاف مع صديقه، كما يكتسب أيضًا القدرة على التّحكّم بتصرفاته، لكن بعض االأطفال قد تنقصهم هذه المهارات، لذا توجد العديد من الطرق التي يمكن اتّباعها ليكون الطفل اجتماعيًا وهي ما سنذكره في مقالنا هذا.
طرق لجعل الطفل اجتماعياً
يتَّصف بعض الأطفال بالخجل الذي يعتبر إحدى الصفات التي يُمكن وراثتها من الوالدين، حيث يُمكن الاستدلال على أنّ الطفل خجول من خلال تصرفاته، فالأطفال الخجولين لا يقبلوا أن يبقوا في مكان دون وجود والديهم، كما أنّهم يخجلون من الأشخاص الغريبين عنهم ولا يقتربوا منهم، على عكس الأطفال غير الخجولين الذين يُمكنهم البقاء لوحدهم أو الاقتراب من أشخاص غير معروفين لديهم، ويعدّ الخجل من الصفات التي تُوجِد عقبات في حياة الشخص لذا من المهم مساعدة الطفل على التخلُّص منه أو تخفيف أثره من خلال تطوير المهارات الاجتماعيّة لديه باتّباع بعض الطرق التي تناسب عمره والمرحلة التي يمرّ بها.
إقرأ أيضا:تعليم الحروف الهجائية للأطفالالطفل في عمر ما قبل المدرسة
مساعدة الطفل على اللّعب وتكوين الصداقات
من الممكن تطوير المهارات الاجتماعيّة لدى الطفل منذ السنة الأولى من عمره، ويُعد اللّعب من أفضل الطرق التي تساعد على البدء بتعليمه ذلك، فخلال السنوات الثلاث الأولى من عمر الطفل يستطيع الأبوان والأخوة ممارسة ألعاب متنوعة معه تساعد على تنمية هذه المهارات، مثل اللّعب معاً بقطع المكعبات أو ركل كرة كلٌّ بدوره، ومن المهم تعليم الطفل في هذه الألعاب أنّ لكلّ شخص دوراً في اللعب، وتعليمه ألفاظ مثل “هذا دوري، وهذا دورك”، فهذا يُعلّم الطفل أنّ هناك طرف آخر مشترك في اللعبة وأنّ عليه التواصل معه.
يُمكن تطوير المهارات الاجتماعيّة للأطفال من خلال اللعب، حيث يملك معظمهم ألعاباً ودمى لكنّهم أحياناً لا يُحبون مُشاركتها مع الأطفال الآخرين، لذا من الممكن للآباء مساعدة أطفالهم على تقبُّل الأطفال الآخرين واللّعب معهم من خلال عدة أمور يمكن اتّباعها لتساهم في تطوير مهاراتهم الاجتماعيّة، والتي نذكرها كالآتي:
- مناقشة الطفل في الألعاب التي يسمح للأطفال الآخرين بالتشارك معه في لعبها، وهنا على الوالدين معرفة أنّه لن يسمح للآخرين باللعب بألعابه لمدة طويلة.
- تعليم الطفل المُشاركة في الألعاب التي لا يملكها، إذ يُمكن للأب إحضار لعبة جديدة كالمعجون، ويبدأ طفله باللعب مع الآخر فيها.
- عمل أنشطة ممتعة تتضمن الحركة كالرقص على أغنية ما، أو تجميع الكرات متشابهة اللون، ويكون ذلك بشكلٍ جماعيّ مع ضرورة عدم إهمال أيّ طفل ومشاركة الجميع.
تساعد الألعاب على بناء علاقاتٍ اجتماعيّة إيجابيّة للأطفال مع أصدقائهم، وهذا يعتبر من الأمور المهم إكسابها لهم في مرحلة ما قبل المدرسة من أجل تنمية مهاراتهم الاجتماعيّة، لذا ينبغي تعليمهم مجموعة من الألعاب الجماعيّة المناسبة لهم والتي تحقق هذا الهدف في الوقت نفسه، والتي تساعدهم أيضًا على ما يأتي:
إقرأ أيضا:كيف أجعل ابني شجاعاً- اكتشاف اهتماماتهم وميولهم.
