حكام الكويت

مبارك بن صباح بن جابر الصباح

الشيخ مبارك بن صباح بن جابر الصباح (1837 – 28 نوفمبر 1915)؛ حاكم الكويت السابع والمؤسس الحقيقي لها. تولى الحكم في 17 مايو 1896  حتى وفاته عام 1915، ازدهرت الكويت في عهده تجاريًا حتى بلغت سفن الغوص 800 سفينة، وشيدت في عهده أولى المدارس النظامية، وأولى المستشفيات الطبية. جميع حكام الكويت من بعده هم من ذريته حصرا بأبنائه وأبناء أبنائه طبقا لنص المادة الرابعة من الدستور الكويتي والده الشيخ صباح جابر الصباح حاكم الكويت الرابع (حكم:1859-1866) ووالدته هي لولوة بنت محمد بن إبراهيم الثاقب ابنة شيخ الزبير.

حياته

ولد في مدينة الكويت، وعند بلوغه الخامسة من عمره بدأ بالتعلم، إذ تعلم القراءة والكتابة وحفظ القرآن إلى جانب تعلمه لبعض مبادئ الحساب؛ وعندما بلغ الثانية عشرة بدأ بتعلم الرماية وركوب الخيل. وعند بلوغه تولى المهام العسكرية في بادية الكويت تحت حكم أخيه الأكبر الشيخ عبد الله بن صباح الصباح حتى وفاته عام 1892، ثم تولى الإمارة أخاه الآخر محمد بن صباح الصباح.

في عام 1871 شنّ مدحت باشا والي بغداد حملةً عسكريةً على شرق الجزيرة العربية بهدف الاستيلاء على مدينتي القطيف والأحساء التابعتين لإمارة نجد مستغلا حالة الحرب الأهلية التي نشبت بين أسرة آل سعود، وخلال الحملة العسكرية شاركت الكويت بأسطول من ثمانين سفينة بقيادة حاكم الكويت الشيخ عبد الله بن صباح الصباح، فضلا عن قوات برية ترأسها الشيخ مبارك. وفي عام 1892 قاد حملة عسكرية بأمر من الشيخ محمد بن صباح الصباح على ماجد الدويش بسبب مهاجمته بعض القبائل في الكويت، وفي نفس العام، قاد قوات دعم إلى رئيس قبيلة الظفير ابن سويط لدعمه في حربه على أحد قادة القبيلة المتمردين على سلطته، وفي 1893 رئس الجيش الكويتي المرسل مع قوات الدولة العثمانية إلى شيخ قطر، وفي نفس العام، قاد حملة عسكرية كان قد أمر بها شيخ الكويت ضد السعيد من الضفير الذين اعتدوا على قبائل كويتية، وقد تعقبهم حتى وصل إلى منطقة الخنقة وهزمهم واسترد كافة الممتلكات المسروقة، وفي عام 1894 قاد قوة كويتية أرسلت لتلحق بني هاجر التي اعتدت على سفن كويتية واستولت على ما فيها، ولحقهم حتى وصل إلى القطيف وهزمهم واسترد جميع الممتلكات.

إقرأ أيضا:جابر بن عبد الله الصباح

توليه الحكم

مبارك الكبير.

عندما تولى الشيخ محمد الحكم في 1892 بعد وفاة أخيه الأكبر الشيخ عبد الله، استمر مبارك في مسؤولياته في شؤون بادية الكويت، بينما تولى شقيقه الشيخ جراح الشؤون المالية، إلا أن الخلافات سرعان ما نشبت بينه وبين أخويه والتي انتهت بقيامه بقتل أخويه في 17 مايو 1896، وقد جلس بعدها في الديوان العام ودعا أعيان الكويت في مجلسه وأخبرهم بوفاة أخويه، وقد ذكر عبد العزيز الرشيد ذلك اليوم في مؤلفه التاريخي حيث قال «لقد برز وهو يمسح الدموع من عينيه ولا ندري أي دموع، أدموع الفرح والسرور أم دموع الأسى والحزن وقد يكون للسرور دموع كما للأسى.» وبعد مراسم الدفن بويع الشيخ مبارك حاكمًا للكويت. وقد وصف معاصره عبد العزيز الرشيد فترة حكمه في تاريخه قائلا «مبارك هو الكويت بأسرها وهو الذي رفعها على سواها من أترابها وأطار صيتها في سائر الأقطار، مبارك هو الذي ترك اسمها يجوب العواصم والمدن ويتخلل الأندية والمؤتمرات، فبه اشتهرت، وبه زهت، وكان عصرها في أيامه عصر الأمن والدعة، عصر القوة والهيبة، فقدت بفقده شجاعًا لا يهاب الموت والردى.»

