مؤلّفات جبران خليل جبران العربيّة
جدول المحتويات
بدأ جبران خليل جبران مشواره الأدبي بعد هجرته إلى مدينة نيويورك، وقد كان مؤمناً بكرامة الإنسان ومفطوراً على الصدق والرفق واللين، فسطّر أول كتيِّب له بعنوان “الموسيقى”، صدر عام 1905م في نيويورك وامتاز بسهولة التعبير، وصِدق النيّة والإحساس، والإبداع في الوصف والتشبيه، وبعد مدة قصيرة أصدر جبران كُتيّباً أكبر بعنوان “عرائس المروج”، حيث ضمّ بعض القصص، أمّا في عام 1908م فقد تم إصدار كتابه “الأرواح المتمرّدة” الذي نشرَته جريدة المهاجر. ومن أهم مؤلفاته ما يأتي:
المجموعة القصصيّة الأرواح المتمرّدة
استُوحي اسم كتاب (الأرواح المتمرّدة) من مضمونه الذي يناقش عبر القصص الأربع التي يتضمنها كيفيّة تمرُّد الأرواح على القوانين والعادات والتقاليد القاسية لتُقيّد بها حرية الإنسان، وتقلّل من أهميّة فكره وآرائه، وعلى نقيض ذلك تمنح حقوقاً لفئة أخرى من الناس، حيث جُمعت هذه القصص ونُشرت لأول مرّة في مدينة نيويورك في عام 1908م، وهي: (وردة الهاني)، و(صراخ القبور)، و(مضجع العروس)، و(خليل الكافر)، بعد أن كُتبت بأسلوب موسيقي رائع رسم فيه جبران عواطف طبقات متفاوتة ومختلفة من الناس، فمرّ في كتابه هذا بالشحاذ والغني، والمُلحِد والقدّيس، وقايَس بين المجنونَ والعاقل، والمتمرّدَ والمُطيع، والمظلومَ والظالم، والساقطةَ والفاضلة.
المجموعة القصصيّة عرائس المروج
أصدر جبران كتابه الثاني (عرائس المروج) في عام 1906م الذي يحتوي على ثلاث قصص واقعيّة؛ الأولى: (رماد الأجيال والنار الخالدة)، والثانية: (مرتا البانية)، والثالثة: (يوحنّا المجنون)، ونشره في جريدة المهاجر، ومن الجدير بالذكر أنّ جبران حينذاك كان يعاني من اضطراب نفسيّ شديد بسبب حزنه على عائلته التي هاجر معها، ممّا دفعه لجمع هذه القصص في كتاب أهداه إلى ماري هاسكل التي كان لها أثر في ذهاب حزنه، والتي كانت تَكبُره بعشر سنوات، حيث كتب في الإهداء في النسخة الأولى: “مع حبّ طفل قوي إلى ماري إليزابت هاسكل”.
إقرأ أيضا:أبو فراس الحمدانيرواية الأجنحة المتكسّرة
أُصدِرَت هذه الرواية التي تُصنَّف كأكثر أعمال جبران العربيّة رومانسيّةً عن دار مرآة الغرب عام 1912م في نيويورك، وهي من الأعمال الروائيّة الأولى في الأدب العربي ذات الطابع الشعْري، أمّا تسميتها فتعود غالباً إلى حديث دارَ بين جبران ووالدته قبل وفاتها بتسعة أشهر أخبرته فيه بأنّه لو لم يولد لكان الآن ملاكاً في السماء، فأجابها جبران بأنّه ما زال ملاكاً، فسألته: أين هي أجنحتك إذن؟ فردّ عليها بعد أن وضع يديه على كتفيه: ها هي متكسرة، إلّا أنّ رأياً آخر رجّح أنّ اسمها مُستوحى في أصله من بيت شِعر من مسرحية الأجنحة. تتحدّث رواية الأجنحة المتكسّرة عن حبٍّ مستحيل بين الراوي وهو شابّ في مُقتبَل العمر، وسلمى التي تزوجت قسراً بابن شقيق مطران بلدتها الذي كان طامعاً بثروتها، وصوّرت أيضاً اللقاءات التي كانت تحدث بين الراوي وحبيبته في الخفاء بعد زواجها، إلى أن فارقت الحياة بعد أن وضَعتْ مولودها، حيث تعكس هذه الرواية برمزيتها التقاليد التي تقيّد المرأة الشرقية، بالإضافة إلى كونها تُناقش معانٍ حياتيّة عدة مثل: الكآبة، والأمومة، والثورة، والحب وغيرها.