- تطوير قدرتهم على الانضباط الذاتيّ والتحكّم بمشاعرهم.
- تطوير قدرتهم على التعبير عن مشاعرهم وعن أنفسهم.
- تنمية الجوانب العاطفيّة والانفعاليّة لديهم.
التغلّب على خجل الطفل
من المهم تنمية المهارات الاجتماعيّة لدى الأطفال خصوصاً الخجولين منهم، والتي من الممكن أن يكتسبوها من خلال توفير فرص لهم لممارستها مثل مساعدتهم على التعبير عن أنفسهم، وتوفير فرص لهم لإجراء محادثات مع غيرهم من الأطفال، ومن المهم زيادة ثقة الطفل الخجول بنفسه وتشجيعه على الجرأة خصوصاً في المواقف التي يشعر بها بالخجل، ويُمكن مساعدته بالتّكلم عن نفسه ودعمه وتشجيعه بشكلٍ مستمر، ومن النصائح التي من المهم اتّباعها من قِبل الوالدين لتطوير مهارات الأطفال من عمر السنة إلى الثلاث سنوات ما يلي:
- عدم إجبار الطفل على الذهاب لشخص لا يعرفه بشكلٍ مفاجئ، بل يكون ذلك بشكلٍ تدريجي وبما يُساعد الطفل على الذهاب وحده إلى ذلك الشخص، لذا من الممكن مساعدته بأن يحضِر الشخص لعبة معه ليجذب انتباه الطفل لها فيذهب إليه.
- مُشاركة الطفل الخجول الألعاب الاجتماعيّة في بداية اللعبة ثمّ الانسحاب تدريجياً.
- تشجيع الطفل على السيطرة على مشاعره، والتوضيح له أنّ شعوره بالخوف أو الرَّهبة في المواقف الجديدة التي يتعرّض لها هو شعور طبيعي ويستطيع التّغلب عليه.
- تجنّب المبالغة في الاهتمام بمشاعر الطفل الخجول والبقاء معه بشكلٍ دائم، إذ إنّه بهذه الطريقة لا يستطيع التغلّب على خجله.
- تعزيز الطفل وتشجيعه عند تواصله مع الآخرين.
- إدراك الوالدين بأنّهما قُدوة للطفل، لذا يجب التزامهما بسلوكات اجتماعيّة حتى يتعلمها الطفل منهما.
- وجود الوالدين في المواقف الجديدة على الطفل أو عند تعرُّضه لموقف مُعين لم يستطع فيه إخفاء خجله، وذلك لتشجيعه على تجاوز الموقف والتوضيح له أنّ الوضع سيصبح أفضل وأكثر راحة.
الاستعانة بكتب الأطفال
يستطيع الوالدان الاستفادة من كتب الأطفال من أجل تطوير مهارات أبنائهم الاجتماعيّة، ويكون ذلك بالاطّلاع على كتب الأطفال واختيار المواضيع التي تناسب هدفهم في تطوير مهاراتهم الاجتماعيّة؛ كمواضيع التعاون، والصداقة، ومساعدة الآخرين، ومناقشتهم في هذه المواضيع والطلب منهم وضع أنفسهم في مواقف معيّنة كوجود شخص يحتاج لمساعدة وشرح كيف سيتصرفون في ذلك الموقف.
إقرأ أيضا:كيف تتعامل مع طفلك في عمر السنةممارسة الأنشطة المختلفة
يمارس الأطفال أنشطة مختلفة بشكلٍ يومي، كتناول الوجبات الخفيفة واللّعب، لذا يُمكن الاستفادة من هذه الأنشطة الروتينية من أجل تطوير مهاراته الاجتماعيّة وجعله يمارسها مع أصدقائه مثلًا، ومن المهم التركيز على الاستفادة من هذه الأنشطة منذ السنوات الأولى من عمر الطفل، إذ يكون من السهل تنفيذها من قِبله، حيث إنّه كلما زاد عمر الطفل كان بحاجة للتشجيع بصورة أكبر للتواصل مع الآخرين.