وقال الشيخ محمد بن مصطفى بن محمد بن عزوز المكي الحسني عن حكم مبارك الصباح:«الكويت في هذا الزمان تساوي البصرة في الشهرة فكل من خاض في السياسة يعرف الأمير مباركًا آل صباح ويعرف بلده الكويت لأن الكويت اشتهرت به.»، وقال يوسف بن عيسى القناعي عن حكم مبارك «في عهد الشيخ مبارك اتسعت الكويت، وزاد العمران، وصار لها اسم كبير في الخليج، واستتب الأمن في بادية الكويت، وزادت الثروة، وتقدمت التجارة، وأخذت البواخر تمرُّ بالكويت في ذهابها للبصرة ورجوعها منها، وبلغ الغواصون على اللؤلؤ الحد النهائي في الاتساع بالسفن والمحصول، وكان الشيخ مبارك في السنين العشر الأول من حكمه جاريًا على سيرة أسلافه من التواضع وعدم المظالم، بل كان خيرا من أسلافه في صرامة الحُكم والدفاع عن أهل الكويت، ولكن مع الأسف لما صحب حاكم المحمرة خزعل بن مرداو وتبدلت حالته وقلّدَهُ في كثير من المظالم».

إقرأ أيضا:محمد بن صباح الصباح

الخلاف مع الدولة العثمانية

الشيخ مبارك أمام قصر السيف.

بعد أن بويع الشيخ مبارك في الكويت، دخلت الكويت في نزاع مع الدولة العثمانية، حيث أرسلت دائرة الكتاب في قصر يلدز مقر الحكومة العثمانية في إسطنبول إلى والي البصرة «حمدي باشا» في 18 يونيو 1896 تستفسر عن الأوضاع في الكويت وتلومه عن حجب الأخبار عن القصر  أجاب الوالي أنه أطلع وزارة الداخلية العثمانية بالأحداث في الكويت وعن قيام مبارك بقتل شقيقه الأكبر محمد والأصغر جراح وعن ما يجدر القيام به من إجراءات للاستفادة من هذه الفرصة لجعل الكويت تحت الحكم بالمباشر، وبيّن الوالي أن الولاية لم تقدم على عمل أي شيء سوى الانتظار لما يصدر من أمر حول ما تم عرضه.

في يونيو 1896 أرسل مبارك الصباح برقية إلى الصدر الأعظم في إسطنبول يشكو فيها والي البصرة وتهديده له بأخذه إلى البصرة سجينًا كما لحق ذلك عدة برقيات أرسلت عن طريق بغداد والسماوة بعد أن منع حمدي باشا إرسال البرقيات من البصرة. في سبتمبر عُزل والي البصرة حمدي باشا وعُيِّن «عارف باشا» محله.

من جهته قام يوسف بن عبد الله الإبراهيم بتحريض الدولة العثمانية بأن مبارك الصباح يميل إلى جانب البريطانيين وأنه، أي يوسف الإبراهيم، يريد أن يعيد الكويت إلى نفوذ السلطة العثمانية، وقام مبارك بالتواصل مع القنصل البريطاني في البصرة والمقيم السياسي البريطاني في بوشهر ووعدهم بأنه سيطلب الحماية البريطانية للكويت إذا تدخل العثمانيون لإنهاء حكمه، وقد مال إليه البريطانيون بسبب رفضه قبول حامية عسكرية عثمانية أو مندوب سياسي عثماني، ولم تنته هذه الأمور إلا بعد وفاة يوسف الإبراهيم في 12 مارس 1906.