كتاب دمعة وابتسامة
جمع جبران مجموعة من المقالات والقصص والقصائد النثرية التي كتبها باللغة العربيّة في مجموعة واحدة في كتاب (دمعة وابتسامة)، نشره عام 1914م، ويُعتبَر ذلك الكتاب رسالة إنسانيّة رفيعة المستوى؛ إذ يتحدّث فيه الكاتب عن تأمّلاته وتفكيره في الحياة والمجتمع، وعن تصوّراته عن النفس البشريّة أيضاً، كما يتحدّث جبران في بعض المواضع عن رأيه في الحقيقة والخيال، والحكمة والجمال، وغيرها الكثير من المواضيع، بالإضافة إلى ذلك يصف جبران كمال الطبيعة ونقاءها وجمالها وتأثيراتها المتنوعة، ويُذكر عن الكتاب ارتقاء رسالته الإنسانية وسمو لغته وجلال معانيه، مما جعله تحفة أدبية تطرب الآذان لسماعها وتتحرّك الأفئدة لروعتها.
إقرأ أيضا:الوصف عند البحتريكتاب العواصف
يُعَدّ كتاب العواصف آخر كتاب عربيّ أصدره جبران، ويُذكر أنّه قد جمع فيه قصيدة المواكب ومقالات عدّة؛ منها: (حفّار القبور)، و(العبوديّة)، و(يا بني أمي)، و(نحن وأنتم)، و(العاصفة)، وغيرها من المقالات، ونشرت إدارة الهلال هذا النتاج الأدبي عام 1920م في مصر، ويَجْدر بالذكر أن مكتبة العرب نشرت كتاب (البدائع والطرائف) الذي يحتوي على مقالات مأخوذة من كتاب (دمعة وابتسامة) وكتاب (العواصف) وغيرهما، دون أن يكون لجبران رأي في اختيارها وتسميتها، ومن أهمّ هذه المقالات: (مستقبل اللغة العربيّة)، و(إرَم ذات العماد).
قصيدة المواكب
هي قصيدة شعرية نَظَمَها جبران خليل جبران، وطبعها في كتاب كبير تُزيّنه بعض الرسوم الرمزية؛ إذ اتّبع في طباعتها أسلوب رُباعيّات الخيّام؛ لأنه وضعها في المعاني التي قصدها الخيّام، ومن الجدير بالذكر أنّ مُقدمة هذا الكتاب التي كتبها نسيب أفندي، تمتاز بتفسيرها للهدف من القصيدة الذي لم تفسّره أبيات القصيدة نفسها؛ لذلك تُعَدّ من ألزم المقدمات، ومنها قوله: “ليتصوّر القارئ قبل إقدامه على مطالعة الكتاب مرجاً واسعاً في سفح جبل، هنالك يتلاقى رجلان على غير ميعاد، أحدهما شيخ والآخر فتى، الأول خرج من المدينة والثاني من الغاب، أمّا الشيخ فيسير بخُطى ضعيفة مُتوكِّئاً على عصاه بيد مرتجفة، وفي غُضون وجهه وشعره الشائب المُسترسل ما يدلّ على أنه عرك الدهر وعرف أسرار الحياة ومخبآتها؛ فذاق منها مرارة أوصلته إلى التشاؤم منها، يصل هذا الشيخ إلى المرج، فيستلقي هنالك على العشب قصْد الراحة، وإذا فتى جميل غضّ الإهاب قد لوّحت الشمس بشرته وأكسبته الحياة جذلاً وانبساطاً، خرج من الغاب يحمل نايه فيسير حتى يصل إلى مكان راحة الشيخ فيضطجع بجانبه، فلا تمرّ دقيقة سكون إلّا تراهما قد بدآ بالحديث، فيأخذ الشيخ بإبداء نظراته في الحياة كما يراها طرفه المتشائم وخبرته المحنّكة، فيردّ عليه الفتى شارحاً عن الحياة كما تراها عينه الجذلة المتفائلة”، حيث رمز جبران للطبيعة وتأثيراتها المتعددة على الإنسان باستخدام لفظ (الغاب) في رائعته هذه.
