تعريف الغاز الصخري
يُعرَّف الغاز الصّخري أو غاز الأردواز أو غاز الشيست (بالإنجليزيّة: Shale Gas) على أنّه غاز طبيعيّ محصور في طبقات تشبه في تركيبها الصفائح التكتونيّة الصخريّة على أعماق تتجاوز 1,500م، ويتكون الغاز الصّخري بشكلٍ أساسيّ من الميثان، والهيدروكربونات -مواد تحتوي على كربون وهيدروجين- الأخرى مثل الإيثان، والبروبان، والبيوتان، بالإضافة إلى ثاني أكسيد الكربون، والنّيتروجين، وكبريتيد الهيدروجين، إذ ينشأ هذا الغاز داخل الصّخر الزيتي، أو ما يُعرف بالسّجيل الزّيتيّ؛ وهو عبارة عن صخر رسوبيّ صفائحي يتكوَّن من حبيباتٍ دقيقةٍ بحجم الطمي والطين، والتي هي في الأساس عبارة عن مواد طينيّة غنيّة بالمواد العضويّة دُفنت منذ مئات الملايين من السنين في أعماق البحار والمسطحات المائيّة، ثمّ تراكمت الرسوبيات فوقه، وبفعل الضّغط والحرارة تحوّل الطّين إلى صخر زيتي، وتحولت المواد العضويّة بداخله إلى غاز صخري، وبعد مرور فتراتٍ زمنيّة طويلة خلال الزمن الجيولوجي بدأ هذا الغاز بالهجرة من أماكن تكوّنه إلى طبقات صخريّة أكثر نفاذيّة، مما يسهّل الحصول عليه عن طريق الحفر التّقليدي، ومن الجدير بالذكر أنّ معظم كمية الغاز الصّخري تتواجد داخل صخور المصدر.
كيفية استخراج الغاز الصخري
حفر الآبار
يتم حفر بئر بعمقٍ مناسبٍ بالقرب من الصخر الزيتي، ويكون ذلك بحفر حفرةٍ بشكلٍ عمودي بعمقٍ يصل في العادة إلى (2 – 3) كيلومتر، وخلال عملية الحفر يتم التركيز على تدعيم جدار البئر بغلافٍ صلبٍ بهدف منع محتويات البئر من التسرّب إلى الخارج، وبالتالي منع تلويث باقي أجزاء التكوينات الجيولوجيّة التي يتم حفرها، بالإضافة إلى منع تلويث طبقات الصخور الجوفيّة الضحلة التي تحتوي المياه الجوفيّة بمحتويات البئر بسبب أهميّة المياه الجوفيّة كونها إحدى مصادر المياه المستخدمة للشرب سواءً في الوقت الحالي أو في المستقبل.
إقرأ أيضا:كيفية تكرير البتروليتم حرف اتجاه الحفر بشكلٍ تدريجي عند وصول عمق البئر إلى مسافةٍ قريبةٍ من عمق الصخر الزيتي بحيث يصبح الحفر في هذا الجزء ممتداً بشكلٍ أفقيٍّ على طول طبقة الصخر الزيتي التي يتواجد الغاز الصّخري بداخلها، ويختلف طول هذا الجزء باختلاف المنطقة التي يوجد البئر فيها، لكن عادةً يصل متوسط طوله إلى 1.5 كيلومتر، ومن الشائع استخدام طريقة (Pad drilling) لتحسين عملية الحفر، وذلك عن طريق حفر من (4 – 12) بئراً وأحياناً قد يصل العدد إلى 75 بئراً في نفس الموقع، وهي طريقة اقتصاديّة ولها العديد من الفوائد؛ لأنها تُقلّل عدد خطوط الأنابيب المستخدمة أثناء حفر الآبار، وبناء الطرق، كما تقلّل من مساحة الأراضي المستخدمة لحفر الآبار.
بعد الانتهاء من حفر الجزء الأفقي من البئر يتم تغطيتة وتدعيمه بشكلٍ كاملٍ، وبهذه الخطوة يتم الانتهاء من عملية الحفر، وكخطوة بديلة في هذه المرحلة يتم تشغيل أنبوبٍ فولاذي على طول البئر موصول مع عبوّاتٍ أو حزم تساعد على عزل وتحديد أجزاء من صخور البئر المُراد كسرها هيدورليكياً، وذلك عن طريق استخدام وتمرير خليط وجزيئات لتثقيبها وكسرها باستخدام العديد من المُعدات.
