بيئة الأسد ونمط حياته
يُعدُّ الأسد (الاسم العلمي: Panthera leo) ثاني أكبر السّنوريات حجماً، وقد امتدّ وجوده سابقاً في أجزاء كبيرة من أفريقيا، وأوروبا، وآسيا، إلّا أنّ أعداده تناقصت بشكلٍ كبير مع مرور الوقت، إذ تعيش معظم الأسود المتبقية حالياً في أفريقيا جنوب الصّحراء الكبرى، والقليل منها يعيش في آسيا، ويجدر بالذكر أنّ الأسود تعيش في مجموعة واسعة من البيئات، إلّا أنّها تفضّل العيش في الأراضي العشبيّة، والسّافانا، وأراضي الأشجار المنخفضة، والغابات قليلة الكثافة،[١]
يعيش الأسد ضمن قطيع يتراوح عدد أفراده بين 4-6 أسود بالغة، إذ يتكوّن القطيع غالباً من ذكرين، بالإضافة إلى ثلاث، أو أربع لبؤات، إلى جانب الأشبال،[٢] وتتواصل الأسود فيما بينها بأكثر من طريقة وصوت، ومن أهمّ هذه الأصوات الزّئير الذي يساهم في تقوية العلاقات بين أفراد القطيع، كما يساهم في تحديد مناطق نفوذه،[٣]
دورة حياة الأسد
يصل ذكر الأسد إلى مرحلة النّضج الجنسيّ عند بلوغه سن الثّانيّة تقريباً، إلّا أنّه لا يتمكّن من التّزاوج إلى أن يصل إلى عمر الرّابعة، أو الخامسة، إذ يصبح حينها قوياً بما يكفي ليسيطر على القطيع، ويكتسب الحق بالتّزاوج مع اللّبؤات التي تكون قادرة على التكاثر عند بلوغها سن الرابعة،[٤] كما تتزاوج اللّبؤات عدّة مرّات خلال العام ما لم تكن حاملاً أو مرضعة، إذ يحثّ التّزاوج على الإباضة، وبالتالي حدوث الحمل، وبعد مرور فترة حمل تصل إلى ثلاثة شهور ونصف تلد اللّبؤة عادةً ما بين 1-4 أشبال،[٥]
إقرأ أيضا:ابن النمرتختار اللّبؤة لولادتها مكاناً منعزلاً، وتظلّ فيه مع أشبالها مدّة ستة أسابيع قبل أن تعود للانضمام لأفراد القطيع مجدداً، ويبلغ وزن الشّبل حديث الولادة نحو 1.3كغم، ويتميّز بفرائه البنيّ المائل للأصفر الذي يحتوي على خطوط أو بقع داكنة اللون، ويجدر بالذكر أنّه بعد عودة الأشبال للقطيع فإنّ جميع الأمهات تتشارك بالعناية بهم وإرضاعهم حتى يبلغوا الشّهر السّادس من عمرهم، في حين تبدأ الأشبال بتناول اللحم عند بلوغها الشّهر الثّالث.[٤][٣][٥] تبدأ الأشبال بالمشاركة بالصّيد عند بلوغها الشّهر الحادي عشر، لكنّها لا تستطيع الاعتماد على نفسها والعيش بمفردها قبل أن تكمل عامها الثاني، ومن الجدير بالذكر أنّ نسبة موت الأشبال تصل خلال أول سنتين من عمرهم إلى ما يٌقارب 80%، ويعود ذلك إلى عدة أسباب، منها: الجوع في مواسم نقص الغذاء، وهجمات ذكور الأسود الأخرى على القطيع،[٥][١]
