زراعة

ما هي طرق الزراعة الحديثة

طرق الزراعة الحديثة

تهدف الزراعة الحديثة إلى زيادة الإنتاجية، والحصول على أعلى مردود مادي مُمكن، وهناك عدّة طرق أساسية، منها:

الحراثة

يُمكن أن يحرث المُزارع أرضه بأساليب متعددة لتحقيق إنتاج أفضل من المحاصيل، وتختلف الأسباب الكامنة وراء استخدام كل أسلوب، لذا يجب على المُزارع تقييم وتحديد الطريقة المُناسبة وفقاً لما يصب في مصلحة الإنتاج، وهناك ثلاثة أنواع رئيسة لحراثة الأرض، وهي:

  • الحراثة الأوليّة: (بالإنجليزية: Primary Tillage)، ويُعنى هذا النوع من الحراثة بتفيكيك التكتلات الترابية الموجودة في الأرض، وإعادة دمج المواد العضوية الموجودة فيها، ولهذا النوع من الحراثة أثر كبير في تهوية التربة وتخليصها من بقايا المحاصيل الزراعية، ويمتد الحرث الأولي للتربة إلى عمق يتراوح بين 15-60 سم، ويُمكن القيام بذلك باستخدام العديد من الأدوات اليدوية كالمجرفة، أو باستخدام بعض الأدوات الصناعية كالمحراث اليدوي، أو حتى بعض الآلات الصناعية الثقيلة كالجرار الآلي.
  • الحراثة الثانوية: (بالإنجليزية: Secondary Tillage)، أو ما يُعرف بالحراثة الضحلة (بالإنجليزية: Shallow Tillage)، ويهدف هذا النوع من الحراثة إلى تقليل حجم الجزيئات المُكونة للتربة السطحية في الأرض، ويُطبق هذا النوع على التربة التي يترواح عمقها بين 8-15 سم تقريباً، ويُمكن القيام بهذا النوع من الحراثة بعد إتمام عملية الحراثة الأولية، ويوجد العديد من الأدوات التي يُمكن استخدامها لذلك، كمشط الأرض اليدوي، أو حتى بعض المعدات الصناعية الخاصة بهذا النوع من حراثة الأرض؛ كالأمشاط القرصية، والأمشاط ذوات الأسنان.
  • الحراثة الزراعية: (بالإنجليزية: Cultivation Tillage)، ويتمّ هذا النوع من الحراثة بعد زراعة المحصول الزراعي، ويهدف إلى التخلص من أيّة نباتات زائدة تنمو حول المحصول الزراعي، كما أنّ لها أهمية في تهوية التربة المضغوطة، ويُمكن استخدام أيّ نوع من المعاول اليدوية للقيام بهذا النوع من الحراثة، كما يُمكن استخدام اليد المجردة، أو حتى بعض أنواع المعدات كالسكاكين.

الزراعة الأُحادية

تُعرّف الزراعة الأُحادية (بالإنجليزية: Monoculture) بأنّها زراعة نوع واحد من المحاصيل لأعوام متعددة وعلى نفس الأرض، وقد ظهر هذا النوع من تقنيات الزراعة الحديثة بعد توفُر الأسمدة النيتروجينية منخفضة السعر، بحيث أمكنَ تعويض ما قد تفتقده التربة من العناصر المهمة نتيجة لممارسة هذه الطريقة، ولمقارنتها مع طريقة الزراعة الدورية (بالإنجليزية: Crop rotation) فإنه لا بُدّ من معرفة مزايا وعيوب استخدام الزراعة الأُحادية.

إقرأ أيضا:كيف يزرع الفستق

تمتاز الزراعة الأُحادية بإمكانية زراعة كل نوع من المحاصيل في التربة التي تُلائمه، فهناك أنواع معينة تتناسب مع طبيعة التربة الموجودة على المنحدرات، وهناك أنواع أخرى يُفضل زراعتها في التربة الموجودة في المناطق الرطبة، بينما يفضل زراعة بعض أنواع المحاصيل كالذرة البيضاء (بالإنجليزية: Sorghum) في الأراضي ذات التربة الجافة، كما تمتاز أيضاً بالقدرة على ضبط مستوى خصوبة التربة وتخصيصها لتناسب نوعاً واحداً من المحاصيل بشكل أكبر من تخصيصها لتناسب جميع المحاصيل في الزراعة الدورية، ويُساعد استخدام طريقة الزراعة الأُحادية على تجنّب فشل عملية زراعة أنواع أخرى من المحاصيل الجديدة، ويُتيح لأصحاب المزارع إنشاء خطة زراعية مرنة لمواجهة التغيّرات التي قد تنشأ باختلاف العام تبعاً لاختلاف حاجة المحاصيل المتنوعة.