طرق أخرى لمساعدة الطفل على أن يكون اجتماعيّاً
يبدأ الأطفال في عمر السنتين إلى ثلاث سنوات بمحاولة التعرّف على أنفسهم وعلى محيطهم، وفي هذه المرحلة تبدأ علامات النمو بالظهور عليهم كالقدرة على الكلام والتفكير، كما يبدؤون بإظهار مشاعرهم كالخوف أو الإعجاب، لذا ينبغي على الوالدين في هذه المرحلة الانتباه لمشاعر أطفالهم ومتابعتها ومحاولة السيطرة عليها من أجل توجيهها بالشكل الصحيح، ويُمكن للوالدين مساعدة أطفالهم على تنمية مهاراتهم الاجتماعيّة خلال هذا العمر من خلال اتباع عدد من الأمور ومنها:
- تشجيع الطفل على التعبير عن مشاعره وكلّ ما بداخله بوضوح ودون خوف.
- ممارسة ألعاب جماعيّة مع الطفل، خصوصاً الألعاب التي تُعلمه المناقشة والحوار.
- وضع وقت معين للّعب الجماعي والتقيُّد به من قِبل الجميع.
- إظهار الحبّ للطفل سواءً بالتعبير بشكلٍ مباشر عن حبه له أو من خلال عناقه مثلاً، فالطفل المحبوب من قِبل والديه لديه قدرة أكبر على التعبير عن مشاعره ومشاركة الآخرين هذه المشاعر.
الطفل في عمر المدرسة
مساعدة الطفل على تكوين الصداقات
من المهم مساعدة الطفل على تكوين الصداقات الجيّدة ويكون ذلك من خلال الاهتمام بعددٍ من الأمور ومنها:
- مُتابعة الحياة الاجتماعيّة للطفل: ينبغي على الوالدين متابعة الأنشطة والممارسات الاجتماعية لطفلهم؛ ويكون ذلك بالإشراف عليه وعلى أنشطته دون التدخُّل المباشر في اختياراته، فيستطيعان مساعدته على اختيار الأصدقاء المناسبين له، كما أنّه من المهم تدخّلهما في حالة ممارسة الطفل لسلوك اجتماعي سيئ حتى لا يتطوّر هذا السلوك مما يؤثر على تفاعله اجتماعيّاً، إذ إنّ الأطفال لا يحبون التفاعل مع الطفل السيئ أو العدواني.
- التدريب على ضبط العواطف: من المهم تدريب الطفل على ضبط عواطفه، ولتحقيق ذلك ينبغي على الوالدين السيطرة على عواطفهم عند صدور فعل سيئ من الطفل وعدم الصراخ عليه أو شتمه بعباراتٍ مُهينة مثل: “أنت سخيف أو غبي”، أو غيرها من العبارات، فهذه العبارات تؤثر على قدرته على ضبط عواطفه، وبالمقابل ينبغي اتباع استراتيجيات مناسبة لتنشئة الطفل اجتماعياً، فهذه الاستراتيجيات تساعده على ضبط عواطفه وبالتالي تزيد قدرته على تكوين صداقاتٍ متعددة.
- مساعدة الطفل على فهم تعبيرات الوجه: يُمكن للطفل فهم تعبيرات الوجه وعلى ماذا تدلّ مما يساعده على تطوير علاقاتهم الاجتماعيّة، لذا ينبغي تدريبه عليها.
- تنمية الجانب العاطفي للطفل: من المهم تنمية الجانب العاطفي للطفل سواءً الشخصي أو عواطفه تجاه الآخرين من قِبل الوالدين أو المشرفين عليه، فمن الصعب تنمية هذا الجانب عنده دون مُساعدة الآخرين.
- تنمية مهارات التواصل اللفظي وغير اللفظي: يكون ذلك من خلال الاهتمام بالتواصل العائلي منذ المراحل الأولى من عمر الطفل من خلال إشراكه بالحوار والنقاشات العائليّة، كما يُمكن إجراء نقاشات وحوارات معه حول كيفية اختياره أصدقاءه بشكلٍ صحيح، وتدريبه على إجراء المحادثات، ومع مرور الوقت فإنّ هذه الممارسات ستزيد قُدرته على النقاش والتفاوض مع الآخرين.