استخراج الغاز الصخري
يتم تجميع الغاز الصخري واستخراجه عن طريق عملية تُسمّى التكسير الهيدروليكي (بالإنجليزية: Hydraulic Fracturing)، وذلك بتمرير أو ضخ خليط من الماء، والرمال، والمواد الكيميائية بضغطٍ هائلٍ عبر البئر، وهذا بعد أن يتم حفر بئر خلال الصخور بشكلٍ عاموديّ، ثمّ حرف عمليات الحفر بشكل عرضي خلال طبقات الصخور، ثم إحداث تفجير على طول المستوى الأفقي للبئر، وبالنهاية يتم ضخ سائل التكسير بالبئر بهدف دعم الكسور المفتوحة وتمديد الكسور التي تمتد عادةً لمئات وآلاف الأمتار، لتبدأ هجرة الغاز من البئر عن طريق انبعاثه على طول الكسور الناتجة.
إقرأ أيضا:وسائل نقل البترولعند دخول بئر الغاز في مرحلة الإنتاج يتم استخدام نسبة من سائل التكسير كعاملٍ مساعدٍ من أجل فتح الكسور الهيدروليكيّة، وعادةً تصل هذه النسبة إلى 99% من المياه والرمال، كما يتكوّن 1% من سائل التكسير من كلٍّ من حامض ومزيل اللزوجة العضوية، بالإضافة لمواد كيميائية أخرى تساعد على منع نمو الكائنات الحية الدقيقة تقلّل من الاحتكاك وتحدّ من تآكل محيط البئر.
محدّدات استخراج الغاز الصخري
يوجد بعض المحددات التي تحد من استخراج الغاز الصّخري، ومنها ما يأتي:
- بيئة الترسيب: تختلف صفات الصخور ومكوناتها باختلاف البيئة التي تتواجد بها، فيما إذا كانت بيئة بحريّة أو بيئة غير بحريّة، فالصخور الموجودة ضمن بيئةٍ بحريّةٍ تتميز بأنّها صخورٌ هشة بسبب احتوائها على معادنٍ هشّةٍ كالكوارتز والكربونات، والفلسبار، كما تحتوي على نسبة منخفضة من الطين، وهذه الصخور تستجيب للتحفيز الهيدروليكي بصورةٍ إيجابيّة، أمّا الصخور المترسبة ضمن بيئةٍ غير بحريّةٍ مثل: (lacustrine) و(fluvial) فتتميز باحتوائها على نسبة أعلى من الطين ممّا يجعلها لدنة أكثر، وأقل استجابة للتحفيز الهيدروليكي.
- العمق: تتراوح أعماق وجود الصخور التي تحتوي الغاز الصّخري من 1,000م إلى 5,000م، وعموماً تتعرض المناطق الضحلة التي تقع ضمن عمق 1,000م لضغط أقل على خزّانات الغاز الصخري ممّا يقلل من القوة الدافعة على الغاز، بالإضافة إلى أنّ التكوينات الصّخريّة في الأماكن الضحلة تُشكِّل خطراً عند ارتفاع محتوى الماء في أنظمة الكسور الطبيعيّة، أمّا الصخور الموجوة ضمن عمق يزيد عن 5,000م فقد تعاني من قلّة النفاذيّة، والتكلفة المرتفعة لاستخراج الغاز منه، كما أنها تحتاج إلى آليّات متطوّرة بشكلٍ أكبر.
- المحتوى العضوي الكليّ : يجب أن يكون متوسط إجمالي المحتويات العضوية لأي منطقة محتملة أكبر من 2% على العموم، فالكائنات المندثرة أي الأحافير، والمواد النباتية توفر ذرات الكربون، والأكسجين، والهيدروجين اللازمة لإنشاء الغاز الطبيعي والنفط.
- النضج الحراري: يقيس النضج الحراري ( بالإنجليزية: Thermal Maturity) درجة الحرارة المناسبة لتعريض التكوين الصّخري لها من أجل تكسير المادة العضوية إلى هيدروكربونات، ويتم استخدام مفهوم الانعكاس للدلالة على النضج الحراري لأنواع معينة من المعادن، ويُعبّر عنه بالرمز (Ro%)، وبالنسبة للنضج الحراري للمنطقة المحتملة لوجود الغاز الرطب فإنّ قيمة (Ro%) تتراوح بين 1% إلى 1.3%، أمّا المنطقة المحتملة لوجود الغاز الجاف فإنّ قيمة (Ro%) تكون أكبر من 1.3%.