على الرغم من جميع الإيجابيات والمزايا التي توفّرها طريقة الزراعة الأُحادية إلّا أنّها لا تخلو من بعض السلبيات التي يُمكن ذكر بعض منها كالآتي:

  • تحتاج الزراعة الأحادية إلى استخدام كميات كبيرة من الأسمدة الصناعية أو الطبيعية؛ لتعويض نقص عنصر النيتروجين في التربة نتيجة زراعة صنف واحد من المحاصيل فيها.
  • قد يتسبب هذا النوع من الزراعة بالإخلال في بنية التربة وتآكلها.
  • يؤدي استخدام الزراعة الأُحادية إلى استخدام تدابير وقائية وعلاجية للمحاصيل الزراعية كالاعتماد الكلي على المُبيدات الحشرية الكيميائية وتبخير التربة، في حين يُمكن الاستغاء عن العديد من هذه التدابير في عمليات الزراعة الدورية.
  • تحتاج الزراعة الأُحادية إلى مهارات إدارية لإنجاحها أكثر من تلك التي تتطلبها الزراعة الدورية.

تكنولوجيا الريّ

يُعرّف الرّي (بالإنجليزية: Irrigation) بأنّه إيصال المياه للنباتات والمحاصيل الزراعية في كافة مراحل نموها؛ بدءاً من غرسها كبذور في التربة إلى حين قطف ثمارها وحصادها، ولعملية الري أهمية كبيرة على النباتات والمحاصيل الزراعية وتؤثر إيجاباً على نوعية وكمية المحاصيل، كما تلبّي متطلبات السوق في جميع المواسم من خلال عدم الاعتماد على مياه الأمطار فقط؛ لتحقيق نمو جيد للنبات، وتلافي أي تهديد قد يحصل له في مواسم الجفاف، لذلك أصبح استغلال الأراضي الجافة للزراعة أمراً مُمكناً باستخدام أنظمة الري.

إقرأ أيضا:طريقة زراعة الأرز

يؤدي استخدام أنظمة الري الحديثة إلى إنتاج محاصيل بجودة عالية وكميات كبيرة، والاستفادة المُثلى من الأسمدة في الأراضي الزراعية، وتخفيض التكاليف، وتقديم المنتجات الزراعية بغير موسمها مما يزيد من الفائدة المالية لعوائد هذه المنتجات، ويوجد العديد من أنواع التكنولوجيا المُستخدمة في الري، وهي كالآتي:

  • نظام ري الثلم*: يتم وضع قنوات مائية لتوجيه المياه من أعلى منحدر الثلم إلى أدناه، وتكون المزورعات في هذا النظام موجودة على قمة الثلم وبين حافتيه، بحيث تكون كل نبتة بعيدة عن الأخرى بمقدار متر واحد تقريباً.
  • نظام الري بالغمر: يتمّ في هذا النظام تقسيم الأرض إلى حقول صغيرة، بحيث يكون لكل حقل منها حواف متوازية، ثمّ يتدفق الماء من أعلى هذه الحواف إلى أسفلها.
  • نظام ري الأحواض: يتمّ تقسيم الأرض في هذا النظام إلى أحواض يتمّ ملؤها بالماء بشكل مُناسب، ولا يكون هناك أي مخرج لهذه المياه من الحوض.
  • نظام الري بالرش المحوري: يَستخدم هذا النظام مجموعة من المرشّات المُتحركة الموجودة على خط أنابيب واحد، والتي ترتفع عن الأرض مسافة عمودية قدرها 2-4 متر، وتكون ذات فتحات صغيرة وكبيرة يخرج منها الماء ليُشكل دائرة كبيرة لرش المزروعات.
  • نظام الري بالرش اليدوي: وذلك باستخدام سلسلة من المرشات المائية التي يُمكن نقلها من مكان إلى آخر باستخدام اليد المُجردة، ويتمّ وصلها بأنبوب رئيس يُضخ الماء منه، ويستخدم في الحقول الصغيرة غير المنتظمة.
  • نظام الري بالرش الثابت: يعتمد نظام الري بالرش الثابت على وجود مرشّات ثابتة موصولة بخطوط مياه غالباً يتمّ وضعها في التربة مع إبقاء المرشات ظاهرة فوق سطح التربة.
  • نظام الري بالرش المتنقل: يستخدم هذا النظام رشاشات مياه متحركة كبيرة، ويتمّ تحريكها من خلال أداة خاصة كعجلة، ويتمّ إيصال الماء لهذه الرشاشات عبر خرطوم مرن.
  • نظام الري عبر العجلة المتدحرجة: وذلك باستخدام آلة تتكون من عجلات دائرية تحتوي على مرشات ومُثبتة على خط أنابيب، ويُمكن أن تتحرك العجلة الواحدة بشكل أفقي داخل منطقة الزّراعة.
  • نظام الري المستقيم أو الجانبي: ويعمل بطريقة مُشابهة لطريقة عمل نظام الري بالرش المحوري، ويكمن الفرق بينهما في شكل رش الماء، فهنا يتم رش الماء بشكل مستقيم وليس دائري.
  • أنظمة الري منخفضة التدفُق: تشمل الري بالتنقيط، ويتمّ ري المزروعات من خلال قنوات تحتوي على ثقوب صغيرة يخرج منها الماء على شكل نقاط بشكل بطيء جداً ومُتكرر، مباشرة على جذر النبات.