إقرأ أيضا:كيف مات أبو قاسم الشابيوالآتي ذكر لبعض أبيات هذه القصيدة:
هل فرشْتَ العشبَ ليلاً
-
-
-
-
- وتلحّفْت الفضا
-
-
-
زاهداً في ما سيأتي
-
-
-
-
- ناسياً ما قد مضى
-
-
-
وسكوتُ الليل بحرٌ
-
-
-
-
- مَوْجُهُ في مسمعك
-
-
-
وبصدر الليل قلبٌ
-
-
-
-
- خافق في مضجعك
-
-
-
أعطني الناي وغنّ
-
-
-
-
- وانسَ داءً ودواء
-
-
-
إنّما الناس سطورٌ
-
-
-
-
- كُتِبَت لكن بماء
-
-
-
كتاب مناجاة أرواح
يُركّز هذا الكتاب على أهميّة القِيَم والصفات النبيلة التي تعمل على رُقِيّ الإنسان والسمُوّ بمعنى الإنسانيّة، كالصدق والعطاء وغيرهما من القِيَم، ويتّصف بِغلَبَة النزعة الروحيّة التي تسمو بالنفس لإدراك أسرارها وذاتها، بالإضافة إلى ما قام به الكاتب من إعادة ذِكْر بعض المعاني التي قصدها في كتابه (البدائع والطرائف)؛ فمثلاً صوّر الشيطان باعتباره القوى الخفيّة التي تسعى إلى تجريد النفس من إرادتها ومنعها من اكتساب القيم النبيلة، وتقودها إلى ارتكاب الرذائل أيضاً، وذلك دليل على أن جبران كان يتّخذ من نفسه وفِكره منبعاً للوحي والكتابة، مهما تعدّدت واختلفت المواضيع.
كتاب البدائع والطرائف
يَضُمّ هذا الكتاب مجموعة من المقالات التي كتبها جبران، والتي تتنوع في موضوعاتها وتختلف في محتواها؛ فمنها ما يتعلّق بالفن، ومنها ما يتعلّق بالسياسة، ومنها ما يتعلّق بالفلسفة وغيرها، ويحتوي الكتاب أيضاً على قصص قصيرة، وقصائد نثرية كان قد كتبها جبران في أوقات مختلفة، وقد اتّبع في كتابه هذا تقنية الميتاناص التي تربط نصّين ببعضهما البعض من خلال علاقة بينهما، حيث ربط بين نص ابن سينا مثلاً مع قصيدة ابن سينا في النفس.
مؤلّفات جبران خليل جبران الإنجليزيّة
رأى جبران أنّ العالم الذي يتكلم الإنجليزيّة أوسع من نظيره الذي يتكلم العربيّة؛ فتوجّه في كتاباته إلى الإنجليزيّة بعد تشجيع ماري هاسكل له، وتفوّقت مجموعة مؤلفات جبران الإنجليزيّة على مجموعته العربيّة من وجهة نظر النقّاد، ولا يمكن للقارئ العربي الاستغناء عنها، ومن الأمثلة على مؤلفات الأجنبية لجبران خليل جبران: كتاب (السابق) الذي أُصدر عام 1920م، وكتاب (التائه) الذي أُصدِر عام 1932م، والذي قد تحدّث جبران فيه عن أثر اليأس والتشاؤم في النفس البشريّة، وما يؤدي إليه من شدة الظلام والسخرية المريرة، وفيما يأتي ذكر لمؤلفاته الأجنبية الأخرى:
كتاب المجنون
يحتوي كتاب (المجنون) الذي ألّفه جبران في عام 1918م على 35 قصة رمزية وقصيدة نثرية يتحدّث فيها عن مشكلة الذات في علاقتها بنفسها وبالآخرين؛ إذ أوضح رأيه المُتمثّل في أن الجنون يُعَدّ الخطوة الأولى لانعدام الأنانية، ومن محتوياته: (عيسى ابن الإنسان) الذي نشرته دار المعارف بمصر، ومنه أيضاً (التائه) و(حديقة النبيّ) وغيرهما من المؤلّفات العديدة.
كتاب النبيّ
بدأ جبران بكتابة (النبيّ) باللغة العربيّة، ثمّ بالإنجليزيّة، لكنّه استمرّ بكتابته لمدة تصل إلى خمس سنوات، وأصدره عام 1923م، وتميز هذا الكتاب بأفكاره المُختبِئة خلف حقيقة كل عبارة فيه، من علم وأدب وفن وفلسفة وغيرها، ويُذكر أنّ هذا الكتاب قد تُرجم إلى عشرين لغة مختلفة، فكان كتابه (النبيّ) من أهم المؤلفات التي لاقت انتشاراً واسعاً في الوسط الأمريكي.
كتاب رمل وزبد
أُصدِر كتاب (رمل وزبد) في عام 1926م، ويُعتبر امتداداً لما كتبه جبران في (النبيّ)، أمّا اسمه فجاء من وصف جبران له بأنّه حفنة من الرمل وقبضة من الزبد، وورَد من قوله “وبالرغم ممّا ألقيت بين حبّاته من حبّات قلبي، وبالرغم ممّا سكبتُ على زبَده من عُصارة روحي، فهو الآن وسيبقى أبداً أقرب إلى الشاطئ منه إلى البحر، وأدنى إلى الشوق المحدود منه إلى اللقاء الذي لا يحدّه البيان”.