إقرأ أيضا:قائمة أمراء الكويت

خلال الفترة ما بين عاميّ 1899 و1901 كانت الدولة العثمانية أمام خيارين، الأول هو استخدام العنف في مواجهة طموحه والآخر هو استخدام الدبلوماسية لحل الخلافات بينهم وبينه، ففي عام 1899 أرسلت الدولة العثمانية نقيب أشراف البصرة إلى الكويت لكي يفهمه بالأطماع الخارجية على الكويت، وأنه يجب أن يلتزم الطاعة للدولة العثمانية. وفي العام نفسه أرسلت مذكرة رئيس الكتاب في الديوان الهمايوني بأن عليه أن يفهم بأن نجاح الإنجليز في السيطرة على الكويت سيضر الإسلام أضرارًا كبيرةً وأن عليه أن يقوم بالدفاع عن الإسلام وعدم الاعتماد على الدولة الأجنبية، وفي 31 يناير 1900، أرسل والي البصرة «تحسين باشا» مذكرة إلى وزارة الداخلية العثمانية مؤكدًا فيها ولاء مبارك الصباح للدولة العثمانية وأنه يطالب بإعطاء مبارك لقب أمير الأمراء وأن يعطى وسامًا مناسبًا له وأن تعود الدولة العثمانية إلى إعطائه المنحة السنوية التي قطعت عنه، وقد أرسلت السلطات العثمانية السفينة الحربية «زحاف» إلى الكويت، وعندما نزلت إلى الكويت جاءه قبطان السفينة الحربية الإنجليزية وأخبره بأن الكويت تحت الحماية البريطانية، وفي اليوم التالي التقى قائد سفينة زحاف بالشيخ مبارك، وهدده بأنه سيبقى في الكويت فقال له الشيخ مبارك أنه يستطيع فعل ما يريده طالما أنه لا يحاول إنزال القوات إلى الكويت.

وقد أصدرت الدولة العثمانية أمرًا بنفي الشيخ مبارك نفيًا اختياريًا، وذلك إما بالسفر إلى إسطنبول وتعيينه عضوًا في مجلس شورى الدولة، أو أن يسافر إلى أحد أقطار الدولة العثمانية مع صرف راتب شهري له، وإذا رفض هذه القرارات فإنه سوف يتم إخراجه بالقوة من الكويت، ورد مبارك ببرود فكتب إلى والي البصرة رسالة يوضح فيها ما فعله آل صباح للدولة العثمانية، وفي 1 ديسمبر 1901 عادت السفينة زحاف إلى الكويت وعلى متنها «رجب النقيب» نقيب أشراف البصرة وبصحبة «نجيب بك» شقيق «مصطفى نوري بك» والي البصرة ومعهم قوة عثمانية وذلك لإجباره على تنفيذ الأمر العثماني أو أن يخرجوه من الكويت، فأرسلت بريطانيا سفينتين إلى ميناء الكويت، فتراجعت السفينة العثمانية.

في عام 1902 احتلت القوات العثمانية جزيرتي بوبيان ووربة ومنطقتي أم قصر وصفوان الحدودية ومناطق مجاورة لخور الصبية، واحتجت الكويت على هذا الاحتلال، واحتج الشيخ مبارك بأن القصر الذي تنسب إليه أم قصر هو قصر أحمد بن رزق الذي بني في عهد جده الشيخ جابر الصباح وأن أهل الكويت عاشوا في تلك المنطقة، وجزيرة بوبيان جزيرة كويتية حيث يعيش فيها العديد من الصيادين الكويتيين، أما صفوان فتعيش فيها عائلات كويتية منذ أربعين سنة، ولكن بعد مدة تم تحديد حدود الكويت للمرة الأولى، وضُمَّت صفوان وأم قصر للدولة العثمانية مع بقاء جزيرة بوبيان وجزيرة وربة تابعة للكويت.

كانت الكويت تستخدم العلم العثماني منذ سنة 1871، وفي عام 1903 رفعت الكويت علما أحمر كتب عليه «توكلنا على الله»، وفي 1905 اقترح الوكيل السياسي البريطاني أن يكون للكويت علمها الخاص، وأن يكون أحمر وعليه كلمة كويت بالعربية واللاتينية، ولكنه رفض هذا الأمر لأنه يعده خروجًا عن التقاليد الإسلامية، وفي سنة 1914 قرر الشيخ مبارك رفع علم خاص بالكويت، وهو علم أحمر كتب عليه «كويت» بالوسط، وقد زاره الشيخ خزعل الكعبي على يخته مشرف، وأنزل العلم العثماني ووضع العلم الجديد.

