منوعات أدبية

كيف ينطبق الفكر مع الواقع

هل يمكنك تخيل سمكة تعيش خارج نطاق محيطها وتحيا؟ اذا تأملت ذلك ومن ثم اقتنعت وأعطيت براهين حاسمة بامكانية الحدوث .. ستسطيع حينها تصديق ان الانسان قادر على العيش هو الاخر في واقعه بدون فكر ولا عقل ، فالفكر هو الوقود الاساسي لجميع محركات الحواس والواقع يشبه الطرقات التي تتلقى جميع ردود الافعال عليها ، فالفكر له الدور الحيوي في تطور الانسان ورقيه .

فان عدنا الى أراء الفلاسفة القدماء نرى أن معظمهم أجمعوا أن للفكر الدور العظيم في سمو الانسان ورفعته ، فالعالم رينيه ديكارت بمقولته الشهيرة ” أنا أفكر اذن أنا موجود ” ، فمبدأه قائماً على اساس الشك في كل شيء الا بعقله ، حيث أنه شك في كل شيء موجود حوله الا في شكه أنه يشك ، فالشك عنده عملية تفكير وهي تقوده بالتالي الى برهنة الفعل كرد فعل على الواقع . فالفكر والواقع خطان متساويان يسيران سوياً جنبا الى جنب ويلتقيان عند تحقيق الهدف والغاية المرجوة فان لم يكن هناك واقع فكيف للفكر ان يترجم جميع معتقداته وتصوراته وحتى ابداعاته عليه وان كان هناك واقع واختفى الفكر لاصبحت الحياة قاحلة جرداء وعاش الانسان بدائياً ، هذا ان أخذنا المعنى بصورته الحرفية ،ولكن كيف بامكان البشرية تحقيق أقصى اشباع مرغوب من الفكر لتحقيق النجاح والسعادة والقناعة على أرض الواقع ؟

إقرأ أيضا:أهم الروايات العالمية

فهناك من عايش واقعه على أساس ” قانون الجذب ” ، وهم أكثر أناس من وجهة نظري حققوا نجاحات بالغة تحاكي لغة العصر التطوري ، فأنت صورة عكسية لمرآة الواقع الذي تأمل أن تعيشه ، فمثلأ ان أردت أن تحيا سعيداً عليك أن تقنع أفكارك يوميا أنك تستحق السعادة و البسمة ، وتستحق الحياة بكل كنوزها ومواردها ، أنك ستستيقظ صباحاً لتسمع أخبارأ مفرحة كتلقي هدية أو حصولك على ترقية وظيفية أو أي شيء أخر تطمح اليه في الحياة ومتى برمجت مخيلتك وعشتها بأفكارك يوماً بعد يوم ، لحظة بلحظة ستحظى عليها حتماً وستعيشها واقعاً لأنها اصبحت البؤرة التي تمركزت عليها جميع أحاسيسك وأفكارك ، فالبرمجة العصبية التي أصبحت الآن أشبه بمنهاج يدرس ، ودورات كثيرة تعقد لغاية ترويض الفكر ليلائم تعايش الواقع بمنطقية ورضا ، وهي تعتمد أسلوب الاقناع الذاتي والتشبث بالافكار الايجابية وجذبها لحياتنا كمغناطيس وطرد كل ما هو سلبي ، فمعظم الانتكاسات التي تصيب الفرد نابعة من فعل يده بما يفكر وكيف يجذب الاشياء اليه فان كانت ايجابية انعكست على جميع دورة حياته الصحية والاجتماعية والنفسية وان كانت محبطة جذبت الفقر والتعاسة والامراض النفسية ، فواقع الانسان صورة مطابقة لجميع قناعاته وأفكاره .

ومتى عاش الانسان من منطلق أنه قادر على تسخير الواقع لاجل خدمته بفكره ، كان أكثر قدرة على الابداع والتعايش مع جميع ما سخره الله له لخدمته في تحقيق الغاية التي وجد لاجلها ، وما أحوج الانسان هذه الايام الى عقد هدنة طويلة الامد بين فكره وواقعه ، فالحمد لله على أسمى ملكة لدى الانسان ، والحمدلله على أكبر نعمة يحظى بها الانسان بفضل عظمة خالق الفكر ومبدع واقع الكون .

إقرأ أيضا:عبر من الحياة
السابق
الدوبيت في العصر العباسي
التالي
تلخيص الرجوع الى الطفولة