مساعدة الطفل على التغلّب على خجله
من المهم مساعدة الطفل على التغلّب على خجله خلال مرحلة المدرسة من خلال عدد من الأمور التي ينبغي على الوالدين القيام بها:
- وضع أوقات محددة للعب سواءً في البيت أم مع الأصدقاء في منازلهم وتوثيق هذه المواعيد، وعند دعوة هذا الطفل للعب في منزل صديقه فمن الجيد الذهاب معه أول مرة للتغلب على شعور الخوف والرّهبة.
- مساعدة الطفل على كيفية شرح المواضيع بثقة أمام طلاب صفه، من خلال تدريبه على مهارات الإلقاء والعرض أمام الآخرين.
- تشجيع الطفل على المشاركة في الأنشطة اللامنهجية في المدرسة كالمسابقات الرياضيّة ونشاط الكشّافة.
- تدريب الطفل على احترام الآخرين أثناء كلامهم وعدم مقاطعتهم خصوصاً قبل الاجتماعات العائلية.
- تجنُّب مُقارنة الطفل مع الآخرين خصوصاً مع الأطفال الواثقين بأنفسهم.
- التشجيع المستمر للأطفال من أجل زيادة ثقتهم بأنفسهم واحترامهم لذاتهم.
طرق مختلفة لمساعدة الطفل
يوجد للوالدين دور مهم لمساعدة الطفل على تطوير مهاراته الاجتماعيّة، ويكون ذلك من خلال عدد من الممارسات التي يقوما بها كإجراء محادثاتٍ يومية مع الطفل تتركز على القيم والعلاقات الاجتماعيّة من خلال سؤاله عن المدرسة أو الأصدقاء، إضافةً لمناقشة الأمور التي قد يتعرّض لها بشكلٍ شخصي أو عن طريق الإنترنت كالتنمّر أو المُضايقات، وضرورة الاستماع له بشكلٍ مستمر، ومن المهم الوثوق بالطفل الأكبر سناً والسماح له بحل مشاكله الشخصيّة بمفرده ودون التدّخل من الوالدين، ومناقشة الطفل الأصغر سناً بمشاكله ومُساعدته في حلها، كما يمكن تنمية مهارات الطفل اجتماعيّاً من خلال السماح له بدعوة أصدقائه إلى المنزل وإتاحة الفرصة له للاهتمام بهم والحِرص على راحتهم فهذا يزيد قدرته على التواصل الاجتماعي.
ينبغي الاهتمام بتنظيم أوقات الأطفال الذين تزيد أعمارهم عن الست سنوات وتقسيمها لتناسب أنشطة مختلفة؛ كالتلفاز، والنوم، واستخدام الأجهزة الإلكترونيّة، وتخصيص وقت للعائلة، ومن المهم وضع ضوابط على استخدامهم الأجهزة الإلكترونيّة ووضع وقت محدد لها، كما أنّه من الضروري تنمية مهارة القراءة لدى الأطفال عن طريق قراءة الكتب أو القصص لهم، ثمّ جعلهم يقرؤونها، واختيار مواضيع مختلفة ومناقشتها معهم وإيجاد طرق مناسبة للإجابة عن أسئلتهم الحساسة وبما يُناسب أعمارهم، إضافةً إلى أهمية تشجيعهم على اللعب والمرح وممارسة أنشطة متنوعة كالسباحة ومشاركتهم في هذه الأنشطة، ومن الضروري دعم الأطفال وتشجيعهم باستمرار والوصول معهم لمرحلة احترام الذات، كما أنّ مناقشة الطفل بالأخطاء الاجتماعيّة التي من الممكن أن يقع بها وإعطائه أمثلة من أخطاء الأب نفسه وما ترتّب عليها من آثار غير مُرضية سيساعده على تجاوز هذه الأخطاء وتطوير سلوكات اجتماعيّة أفضل لعدم الوقوع في نفس خطأ والده.
