ركّب الله سبحانه و تعالى في النّفس البشريّة نوازع وشهوات وفطرها على سننٍ لا تتغيّر فالنّفس البشريّة محبّبٌ إليها الشّهوات من المال و النّساء وغيرها ، فقد خلق الله آدم حين خلقه وبثّ فيه من روحه فأدخله الجنّة و أمره بعدم الاقتراب من شجرةٍ عيّنها سبحانه و تعالى له و حذّره من الأكل منها فعصى آدم ربّه باتّباع شهوات نفسه فقد سوّل له الشّيطان الأكل منها و منّاه بالخلد و الملك الذي لا يبلى فلامست وساوس الشّيطان نوازع نفسه و شهواتها فاتّبعها ولم يجد له الرّحمن عزماً في ارتكابها فأخرجه من الجنّة وغفر له ذنبه .
وقد فطر الله الإنسان حين فطره على التّوحيد وإفراد الله بالعبادة وعدم الإشراك به فكل مولودٍ يولد على فطرة الله سبحانه ، فطرةٌ نقيّةٌ خالصةٌ فيأتي البشر بأهوائهم وحظوظ نفسهم و وسوسة الشّيطان لهم ليغيّروا فطرة هذا المولود فيهوّداه أو ينصّرانه أو يمجّسانه .
وكما أعطى الله سبحانه و تعالى فرصة لعباده المذنبين للاستغفار و الرّجوع عن المعصية فقد رتّب عقاباً للعاصين المصرّين على ذنوبهم ، فقد تكلّم القرآن عن الأقوام السّابقة و كيف عصوا ربّهم فاستحقوا عذابه فمنهم من خسف الله به الأرض و منهم من أرسل عليه سبحانه الرّيح ومنهم من أخذته الصّيحة .
ومن بين الأقوام التي عذّبها الله سبحانه و تعالى قوم لوطٍ فقد أرسل إليهم الله نبيّا يحذّرهم من فعلهم ومنكرهم ، فقد خالفوا فطرة الله سبحانه وعدلوا عنها ، فقد كانوا يأتون الرّجال شهوةً من دون النّساء و يفعلون المنكرات في نواديهم و اجتماعاتهم في صورةٍ إباحيّةٍ مشينة بل وعندما أتى ضيف نبيّنا لوط عليه السلام و قد كانوا من الملائكة راودوهم عن نفسهم فدلّهم على الزّواج الشّرعي و ندبهم إلى الفطرة السّليمة فأبوا و أصرّوا على المنكر فأمر الله سبحانه لوطاً بالمسير و أهله ليلاً و الهرب من هذه القرية التي تعمل الخبائث فقد حان وقت عذاب القوم ، حتّى إذا حان الصّبح أخذت القوم الصّيحة و حمل الله سبحانه تلك القرية الخبيثة فجعل عاليها سافلها ثمّ أمطر عليهم حجارة من سجيل منضود في مشهدٍ مرعبٍ وعاقبةٍ وخيمةٍ لمن اختار العدول عن فطرة الله سبحانه من فالجزاء من جنس العمل فكما غيّروا فطرتهم و أركسوها في الباطل قلب الله قريتهم و أركسها .
إقرأ أيضا:قصة عبد الرحمن بن عوف