الطلاق
وهو انفصال الزوجين عن بعضهما، وفسخ عقد الزواج بشكلٍ نهائيّ، وهي ظاهرة اجتماعيّة لوحظ ازديادها في عصرنا الحالي، وسببها عدم قدرة الأزواج على التكيّف والانسجام معاً، أو الاستمرار في الارتباط وتشارك مسؤوليات الزواج، والعجز عن حل الخلافات والنزاعات التي تؤثّر على استقرار واتزان علاقتهما، إضافةً للعديد من الأسباب التي تُضعف قُدرة الأزواج على تحقيق بيئةٍ أسريّة صحيّة للأبناء أيضاً، فيكون الانفصال هو الحل الأفضل للتحرّر من العلاقة واستمرار الودّ والاحترام بينهما، رغم وجود العديد من الآثار السلبيّة المُترتبة عليه والتي ستُذكر لاحقاً.
ما هي أضرار الطلاق
ينتج عن قرار الانفصال العديد من الآثار السلبيّة والأضرار التي تؤثّر على الزوجين والأطفال، ومنها:
الأضرار النفسيّة للطليقين
يُعد قرار الانفصال قراراً عاطفيّاً أكثر من كونه قانونيّاً، حيث إنّه انتهاءٌ لمسيرة الزواج المُقدّسة التي جمعت الزوجين بحبٍ وصدق سابقاً، وبالتالي تترتب عليها آثار نفسيّة كبيرة عليهما، ومنها:
- شعور أحد أو كلا الزوجين بالألم والخسارة عندما تنتهي علاقته الحميمة بشريكه بغض النظر عن الأسباب، وبعيداً عن اللوم والاستياء من تصرفاته أو أخطائه.
- الشعور بالذنب والخجل من الآخرين بعد الحصول على الطلاق، وقد تتفاقم تلك المشاعر لإحساسٍ بالخزيّ والعار والغضب والاستياء من نظرة المجتمع لتجربته التي انتهت بالفشل.
- تمّلك الزوجين سلسة من المشاعر النفسيّة والعاطفيّة المُعقدة، أبرزها: الحزن، والقلق، والإجهاد، والاكتئاب والفوضى الداخليّة بعد تجربة الطلاق، بالتالي يكون بحاجة للدعم والمساعدة للوصول لاستقرار النفسيّ والاتزان العاطفيّ من جديد.
الأضرار الاقتصاديّة والماليّة
لا يقتصر تأثير الطلاق على نفسيّة الأزواج وعواطفهم الداخليّة بل يؤثّر بشكلٍ كبير على حالتهم الماديّة والاقتصاديّة أيضاً، مما يُسبب انخفاض المستوى المعيشي للأسرة أحياناً، والناتج عن انخفاضٍ في مستوى الدخل خاصةً إذا كان الزوجين يتشاركان إعالة الأسرة ومسؤوليتها الماديّة من خلال دمج مُرتباتهما، وبالتالي يُصبح على كل منهما استخدام راتبه بشكلٍ فردي أكثر دقةً وتنظيماً، والادخار أو العمل مدّة أطول لزيادة دخله، خاصةً عند وجود الأطفال، وزيادة مسؤولياتهم وحاجاتهم مع الوقت، ولا ننسى الأضرار الماديّة المُترتبّة على الأتعاب القانونيّة لقضايا الطلاق وإجرائاته الحكوميّة المُكلفة.
إقرأ أيضا:طرق التعامل مع الزوج العنيد والعصبيالأضرار الاجتماعيّة
تؤثّر تجربة الطلاق على نفسيّة الأزواج كما ذكر سابقاً الأمر الذي يخلق لديهم مشاكل في التواصل مع الآخرين والتفاعل معهم كالمُعتاد، خاصةً بعد الانفصال مُباشرةً؛ لأنّ الطليق قد يرغب بالجلوس وحيداً ويتجنّب الجميع، أو أن يحصل العكس بحيث يرغب بالخروج من حالته النفسيّة والتخلّص من مشاعر الكآبة والحزن لديه، فيميل للانخراط مع الآخرين وتجربة علاقات جديدة بشكلٍ متهور، وبالتالي الانفصال والخسارة من جديد، بسبب عدم التركيز والوعي الجيّد والتأني والاعتبار من الأخطاء السابقة قبل الدخول بعلاقة جديدة، ومن ناحيّة اجتماعيّة أخرى فقد يتأثّر المرء بنظرة الآخرين له، ويشمل ذلك الأصدقاء والمُقرّبين، الذين قد يميلون لتجنّبه، أو إشعاره بالانزعاج، من خلال المظاهر الآتية:
- تحيّز الأصدقاء للطرف الأضعف في الطلاق، أو عدم رغبتهم بسماع كلام مؤذي عن الزوج الآخر، خاصةُ إذا كانو أصدقاء لكلا الزوجين، مما يُصعب عليهم الاستمرار بالعلاقات مع الزوجين بشكلٍ فرديّ.