- الموقع الجغرافي: تغطي المنطقة المحتمل وجود غاز صخري فيها أقل من نصف مساحة الحوض الكليّة عموماً، إذ تقتصر على الجزء البريّ من الغاز الصخري وحوض السِّجـِّيل الزيتي، أي تلك المناطق الغنيّة بغاز عاليّ الجودّة، والمحتويّة على تراكيز عاليّة من الموارد.
إيجابيّات استخدام الغاز الصخري
يوجد العديد من إيجابيات استخدام الغاز الصخري، ولكن لتحقيق الفوائد العديدة المتمثلة في الاستخراج المعزز للغاز الطبيعي ينبغي تطوير موارد الغاز الصخري بأمان وبطريقة مسؤولة بيئيًا ومقبولة اجتماعيًا، ومنها ما يأتي:
إقرأ أيضا:الفرق بين محرك الديزل والبنزين- خفض نسبة ثاني أكسيد الكربون وأكاسيد النيتروجين كأكسيد النيتريك (NO)، وثاني أكسيد النيتروجين (NO2) ، وذلك عن طريق التقليل من استخراج واستخدام الفحم والتحول لاستخراج الغاز الطبيعيّ إلى جانب النمو المستمر في مصادر الطاقة المتجددة، مما أدّى لتوسيع تدابير كفاءة استخدام الطاقة، وحدوث تحسينات مهمة في نوعية الحياة، وخاصة في المراكز الحضرية الكبيرة في العالم النامي وفي مجتمعات تعدين الفحم.
- ضمان الغاز الطبيعي كمصدر طاقة أفضل من الوقود الأحفوري، فوفقاً لوكالة حماية البيئة الفدرالية التي قارنت بين متوسط انبعاثات الهواء الناتج عن توليد الفحم مع انبعاثات الغاز الطبيعي تبيّن أنّ الغاز الطبيعي يُنتج أقل من ثلث أكاسيد النيتروجين، ونصف كمية ثاني أكسيد الكربون، و 1% من أكاسيد الكبريت في محطات الطاقة.
- توفير الوظائف لأعداد كبيرة من الأشخاص عند إنتاج الغاز الطبيعي وصناعة الغاز الصخري، بالإضافةً للتأثير على الاقتصاد بشكل إيجابي من خلال تحفيز وتعزيز النمو الاقتصاديّ، وزيادة العائدات الضريبيّة.
- إمكانيّة إنتاج كميات كبيرة وسريعة بكلفة منخفضة نسبياً، حيث إنّ 32% من موارد الغاز الطبيعي موجود في التكويناتٍ الصّخريّة، ومثال على الدول التي استفادت من موارد الغاز الطبيعي الولايات المتحدة الامريكية، فاستخراج موارد الغاز الطبيعي من التكوينات الصّخريّة أحدث ثورةً في صناعة الغاز الطبيعي، كما ساعد استخراج الموارد على توفير 40 % من إجمالي الغاز الطبيعي فيها عام 2012م.
سلبيّات استخدام الغاز الصخري
سلبيّات استخراج الغاز الصخري على البيئة
يشير علماء البيئة لوجود بعض التأثيرات الضارة لعمليات استخراج الغاز الصّخري على البيئة، فبالرغم من أهمية الغاز الصّخري كأحد مصادر الطاقة، إلّا أنّه يوجد العديد من السلبيّات الناتجة عن استخدامه والتي ثؤثر على البيئة، ومنها:
- يؤدي تسرُّب المواد الكيميائيّة المستخدمة لتكسير الصّخور إلى تلوث المصادر المائيّة، كما أنّه قد يُحدِث تسرّباً لبعض الغازات السّامة من الصّخور الزّيتية؛ ممّا يُلوّث المياه الجوفيّة، ومن هذه المواد: الرّادون، والزّئبق، بالإضافة إلى الرّصاص والزّرنيخ الذي قد يتسرّب من المناطق القريبة من سطح الأرض.