تهجين البذور

تمّ استخدام تقنية تهجين البذور في مجال الزراعة الحديثة، حيث أجرى العلماء تعديلات وراثية على بذور النباتات المُختلفة لتطوير بعض خصائصها المرغوبة؛ كمقاومتها للأمراض والآفات المختلفة كالأعشاب الضارة والحشرات، أو حتى مُقاومتها للجفاف، وتنمو البذور المُعدّلة وراثياً كما تنمو باقي البذور العادية في التربة، ويعود تاريخ التعديل الوراثي لبذور النباتات إلى عقدين من الزمن، ولكن استمر هذا العلم بالتطوّر إلى عدة قرون من خلال استخدام تقنيات الزراعة التقليدية المختلفة.

إقرأ أيضا:طرق زراعة الفطر

تمرّ البذور المُعدلة جينياً بمراحل كثيرة قبل وصولها إلى أيدي المُزارعين لاستخدامها، ففي بادئ الأمر يتمّ تحديد السمة التي يرغب الباحثون بإضافتها إلى البذور كمقاومتها للأمراض، أو تحمّلها لقلة الماء، ثمّ يتمّ إضافة هذه الصفة الجديدة إلى البذرة ويتمّ فحصها للتأكُد من أنّها صالحة وآمنة بالنسبة للإنسان وغير ضارة بالبيئة، ثمّ يتمّ مراجعة هذه الفحوص والاختبارات مراراً وتكراراً على مدى السنين لأخذ الموافقة الدولية عليها من الحكومات لتصل أخيراً إلى أيدي المُزارعين.

الأسمدة المُصنّعة

يُعدّ استخدام الأسمدة الاصطناعية (بالإنجليزية: Synthetic Fertilizers) في الزراعة أحد الأمور التي أسهمت في ظهور أنظمة الزراعة الحديثة، إذ بدأ استخدام هذا النوع من الأسمدة في نهاية القرن التاسع عشر للميلاد، وقبل ذلك كان يتمّ إمداد التربة بالمُغذيات التي تحتاجها فقط عن طريق إضافة الأسمدة الطبيعية لها، وهناك نوعان رئيسيان للسماد المُصنّع، هما: الأسمدة الصلبة والأسمدة السائلة، والجدير بالذكر أنّ مُركب الأمونيا اللامائية يُعدّ أحد أشكال السماد المُصنّع في حالته الغازيّة، وعلى الرغم من أنّ الأسمدة المصنعة الصلبة والسائلة تشترك فيما بينها باحتواء كل منها على ما يحتاجه النبات من عناصر غذائية مُهمة إلّا أنّ لكل منها خصائصها وصفاتها المُميزة، إذ يُعدّ السماد الصّلب ذا تكلفة أقل عند شرائه بكميات كبيرة، بالإضافة إلى سهولة تخزينه، أمّا السماد السائل يُعدّ أكثر أنواع السماد المُصنّع انتشاراً في الأسواق؛ بسبب سهولة استخدامه، ولأنّه ذو فعاليّة أكبر في توزيع المواد الغذائية ونشرها عبر التربة.