- عدم شعور الأصدقاء بالراحة المُطلقة اتجاه الزوج بعد حصوله على الطلاق، وتغيّر نظرتهم له أو جعله موضعاً للشك، وبالتالي عدم القدرة على التعامل معه بشكلٍ مُريح كالسابق، والرغبة بالابتعاد عنه.
- وجود ضغوطات أسريّة من قبل عائلة الطليق، أو عائلة الزوج نفسه والتي تشعر بالغضب والاستياء، وتدفعه لقطع العلاقات مع الطليق وجميع أصدقائه وأفراد عائلته، وتجنّب الاتصال معهم مجدداً.
أضرار الطلاق السلبيّة على الأطفال
قد يكون الأطفال هم الحلقة الأضعف في موضوع العلاقات الأسريّة، والطرف الأكثر تأثراً بمشاكل الطلاق لاحقاً، ومن أبرز الأضرار السلبيّة عليهم ما يأتي:
إقرأ أيضا:نصائح قبل الزواج للرجل- شعور الأطفال بالحزن والقلق والاكتئاب وعدم تصديق حقيقة الأمر، حيث تكون السنة الأولى هي الأصعب والأكثر ألماً للأطفال بعد الطلاق مُباشرةً.
- ظن الأطفال بأنهم سبب الطلاق مما يؤثر على نفسيّتهم، خاصةً إذا كانو أطفالاً صغاراً، حيث يعتقد بعضهم أن هنالك خطأ شخصيّ منهم فرّق بين والديهم، وأبعدهم عنهم فيشعرون بالذنب والحزن.
- الغضب والكره الشديد للأسرة، وهو شعور قد يُصاب به الأطفال المُراهقون، والناجم عن التفكك الأسري بعد الطلاق، والخلافات والاضطرابات بين الزوجين، أو غيرها.
- تأثر الأطفال بالظروف الأخرى المُرافقة لقرار الطلاق، وتشمل: تغيّر مكان السكن، أو المدرسة، أو صعوبة الظروف الماديّة، والعيش مع أحد الوالدين فقط، أو حاضن آخر، وبالتالي الإجهاد العاطفي، وتغيّر في السلوكات، وضعف العلاقة والارتباط مع أحد أو كلا الوالدين، وغيرها من السلوكات السلبيّة الناجمة عن عدم الارتياح.
نصائح للتعامل مع أضرار الطلاق والحدّ منها
يُمكن للزوجين الحد من أضرار الطلاق، وتأثيره السلبيّ على الأسرة والأطفال من خلال اتباع بعض النصائح المهمة، وهي:
- اعتناء الطليقين بنفسهما جيّداً، والمحافظة على الطاقة الإيجابيّة، وتلقي الدعم والمساعدة من الأصدقاء والأقارب للتخلص من المشاعر السلبيّة المُرافقة لقرار الطلاق.
- الحفاظ على الصحّة البدنيّة ولياقة الجسم والعنايّة بالذات بعد الطلاق من خلال ممارسة بعض التمارين الرياضيّة، وتناول الغذاء المتوازن واتباع نمط حياة صحيّ وسليم.
- الحفاظ على خطوط التواصل مع الأطفال، ووضع خطة تضمن توعيتهم لقرار الطلاق وأهميته للحفاظ على حياة صحيّة يسودها الودّ والاحترام بين الجميع وعدم مُفاجئتهم بقرار الانفصال، أو الابتعاد عنهم فجأة.
- الحفاظ على علاقة جيّدة تشمل التعاون والاحترام مع الشريك خاصةً عندما يتعلق الأمر بتحقيق الأمان والراحة للأطفال، وإشعارهم بأن الانفصال لا يُبعد الوالدين عنهم، إضافةً للتعاون والاجتهاد في سبيل توفير حاجتهم ورعايتهم، وعدم إحداث تغييرات كبيرة وفجائيّة في حياتهم تُسبب لهم الإجهاد العاطفيّ والإرباك والاستياء.
- تعلّم طريقة إدارة الميزانيّة الماليّة، خاصةً إذا كان الطليقين يُعانون من مشاكل ماديّة ناجمة عن قرار الانفصال، وتقبّل استشارة شخص مُختصٍ؛ لإيجاد طُرق صحيحة للحفاظ على مُستوى معيشي جيّد لكلا الزوجين لاحقاً، وتقاسم مسؤولية ونفقات الأطفال، وغيرها، والتفاهم على الأمور الماليّة والاتفاق عليها بشكلٍ وديّ ومُهذّب.
- الاستعانة باستشاريي العلاقات الزوجيّة، أو الاستشاري النفسي عندما يعجز المرء عن تجاوز آثار الطلاق السلبيّة، وتأثيرها عليه بشكلٍ كبير، خاصةً عندما يصل ذلك للاكتئاب أو انعدام الثقة بالنفس، وكراهيّة الذات بسبب شعور المرء بالعار والذنب، وغيره مما يستدعي التصرف الإيجابي الصحيح، وطلب المساعدة لاستعادة الحياة الطبيعيّة والحصول على الاستقرار النفسي والعاطفي.