توقيع معاهدة الحماية مع بريطانيا

الطراد الروسي فارياغ يزور الكويت عام 1901 ويظهر الشيخ جابر أكبر أبناء الشيخ مبارك الصباح يتفقد الطراد.

في العقد الأخير من القرن التاسع عشر، أرادت المملكة المتحدة بأن تعزز نفوذها في منطقة الخليج العربي، لاسيما بعد أن ازداد الاهتمام بالمنطقة من قبل القوى الأوروبية الأخرى مثل الإمبراطورية الألمانية والدولة العثمانية، وقبل أن يوقع اتفاقية الحماية مع بريطانيا، عقد عدة اجتماعات مع وسطاء من ألمانيا و فرنسا والدولة العثمانية وبريطانيا، وبعد هذه الاجتماعات فضل اللجوء إلى بريطانيا بسبب دعم العثمانيين لأبناء أخويه محمد وجراح الذين لجؤوا إلى البصرة بعد اغتياله لوالديهما وبسبب الحملات التي قاموا بها بمساعدة «يوسف الإبراهيم» وابن رشيد وشيخ قطر، ولكن بريطانيا تجنبت توقيع الحماية ومساعدة الكويت بسبب سياستها المتعلقة بعدم التورط في المشاكل وكذلك بسبب خوفهم من إثارة الدولة العثمانية، ولكن المقيم السياسي في الخليج كتب تقريرًا عن الكويت ليبين أهميتها التجارية ومنع القرصنة وتجارة الرقيق، وأن حماية بريطانيا للكويت تعني تركيز المصالح البريطانية السياسية في الخليج، وبعدها وافقت بريطانيا على الاتفاقية، وبذلك يعتبر الشيخ مبارك هو مؤسس العلاقات الكويتية البريطانية، وعقدت اتفاقية الحماية مع بريطانيا في 23 يناير 1899 ودفعت بريطانيا 15 ألف روبية سنويًا مقابل الالتزام بعدم تأجير أو بيع أي أرض في الكويت لحكومة دولة أخرى.

وتضمنت الاتفاقية شروطًا بموجبها يلتزم الشيخ مبارك بإبقاء الاتفاقية سرية حتى لا تثير مشاكل دبلوماسية مع الدولة العثمانية وألمانيا وروسيا، ويلتزم كذلك بأن لا يتنازل الشيخ مبارك وخلفاؤه من بعده عن أي جزء من أراضي الكويت وأن لا تؤجر أي جزء من أراضيها إلى أية دولة أجنبية أو شخص أجنبي دون استشارة بريطانيا، وأن لا تستقبل الكويت أي ممثل دولة أجنبية دون إذن من بريطانيا، ووعدت بريطانيا بحماية أملاك مبارك الصباح وأشقائه الموجودة في البصرة من السلطات العثمانية، وقد غضبت الدولة العثمانية من هذه الاتفاقية، وتم تعيين «حمدي باشا» الذي يؤيد أبناء أخ مبارك الصباح واليًا على البصرة، وقام بمقابلة القنصل البريطاني في البصرة «راتسيلو» في 4 مايو 1899 مبديًا انزعاج السلطان عبد الحميد من مخططات بريطانيا في الكويت، ودارت عدة مفاوضات بين بريطانيا والدولة العثمانية حول الكويت، وفي نوفمبر 1902 أعلنت بريطانيا اتفاقية الحماية بينها وبين الكويت.

في 28 نوفمبر 1903 زار اللورد جورج كورزون نائب ملك بريطانيا في الهند وزوجته الكويت، وكان على متن السفينة «غاردينغ»، وقد أتت هذه الزيارة للتأكيد على أهمية الكويت، وقد استقبله الشيخ مبارك بكل حفاوة، ودخل إلى سفينته وحيّاه، وفي اليوم التالي رست السفينة في ميناء الشويخ وكان في استقبال الزوار الشيخ مبارك وولي عهده الشيخ جابر المبارك الصباح، وعندما نزل اللورد كورزون استقبلته عربة خيل فاخرة كان قد طلبها الشيخ مبارك من بومباي خصيصًا لتلك المناسبة.