أدّى استخدام الأسمدة المصنّعة في عمليات الزراعة الحديثة إلى حدوث ثورة زراعية كبيرة زادت من إنتاج المحاصيل ورفعت مردودها، فهي تركّز على إمداد التربة الزراعية بما تحتاجها من عناصر مهمة تنعكس على تغذية النباتات بشكل جيد ومُفيد، وعلى صعيد آخر فإنّ استخدامها قد يؤدي إلى العديد من الأضرار التي تنعكس آثارها على التربة؛ إذ إنّها قد تقتل بعض أنواع البكتيريا المُفيدة في التربة كتلك التي تحلّل بقايا الكائنات الميتة وتحوّلها إلى عناصر مُفيدة، فضلًا عمّا قد تُسببه من زيادة في مستويات نترات التربة التي قد تؤثر على صحة الإنسان، ومن الجدير بالذكر أنّ الأسمدة المصنّعة قد تشكّل خطراً على مصادر المياه الجوفية والسطحية، وذلك من خلال تسرّب الأسمدة إليها وتلويثها، بناءً على ذلك يجب مراعاة استخدام الأسمدة بكمياتها الصحيحة وعدم الإفراط باستعمالها على التربة.

المبيدات الكيميائية

تُعرّف المُبيدات (بالإنجليزية: Pesticide) بأنّها أيّ مركبات أو مواد عضوية، أو غير عضوية، أو طبيعية يتمّ استخدامها للوقاية أو التخلُص من الآفات، سواءً أكانت هذه الآفات حشرات أم حيوانات أم نباتات ضارة، وتُصنّف المُبيدات الكيميائية تبعاً للتركيب الكيميائي لمكوناتها؛ فهناك الفوسفات العضوي، والكلور العضوي، والبيريثرويدات الاصطناعية، وهناك أنواع أخرى، منها: المبيدات الحشرية التي تُستخدَم لمُكافحة أنواع مختلفة من الحشرات كالعث والحشرات المنزلية، ومُبيدات الأعشاب التي تدمر الأعشاب الضارة، ومبيدات الفطريات لمكافحة بعض أنواع الفطريات الضارة.

في الوقت الذي تُحارب فيه المحاصيل الغذائية ما يزيد عن 40 ألف آفة مُختلفة تتنوع بين الأعشاب الضارة، والحشرات، والديدان، برزت الأهمية الكبيرة لهذه المُبيدات في الحفاظ على الثروة الزراعية، وحمايتها من هذه الآفات، وتطوير القدرات الإنتاجية للمُزارعين، وذلك من خلال مُساعدتهم على توفير محاصيل ذات جودة عالية وبأسعار مُتناولة وبشكل دائم على مدار العام دون انقطاع، وأشارت إحدى الدراسات الأمريكية إلى أنّه في حال عدم استخدام نوع واحد فقط من المبيدات -وهو مبيد الفطريات- فإنّ إنتاج محاصيل الخضار والفواكة سينخفض إلى نسبة تتراوح بين 50-90%، وهذا يدل على أهمية المُبيدات في توفير كميات الغذاء العالمي اللازم لمحاربة الجوع حول العالم، وتقليل تعرّض الأغذية للتلوث بالكائنات الدقيقة الضارة، ومنع الأمراض المرتبطة بالطعام.

الأساليب الحديثة المطبّقة في الزراعة

الزراعة المحمية

تُعرف الزراعة المحمية (بالإنجليزية: Protected Agriculture) بأنّها إحدى الأساليب الزراعية القائمة على تعديل البيئة الطبيعية وتحويرها للوصول إلى المستوى الأمثل لنمو النباتات فيها، حيث يُتيح هذا الأسلوب في الزراعة زيادة إنتاجية المحاصيل الخضرية والبستانية بجودة عالية في بيوت زجاجية، أو داخل مناخل أو أنفاق، وذلك في المناطق التي تُعاني من مشاكل تجعل الزراعة التقليدية فيها مستحيلةً، ويتمّ ذلك من خلال التحكّم في عوامل بيئية؛ كالإضاءة، ودرجة الحرارة، والرطوبة، والرياح عن طريق معدّات خاصة، كما يتمّ التحكّم في خصائص البيت الزجاجي حسب موقعه، ففي المناطق الشمالية من الكرة الأرضية مثل كندا وهولندا، يتمّ بناء البيوت الزجاجية بحيث تكون أسقفها وجدرانها من الزجاج للسماح لأشعة الشمس باختراقها وتدفئة المكان خلال فصل الشتاء، أمّا في المناطق الاستوائية وشبه الاستوائية يتمّ بناء البيوت الزجاجية من أغشية بلاستيكية مسامية أو ألواح بلاستيكية مرنة لتقليل درجة الحرارة الداخلية وتوفير التهوية المناسبة لها.

