قوم إرم
إرم ذات العماد، ورد ذكر هذه المدينة في سورة الفجر، حيث أشار إليها الله تعالى في كتابه الكريم بقوله: “وَالْفَجْرِ وَلَيَالٍ عَشْرٍ وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِّذِي حِجْرٍ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ “.( الفجر: 1ـ7)
ِِِسمّيت قبيلة إرم بهذا الاسم نسبةً لجد عاد، وهو إرم بن عاد بن عوص بن سام بن نوح عليه السلام، وكان قوم إرم من الأقوام الذين استوطنوا الأرض في الزمن القديم، وكانوا يرددون كثيراً مَن أشد منا قوةً وعلواً، ونسوا أنّ الله الذي خلقهم هو أشدّ منهم قوة، وسبحانه جل جلاله هو الأعلى، وتبيّن في الأثر المتبقي منهم، أنّهم كانوا عمالقة يتميزون بالطول الشديد مقارنةً بنا اليوم؛ حيث كان يصل طول الواحد منهم إلى اثني عشر ذراعاً في الهواء (أي حوالي ستة أمتار)، وكان لعاد ابنان وهما شداد وشديد، وأصبحا ملكين بعد وفاة والدهما، وكانوا جبارين، فظلموا العباد والبلاد وأخذوها عنوةً وقهراً.
مدينة إرم
تقع مدينة إرم في قلب منطقة صحراء رفحاء الواقعة في سلطنة عمان، وتبعد عن مدينة صلالة بحوالي 150كم، وكانت هذه المدينة تتصف ببنيانها العالي المشيَّد، وعندما ارتدوا عن تعاليم الإسلام، ولم يلتزموا المنهج القويم في عبوديتهم لله تعالى، أرسل الله إليهم رسولاً منهم، وهو سيدنا هود عليه السلام، ولأنّ سنة الله اقتضت ألا يعذب قوماً حتى يبعث لهم رسولاً، فقد اختار الله واحداً منهم ليبشّرهم وينذرهم ويهديهم إلى الصراط المستقيم، ويدعوهم إلى عبادة الله وحده، واختار لرسالته إليهم سيدنا هود عليه السلام، وكان من صميم قومهم وأشرافهم، فدعاهم إلى الإسلام وتوحيد الله الذي ليس كمثله شيء، فازداد شداد في كفره وزيّن له إبليس ما فعل، واستمرّ في بناء المدينة حتى أصبحت جنته المزعومة التي لم يُخلق مثلها في البلاد، فتكبّر ولم يسمع بما أمره به هود عليه السلام.
إقرأ أيضا:قصة اصحاب الفيلنهاية قوم إرم
عندما لم يستجيبوا للدعوة والهداية لله ولم يعملوا بوعظ رسولهم، أرسل الله عليهم ريحاً صرصراً عاتية، أهلكتهم كما أهلكت الظالمين من قبلهم، وفي النهاية أهلك شداد بن عاد ومن معه، عقاباً لهم من قبل الله سبحانه وتعالى، وتولى المُلك بعده ابنه مرثد بن شداد، وكان مسلماً مؤمناً بنبي الله هود عليه السلام، وبعد أن دفن أبيه الذي مات على غير الإسلام، وضع عند رأسه لوحاً ذهبياً، وكتب عليه بلسان والده شداد كما يلي: اعتبر يا أيها المغرور بالعمر المديد، أنا شداد بن عاد صاحب الحصن المشيد، ملكت الشرق والغرب بسلطان شديد، فأتى هود وكنا في ضلال قبل هود، فدعانا لو قبلنا كان بالأمر الرشيد، فعصيناه ونادى مالكم من محيد، فأتتنا صيحة تهوي من الأفق البعيد فتوافينا كزرع وسط بيداء الحصيد.
إقرأ أيضا:قصة أصحاب الفيل