المعاهدة الأنجلو-عثمانية

في يوليو 1913 وقّعت بريطانيا والدولة العثمانية معاهدة تتضمن اعتراف الدولة العثمانية باستقلال الكويت وترسيم خرائط حدودية بين البلدين واعتراف الدولة العثمانية بملكية الكويت على جزر وربه وبوبيان ومسكان و فيلكا وعوهة وكبر، وبحق شيخ الكويت في الحصول على الزكاة من القبائل المحيطة بالكويت بمسافة 362 كيلومتر، ولكن بعد نشوب الحرب العالمية الأولى التي أصبحت فيها بريطانية والدولة العثمانية أعداء تم الإقرار بأن المعاهدة لا تعني شيئًا، وأعلنت بريطانيا بأن الكويت إمارة مستقلة تحت الحماية البريطانية.

أحداث في حكمه

الشيخ مبارك الصباح وبجانبه الأمير عبد العزيز آل سعود في الكويت عام 1910.

عندما تولى مبارك الحكم في الكويت، دخل في صراعات مع «يوسف الإبراهيم» ومع عبد العزيز الرشيد حاكم حائل، والشيخ قاسم آل ثاني حاكم قطر، واضطر في سبيل ذلك خوض حروب عديدة أثرت على خزانة الكويت مما دفعه لفرض المزيد من الضرائب في الكويت لتوفر الأموال اللازمة ففرض ضريبة على ثلث كل مابيع وثلث ما أجر وزاد في الرسوم الجمركية.

وأرادت الدولة العثمانية أن تنشئ إدارة للجمارك تابعة لها في الكويت إلا أن طلبها قوبل بالرفض من مبارك.

كان الشيخ مبارك يشجع التجارة مع الدول الأخرى، ففي بداية القرن العشرين شجع التجار الكويتيين على فتح مكاتب استيراد وتصدير في الخارج، ففتحوا مكاتب في كراتشي وبومباي وكالكوتا وبوربندر وبروال وكوة وهي مناطق تقع في الهند وباكستان حاليًا.

حتى عام 1905 دخلت إلى الكويت أعداد كبيرة من الأسلحة، وبعد معركة هدية عام 1910، اشترى الشيخ مبارك 1500 بندقية من مسقط، ولكنه لم يعتبر هذا العدد كافيًا لأنه فقد الكثير من الأسلحة في تلك المعركة، وقد استاءت بريطانيا من كمية الأسلحة التي تستوردها الكويت، فرد عليهم الشيخ مبارك بأن العديد من القبائل تهاجم الكويت وقوافلها وهذا الأمر استدعى من الشيخ وضع ابنه جابر المبارك الصباح وثلاثة آلاف مقاتل للقيام بتأمين الرحلات البرية، والسبب الثاني لزيادة طلب الأسلحة هو زيادة عدد الطلاب الذين يستكملون تعليمهم وأنه يحتاج لتسليحهم.

أُنشأ أول مستشفى في تاريخ الكويت في عهده في سنة 1910 من قبل الإرسالية الأمريكية وكان يسمى باسم المستشفى الأمريكاني، واقترح أحد الأطباء في الإرسالية الأمريكية يدعى ستانلي ماليري أن يقوم ببناء سور حول مدينة الكويت، ولكنه رد عليه: «أنا سورها».

كما افتُتح أول مكتب بريد في الكويت في 21 يناير 1915 وكان مقره في القنصلية البريطانية التي كانت تسمى «دار الاعتماد البريطاني»، وكان تحت إشراف إدارة البريد الهندية التي كانت تستخدم طوابع الهند.

وقد قام بمساعدة عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود في استرداد الرياض، كما قام بمساعدته في الحروب ضد عبد العزيز المتعب الرشيد وحلفاؤه. وعندما بدأت الحرب العالمية الأولى ساند خزعل بن جابر أمير المحمرة بريطانيا في الحرب، وقد قامت بعض القبائل بالتمرد عليه، فطلب مساعدة مبارك في هذه المسألة.