الزراعة المائية

تُعرف الزراعة المائية (بالإنجليزية: Hydroponic) بأنّها إحدى الأساليب الزراعية القائمة على استبدال التربة بمحلول يحتوى على العناصر الغذائية التي تحتاجها النبتة، وقد تطوّرت معدّات الزراعة المروية في السنوات الأخيرة وأصبحت الزراعة المروية متاحةً في الهواء الطلق أو داخل بيوت زجاجية، ويُمكن الاستفادة من الزراعة المروية في زراعة أيّ محصول تقريباً، إذ يتمّ استخدامها لزراعة الخس، والبندورة، والفلفل، والخيار، والفراولة، والبقلة، والكرفس، حيث يتمّ تزويد الماء بالعناصر الغذائية المناسبة حسب نوع المحصول المراد إنتاجه.

الزراعة العمودية

ظهرت الحاجة إلى الزراعة العمودية بسبب توسّع المدن وانحسار الأراضي الزراعية ممّا استدعى تطوير أساليب زراعية وهندسية لزراعة النباتات في المناطق الحضرية، وتعتمد على فكرة الزراعة على الأسطح رأسياً بدلاً من الزراعة الأفقية، حيث تُساهم الزراعة العمودية في استغلال المساحات للزراعة وزيادة إنتاج المواد الغذائية وتقليل حاجة النباتات للماء، كما يُطلق على الزراعة العمودية الزراعة المسيطر عليها بيئياً (بالإنجليزية: Controlled environment agriculture)؛ حيث يتمّ استبدال الموارد الطبيعية التقليدية التي تحتاجها النباتات كالتربة وضوء الشمس بأساليب تكنولوجية لتوصيل العناصر الغذائية التي تحتاجها النباتات، واستخدام أنظمة إضاءة مبتكرة لتحفيز عملية التمثيل الضوئي.

الزراعة الحديثة

تواجه الزّراعة تحديات مُستمرة بسبب ازدياد أعداد السّكان، واستنزاف الموارد، والتّركيز المُتزايد على القطاع الصّناعي على حساب المناطق الرّيفيّة، وازدياد المخاوف الناتجة بشأن الضّرر البيئي والمخاطر الصّحية المُنبثقة عن المُلوّثات الغذائية، وقد بدأ الفيلسوف الإنجليزي توماس مالتوس (بالإنجليزية: Thomas Malthus) عام 1798م مُجادلاته حول معادلة التّوازن بين الإنتاج الغذائي والتّزايد السُّكاني، فلاحظ عدم التوازن بينهما، ويعود ذلك -من وجهة نظره- إلى محدودية الموارد المادية، وعدم إمكانية دراسة النّمو بينهما، واعتقد أنّ هذا التّباين سيؤدي إلى تدهور الغذاء المُتاح الذي يُهدد الصّحة، إلّا أنّه بعد ذلك لم تصح اعتقاداته، فالتكنولوجيا لم تعجز عن استثمار موارد الأرض، وزيادة الإنتاج الزّراعي بالكمية المُناسبة لاكتفاء السّكان من الغذاء، ممّا أدّى إلى ظهور مفهوم الزّراعة الحديثة التي تعتمد على التّكنولوجيا التي تزيد من خصوبة التربة، وتُوفر العناصر الغذائية للتربة في حال تمّ استنزافها، بحيث تُحفز نمو النّباتات، وتُقلل من فقدان التربة، وتُطبق عملية الوِراثة المُحسنة التي تَزيد من الإنتاجية، والكفاءة.