كتاب يسوع ابن الإنسان
يُوضّح جبران في كتاب (يسوع ابن الإنسان) الذي أصدره في عام 1928م، رأيه في السيد المسيح بطريقة تختلف عمّا اعتاد الناس أن يقرؤوه عن المُؤرّخين بالشرح والتحليل، وهذا ظاهر بشكل جليّ في عنوان الكتاب، وذلك كان بلغة تتّسم بالحبّ والتجرّد، ومن هنا زخر الكتاب بالعاطفة الرقيقة السامية.
كتاب آلهة الأرض
نُشِر كتاب (آلهة الأرض) في نيويورك عام 1931م، من قِبَل دار كنوبف، والذي كان تحت اسم (ثلاثة) بدايةً قبل أن يستقر على اسمه الأخير (آلهة الأرض)، حيث يصوّر الكتاب النّزعات الثلاث الأساسية في الإنسان؛ وهي: شَهْوة السلطة، والسعي إلى العدالة في الأحكام، ونشر المحبة، وقد تمت كتابته على شكل حوار يدور بين ثلاثة آلهة تُمثّل النزعات المسيطرة على القلب، فالأول يصبو إلى العدم بعد أن ضاق ذرعاً من تكرار مشاهد الحياة، والثاني يستغل سلطانه الذي يمارسه على الناس، والأخير يستنكر لامبالاة الأول وقوة السلطة عند الثاني؛ ولذلك يُؤمِن بأن للحبّ والجمال دوراً في الوجود.
كتاب حديقة النبيّ
أُصدِر الكتاب الأخير لجبران (حديقة النبيّ) في عام 1933م، إذ يُعَدّ هذا الكتاب بمنزلة كلمة الوداع الأخيرة له، والتي تحدّث فيه عن علاقة الإنسان مع الطبيعة، لكنّ موت جبران كان أسرع من أن يسمح له بإتمام هذا النتاج الأدبي؛ فأضافت بربارة يونغ -ناقدة أدبية في صحيفة النيويورك تايمز- بعض الصفحات إليه من المؤلّفات التي كان قد كتبها جبران سابقاً في أوقات مختلفة قبل نشره.
أسلوب جبران خليل جبران الأدبيّ
ساهم أسلوب جبران خليل جبران بالتأثير في الأدب العربي الحديث؛ إذ اعتُبر متميّزاً في تفكيره في كتابته للقصص الواضحة والمقالات والقصائد النثرية، فيجد القارئ تنوّعاً في التعبير عن فكره؛ إذ كان جزءاً من كتاباته يدعو إلى القوة والتأثير في الدين والعقيدة والعادات، أمّا الجزء الآخر فكان يتّبع الأهواء والميول وحبّ الحياة، كما اعتمد أساليب عدّة في الكتابة، مثل أسلوب القصص وأسلوب التأمّل والمثل، والجدير بالذكر أنّ جبران كانت له فلسفة خاصة في توضيح فكره؛ من مقوّماتها وحدة الوجود والقوة البنّاءة للمحبة، فامتاز أسلوبه بالرمزية التي شملت غالبية كتاباته، باستثناء بعض الكتب مثل (آلهة الأرض)؛ إذ يبدو فيها بعض الغموض.
التعريف بجبران خليل جبران
يُعَدًّ جبران خليل جبران من أهم شعراء العرب وكُتّابهم، ومن أحفاد يوسف جبران الماروني. نشأ جبران الذي وُلِد في السادس من شهر كانون الثاني من عام 1883م في لبنان في عائلة فقيرة لكنها معروفة باحترامها ونزاهتها، فقد أنجبته أمّه كاميليا في سنّ الثلاثين، أمّا والده فكان عاطلاً عن العمل، إلّا أنّ ضيق الحال لم يمنع جبران من متابعة تعليمه، فقد تعلّمَ القراءة والكتابة على يد كاهِن القرية الذي يُدعى الأب جرمانوس الذي رفض أن يبقى جبران دون تعليم؛ مما دفعه للذهاب كل مساء إلى بيته لتعليمه اللغة العربيّة والسريانيّة، وعندما سُجِن والد جبران في عام 1891م وتمت مُصادرة أملاكه هاجر مع والدته وأُختَيه وأخيه إلى نيويورك في أمريكا، وبدأَ مشوارَه الأدبيّ بعد دراسته الفن هناك.