هجرة التجار

بعد هزيمة القوات الكويتية في معركة هدية، احتاج الشيخ مبارك إلى الأموال لشراء الأسلحة ففرض ضرائب إضافية على التجار وبالتحديد تجار اللؤلؤ، وقد امتنع بعضهم عن دفع الضرائب الجديدة، فأصدر الشيخ في عام 1910 قرارًا بمنع الغوص بحثًا عن اللؤلؤ في ذلك العام كوسيلة للضغط على التجار، فبادر بعض التجار بدفع الضرائب التي عليهم كي يسمح لهم للبحث عن على اللؤلؤ ما عدا ثلاثة تجار وهم شملان بن علي بن رومي وهلال فجحان المطيري وإبراهيم المضف، فاستدعاهم الشيخ وقال لهم أنه يجب عليهم أن يدفعوا الضرائب، وخوفا من رد فعل الشيخ قاموا بالاتفاق على الهجرة إلى البحرين ومنطقة جنة في الإحساء، ولم يكن الشيخ يريد خسارة هؤلاء التجار الذين كانوا يعدون من أكبر التجار في الكويت، فأرسل وفدًا إلى البحرين لمصالحتهم، ولكن الوفد فشل في إقناعهم، فقام الشيخ بإرسال ابنه الشيخ سالم المبارك الصباح لمفاوضتهم، وعاد على إثر ذلك كل من شملان بن علي الرومي وإبراهيم المضف وبقي هلال فجحان المطيري في البحرين، فسافر الشيخ مبارك على متن يخته إلى البحرين برفقة شملان بن علي الرومي وإبراهيم المضف، فاعتبر هلال فجحان المطيري قدوم الشيخ أكبر ترضية له ووافق على العودة إلى الكويت.

الحروب

وقعت خلال عهده العديد من الحروب ضد بعض القبائل والدول، بعضها تمثل في إعانات قدمت للدولة العثمانية.

النزاع مع ابن رشيد

في عام 1901 أرسل جيشًا بقيادة أخيه «حمود الصباح» وابنه سالم المبارك الصباح إلى الرخيمة ضد قبائل شمر حيث نشبت معركة الرخيمة التي تمكنت القوات الكويتية من أن تحقق النصر فيها.

وفي نفس العام، قاد الشيخ مبارك بنفسه حملة عسكرية كبيرة برفقة عبد العزيز بن عبد الرحمن وجموع كبيرة من البوادي لغزو عاصمة دولة آل رشيد «حائل»، فوقعت معركة الصريف في 17 مارس، وفيها انتصرت قوات ابن رشيد.

في عام 1903 حدثت معركة جو لبن بين الكويت بقيادة جابر المبارك الصباح وعبد العزيز بن سعود أمام سلطان بن فيصل الدويش الذي تحالف مع عبد العزيز بن متعب بن عبد الله الرشيد، وقد استطاع الجيش الكويتي أن يحقق النصر في هذه المعركة،

النزاع مع سعدون باشا السعدون

وفي 10 يونيو 1910 وقعت معركة هدية، وكان جيش الكويت بقيادة جابر المبارك الصباح وعبد العزيز بن سعود أمام جيش رئيس المنتفق «ابن سعدون»، وقد هزم جيش الكويت في تلك المعركة، وقد استطاع جيش المنتفق أن يأخذ أمتعة الجيش الكويتي بكل سهولة ولذلك سميت معركة هدية، وبعدها أراد مبارك الصباح الثأر من المنتفق، فأرسل ابنه جابر المبارك قائدًا لجيش الكويت، واستطاع أن يغير على قبيلة الضفير واستولوا على كثير من الإبل.

إعانات حربية ومدنية للدولة العثمانية

  • إعانة لحريق الآستانة في إسطنبول عام 1911 بمبلغ 5,000 ليرة عثمانية.
  • الحرب العثمانية الإيطالية (1911): تبرع بمبلغ 3,000 ليرة عثمانية، صُرف نصفها للمجاهدين والنصف الآخر للأسطول العثماني.
  • حرب البلقان الأولى (1912): تبرع بمبلغ 11,000 ليرة عثمانية إلى ناظر لجنة الإعانة الحربية بالبصرة السيد طالب النقيب خصص منها 9,000 ليرة إعانة حربية و2,000 ليرة إعانة للهلال الأحمر العثماني
  • إعانة لمشروع بناء سكة حديد الحجاز بمبلغ 1,000 ليرة عثمانية.
  • إعانة لمشروع بناء دار لقيادة القوة البحرية في العشار بالبصرة عام 1904 بمبلغ 625 ليرة عثمانية.