المراحل الطبيعيّة لتطور الطفل اجتماعياً حسب العمر
تتميز كلّ مرحلة بمهارات اجتماعيّة متنوعة يُمكن تطويرها خلالها وهي كالتالي:
الأطفال بين السنتين والثلاث
يستطيع الأطفال ضمن هذا العمر التواصل اللفظي من خلال بعض الألفاظ مثل: “ماما، بابا” وغيرها، والتواصل الجسدي كالعِناق مع الآخرين، كما أنّ لديهم القدرة على جذب الانتباه من خلال حركاتهم وألفاظهم التي يتواصلون بها مع الآخرين، ويكونون قادرين على تحديد دورهم في الحديث وانتظار الطرف الآخر لإنهاء حديثه، والضحك إذا كان هذا الحديث مُضحكاً.
الأطفال بين الثلاث والأربع سنوات
يستطيع الأطفال ضمن هذا العمر التواصل اللفظي من خلال الكلمات الفعليّة والألفاظ الصحيحة، ويكونون قادرين على ممارسة الألعاب التي تعتمد على تبادل الأدوار، كما يكونون قادرين على التفاعل مع الدُّمى والألعاب المحشوّة والتعامل معها كأنّها أصدقاء.
الأطفال بين الأربع والخمس سنوات
يبدأ الأطفال في هذا العمر بتمثيل المسرحيات الخيالية وتخيّل أنفسهم الأب أو الأم وممارستها مع الأطفال الآخرين، فتكون لهم القدرة في هذه المرحلة على التعاون والتواصل مع الغير، كما يكونون قادرين على الطلب بشكلٍ مباشر من الآخرين عمل شيء ما.
الأطفال بين الخمس والست سنوات
يبدأ الأطفال في هذا العمر من الاعتذار عند صدور خطأ ما منهم، إذ إنّهم يكونون قادرين على تمييز الألفاظ السيئة، كما أنّهم يستطيعون ممارسات الألعاب التنافسية وتمييز الطرق السليمة في اللّعب عن الطرق غير السليمة وتكوين فكرة عن معنى الروح الرياضية في اللّعب وتقبُّل الخسارة.
الأطفال بين الست والسبع سنوات
يبدأ الأطفال في هذا العمر استخدام الإيماءات أثناء التفاعل مع الآخرين وتكون لديهم القدرة على التعاون والمشاركة معهم، كما يكونون على قدرة بتحمّل نتائج أعمالهم فهم في هذا العمر أقل عرضة لإلقاء اللوم على غيرهم، وهم قادرون على إجراء محادثات مع الآخرين والاستماع لهم، وفي هذا العمر يقدرون على إظهار مشاعرهم بصورة أكبر، لكنّهم يبقون غير قادرين على التميز بين الصحيح والخطأ بشكلٍ كامل، فقد يتخذون مواقف غير صحيحة لذا من المهم متابعتهم باستمرار.
أسباب الخجل عند الأطفال
يوجد عدّة أسباب مُحتملة للخجل، ومنها:
- الخوف من الفشل: إنّ كثرة تعرّض الطفل لمواقف يشعر فيها بالفشل أو بعدم الارتياح قد تدفعه لعدم وضع نفسه في مواقف مستقبلية بسبب شعوره بالخجل من الفشل.
- العلاقات الأسريّة: إنّ العلاقات الأسرية إذا كانت سيئة، أو لا يوجد فيها ترابط بين أفراد الأسرة، أو إن كان فيها خوف زائد على أطفالها وعدم تعريضهم لمواقف وخبرات بسبب ذلك فإنّها تزيد من فرصة اكتسابهم صفة الخجل.
- الوراثة: يُمكن أن يكون سبب الخجل عند الفرد هو وراثة هذه الصفة من أحد الوالدين أو الأقارب، فالوراثة لها دور جزئي في تحديد صفات الفرد.
- سلوك مُتعلَّم: إنّ الخجل صفة يُمكن تعلمها، خصوصاً إذا كانت قدوة الطفل أو أحد والديه شخص خجول.
- الانتقاد المُستمر: إنّ الأطفال الذين يتعرضون لانتقادات مستمرة وللتخويف من كلّ شيء من قِبل أسرهم فإنّهم يميلون إلى الخجل.