- تؤدّي عمليات الحفر إلى الإخلال بتوازن القوى في تشكيلات الصّخور؛ مما قد يُسبّب تحرّك الصّخور من أماكنها وتمدد الكسور في التكوينات الصخريّة إلى طبقات الصخور وتربة السطح، والذي يؤدي إلى نشوء زلازل الصغيرة تُسمى أحياناً بالزلازل المستحثّة.
- تؤثر زيادة صناعة الغاز الصّخري على المناخ، وذلك بسبب إنتاج الغاز الصخري لغاز الميثان المعروف بشكل أساسيّ والذي يُعد أحد أنواع الغازات الدفيئة.
- تؤدي إلى تسرّب الإسمنت المستخدم لحماية المياه الجوفية أحياناً مع مرور الوقت خصوصاً في حالات تواجد الماء الحمضي.
- تظهر مشاكل متعلقة بسياسة استخدام الطاقة بسبب إساءة فهم الأشخاص أو المواطنين واعتقادهم بأنّ الغاز الصخري بديل للوقود.
سلبيّات استخراج الغاز الصخري على المياه
تمّت دراسة استقصائيّة وتحليلها إحصائيّاً بإجراء مقابلات مع العديد من الخبراء التابعين للوكالات الحكوميّة، وغير الحكوميّة، وخبراء تابعين للمنشئات الصناعيّة، ومن الأوساط الأكاديميّة من أجل تحديد المخاطر والمشاكل الناتجة عن تطوير استخدام الغاز الصّخري، وبهذا تم إيجاد ما يُقارب 264 مشكلة ناتجة عن استخدامه، ومنها تسع مشاكل مُتعلّقة بالمياه، فقد بيّنت نتائج الدراسات أنّ أكثر المشاكل الخطرة الناتجة عن استخدام الغاز الصّخري وباتفاق فريق الخبراء كاملاً هي مشاكل متعلقة بالمياه، إذ أنّ المياه تُعد أكثر الموارد عرضةً لخطر تطوير استخدام الغاز الصّخري ويعود ذلك إلى عدّة أسباب، منها ما يأتي:
- تلويث مصادر المياه السطحيّة والجوفيّة عن طريق ثلاثة مصادر، وهي:
- تسرُّب وانبعاث المواد الكيميائيّة وبقايا الحفر إلى المياه، واختلاط سائل التكسير مع مصادر المياه السطحيّة والجوفيّة، والتي تشكِّل مخاطر كبيرة على جودة المياه بسبب سُميَّة بعض هذه المواد.
- الهجرة الجوفيّة أسفل الأرض لكلٍّ من المواد الكيميائيّة والغازات.
- هدر كميّات هائلة من الماء خلال عملية التّكسير الهيدروليكي للصخور عند صناعة الغاز الصخري، مما ينتج مياه ملوثة تحتوي على مواد كيميائيّة قد يكون من الصعب معالجتها والتّخلص منها.
- حدوث تآكل وتعرية للأرض بفعل الاهتزازات الأرضيّة الناجمة من عمليّات التكيسر الهيدروليكي.
سلبيّات استخراج الغاز الصخري على الصحّة
تؤثّر عمليات استخراج الغاز الصّخري على صحة العاملين في الموقع، كما يمكن أن تؤثّر على صحة القاطنين بالقرب من مواقع استخراج الغاز، وفيما يأتي بعض الآثار الصّحية المحتملة:
- الإصابة ببعض الأمراض المزمنة نتيجة استنشاق السّيليكا والغازات، مثل: المركبات العضويّة المتطايرة، وأكاسيد النّيتروجين، وكبريتيد الهيدروجين على المدى الطّويل.
- الإصابة ببعض الأمراض الحادة نتيجة التّعرض العرضي للغازات الضّارة، مثل: الدّوخة، والصّداع، وتهيُّج العين والجهاز التّنفسي.
- التّعرض للضوضاء النّاتجة عن استخدام آلات الحفر.
- إفادة بعض التقارير بوجود حالات وفيات بين الحيوانات الأليفة، والمواشي، وتشوُّهات الولادة في حيوانات المزراع القريبة من آبار الغاز الصّخري؛ ممّا يُثير المخاوف من احتمال تراكم السّموم وانتقالها للبشر عبر السّلسلة الغذائيّة.