المساهمة في الحرب العالمية الأولى

علم الكويت من الفترة 1914-1921.

تعاون الشيخ مبارك مع بريطانيا عندما أرسلت قوة تجريدة بلاد الرافدين لاحتلال العراق في الحرب العالمية الأولى، فساهم بآلاف الروبيات إلى الصليب الأحمر البريطاني، وسمح للسفن الإستشفائية البريطانية بالرسو في ميناء الكويت ذو المياه العميقة. كما ساهم بالدعم اللوجستي والرجال فأرسل قوة مع الإنجليز إلى أم قصر وصفوان وبوبيان والبصرة لطرد القوات العثمانية من المنطقة. في المقابل اعترفت الحكومة البريطانية بالكويت باعتبارها «حكومة مستقلة تحت الحماية البريطانية». ولا يوجد تقرير عن الحجم الدقيق وطبيعة هجوم مبارك، على الرغم من تراجع القوات العثمانية عن تلك المواقع بعد أسابيع. ثم أزال مبارك الرمز العثماني الذي كان على العلم الكويتي واستبدله بعلم أحمر وفي وسطه كلمة «كويت»، واختار من العلم ثلاثة أشكال، مثلثاً للإمارة، ومربعاً للدوائر الحكومية ومستطيلاً للسفن، وقد مرت على هذا العلم بعض التعديلات الطفيفة ولكنه استمر إلى سنة 1961م. ساعدت مشاركة مبارك وكذلك مواقفه السابقة في عرقلة استكمال خط سكة حديد بغداد البريطانيين على حماية الخليج العربي من التعزيزات العثمانية والألمانية.

وفاته

كان يعاني من مرض الملاريا وتصلب الشرايين، وفي 28 نوفمبر 1915 خرج من بيته إلى مجلسه بعد أن غاب عنه لعدة أيام، وقد كان يريد سماع آخر الأخبار بشأن المعارك التي تحدث في العراق في زمن الحرب العالمية الأولى، وبعد سماعه الأخبار تناول العشاء وأسند رأسه على الأريكة وغط في نوم عميق، وفي الساعة الثامنة وخمس عشرة دقيقة مساء أراد حارسه أن يوقظه كي يذهب إلى البيت، فوجده قد توفي، وقد مشت الكويت كلها وراء نعشه ورثاه الشعراء منهم الشاعر حمد المغلوث بقصيدة منها:

خطب دهانا يا ملا يوم الاثنين
أمسى به الخاطر حزين ومكسور
خلا السعاير في قلوب المحبين
يشعل لهبها شبه نار بتنور
نبكي ونفرك من لظا الوجد بيدين
وانطوح الونات والكل معذور
نبكي على اللي ليت ما حانه البين
ولا فجعنا في سراج لنا نور
امبارك المشهور زين المجلين
ولد صباح اللي له المجد منشور
يوم انتقل في يوم واحد وعشرين
عنا أغتنى وضحى بنا الوجد مسجور
سنة أربع فوق ألف عام وثلاثين
نرصد وفاة الشيخ في شهر عاشور

قصوره وعائلته

قصوره

القصر الأحمر.
قصر السيف بني في عهده.
  • القصر الأحمر: شيّد في عام 1898 في الجهراء.
  • قصر مشرف: شُيّد في عام 1900.
  • قصر السيف: بني بين عامي 1906 و1907، وهو مركز الحكم في الكويت.

حياته الأسرية

تزوج من:

  • الشيخة شيخة بنت دعيج الصباح (والدة الشيخ جابر والشيخ سالم والشيخ صباح).
  • وسمية بنت فلاح بن راكان الحثلين (والدة الشيخ ناصر والشيخ فهد).
  • حصة بنت فلاح بن راكان الحثلين (والدة الشيخة موضي والشيخ حمد).
  • الجازي بنت فهد الأصقه الدويش (والدة الشيخة حصة).
  • إحدى بنات سلطان الدويش.
  • شفيقة (والدة الشيخ عبد الله).

