المقامات وبديع الزمان
المقامة تعني المجلس والجماعة من الناس، ويقترب معناها من الموعظة أكثر من المحاضرة، واستخدمت المقامة من قبل بديع الزمان الهمذاني بمعنى المجلس وكانت ذات صلة بالناس، والمقامات أشهر فن اشتهر به بديع الزمان؛ وذلك لأنّه كان أول شخص ابتكر فكرتها وأطلق عليها هذا الاسم، ولهذا اشتهر بها واتبع خطاه الكثير من الأدباء الذين عاشوا بعدَه.
تعرف المقامة بأنّها حكاية قصيرة، موضوعها متنوع وتقوم على التفنن في الكتابة والإنشاء، وسرد الأمثال والحكم، وتصوير شخصية البطل، والروح الخفيفة والأسلوب البارع المتأنق، ومقامات بديع الزمان فيها من الطبع وحسن التأليف وجمال الفن مثل المقامة البغدادية، والقريضية، والمضيرية.
مقامات بديع الزمان الهمذاني
اخترع بديع الزمان في مقاماته بطلين متخيلين وهما عيسى بن هشام وأبو الفتح الإسكندري، حيثُ جعل من عيسى بن هشام راوياً للمقامات وجعل من الإسكندري بطلاً مغامراً لها، وبالرغم من كونه البطل إلا أنّ بديع الزمان لم يحرص على إظهاره في كلّ المقامات، ولا يختلف أسلوب بديع الزمان في المقامات عن أسلوبه في الرسائل، عدا أنّ الرسائل فيها بساطة وحرية، والمقامات ذات فكر متميز وسياق خاص ومعانٍ مقصودة، لا يكاد الكاتب يتصرف فيها أو يتحول عنها حرصاً على ألا تفسد الفكرة وتختل، وفي المقامات إكثار من استخدام الشعر، والوصف، والبيان ولا تخلو من الفكاهة، ويظهر فيها تأثر بديع الزمان الهمذاني بالثقافة الفارسية.
إقرأ أيضا:كيفية كتابة نقد أدبيمن مقامات بديع الزمان الهمذاني
المقامة الجاحظيّة
سُميت المقامة الجاحظيّة بهذا الاسم نسبةً إلى الجاحظ الذي تمَ ذكره في المقامة، ودارت أحداث المقامة في حوار حول كتابات الجاحظ وأشعاره ونثره، حدثنا عيسى بن هشام قال: (أثارتني ورفقة وليمة، فأجبت إليها للحديث المأثور عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (لو دعيت إلى كراع لأجبت، ولو أهدي إلي ذراع لقبلت)، فأفضى بنا السير إلى دار: تركت والحسن تأخذه، تنتقي منه وتنتخب فانتقت منه طرائفه، واستزدت بعض ما تهب قد فُرش بساطها، وبسطت أنماطها، ومد سماطها، وقومٍ قد أخذوا الوقت بين آس مخضورٍ، وورد منضودٍ، ودنٍ مفصودٍ، ونايٍ وعود. فصرنا إليهم، وصاروا إلينا).
المقامة القريضيّة
سُميت المقامة القريضيّة بهذا الاسم نسبة إلى القريض أي الشعر، وهي المقامة الشعرية لأنّها تدور حولَ بعض الشعراء وتتضمن أحكاماً نقدية حولَ أشعارهم،[٥] حَدّثَنَا عِيسَى بْنُ هِشَامٍ قَالَ: (طَرَحَتْنيِ النّوَى مَطَارِحَهَا حَتّى إذَا وَطِئْتُ جُرْجَان الأَقْصى. فاسْتَظْهَرْتُ عَلَى الأَيامِ بِضِياعٍ أَجَلْتُ فِيهاَ يَدَ الْعِمَارةِ، وَأَمْوَالٍ وَقَفْتُهَا عَلى التّجَارَةِ، وَحَانُوتٍ جَعَلْتُهُ مَثَابَةٍ، وَرُفْقَةٍ اتّخَذْتُهَا صَحَابَةً، وَجَعَلْتُ لِلْدّارِ، حَاشِيَتَيِ النّهَار، وللحَانُوتِ بَيْنَهُمَا، فَجَلَسْنَا يَوْماً نَتَذَاكَرُ القرِيضَ وَأَهْلَهُ).
المقامة الأصفهانيّة
سُميت المقامة الأصفهانيّة بهذا الاسم نسبةً إلى مدينة أصفهان الإيرانيّة، وفي نهاية المقامة يقول الهمذاني إنّ الناس أغبياء يقودهم الشخص كما يشاء، وإذا انتهت الغاية منهم يجب مفارقتهم ولو بالموت، حَدَّثَنا عِيسَى ْبنُ هِشَامٍ قَالَ: (كُنْتُ بِأَصْفَهَانَ، أَعْتَزِمُ المَسِيرَ إِلى الرَّيِّ، فَحَلَلْتُهَا حُلُولَ أَلْفَيِّ، أَتَوَقَّعُ الْقَافِلةَ كُلَّ َلْمَحةٍ، وَأَتَرَقَّبُ الرَّاحِلَةَ كلَّ صّبْحَةٍ، فَلَمَّا حُمَّ مَا تَوَقَّعْتُهُ نُودِيَ لِلصَّلاةِ نِدَاءً سَمِعْتُهُ، وتَعَيَّنَ فَرْضُ الإِجَابَةِ، فَانْسَلَلْتُ مِنْ بَيْنِ الصَّحَابةِ، أَغْتَنِمُ الجَمَاَعةَ أُدْرِكُهَا، وأَخْشَى فَوْتَ القَافِلَةِ).
إقرأ أيضا:حوار قصير جدا بين شخصينمقامات أخرى لبديع الزمان الهمذاني
هنالك مقامات أخرى لبديع الزمان الهمذاني ومنها:
- المقامة البغداديّة.
- المقامة الغيلانيّة.
- المقامة النهديّة.
- المقامة النيسابوريّة.
- مقامات الكديّة.
- المقامة المجاعيّة.
- المقامة الخمريّة.
- المقامة الديناريّة.
- المقامة الحلوانيّة.
- المقامة الصميريّة.
- المقامة الأسديّة.