عند بلوغ الأسود عامها الثّالث فإنّ جميع الذّكور تغادر القطيع، ويختار بعضها العيش بشكل منفرد، فتصبح فرصها بالتّزاوج قليلة جداً، لذلك يحاول بعضها الآخر السيطرة على القطيع بعد أن تكتسب القوّة اللّازمة عن طريق إنشاء تحالفات فيما بينها، فتتمكّن حينها من قتل الأشبال لتستطيع التّزاوج مع إناث القطيع، أمّا إناث الأسود فييبقى بعضهم في القطيع، في حين يغادر بعضهم الآخر ليعيش مع قطيع جديد أو بشكل منعزل، ومن الجدير بالذكر أنّ الأسود الموجودة في المحميّات قد تعيش لمدّة تصل إلى 25 عاماً أو أكثر، أمّا أسود البريّة فنادراً ما تعيش لمدّة تتجاوز 8-10 أعوام؛ ويعود السبب في ذلك إلى تعرّضها لهجمات مختلفة من الأسود الأخرى، أو إصابتها أثناء عراكها مع الحيوانات المفترسة.[٦]
إقرأ أيضا:الحيوانات المفترسة في إفريقيا
سلوكيات الأسد
فيما يأتي بعض أهمّ سلوكيات الأسد اليومية:
- النّوم: تنام الأسود فترات طويلة خلال اليوم، إذ تقضي ما يُقارب 21 ساعة بين النّوم والاستلقاء،[٣] ويعود ذلك لعدّة أسباب، من أهمّها: احتواء جسم الأسد على الكثير من العضلات، ممّا يعني ارتفاع معدّل عمليات الأيض فيه، الأمر الذي يؤدّي إلى توليد الكثير من الحرارة عند ممارسة أيّ نشاط، لذلك تضطّر الأسود للبقاء مستلقية لفترة طويلة لتبريد جسمها، ويجدر بالذكر أنّ النّوم والرّاحة ضروريان لتمكين الأسود من إطالة أمد بقاء الطّعام في معدتها لفترة أطول، ممّا يعني شعورها بالشّبع، وعدم اضطرارها للصيد في فترات متقاربة.[٧]
- تسلّق الأشجار: تلجأ الأسود لتسلّق الأشجار لتتجنّب هجمات الجواميس الأفريقيّة، ولدغات الحشرات الطائرة، وفي بعض الأحيان تختار الأسود موقعاً مرتفعاً بهدف الحصول على إطلالة أفضل، أو حتى تحظى بنسيم بارد، أو موقع جاف في الأجواء الرّطبة.[٧]
- اللّعب: تقضي صغار الأسود التي تتمتّع بصحة جيدة جزءاً من وقتها باللّعب، وذلك باستخدام الأغصان وغيرها، كما تمارس الأشبال بعض الألعاب التي تقلّد فيها الأسود البالغين، ومن هذه الألعاب: المطاردة، والقتال،[٧] فمن خلالها تهدف إلى التمرّن على الصّيد، مع مراعاة حرصها على عدم إيذاء شركائها في اللّعب، ويجدر بالذكر أنّ ممارسة الأسود اللّعب يساعد على توطيد العلاقة بين أفراد القطيع، واكتشاف مهارات كلّ منها، إذ يمكن تمييز أيّ الأسود ستشارك بمطاردة الفريسة، وأيّها سيباشر بقتلها بعد الإمساك بها.[٢]
- تحديد منطقة النفوذ: تحدّد الأسود مناطق نفوذها عن طريق رشّ الأشجار والشّجيرات بمزيج من البول والرّائحة التي تميّزها، والتي تفرزها غدد خاصة تحت الذّيل، كما تتمكّن الأسود من التعرّف على روائح الأسود الأخرى عن طريق عضو جاكبسون (بالإنجليزيّة: vomeronasal organ).[٧]
- الصّيد والغذاء: تقوم اللّبؤات بمعظم مهام الصّيد، بينما لا تتجاوز نسبة صيد ذّكر الأسد 10%، ويتكوّن غذاء الأسود من مجموعة واسعة من الفرائس، كالظّباء، وصغار الفيلة، والتّماسيح، ووحيد القرن، بالإضافة إلى الزّواحف، والقوارض، والحشرات، كما قد تستولي الأسود على فرائس غيرها من الضّباع، والفهود، والنّمور، والكلاب البريّة، ويجدر بالذكر أنّ الأسود قد تلجأ أحياناً إلى أكل لحم الفرائس حتى بعد أن تصبح فاسدة،[٣]