ولديه من الأبناء:

  • الشيخ جابر (حاكم الكويت الثامن).
  • الشيخة شريفة.
  • الشيخة حصة.
  • الشيخة موضي.
  • الشيخة مريم.
  • الشيخة حبابة.
  • الشيخة موزة.
  • الشيخة عائشة.
  • الشيخ سالم (حاكم الكويت التاسع).
  • الشيخ صباح (توفي في 20 يونيو 1906).
  • الشيخ ناصر.
  • الشيخ فهد (توفي في 18 مايو 1906).
  • الشيخ حمد.
  • الشيخ سعود (توفي وهو بعمر السنتين).
  • الشيخ عبد الله.

الألقاب

  • قائم مقام الكويت: منح في ديسمبر 1897 بموجب مرسوم من السلطان العثماني
  • لقب باشا: منح في ديسمبر 1897 بموجب مرسوم من السلطان العثماني
  • لقب سير: منح في نوفمبر 1903 من قبل بريطانيا بواسطة الحاكم العام للهند البريطانية اللورد جورج كرزون
  • مبارك الكبير
  • أسد الجزيرة.

الأوسمة

حصل الشيخ مبارك على عدد من الأوسمة من قبل الحكام والملوك:

  • الوسام المجيدي من الدرجة الثانية من قبل الدولة العثمانية في نوفمبر 1900.
  • لقب بلقب سير من قبل بريطانيا في عام 1903.
  • الوسام المجيدي من الدرجة الأولى من قبل الدولة العثمانية في 1912.
  • وسام «سردار أعظم دولة الهند» من قبل الملك جورج الخامس في عام 1912.

أوسمة باسمه

في يوم 16 يوليو 1974 أصدر الشيخ صباح السالم الصباح مرسوم أميري بإنشاء قلادة مبارك الكبير يحملها رؤساء الدول، والتي تمنح للآخرين بأمر أميري.

أماكن سميت باسمه

ساحة المدرسة المباركية.
  • المدرسة المباركية: شيدت عام 1911.
  • سوق المباركية.
  • محافظة مبارك الكبير.
  • منطقة مبارك الكبير.
  • ميناء مبارك الكبير.
  • مستشفى مبارك الكبير.
  • محمية مبارك الكبير.
  • برج مبارك الكبير.
  • شارع مبارك الكبير.

مسلسل أسد الجزيرة

صور في عام 2006 مسلسل يحمل اسم أسد الجزيرة، يتحدث عن الفترة الممتدة من عام 1896 حتى عام 1915 التي حكم خلالها الكويت، ويروي المسلسل قصة لبعض الأحداث التي حدثت في تلك الفترة مثل معركة الصريف ومعركة هدية وهجمات يوسف بن عبد الله الإبراهيم. ومثل دور الشيخ مبارك الممثل الكويتي محمد المنصور، والمسلسل من تأليف الأمين العام السابق لمجلس الأمة والوزير السابق شريدة المعوشرجي، وإخراج المخرج السوري باسل الخطيب.

وقال محمد المنصور أنه يشعر باعتزاز بتمثيله لدور الشيخ مبارك وأن العمل قد بُدء بتصويره بعد الحصول على الموافقة من الديوان الأميري، وقال المخرج باسل الخطيب أنه يتمنى عرض المسلسل لأنه أحد أهم المسلسلات الكويتية والتي تتكلم عن فترة مهمة في تاريخ الكويت، ولكن المسلسل مُنع من العرض في نفس العام، وكان منع المسلسل من قبل وزارة الإعلام الكويتية لأسباب رقابية. سبب التلقيب بأسد الجزيرة لحميته وغيرته وقوة بأسه، وفقًا لقول طلال السعيد، وذكر الشيخ مبارك العبد الله أن الشيخ مبارك الصباح مُنح هذا اللقب في فترة حكمهِ.

كتب عنه

  • الآيات الصباح في مدائح مبارك الصباح، عبد المسيح الأنطاكي، 1911.
  • مبارك الكبير مؤسس دولة الكويت الحديثة، سعاد الصباح.
  • مبارك الصباح مؤسس الكويت الحديثة (1896-1915) ب.ج.سلوت، 2008.
  • بيان الكويت: سيرة حياة الشيخ مبارك الصباح، سلطان بن محمد القاسمي.
السابق
قائمة محافظات الكويت