تاريخ الزراعة الحديثة

بدأ مفهوم الزراعة الحديثة (بالإنجليزية: Modern Agriculture) بالظهور في بدايات القرن الثامن عشر، وأدّى هذا المفهوم إلى ثورة كبيرة في عالم الإنتاج الزراعي خلال وقت قصير من الزمن، فتمّ اتباع أساليب زراعية جديدة ومبتكرة كان من شأنها زيادة الناتج الزراعي بشكل كبير جداً، وتمّ من خلال هذا النظام استغلال الموارد الزراعية المُتوفرة بشكل مثالي، ومن الأساليب الزراعية التي قد ظهرت في تلك الفترة وما بعدها هو تغيير نظام دورة المحاصيل من ثلاثة محاصيل إلى أربعة، كما أصبحت عمليات تكاثر الزرع ذي النوعية المُمتازة (التهجين الانتقائي) تتمّ بشكل صناعي، هذا فضلًا عن إدخال الجرّارات الآلية لحرث الأرض عوضاً عن عملية الحرث التي كانت تتمّ باستخدام الحيوانات، وتمّ استخدام العديد من الأمور التي من شأنها حماية المحصول من التلف؛ كوضع السموم للأعشاب الضارة التي تنمو بين المحاصيل، والحرص على زراعة أنواع من المحاصيل ذات قدرة على مقاومة الأمراض، فضلاً عن استخدام العديد من المواد الطبيعية كسماد طبيعي، منها: روث الحيوانات، ورماد الخشب، والعظام المطحونة؛ لزيادة فعالية التربة ومدّها بالعناصر المُغذية.

تطوّرت أساليب الزراعة الحديثة مع التقدُم العلمي، وتطوير مصادر طاقة جديدة، ففي حين كان المزارع العادي في بدايات القرن العشرين ينتج محصولاً يكفي لعائلته فقط، أصبح بإمكانه الآن إنتاج محصول زراعي يكفي لعشرات العائلات، ويرى البعض أنّ استخدام تكنولوجيا الزراعة الحديثة لم يُسهم فقط بالتأثير بشكل إيجابي على المجال الزراعي، بل إنّ له دوراً في المضي قدماً بعجلة التنمية الحضرية وتطوّر الثورة الصناعية؛ إذ أدّت إمكانية الحصول على ناتج جيد من المحاصيل بأيدي عاملة قليلة إلى توفير هذه الأيدي وتوجيهها إلى قطاعات أخرى كالصناعة.

إيجابيات وسلبيات الزراعة الحديثة

ينتج عن الزراعة بمفهومها القديم -قبل ظهور ما يُعرف بالزراعة الحديثة- آثار كبيرة على العالم أجمع، فقد استهلكت قديماً أكثر من ثُلث مساحة الأراضي حول العالم، واستهلكت ما نسبته 85% من حصة الاستهلاك المائي، وغيرها الكثير من مظاهر الاختلال التي أوجدتها الزراعة القديمة، ولكن ساعد ظهور تقنيات الزراعة الحديثة كالري الحديث، والأسمدة المُصنعة، واستخدام الآلات الزراعية الحديثة، والمبيدات الحشرية وغيرها من التقنيات، على الحد من هذه المظاهر وإيقاف تطوّرها، وبفضل هذه التقنيات زادت كميات إنتاج المحاصيل الزراعية ذات الجودة العالية بشكل كبير جداً مع تقليل مساحة الأراضي المُخصصة للزراعة، كما تضاعفت الإنتاجية بنسبة ثلاثة أضعاف، وأدّى استخدام الآلات الزراعية الحديثة إلى تقليل نسبة الاعتماد على الأيدي العاملة وتخفيض عدد الحيوانات التي كان يُعتمد عليها في عمليات الزراعة القديمة، ومقابل كل ما وفّرته أساليب الزراعة الحديثة إلّا أنّها أدّت إلى بعض المشاكل؛ كتلوُث البيئة بالمبيدات الحشرية وما ينتج عنه من تأثير على صحة الإنسان، كما زاد الاعتماد على مصادر الوقود الأحفوري لتشغيل الآلات والماكينات الزراعية الحديثة، فضلًا عن تسمُّم بعض المواد الغذائية بالأسمدة التي يتمّ استخدامها في عمليات الزراعة الحديثة.

_________________________

  • الثلم: هو خندق أو أخدود مصنوع على سطح التربة بواسطة مجرفة أو جرار، بحيث تُزرع البذور وتوضع الأسمدة قبل إغلاق ثلمها.
السابق
بحث عن الفلاح
التالي
مفهوم الزراعة