- قلّة التفاعل الاجتماعي: إنّ عدم تعريض الطفل خلال المراحل الأولى من عمره لمواقف متنوعة تتيح له فرصة للتفاعل الاجتماعي مع الآخرين قد تُكسبه صفة الخجل.
- شخصيّة الطفل: إذا كان الطفل ذا شخصية حسّاسة وعاطفيّة فمن المُحتمل أن يكون خجولاً في المستقبل.
القلق الاجتماعي والخجل عند الأطفال
يتعرّض الشخص أحياناً لبعض المواقف التي يشعر فيها بالقلق، ويُعد هذا الشعور طبيعياً، لكن أحياناً يتحوّل هذا القلق إلى مرض يُسمّى بالقلق الاجتماعي (بالإنجليزية: Social anxiety)، وهو اضطرابٌ عقلي يتجاوز فيه المريض القلق الطبيعي ليستمر معه ويُلازمه في كلّ المواقف التي يتعرض لها في حياته، أي أنّ القلق الطبيعي لديه يتحوّل إلى قلقٍ مُزمن، أو ما يُطلق عليه الرّهاب الاجتماعيّ، وهو يُصيب الشخص نتيجة التفكير المفرط بنتائج ممارساته، فالقلق الاجتماعيّ يتعدّى مفهوم القلق الطبيعي والخجل، وفيها يُحاول الشخص تجنُّب الحديث أو ممارسة عمل ما أمام الآخرين خوفاً من إطلاق حُكم سلبي على تصرفاته، ويبقى قلقاً بسبب حُكم الآخرين عليه، فهو يشعر أنّهم يراقبونه ويحكمون على تصرفاته، والقلق الاجتماعيّ يصيب فئة المراهقين وقد يبدأ عند الشخص في مرحلة الطفولة، وينبغي معالجته لأنّه قد يؤدي إلى حالات الاكتئاب والعُزلة إذا لم يتم اكتشافه وعلاجه.
ينبغي للوالدين التدخُّل عند شعورهما بإصابة الطفل بالقلق الاجتماعيّ من خلال ملاحظة تجنُّب الطفل لجميع المواقف التي قد تسبب القلق الطبيعي، أو شعوره بضيق شديد غير مبرر له، أو شعوره بحالة خوف شديد من الإهانات في المواقف الاجتماعيّة المختلفة، وقد يدخل الطفل في حالة من الذعر الشديد والتي تظهر على شكل تعرُّق وضيق في التنفس، أو غضب، أو بكاء، إضافةً إلى خوفه من معرفة الآخرين بحالة القلق التي يمر بها وبالتالي الحُكم عليه بشكلٍ سلبي، فإذا تكررت هذه الأعراض لمدة ستة شهور وأكثر ومع جميع الأشخاص سواءً الأصدقاء أم غيرهم فيصبح من الضروري علاج الطفل من خلال عرضه على طبيب مُختص يقوم بإجراء مقابلات مع أسرة الطفل والمشرفين على تدريسه ليستطيع تقدير حالته.
يمكن معالجة الشخص المصاب بالقلق الاجتماعي عن طريق اتّباع العلاج النفسي، أو العلاج النفسي مع استخدام الأدوية، حيث يكون العلاج كالآتي:
- البرنامج النفسي: في هذا البرنامج يهتم الطبيب بمساعدة الطفل المريض على التحكم بالقلق ومحاولة تغيير طريقة تفكيره التي تسبب له القلق المستمر، كما يهتم بتعليم الطفل بعض المهارات كي يمارسها في المواقف التي تشعره بالقلق، إذ إنّ المهارات الاجتماعيّة مهمة في علاج هذا المرض.
- البرنامج الدوائي: هذا البرنامج يزيد من فعالية العلاج السلوكي، إذ يوجد العديد من الأدوية التي تساعد على الحد من أعراض القلق والخوف ومنها مثبطات امتصاص السيروتونين الانتقائية (بالإنجليزية: Beta blockers)، كما توجد أنواع من الأدوية مثل حاصرات بيتا (بالإنجليزية: Beta blockers) والتي تقلل من الأعراض الجسدية للقلق؛ كسرعة ضربات القلب والتعرّق.